انطلقت أعمال المؤتمر السنوي الأول حول القرآن والمعرفة الإنسانية، ومُلْتَقَى كُتَّابِ الْأُمَّةِ الأَوَّل، الذي تنظمه وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، بالتعاون مع مركز ابن خلدون للعلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة قطر.
وحضر الافتتاح كلٌ من: سعادة السيد غانم بن شاهين الغانم، وزير الأوقاف، والدكتور عمر محمد الأنصاري، رئيس جامعة قطر، وعدد من نوّابه، وكبار الشخصيات من الوزارات والقطاعات الرسمية والأكاديمية المختلفة.
افتتح المؤتمر بكلمة للدكتور عمر محمد الأنصاري، رئيس جامعة قطر، رحَّب فيها بالحضور من الباحثين المشاركين والضيوف، وأكد في كلمته على أن احتضان جامعة قطر، ممثلة بمركز ابن خلدون للعلوم الإنسانية والاجتماعية التابع لقطاع البحث والدراسات العليا لهذا المؤتمر يندرج ضمن خطة الجامعة الاستراتيجية وأولوياتها البحثية في إعطاء أولوية للبحوث الإنسانية والاجتماعية، بما يحقِّق هذا المجال العلمي المهم من تركيزٍ على البحث في القضايا المعرفية والإنسانية والاجتماعية والثقافية؛ لتحقيق تطوير قِيَمي أخلاقي وإنجازِ تنميةٍ مستدامةٍ لمجتمعاتِنا. وأشار إلى دور المؤتمر في بناء الوعي المعرفي الإنساني في ضوء هداية القرآن الكريم.
كما ألقى الشيخ الدكتور أحمد بن محمد بن غانم آل ثاني، مدير إدارة البحوث والدراسات الإسلامية بوزارة الأوقاف، كلمة رحب فيها الحضور، موضحًا أهمية المناسبة، التي تجمع بين المؤتمر والملتقى، مشيرًا إلى أن المؤتمر يأتي في إطار الجهود التي تبذل لاستئناف الدور العظيم، الذي كانت تضطلع به المعرفة القرآنية في ترشيد علوم الإنسان ومناهجه، وربط الباحثين بها منهجًا وغاية.
ونوّه سعادته بأهمية ملتقى كُتَّابِ الْأُمَّةِ الأول، الذي يسلط الضوء على سلسلة (كتاب الأمة) التي أصبحت تشكل إرثًا ثقافيًا وفكريًا قطريًا عريقًا، وقد مضى على تأسيسها وانطلاق مسيرة عطائها أكثر من أربعة عقود من الزمان، اهتمت خلالها بالعمل على تحقيق أهدافها المنشودة لإعادة بناء الشخصية المسلمة، وإحياء مفهوم فروض الكفاية وأهمية التخصص، والمساهمة في بناء النخبة الراشدة، وإشاعة الوعي بأهمية المنهج السنني، متخذة من معرفة الوحي، مرجعيةً ومصدرًا لذلك.
من جانبه، أكد الدكتور بدران بن لحسن، مدير مركز ابن خلدون للعلوم الإنسانية والاجتماعية، أن المؤتمر يأتي ضمن إطارَيْ التجسير والتوطين، اللذين يسعى المركز لتحقيقهما ، إذ يهدف التجسير إلى الربط المعرفي بين العلوم المختلفة لمعاجلة القضايا الإنسانية والاجتماعية بصورة متكاملة دقيقة، في حين يركز التوطين على إعادة النظر في العلوم والمعارف والنظريات المعاصرة بما يتلاءم مع الهوية الدينية والثقافية وينسجم مع السياقات الاجتماعية والضرورات المنهجية والتطبيقية، بما يضمن إفادة المجتمع منها.
يهدف المؤتمر إلى استعادة مركزية القرآن الكريم في صناعة الخطاب المعرفي الإنساني والاجتماعي المعاصر، بما يجسّر العلاقة بين العلوم الشرعية والعلوم الإنسانية والاجتماعية، ويربط الباحثين من مختلف التخصصات الاجتماعية والإنسانية بالقرآن؛ لاستثماره في ترشيد الظواهر الإنسانية والاجتماعية المختلفة، كما يهدف إلى تشجيع الباحثين من التخصصات الشرعية إلى التفاعل المنهجي مع العلوم الاجتماعية والإنسانية وتوطينها في ضوء الهداية القرآنية.
أما مُلْتَقَى كُتَّابِ الْأُمَّةِ الأَوَّل فيستمد أهدافه الرئيسة من أهداف سلسلة (كتاب الأمة) (الثوابت)، التي أعلنتها منذ صدور عددها الأول.. فهو يهتم بالنظر في إصدارات السلسلة، وعطائها المتنوع، والبحث في مدى التزامها بأهدافها التي حدَّدتها لنفسها، ونجاحها في تحقيقها، ومدى اعتمادها معرفةَ الوحي (الكتاب والسنّة)، مرجعيةً لها ومصدرًا وهاديًا ودليلًا في طروحاتها ومعالجاتها للمشكلات التي تواجه الأمة، ومحاولاتها الإجابة عن التساؤلات الأكثر إلحاحًا، على المستوى الفكري والثقافي والاجتماعي، بشكل خاص.
كما يهتم بالتأكيد على الدور الثقافي والفكري والمعرفي والدعوي، الذي اضطلعت به «السلسلة» وتميزت به، في الساحة الثقافية، والإسهامات التي قدمتها في مجال «استرداد الوعي» و«إعادة بناء الشخصية المسلمة»؛ لتكون في مستوى إسلامها وعصرها؛ ومن ثمّ البحث في الخصائص والسمات العامة لخطاب «السلسلة»، وما يتميز به من وسطية واعتدال، على وجه الخصوص، بعيدًا عن الانحياز لفئة أو حركة أو تيار أو مدرسة إسلامية على حساب أخرى.
والجدير بالذكر، خصِّصت جلسات المؤتمر الثلاث الأولى المنعقدة في اليوم الأول لبحث العلاقة بين القرآن الكريم والمعرفة النفسية من مختلف الأبعاد والاتجاهات والزوايا، وناقشت البحوث المقدمة في هذه الجلسات دور القرآن في تأصيل المعرفة النفسية وتطبيقها، والتلقي القرآني للمعرفة النفسية في ضوء علم النفس الإيجابي، والتأسيس القرآني لمفهوم الوعي اللاإرادي مقابل اللاوعي الفرويدي في التحليل النفسي، ودور القرآن في معالجة سيكولوجية تضخم الأنا في الفرد والمجتمع، ونظرية العلاج بالمعنى النفسي من خلال قصة أصحاب الأخدود، ودور القرآن في معالجة الضغوط النفسية المعاصرة في ضوء سورة الضحى، والرؤية القرآنية للسلوك البشري، والإسعافات النفسية الأولية في القرآن الكريم، وتعليم الحكمة في القرآن الكريم في ضوء أصوله التربوية ومناهجه التطبيقية.
فيما ناقش الملتقى إسهامات «كتاب الأمة» في مجالين: إعادة تكوين شخصية المسلم في ضوء القيم الإسلامية؛ وإعادة البناء الفكري لدى المسلم المعاصر.