«قطر للأمن الغذائي» ينشر خطته الشاملة صيف العام الحالي

alarab
حوارات 02 أبريل 2012 , 12:00ص
حوار: عبدالله العذبة وعلي القيسية - تحرير: نبيل الغربي
كشف السيد فهد بن محمد العطية الرئيس التنفيذي لبرنامج قطر الوطني للأمن الغذائي, عن إطلاق الخطة الشاملة لاستراتيجية البرنامج صيف العام الحالي بغية استكشاف ردود الفعل والملاحظات قبيل اعتماده لينفذ في الفترة الواقعة بين عامي 2014-2023. وقال العطية -في أول حوار صحافي عقب صدور قرار سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ولي العهد الأمين «حفظه الله مساء الخميس الماضي بتعيينه رئيسا تنفيذيا- إن تطبيق البرنامج سيسهم في تخطي التحديات الطبيعية البيئية التي تواجه الأمن الغذائي القطري في ظل ندرة مصادر المياه الجوفية وبالتالي صعوبة بناء منظومة زراعية محلية. وأضاف في لقائه مع «العرب» أن البرنامج سيضمن تحويل دولة قطر لمصدر لتكنولوجيا الطاقة والمياه والحلول الزراعية القائمة على أساس تلك التقنية بحلول 2024 وهو العام الذي ستتمكن خلاله البلاد من تغطية زهاء ثلثي حاجتها الغذائية، استنادا لإنتاجها المحلي والخارجي. ويؤمن العطية بقدرة البرنامج على القفز عن الحواجز الطبيعية التي تحول دون إنجاح فرص الزراعة المحلية من خلال تبنيه طرائق تكنولوجيا تضمن تطوير الزراعة المحلية وتوسيع نطاقها، فيما بدا متيقنا من نجاح تقنية الاعتماد على الطاقة الشمسية لتحلية مياه البحر لضمان ديمومتها وقلة تكاليفها. وبحسب العطية، فإن البرنامج -الذي تأسس عام 2008 - يوفر مظلة للتنسيق بين 17 مؤسسة وطنية مختلفة، كل منها يدلي بمساهمته الكفيلة بالمساهمة في تحقيق الأمن الغذائي الوطني الذي بدأت تستشعر الدولة بأهمية السعي لتحقيقه، قبيل اندلاع الأزمة المالية العالمية, حين قفزت أسعار السلع الأساسية العالمية قبل نحو 4 أعوام لمستويات قياسية، نتجت عن تراجع الاهتمام العالمي بالاستثمار الزراعي, فضلا عن عملية النزوح الاختياري من الريف للمدن بغية نيل فرص عمل أخرى، لتتحول شريحة واسعة من سكان المعمورة من منتجين لمستهلكين أسهموا بسلوكهم في تعمق الفجوة الغذائية الدولية، لترجح كفة الطلب الغذائي على المعروض حينذاك. وذكر العطية أن البرنامج يعتزم إطلاق مؤشر يومي يقيس توجهات أسعار السلع الغذائية بالتعاون مع جهاز الإحصاء، قائلا إن المؤشر سيتيح تفسيرا موضوعيا لتقلبات أسعار تلك السلع، إذ سينطوي المؤشر على عينات تمثل المنتجات والقطاعات الزراعية ليمنح الدلالة الدقيقة التي تفسر مبررات تغيره. ¶ لو تُطلعنا على الأهداف الرئيسية التي دفعت قطر لتأسيس برنامج لأمنها الغذائي - شهد عام 2008 نقصا في الغذاء على مستوى العالم مع ارتفاع الأسعار, وذلك لعدة أسباب, منها عدم كفاية الاستثمار لمدة 20 عاما في مجال الزراعة على مستوى العالم، وذلك بالتوازي مع التزايد المضطرد لعدد سكان العالم ونمو سريع لحجم المدن, حيث نزح العديد من الناس من المناطق الريفية نحو المدن بحثا عن فرص أوسع لتحسين مستوى عيشهم خصوصا متخلين عن عملهم في الحقول الزراعية. وكانت الزراعة تعتبر مهنة متخلفة ما عدا في بعض الدول مثل أستراليا والولايات المتحدة الأميركية، ففي أستراليا مثلا %50 من الشباب يرغبون في العمل بالمجال الزراعي، وهذا يدل على أن الصناعة الزراعية في أستراليا لديها طابع إيجابي على المستوى الاجتماعي، وهذه ركيزة من الركائز التي نسعى إلى دعمها في البلاد والتي تصنف ضمن المشاريع المحورية والأساسية. ¶ ما مدى ارتباط قطر بالخارطة العالمية للزراعة والإنتاج الغذائي؟ - أسس سمو ولي العهد البرنامج انطلاقا من الظرف الاقتصادي للبلاد, حيث شهدنا ارتفاعا للأسعار في المواد الغذائية والاستهلاكية, وبدأت الدولة تستشعر الحاجة للتحكم بهذه الأسعار وبالسوق، ومن هذا المنطلق أصبح من الضروري أن تكون البلاد سيدة مصيرها مستقلة عن التأثيرات الخارجية، ففي الوقت الراهن، تؤمن الدولة %90 من الغذاء عبر الاستيراد, ومع نسبة النمو المرتفعة لاقتصادنا، والذي يحتوي على ناتج محلي إجمالي للفرد هو الأعلى في العالم، وانطلاقا من أن فرص النمو ما زالت واسعة أمامنا، وجب إزالة جميع المعوقات التي قد تقف أمام طموحات البلاد للنمو, ومن بينها المعوقات الطبيعية التي تحد من هذا النمو ألا وهي المياه والغذاء. وعلى هذه الخلفية، هناك سؤال يطرح نفسه, وهو كيف يمكن تحقيق النمو بنسبة %18 والمكونان الأساسيان لتحقيق ذلك وهما المياه والغذاء غير متوفرين في البلاد بالشكل الكافي؟ الأمن الغذائي مسألة معقدة نظرا لارتباطها بأمن المياه وهاتان المسألتان هما وجهان لعملة واحدة، لذلك وجب تحقيق الأمن المائي لكي نتمكن من ضمان الأمن الغذائي للبلاد. ولتحقيق الأمن المائي لقطر، توجهت البلاد نحو تحلية مياه البحر -التي تعتبر مكلفة- بحيث أصبح هذا النشاط أساسيا لتحقيق النمو الاقتصادي المرتفع, وبالتالي وجب الرفع من سعة تحلية المياه خصوصا مع ارتفاع عدد سكان البلاد وتطور الأنشطة الاقتصادية، وأصبحت عملية تحلية المياه مصيرا لهذه الدولة، ولا يمكن الاستغناء عنها. ¶ هل تواجه قطر مخاطر قد تمس اقتصادها بسبب ارتباطها بالأسواق الخارجية؟ - نظرا لصغر السوق فإن مركز البلاد على مستوى التفاوض مع الموردين يعتبر ضعيفا, وبالتالي فإن مسألة التحكم في الأسعار عند الاستيراد تكون صعبة عادة, ما نتج عنه تذبذبا حادا على مستوى أسعار المواد الغذائية المستوردة. وهناك العديد من المتغيرات التي تدخل في مسألة الأمن الغذائي على غرار الطلب المتزايد على الغذاء في العالم والارتفاع المتواصل لدخل الفرد في البلدان الناشئة مثل الصين والهند إلى جانب جنوب إفريقيا والبرازيل وغيرها, حيث ينتقل الأشخاص من مرحلة الطبقة العاملة إلى الطبقة الوسطى, وبالتالي هناك نمو في استهلاك الغذاء وفي نوعيته (من نباتي إلى أغذية بروتينية) وهذا التحول له تأثير عالمي ضخم، كما بلغ عدد سكان العالم حاليا نحو 7 مليارات نسمة وسيرتفع هذا الرقم إلى 9 مليارات في أفق عام 2050، كل هذه المتغيرات وغيرها من النقاط تمس بشكل مباشر مسألة الأمن الغذائي. ¶ كيف يمكن لدولة قطر أن تضمن استمراريتها في ظل المتغيرات الاقتصادية العالمية؟ - العامل الوحيد في استمرارية أية دولة هو المياه وليس النفط، لأن العواصم الضخمة مثل بغداد، دمشق، القاهرة، روما، لندن، باريس وغيرها أقيمت على انهار منذ زمن بعيد ولم تقام على أساس الثروة النفطية, وستدوم هذه العواصم إلى ما بعد فترة النفط، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: «ما هو شكل المستقبل ما بعد النفط؟ خصوصا أن معدل استهلاك الدول النفطية الجافة وتطورها وزيادة عدد سكانها تشير إلى أنها لا تعتقد بأن شح المياه لديها يشكل عائقا أمام تطورها, وكأن لديها انهارا تعبر أراضيها، مما قد يعرض هذه الدول للخطر، فحل مسألة الأمن الغذائي يعود إلى حل معضلة الماء. وبحلها مسألة الأمن الغذائي خلال السنوات العشر القادمة، فإن قطر ستكون قد حققت إنجازا على المستوى التقني بنفس أهمية نجاح الولايات المتحدة في إرسال أول إنسان على سطح القمر. أن يصبح بلدا يعتبر جافا لا يملك مقدرات مياه متجددة طبيعيا آمنا مائيا وغذائيا من خلال إمكاناته الذاتية والطبيعية وباستخدام تكنولوجيا جديدة وأنظمة وقوانين ترقى -إن لم تكن الأفضل- إلى مثيلاتها في الدول المتقدمة, والتركيز على البحوث والتصنيع التكنولوجي من خلال التعاون بين جميع المؤسسات البحثية مع التركيز على المجالات ذات الأولوية, وهي المياه والطاقة والغذاء. بما أننا نتحدث عن الأمن الغذائي فإن سلسلة التوريد يجب أن تكون آمنة، وبما أننا نتحدث عن تحلية المياه فإن مدخل هذا النشاط، وهو الطاقة، يجب أن تكون آمنة ومستدامة، فقط باستيفاء هذه الشروط نأتي إلى نتيجة واحدة وهي أن الطاقة الشمسية هي التي تستوفي هذه المعايير بغض النظر عن امتلاك دولة قطر لموارد نفطية وغازية، وبالتالي فإن قطر متوجهة نحو دعم الطاقة الشمسية وهو خيار استراتيجي، حيث نعتمد على الطاقة الشمسية لتحلية المياه, ومن ثم توزيع هذه المياه على المزارعين، وتطوير القطاع الزراعي وأخذه من الوضع الحالي إلى الوضع المتقدم تكنولوجيا وفنيا وبحثيا وعلميا, ومن ثم وقف هدر المياه الجوفية بحكم توفر البديل. وبالتالي سنتمكن من إعادة مستوى المياه في الآبار الجوفية إلى ما كان عليه قبل أربعين عاما عبر الأمطار بمعدل 50 مليون متر مكعب في السنة وعن طريق حقن مياه التحلية، وبالتالي نتمكن من تكوين مخزون استراتيجي من المياه ونضمن الأمن المائي باستخدام المخازن الجوفية وليس عبر تكوين بحيرات على سطح الأرض لأنها لن تتمكن من الحفاظ على هذه المياه لأكثر من 7 أيام بسبب الظروف المناخية للمنطقة. وبالنجاح في هذه المرحلة نكون قد حققنا الاستدامة في الطاقة والمياه، وطالما الشمس تشرق فإن المياه ستظل متوفرة، وهنا ننتقل إلى المرحلة التالية وهي تطوير التكنولوجيا الزراعية, حيث سنحقق نقلة نوعية بكل المعايير حتى نستخدم أصغر رقعة أرض وأقل نسبة مياه لإنتاج أعلى وأجود أنواع الغذاء بمختلف الأشكال والألوان للسوق المحلية. ¶ توقفت الإمارات العربية مؤخراً عن تصدير المياه، فهل ستتخذ قطر نفس النهج في إطار ضمان أمنها الغذائي؟ - من المهم التأكيد على أن سياسة الأمن الغذائي لقطر غير مبنية على مبدأ التصدير، وبالتالي فإن عمليات تصدير المياه ستتوقف بعد عام 2014 تاريخ الانطلاق في تنفيذ الخطة الشاملة لبرنامج الأمن الغذائي. أما بالنسبة للمنتجات الغذائية، فإننا نعاني من نقص بمستوى %90، ونحن بلد مستورد للمواد الغذائية وبالتالي فإن هدفنا سد هذا العجز وإلى غاية تحقيق هذا الهدف ليس لدينا نية تصدير المواد الغذائية. ¶ هل ستستوردون بعض التكنولوجيا التي توصلت إليها بعض البلدان في المجال الزراعي؟ - نعم، هناك على سبيل المثال التكنولوجيا الهولندية المتمثلة في البيوت المحمية سنطبقها في قطر في إطار الخطة الشاملة للأمن الغذائي. ¶ هل تحدثنا عن التقنية التي ستعتمدونها في حقن الآبار الجوفية بالمياه المُحلاة؟ - تقنية حقن الآبار تتمثل في حفر آبار في أكثر من منطقة ومن ثمة سننقل فائض إنتاج مياه التحلية عبر أنابيب لمناطق الحقن، مع مراقبة مستوى المياه في هذه الآبار بشكل دائم للتأكد من بلوغها المستوى الطبيعي ومراقبة نسبة الملوحة لهذه المياه. ¶ ما مدى أهمية الأمن الغذائي في ضمان الأمن القومي للبلاد؟ - أصبح الهاجس الأول للأنظمة في العالم هو التأكد أن شعبها قادر على الحصول على الغذاء دون مشقة لما يضمن ذلك من استقرار اجتماعي وأمني لهذه البلدان. والرؤية قابلة للتحقيق بفضل الإرادة السياسية وهي من أهم العوامل من خلال مبادرة سمو ولي العهد وبرعاية سمو الأمير المفدى والتأكيد على ذلك أن البرنامج يتبع له مباشرة. ¶ لو تعرفنا أكثر بإدارة برنامج الأمن الغذائي وما صلاحياتها؟ - نحن نتبع لمكتب سمو ولي العهد وتتمثل مهمتنا في وضع الخطة الرئيسة لدولة قطر لضمان أمنها الغذائي ودوري كمنسق ورئيس البرنامج هو التأكد من وضع خطة شاملة ينفذها فريق عمل من 17 جهة حكومية وغير حكومية. تدخل من ضمنهم شركة مواشي، وحصاد، والميرة، ووزارة الأعمال والتجارة، ووزارة الاقتصاد والمالية والبلدية وغيرها من المؤسسات. ¶ هل تخلي الدولة عن الاستحواذ على شركة «مواشي» يأتي في إطار الأمن الغذائي للبلاد؟ - نحن نؤمن بترك القطاع الخاص يلعب الدور الأساس في تحقيق برنامج الأمن الغذائي وهذا التوجه من سمو ولي العهد، وأن القطاع الخاص هو الذي سيقوم بهذه المهمة بينما يقتصر دور الحكومة في تهيئة الظروف الملائمة لتحقيق ذلك، من خلال وضع الخطط والمشاريع طرح المناقصات وإسنادها لشركات خاصة. نحن حالياً في مرحلة البناء. تتطلب دعماً خاصاً للقطاعات التي أنشئت في إطار البرنامج وبحكم أن هذه المسألة اكتسبت صبغة استراتيجية وتهم مستقبل الدولة يكون الدعم لها مماثلاً لأهمية المشروع وأهدافه، وعندما يكتمل القطاع ويتمكن من أداء مهمته بأكمل وجه ستستمر حماية القطاع لغاية تحقيق الأهداف في المستقبل، وقد تم التوجيه بدعم القطاع الزراعي بكافة أشكاله والقطاع المائي. ¶ هل سنشهد إطلاق مزارع لتربية الأسماك في قطر مع تنفيذ برنامج الأمن الغذائي؟ - الثروة السمكية متوفرة وتندرج في إطار الأمن الغذائي، لذلك وجب حمايتها وتقنينها وتطويرها وسيكون لدينا مزارع سمكية بعد وضع الخطة الشاملة، نحن نتكلم عن خطة شاملة مفصلة معروفة الأوجه وآليات التطبيق فيها واضحة والمزارع يعرف ما لديه وما عليه، وابتداء من عام 2014 سننطلق في تنفيذ هذه الخطة وعلى مدى عشر سنوات متتالية، حيث سنعمل على بناء محطة تحلية مياه وبناء محطة طاقة شمسية وبناء شبكة أنابيب لضخ المياه للمزارع وتطوير المزارع البالغ عددها 1400 مزرعة وإضافة مزارع أخرى حسب الحاجة وتطوير السوق وحمايته من المنتج الأجنبي في تواجد المنتج المحلي مع ضمان استقرار الأسعار. حيث سيتم تجاوز مسألة تذبذب الأسعار المتأتية من الخارج. بعض المواد الغذائية المستوردة هي متأتية من بلدان تعاني أصلاً مشاكل على مستوى وفرة الموارد المائية وعلى مستوى اكتفائها الذاتي، وبالتالي فإن عملية الاستيراد من هذه البلدان قد تتوقف في أي لحظة، ومع تطور إنتاجنا المحلي والتقدم نحو الاكتفاء الذاتي فإن ارتباطنا مع الخارج سيتقلص بشكل كبير ولن تتأثر السوق سلباً بالعوامل الخارجية بعد ذلك. كما سنعمل في إطار سياستنا التجارية على تنويع مصادرنا بالشكل الذي يقلل من تأثرنا بالأسواق الخارجية وهذا يعتبر إنجازاً. ¶ هل قطر هي الوحيدة في تطوير خطة شاملة لضمان أمنها الغذائي على المستوى الخليجي؟ - كلا، ولكن نحن نسعى لتحقيق الأمن الغذائي بطرق مختلفة عن مثيلاتها من الخطط الدول الأخرى الطريقة والمتمثلة في تحقيق استدامة الطاقة، وبالتالي استدامة إنتاج المياه. كل دول الخليج لديها مخططات لتحقيق أمنها الغذائي وتضم الخطة الشاملة 23 خطة رئيسة وهو ما يعكس مدى تعقيد وتشعب الموضوع، وفي عام 2024 سننتهي من تنفيذ هذه البرامج. ¶ هل هناك دراسات معينة وخطط واضحة للاستثمارات الزراعية التي تنتجها الدولة في الخارج؟ - قرار الاستثمار في الخارج يرتكز على عدة معايير أهمها سلامة الاستثمار والمخرج وضمان الاستثمار، فالأراضي الزراعية تدخل في ثقافة الشعوب ولديها جانب اجتماعي وجب مراعاته في حال الاستثمار حتى نتمكن من كسب ثقة البلد الذي نستثمر فيه وثقة الناس المستفيدين من الاستثمار الأجنبي، ونتأكد من عدم تعرض هذا الاستثمار لصعوبات بضمان المجتمع المحلي. نحن نستخدم مبادئ التحكيم في إعداد عقود الاستثمار ونعتمد على الاتفاقيات المشتركة التي تقيمها قطر مع البلدان الحاضنة للاستثمار مثل اتفاقية حماية الاستثمار إلى جانب عدة معايير أخرى مثل تواجد سفارة تمثل قطر في البلد المراد الاستثمار فيه، والتحقق من استقرار الوضع الأمني والسياسي لهذا البلد. علينا أن نأخذ بعين الاعتبار أن الدولة التي نستثمر فيها هي دولة مستقلة وذات سيادة، وقد تطرأ ظروف معينة تحول دون الاستغلال الأمثل لهذه الاستثمارات وفي هذه الحالة نلجأ إلى مبادئ التحكيم التي أقرت من خلال الاتفاقيات التي وقعتها قطر مع هذه الدول. مع العلم أن لدينا استثمارات في السودان وأستراليا كما توجد دراسات للاستثمار في دول أخرى. ¶ ما مدى مساهمة الاستثمارات الخارجية في تحقيق الأمن الغذائي للبلاد؟ - إن الاستثمار في المشاريع الزراعية بالخارج هو أمر مرحب به لكن لا يعبر بالأساس عن أمن غذائي مباشر، حيث لا يمكن الارتكاز على هذه الاستثمارات بشكل كامل لتحقيق الأمن الغذائي لدولة قطر بل يجب تطوير الاستثمارات الداخلية في هذا المجال. لأن هذه المشاريع الخارجية هي، كما ذكرت، موجودة في دول مستقلة وذات سيادة وفي حال تعرض البلد المستقطب لاستثماراتنا إلى أزمة اقتصادية فإن مساهمتها في تحقيق الأمن الغذائي سيضعف، وبالتالي فإن برنامج الأمن الغذائي هو تخطيط لمرحلة الأزمة التي قد يمر بها العالم. نحن ندعم الاستثمارات الزراعية في الخارج لكنها يجب تؤخذ ضمن اعتبارات معينة، فبشكل عام، تساعد الاستثمارات الزراعية في الخارج على مسألة الأمن الغذائي، وتساهم في تطوير الثروة الغذائية العالمية وتساعد على التقليص من حدة نقص الغذاء.. ومن هذا المنطلق أنا أدعم الاستثمارات الزراعية في الخارج. خلال الأعوام الماضية تقلصت الاستثمارات في المجال الزراعي عبر العالم بشكل خطير ما تسبب في أزمة على مستوى المنتجات الغذائية، والآن نلاحظ عودة هذه الاستثمارات للارتفاع من جديد تحت مسمى «الأمن الغذائي». ¶ هل سيتولى برنامج الأمن الغذائي مهمة تنفيذ الخطة الشاملة التي هو بصدد إعدادها؟ - البرنامج يضع السياسات بشكل عام والخطة الشاملة التي ستنفذها جميع الهيئات والجهات الحكومية والشبه حكومية ويضع البرنامج كذلك سياسات السوق والتصنيع الغذائي والزراعة، لكن مشروع البرنامج لا يتولى تنفيذ هذه الخطط بل يعود ذلك إلى الجهات الحكومية لتنفيذ الخطة الشاملة ومن بينها هيئة السلامة الغذائية على سبيل المثال. ¶ بخصوص هيئة السلامة الغذائية، لاحظنا اتخاذها قرارات غير مبنية على دراسات ومخططات واضحة، ما رأيكم في ذلك؟ - نحن نعمل مع المجلس الأعلى للصحة على بعث جهاز مستقل للسلامة الغذائية، وهذا الجهاز يعتبر من ضمن مخرجات برنامج الأمن الغذائي، كما سيتم من خلال البرنامج إنشاء مؤسسات تعليمية متمثلة في كليات متخصصة في المجالات التي تعنى بالبرنامج وذلك مع انطلاق مرحلة تنفيذ البرنامج. ¶ متى سنرى الملامح الرئيسة للخطة الشاملة؟ - خلال منتصف العام الحالي ستطرح الخطة الشاملة للجمهور لكي يبدي رأيه فيها بهدف معالجة نقاط الضعف التي قد تظهر في البرنامج، ونحن بحاجة إلى النقد البناء لكي نطور عملنا بالشكل الأمثل. ¶ هل لديكم النية في إطلاق مؤشر للغذاء على شاكلة مؤشر منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة «فاو»؟ - نعم لقد طرحنا هذا المشروع من خلال الخطة الشاملة لبرنامج الأمن الغذائي، لكن هناك عوائق فنية لتنفيذ هذا المشروع، لكن سيكون لنا مؤشر محلي للغذاء يتم تحديثه بشكل يومي، وهو مؤشر لأسعار السوق يعكس تطور هذه الأخيرة من يوم إلى آخر. وسيتم إصدار المؤشر مع نهاية العام الحالي بالتعاون مع جهاز الإحصاء ووزارة الأعمال والتجارة وينشر بشكل إلكتروني ومقسم حسب القطاعات مثل الزيوت والحبوب الخضراوات واللحوم وغيرها. ¶ هل تعتقد أن على الحكومة التدخل مستقبلاً لحماية الأسعار من التذبذبات الحادة؟ - دعم أسعار الغذاء موجود في جميع دول العالم، بشكل مباشر عبر المنتجات النهائية أو بشكل غير مباشر عبر دعم المدخلات مثل الكهرباء والماء وغيره من المكونات التي تدخل في سلسلة إنتاج الغذاء، فإذا كانت المنتجات الغذائية التي نستوردها هي أصلاً مدعمة في البلد المنشأ. لكن كما ذكرت بحكم صغر السوق، فإننا لا نملك مركزاً قوياً للتفاوض مع المزودين عبر العالم ما يتسبب في تذبذب الأسعار، وعلينا أن نشجع التجار على تنويع مصادرهم بالشكل الذي يحقق استقراراً أكبر للسوق وعدم الارتباط ببلد واحد أو بمنطقة واحدة في التزود. ¶ هل هناك خطة لتطوير إنتاج المواشي محلياً؟ - لدينا ضمن الخطة الشاملة برنامج لتطوير الثروة الحيوانية في البلاد، إذ إن استيراد الثروة الحيوانية يهدد التنوع البيولوجي والأمن ولتفادي ذلك سنعمل على تنمية قطاع تربية المواشي. ¶ هل هناك مخصصات مالية محددة لتنفيذ البرنامج؟ - سيتم إعداد موازنة مالية خاصة بالبرنامج، وآليات تنفيذه ستكون معروفة للعامة، حيث سيتولى القطاع الخاص تنفيذ جزء كبير من الخطة. ¶ كم عدد الموظفين الذين يعملون في إطار برنامج الأمن الغذائي؟ - لدينا 50 موظفاً حالياً، وسيتم رفع هذا العدد إلى 250 موظفاً خاصين بإعداد الخطة الشاملة ثم سيتغير هذا العدد، لأن المهمة البرنامج ستقتصر فيما بعد على مراقبة ومتابعة تنفيذ الخطة الشاملة. ¶ هل بدأت المنتجات المتأتية من الاستثمارات الزراعية للدولة بالخارج في الوصول إلى السوق المحلية؟ - هناك جزء من استثمارات الدولة في الزراعة بالخارج بدأ يأتي بثماره، وهي متوفرة حالياً في السوق المحلية، وهذا الأمر سيساهم في تحقيق استقرار الأسعار في السوق على مدى السنوات القادمة. وستزيد مساهمة هذه المنتجات بشكل متواصل في تحقيق استقرار السوق، مع الإشارة إلى أنها لا تغطي جميع احتياجاتنا الاستهلاكية، وبالتالي فإن دورها سيكون جزئياً نحو التقليص من تذبذب الأسعار. * السيرة الذاتية للعطية - من مواليد عام 1977. - ضابط في القوات المسلحة عام 1999 بعد تخرجه من كلية «سانت هيرست». - حصل على بكالوريوس القانون من جامعة «ويست منستر» ببريطانيا عام 2006. - التحق بمكتب سمو ولي العهد الأمين عام 2007.