أفريقيا تتحدى فيروس الإيبولا بموسيقى الراب

alarab
حول العالم 02 نوفمبر 2014 , 10:10ص
مونروفيا - د ب أ
تصدح الأغنية من جهاز راديو ترانزيستور بأحد مقاهي العاصمة الليبيرية مونروفيا، الإيقاع راقص خفيف، والنغمات عذبة تلتصق بالأذن، إلا أنها بالرغم من ذلك تحمل رسالة في غاية الجدية: "تخل عن خوفك، ولا تختبئ. يمكننا أن نصمد على قيد الحياة في وجه الإيبولا". اللحن والكلمات والأداء للمطرب شارليز يجبا، والذي يحاول من خلال أغانيه أن يبث بارقة أمل في أبناء بلده الواقع في غرب أفريقيا والذين سقط المئات منهم صرعى هذا الفيروس القاتل.

يعتبر "راب الإيبولا" نوع من أنواع الموسيقى الليبيرية الفلكلورية المعروفة محليا باسم "الهيبكو" وهي خليط بين الهيب هوب والراب، بالإضافة إلى الإيقاعات التقليدية التي تعتمد على الأصوات أكثر من الآلات، أما الكلمات فتجمع بين اللغة الدارجة والمعاني السياسية. وقد انتشرت هذه النوعية من الموسيقى خلال تجربة الحرب الأهلية القاسية التي عاشتها البلاد خلال فتر ة التسعينيات.

يستخدم يجبا وغيره من الفنانين الشعبيين الهيبكو للتوعية من مخاطر انتشار عدوى فيروس الإيبولا. وقد ألف أغاني تتناول طرق الوقاية، حيث يوضح للناس من خلال كلمات بسيطة وإيقاعات شعبية مدى خطأ الأساطير التي تروج لأن الفيروس ليس له وجود، بالإضافة إلى أغنيات أخرى توعي الناس بضرورة تغيير الكثير من العادات الحياتية فيما يختص بالنظافة والاحتكاك المباشر لتقليل معدلات الإصابة بالفيروس القاتل.

أما المغنيان تان تان بي وكوينسي بي فقاما بتأليف أغنية بعنوان "State of emergency" تتحدث عن مدى خطورة انتقال العدوى، مطلعها:

رأيت أما تبكي لأنها فقدت طفلها اعتقدت انها تستطيع مساعدته لأنه يود السفر معنا لكن الطفل يحذرها إذا ساعدتني سوف نموت جميعا

من وجهة نظرها ترى الصحفية كالفين بروكس أن "الأغاني تساعد على التوعية من مخاطر الإيبولا. التوعية والتحذير من خلال الهيبكو فكرة جيدة، فضلا عن أن الموسيقى تخفف من حجم المأساة التي يعيشها البلد الأفريقي. لا يمكن تصور واقع الحياة اليومية في ليبيريا بدون موسيقى. الناس يستمعون للهيبكو في الراديو ويشاهدون عروضه في التلفاز في كل مكان: المنازل، المحال، صالونات الحلاقة، بالإضافة إلى ذلك تحولت الموسيقى إلى نغمات للهواتف النقالة، كما يردد الأطفال كلماتها وإيقاعاتها في الشوارع".

جدير بالذكر أن الهيبكو يعد من المكونات الأساسية في التراث الفلكلوري الليبيري، وهو ما يؤكده أدولفوس سكوت، مسؤول منظمة الأمم المتحدة للعلوم والتربية والثقافة (يونيسكو) في ليبيريا بقوله إن "الهيبكو هو صوت الشعب، يتيح لهم الفرصة لتناول موضوعات يعتبرونها حيوية وهامة بالنسبة لهم"، مشيرا إلى أنه من هنا نشأت مبادرة التعاون بين صندوق الأمم المتحدة للطفولة ووزارة الصحة الليبيرية من جانب وبعض الفنانين الشعبيين ومحطة إذاعة من جانب آخر لبث المعلومات الأساسية التي يريدون توصيلها للناس حول الفيروس من خلال الهيبكو.

وتقوم الأمم المتحدة بمبادرات أخرى تشمل رعاية فناني الهيبكو دنج صول فريش وفا، مؤلفا أغنية "الإيبولا حقيقة". وحرضا منها أيضا على إيصال الرسالة إلى أكبر قطاع من الجمهور، دعمت اليونيسيف فريق "كروسيدرز من أجل السلام". وهكذا أخذت الأغاني حول الفيروس القاتل تتردد مئات المرات يوميا عبر عشرات المحطات الإذاعية.

يؤكد سكوت أن "الغرض هو محاربة الجهل بمدى خطورة فيروس الإيبولا. هناك الكثير من الشائعات والقصص المريعة والمساومات حول الفيروس، وهي أمور شائعة في بلد مثل ليبيريا، حيث لا تزال وتيرة انتشار العدوى في تزايد مخيف، وفقا لتحذيرات منظمة الصحة العالمية"، موضحا أنه بالرغم من ذلك "هناك من يشككون في البيانات التي تنشرها الحكومة حول المرض، مؤكدين أن الغرض منها هو الحصول على معونات خارجية، فيما يرى البعض الآخر أن المتطوعين وعمال الإغاثة الأجانب كانوا هم السبب وراء انتشار الفيروس المجلوب من الخارج".

وبالرغم من استمرار محاولات الراب على إيقاعات الهيبكو في التصدي للفيروس برغم صعوبة المنافسة، هناك أغنيات ذات مضمون درامي مأسوي مثل "Ebola in Town" أو "الإيبولا في المدينة" لمطربي الراب شادور ودي-12، وقد ذاع صيتها وانتشرت على نطاق واسع، ومن ثم يحذر الخبراء من أن كلمات مثل: "الإيبولا مرض خبيث، يقتل سريعا"، يمكن أن يكون لها تأثير سلبي وعواقب وخيمة.

يقول كمفورت جونسن، طالب /28 عاما/ "يزيدني الاستماع لهذه الأغنيات شعورا بمدى سوء حالة بلادي. الإيبولا زرع الخوف لدينا. وهذه الأغنيات تذكرني بالضحايا الذين حصد الفيروس القاتل أرواحهم".

جدير بالذكر أنه حتى اللحظة، حصد فيروس إيبولا، في أوسع انتشار له، أرواح أكثر من 3400 شخص في كل من غينيا، وليبيريا، وسيراليون، ونيجيريا، بالإضافة إلى إصابة نحو 7400 آخرين في نفس الدول، بحسب منظمة الصحة العالمية.

وأشارت تقديرات مراكز السيطرة والوقاية من الأمراض في الولايات المتحدة الأمريكية إلى أن عدد المصابين بالمرض، الذي يواصل الانتشار منذ  مارس الماضي، قد يرتفع إلى نحو 4ر1 مليون شخص خلال أربعة شهور.