أربعون عاما من البرامج والجهود الدولية كي لا تظل البلدان الأقل نموا خلف الركب 

alarab
أربعون عاما من البرامج والجهود الدولية كي لا تظل البلدان الأقل نموا خلف الركب 
تقارير 02 مارس 2023 , 05:45م
قنا

على مدار أربعين عاما، بداية من عام 1981 وحتى عام 2021، عقدت الأسرة الدولية أربعة مؤتمرات عالمية بهدف تنمية وتطوير مجموعة البلدان الأقل نموا وإخراجها من براثن الفقر وتأهيلها للاندماج بقوة في عجلة الاقتصاد الدولي.
عقد المؤتمران الأول والثاني في باريس، وجاء المؤتمر الأول بعد أن أعربت الجمعية العامة للأمم المتحدة عن قلقها الشديد إزاء خطورة الوضع الاقتصادي والاجتماعي لأقل البلدان نموا، وقررت عقد المؤتمر من أجل صياغة برنامج العمل الجديد لتلك البلدان في الثمانينيات بشكله النهائي، وقد اعتمد المؤتمر البرنامج المذكور بهدف تطوير اقتصادات تلك الدول وتمكينها من توفير معايير دنيا للتغذية والصحة والإسكان والتعليم، فضلا عن فرص العمل لمواطنيها، ولا سيما لفقراء الريف والحضر.
أما المؤتمر الثاني المعني بأقل البلدان نموا فقد عقد عام 1990، لمواصلة التركيز على الحاجة إلى اتخاذ تدابير خاصة لهذه الدول، حيث اعتمد إعلان وبرنامج عمل باريس لصالح أقل البلدان نموا للتسعينيات. واستعرض المؤتمر الثاني في باريس التقدم الاجتماعي والاقتصادي المحرز في أقل البلدان نموا في الثمانينيات، وكذلك التقدم في إجراءات الدعم الدولي خلال ذلك العقد. واتفق المشاركون في المؤتمر، الذي حضره ممثلو 150 حكومة، على الاستراتيجيات والأولويات الإنمائية لتلك الدول وصياغة سياسات وتدابير محلية ودولية لتسريع عملية التنمية في أقل البلدان نموا للتسعينيات.
وعقد المؤتمر الثالث عام 2001 في بروكسل، واستضافه الاتحاد الأوروبي، وذلك بعد مرور عشر سنوات ونصف السنة على المؤتمر الثاني في باريس، وقد اعتمد المؤتمر برنامج عمل بروكسل للعقد 2001 - 2010 الذي حدد له هدفا يتمثل في إحراز تقدم كبير نحو خفض نسبة الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع ويعانون من الجوع إلى النصف بحلول عام 2015 وكذلك تعزيز التنمية المستدامة لأقل البلدان نموا، من أجل التعجيل بالنمو الاقتصادي المطرد والتنمية المستدامة، وإنهاء التهميش عن طريق القضاء على الفقر وعدم المساواة والحرمان في هذه الدول وتمكينها من الاندماج بشكل مفيد في الاقتصاد العالمي.
وعقب المؤتمر الثالث المعني بأقل البلدان نموا، أنشأت الجمعية العامة للأمم المتحدة، مكتب الممثل السامي للأمم المتحدة لأقل البلدان نموا والدول النامية غير الساحلية والدول الجزرية الصغيرة النامية لضمان المتابعة الفعالة والتنفيذ والرصد والاستعراض لتنفيذ برنامج عمل بروكسل.
ويخدم المكتب 91 دولة تواجه جميعها مجموعات فريدة من التحديات الخاصة بها، في سعيها لتحقيق التنمية المستدامة والأهداف المتفق عليها دوليا. ويعمل المكتب على تعبئة الدعم والدعوة لصالح مجموعات الدول الضعيفة، وزيادة الوعي حول الإمكانات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية الموجودة في هذه الدول، وضمان أن تظل الاحتياجات الملحة لـ 1.1 مليار شخص يعيشون فيها على رأس اهتمامات جدول الأعمال الدولي.
وعقد مؤتمر الأمم المتحدة الرابع المعني بأقل البلدان نموا في إسطنبول في مايو عام 2011 من أجل تقييم تنفيذ أقل البلدان نموا وشركائها في التنمية لبرنامج عمل بروكسل.
واعتمد المؤتمر برنامج عمل للعقد 2011 - 2020، إلى جانب إعلان إسطنبول، وأشارت البيانات الصادرة عن المؤتمر إلى أن أكثر من 75 بالمئة من سكان أقل البلدان نموا لا يزالون يعيشون في فقر، وأن خروج ثلاث دول فقط من هذه الفئة حتى ذلك الوقت في العقود الثلاثة الماضية أمر يثير قلق المجتمع الدولي الشديد.

 

وكان على رأس أولويات قائمة مجالات العمل المدرجة في برنامج عمل إسطنبول، القدرة الإنتاجية وتشمل البنية التحتية، والطاقة، والعلوم، والتكنولوجيا والابتكار، وتنمية القطاع الخاص، تليها الزراعة والأمن الغذائي والتنمية الريفية والتجارة والتنمية البشرية والاجتماعية وتشمل التعليم والتدريب، والسكان والصحة الأولية، وتنمية الشباب، وتمكين المرأة، وغيرها من التحديات الناشئة كالصدمات الاقتصادية، وتغير المناخ والاستدامة البيئية، والحد من مخاطر الكوارث وبناء القدرات وتعبئة الموارد المحلية، والديون الخارجية، والاستثمار الأجنبي المباشر، والتحويلات المالية والحوكمة الرشيدة على جميع المستويات.
وتضم أقل البلدان نموا الـ 46 الحالية حوالي 880 مليون نسمة، أي 12 بالمئة من سكان العالم، وتشكل أفقر شريحة من شرائح المجتمع الدولي وأضعفها حيث تواجه عوائق هيكلية خطيرة أمام النمو، وتمثل أقل من اثنين بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وحوالي واحد بالمئة من التجارة الدولية، وتقوم لجنة السياسات الإنمائية بمراجعة قائمة أقل البلدان نموا كل ثلاث سنوات.
ولكي تخرج دولة من قائمة أقل البلدان نموا، يجب أن تفي بعدد من المعايير لرفع تصنيفها خلال استعراضين متتاليين، وقد خرج بلدان من القائمة بين العامين 1971 و2011، ومنذ اعتماد برنامج عمل اسطنبول عام 2011، رفع تصنيف ثلاثة بلدان إضافية، ومن المقرر أن يرفع تصنيف خمسة بلدان أخرى بحلول العام 2024.
وقد استوفى ما مجموعه خمسة عشر بلدا معايير رفع التصنيف منذ العام 2011، ما يشير إلى إحراز تقدم بارز، على الرغم من عدم تحقيق الهدف المعتمد المتمثل في تمكين نصف عدد أقل البلدان نموا من تلبية معايير رفع التصنيف بحلول العام 2020.
بدأت الأمم المتحدة إعطاء اهتمام خاص للدول الأقل نموا، أواخر الستينيات معترفة بأن تلك الدول هي الأكثر ضعفا بين أعضاء المجتمع الدولي، وتعتبر شديدة الحرمان في عملية تنميتها، وذلك لأسباب هيكلية وتاريخية وكذلك جغرافية.
ووفق خبراء دوليين تعد المستويات المعيشية غير الملائمة على الإطلاق الموجودة بأقل البلدان نموا مصدر قلق بالغ للمجتمع الدولي، وينبغي أن تتاح لهذه الدول وسائل التغلب على الجوع الحاد وسوء التغذية والأمراض والأمية وجميع مظاهر الفقر الأخرى.
وعلى الرغم من أن أقل البلدان نموا تتحمل المسؤولية الأساسية عن تنميتها الشاملة إلا أنه يتعين على المجتمع الدولي ولا سيما الدول المتقدمة والمنظمات الدولية ذات الصلة وكذلك الدول النامية القادرة والمنظمات غير الحكومية، تقديم مساعدة كبيرة لهذه الدول للتغلب على فقرها.
ولا يعتبر التضامن والتعاون والشراكة مع أقل البلدان نموا والبلدان الأكثر فقرا، والأقل مناعة والأشد ضعفا ومع شعوبها واجبا أخلاقيا فحسب، بل هو واجب اقتصادي وسياسي أيضا، وتمثل أقل البلدان نموا طاقة هائلة من الموارد البشرية والطبيعية لتحقيق النمو الاقتصادي، والرفاه والرخاء والأمن الغذائي وأمن الطاقة في العالم، ومن شأن إنشاء شراكة جديدة ومعززة وعالمية ناجحة تتناول بشكل فعال الاحتياجات الخاصة لأقل البلدان نموا أن يسهم في قضية السلام والرخاء والتنمية المستدامة للجميع.