فنانون يجمعون على ريادة جاسم الزيني الفنية ونبل أخلاقه
ثقافة وفنون
02 أكتوبر 2012 , 12:00ص
الدوحة - عبدالغني بوضرة
شيع عصر أمس بمقبرة مسيمير حشد غفير، الراحل الفنان التشكيلي جاسم الزيني، عن عمر ناهز 70 عاما، حضره مسؤولون سامون ومواطنون ومقيمون من المحبين لهذا الرجل الذي أجمع كل من اتصلت بهم «العرب» على علو أخلاقه وسموها، سائلين العلي القدير أن يسكنه فسيح جنانه.
في هذا السياق، قال د. حمد بن عبدالعزيز الكواري وزير الثقافة والفنون والتراث أن وفاة الفنان جاسم الزيني خسارة كبيرة للبلد وللثقافة القطرية، فقد عمل بكل إخلاص وأمانة وكان له إنتاج كبير جدا، مضيفا بقوله: «هذا الرجل عملت معه عندما كنت وزيرا في المرحلة الأولى لمدة ست سنوات، ثم كان قريبا مني في السنوات الخمس الأخيرة.. فهو ذو خلق رفيع وجمع كل الصفات الطيبة... كان رحمة الله عليه حريصا على تمثيل بلده خير تمثيل، وعنده رغبة ملحة في أن يستفيد الكل من تجربته وخبرته، فضلا عن حرصه على المشاركة بأعماله حتى آخر أيام حياته رغم مرضه.
ودعا الدكتور حمد بن عبدالعزيز الكواري الله أن يعوض الساحة القطرية خيرا بوفاته وفقده لهذه الهامة الفنية الكبيرة. وكشف وزير الثقافة والفنون والتراث لـ «العرب»، أن جاسم لن يكون تكريمه عابرا فقط، بل سيبقى علامة مميزة في الثقافة القطرية. ورغم أن الظروف لم تسمح بحديث الوزير في التفاصيل، فإنه ذكر أنه منذ صباح أمس وهو يتحدث مع الإخوة حول ما يمكن عمله لإيفاء الرجل حقه.
العتيق: كان بمثابة مدرسة فنية لي
بدوره، قال محمد العتيق رئيس مجلس إدارة الجمعية القطرية للفنون التشكيلية أن الراحل جاسم الزيني هو أب لكل فنان قطري. عرفناه بسماحته وأخلاقه وفنه. هو مدرسة لي وهذا سر لم يعرفه أحد في حياته.. تميز بهدوئه واطلاعه الثاقب، فضلا عن كونه ذا دعابة.. وهو قريب من كل الفنانين ويحبه الجميع. مضيفا: «تربطني به علاقة وطيدة وجميلة، إذ سافرت رفقته في رحلات عديدة وتعلمت منه الكثير، وكان يخصني ببعض المشاهد الفنية ويقول لي: لا أحد يقدر على أن ينفذها إلا أنت يا بوعتيق... أعمالي الأخيرة في بينالي دكا كان الكثير منها من توجيهاته وأفكاره».
علي حسن: أعماله تخاطب أعماق الإنسان الخليجي
أما الفنان علي حسن فقال أنه بوفاة الراحل جاسم زيني رحمه الله فقدنا الكثير، فقد كنا متلازمين في الصغر، وهو قريب مني على المستوى الأسري والعملي والفني. ففي المجال العملي في وزارة الإعلام كان مديرا لإدارة السياحة والآثار وكان مديرا لي. عشت معه أكثر من 15 سنة. أما على المستوى الفني فقد شاركنا في رحلات خارجية من أجل تمثيل البلد، وكان مثلا وقدوة في الأدب والأخلاق وخجله البادي للعيان. لا يظهر غضبه ولا يعاتبك «ما يبين عليه».. أعتبره أستاذا لي، وكان دائما يقول لي: يا أخ أو يا أستاذ، وهو متواضع جدا. وأعماله خالدة وتخاطب المشاعر والأحاسيس الخليجية بالذات، ولم ينقلها نقلا مباشرا، ويدخل في أعماق الإنسان الخليجي. سيتذكره التاريخ، فهو الأب الروحي للجميع ونقدّره ونجلّه.
يوسف أحمد: سيذكره التاريخ
بدوره قال الفنان يوسف أحمدلـ«العرب»: «وفاة جاسم الزيني خسارة كبيرة للفن التشكيلي العربي. وشخصيا فقدت معلمي الأول والإنسان في نفس الوقت. إذ من النادر أن تجتمع هاتان الخصلتان في شخص بعينه. له بصمات كثيرة عليّ وعلى الحركة التشكيلية، وسيظل التاريخ يذكر هذا الفنان. يكفي أنه أول خريج أكاديمية فنون جميلة من بغداد، وفي دفعته الأولى عاصر كبار التشكيليين العراقيين والعرب، وهو القطري الوحيد من بين هؤلاء الفطاحل، وله انعكاس على فنه وعطائه.. فهو ينحدر من نفس الحي (الفريج) الذي أنحدر منه... ونتمنى من دولة قطر أن تقوم بتكريم هذا الفنان الرائد، سواء بـ «بينالي» يحمل اسمه، أو بكتاب أو عن طريق المسرح يوفيه حقه، فضلا عن تكريم الفنانين الرائدين الأحياء».
حسن الملا: كل الفنانين يعتبرونه
عميد الفن القطري
أما الفنان حسن الملا فقال في تصريحه: «الفنان جاسم الزيني معروف عند كل الناس، بطيبة أخلاقه وبفنه. وكل الفنانين يعتبرونه عميد الفن القطري، وهو من القلائل الذين شاركوا في أكثر المعارض رغم سنه المتقدم، إذ شارك في آخر حياته في معرض مال لول بمتحف الفن الإسلامي بثلاث لوحات من البيئة القطرية... جمعنا في ملتقى نادي الجسرة، قبل أن يعرفنا الناس، وقدمنا للجمهور وللساحة القطرية والخارجية.. فهو عميد الفنانين التشكيليين في قطر.
الزيني عميد التشكيليين القطريين
يعد الزيني رائد الفن التشكيلي بقطر من الفنانين القطريين القلائل الذين درسوا الفنون في الخارج، وحصل على البكالوريوس من أكاديمية الفنون الجميلة ببغداد عام 1968، في أول دفعة لها رفقة فنانين عرب كبار، وشارك في العديد من المعارض المحلية والخارجية، ويعد أول رئيس منتخب للجمعية القطرية للفنون التشكيلية عند إنشائها عام 1981، وحصل على جائزة الدولة التقديرية عام 2007 عن مجال الفنون التشكيلية.
اشتغل جاسم أمينا لمتحف قطر الوطني، ومديرا لإدارة السياحة والآثار، ومديرا لإدارة المتاحف والتراث.
شارك في المعارض الخارجية في اليابان والهند وباكستان وكوريا الجنوبية وتركيا وبريطانيا وفرنسا ومصر وسوريا وإسبانيا والكويت، كما شارك في جميع معارض الجمعية القطرية للفنون التشكيلية من سنة 1972 إلى 2003، وشارك في معرض اتحاد الفنانين التشكيليين العرب في بغداد عام 1974، والرباط سنة 1976، وبينالي القاهرة عامي 1984 و1986، وبينالي بنجلاديش 1986، وبينالي أنقرة 1986 و1988، وبينالي الشارقة 1995، ومعرض دول مجلس التعاون- روما 1996، ومعرض الفنانين القطريين عام 2003، ثم معرضه الشخصي (سردالة الغوص) بالدوحة سنة 2006، فضلا عن مشاركته الأخيرة في معرض «مال لوّل» بمتحف الفن الإسلامي بثلاثة من أعماله.
وفي آخر تصريح له لـ «العرب» قال عن مساره الفني: ابتدأت بالواقعية بتعبير عن الحياة العامة التي لا تختلف عن التصوير الضوئي، ثم المرحلة الواقعية المتطورة، بما تمتاز به من قدرة الفنان على التكيف بالتعبير اللوني والخطوط المبالغ فيها دون التقيد بالواقع، ومثَّل لهذا الاتجاه الفني بنسخة من لوحة يمتلكها متحف الفن الحديث الذي فتح أبوابه للجمهور قرب المدينة التعليمية يوم 30 ديسمبر من العام الماضي، ووضع لهذه اللوحة عنوان «ملامح من قطر»، يقول عنها: «فيها ولد، وهي ترمز لي شخصيا؛ إذ تربيت في بيت ليس فيه بنات، وكله أولاد، والبنت في اللوحة كانت تخيط لي زرّا في لباسي. وبأسلوب فني حديث ومتطور، فالجسم وضعته طويلا شيئا ما بغرض أن يظهر جسم البنت كاملا، والركبة جاءت بعيدة عن البطن مما دل على حركة فنية، وفيه نوع من الحياء». ثم الحداثة في الفن التشكيلي، وهو الفن المعاصر ويمتاز بمساحاته ذات العلاقة اللونية، ليرسو في النهاية في محطة المرحلة الوثائقية، وهي المحطة الأخيرة في سلسلة أعمال الفنان جاسم.