حرية النقد.. تصطدم بـ «قضايا التشهير»

alarab
محليات 02 مارس 2022 , 12:00ص
يوسف بوزية

المحامي خالد المهندي: «التشهير» هو التعرض لشخص أو إلحاق الضرر بمؤسسة 

عبدالرحمن إبراهيم: نقد المؤسسة دون تجريح يستوجب التوضيح

الباحث عبدالله التميمي: رفع الدعوى ضد الجمهور «تكميم أفواه»
 

أكد عدد من المواطنين والخبراء القانونيين أن انتقاد أداء المؤسسات الخدمية بما فيها الجهات الحكومية بموضوعية على مواقع التواصل، مصان وفق حرية الرأي والتعبير المحمية قانونًا بالدستور، دون الخروج عن اللياقة الأخلاقية الموضوعية في النقد، أو الطعن والتهجّم والتطرق للأشخاص، وأكدوا أن توجه مؤسسة لرفع قضية تشهير على مواطن بسبب تغريدة تتضمّن انتقاداً لها، يتزايد بسبب عدم وجود تعريف محدد وواضح للتشهير، ما يجعله فضفاضًا يعمل فيه الرأي الشخصي وقد يستخدم للضغط على المواطن وتعطيل النقد البناء وإزعاج السلطات بقضايا قد تكون كيدية ولا تخدم الصالح العام.
ودعوا الجهات الخدمية والمؤسسات العامة، إلى عدم الحساسية تجاه النقد وإبداء الملاحظات في مختلف الوسائل الإعلامية، بما فيها مواقع التواصل، باعتبار النقد الصريح يقدم للمسؤولين واقعا «ميدانيا» لعمل الجهة التي يشرفون عليها، والانطباع الفعلي عنها لدى الفئات المجتمعية بل إنه يكشف عن نقاط ضعف وربما يقدم أفكارا جديدة جديرة بالدراسة.

مواطن القصور أو التقصير
في هذا السياق، قال المحامي خالد عبدالله المهندي إن انتقاد الأداء العام للجهات الحكومية بموضوعية مصان وفق حرية الرأي والتعبير المحمية قانونًا بالدستور، مشيرا الى ان النقد هو سرد نقاط الخلل أو مواضع القصور أو التقصير دون التعرض والتجريح في شخص المُنتقد، في حين التشهير الذي يعرض صاحبه للمساءلة القانونية هو التعرض لشخص المُنتقد أو إلحاق الضرر بمؤسسة عن طريق إطلاق أخبار سيئة عنهم لإلحاق الضرر بهم وابتزازهم من أجل الوصول إلى مصلحة ما.
وأكد أن النقد لا يعاقب عليه القانون مثل التشهير، لأنه حق مشروع لجميع الناس أن ينتقدوا ما لا يعجبهم بأسلوب حضاري، خاضع لقيم موضوعية ولا يتم إطلاقه اعتباطاً لمجرد التعبير عن الغضب أو إلحاق الأذى بالمؤسسة أو المسؤول عنها أو الانتقاص منه أو التقليل من شأنه.
وأشار إلى أن التشهير الذي يعاقب عليه القانون يفتقر إلى الموضوعية ومن شأنه أن يلحق الضرر بالمؤسسة او الشخص المنتقد بصرف النظر عن صحة تلك الأخبار أو التعليقات من عدمها وهو ما يعاقب عليه القانون ويصل إلى مرتبة الجرائم.
النقد في حدود اللياقة
وقال عبدالرحمن إبراهيم، موظف حكومي، إن نقد المؤسسات العامة بما فيها الجهات الحكومية من أبسط حقوق المواطن، إذا كان النقد في حدود اللياقة، وإذا كان غير صحيح أو خاطئ أو غير موضوعي، فيجب على تلك الجهات الحكومية الرد والتوضيح.
وأعرب إبراهيم عن تأييده لتحريك الدعوى الجزائية العامة ضد من يتجاوزون النقد إلى القدح والذم والقذف العلني لمؤسسات الدولة في حساباتهم، من دون أدلة، ولا أظن أن أحدا سيختلف معي في ذلك، لأن هناك فرقا كبيرا بين النقد وبين القدح والذم والقذف العلني الذي لا يجوز في حق أي إنسان، موظف عام أو خاص، وفي حق أية مؤسسة، حكومية أم غير حكومية.
الشخصنة.. مرفوضة
من جانبه، قال راشد المري إن المواطن شريك في الرقابة المدنية على أداء المؤسسات والجهات الحكومية وكشف الثغرات أو مواطن الخلل والقصور بعيدا عن التشهير والشخصنة نظراً لوجود مواقف شخصية بين الموظفين أو بين مواطنين لديهم مشاكل معينة، ودعا المؤسسات إلى الإنصات لما يقوله ويكتبه عنها العموم، فحسن التعامل والتفهم لأطروحات نقد عمل وإجراءات الجهات الحكومية، سواء جاءت من إعلامي أو مستفيد من خدمات تلك الجهات، يزيد من ترسيخ الثقة بالأعمال واستدامتها، ولو تفحصنا ما يطرح سنجد بشيء من البحث والتدقيق الكثير مما هو مفيد، أما إذا زادت الحساسية من نقد عمل أجهزة حكومية، فهي مدعاة إلى أن تخفي نقاط ضعف قد تتسع مستقبلا، وتراكم قصورا كان من السهل العمل على تصحيحه، ثم إننا تجاوزنا حالة التجذر بين الأجهزة الحكومية، لأن مظلات التنسيق والتشاور بينها صارت متعددة ومرنة أكثر من أي وقت سابق.
مواضع الخلل
وقال الأستاذ عبدالله التميمي، الباحث القانوني إن رفع الدعوى ضد المنتقد من الجمهور على وسائل التواصل الاجتماعي يكون في حالات عدم وجود إجابات واضحة أو تكميم أفواه حتى لا يشير إلى مواضع الخطأ أو الخلل لدى بعض المؤسسات أو أداء بعض المسؤولين وأفعالهم وإداراتهم على الملأ، مشيراً إلى أن رفع مثل هذه القضايا هو ودليل على عدم وجود خطة عمل شاملة وواضحة بل خطة عمل ‏تجريبية تتحمل الصواب او الخطأ بشكل غير مدروس وغير فعال.
وأضاف: وتكمن خطة العمل التجريبية التي تعمل بها الإدارة التي لا تتحمل النقد في جعل أعضائها في حالة تخبط وعدم إدراك وتخوف وعدم وجود تطور أو حتى استخدام اختصاصاتهم، كما هو الحال لبعض المسؤولين عند استلام المناصب، حيث يعمد إلى اقتصاد الموارد والمميزات للمواطنين أو الموظفين حتى يظهر إلى الإدارة العليا بأنه قد عمل على توفير وزيادة الميزانية والفائض وانه قد حقق الهدف المرجو من الحصول على المنصب والبقاء فيه لأطول وقت ممكن، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على عدم وجود خطة مستقبلية أو استثمارية أو حتى لديها خطة للتطوير.

وسائل التواصل.. بيئة خصبة لتزايد جرائم السب والتشهير

أكد الخبير القانوني، علي السيد، على تجريم القانون القطري لعمليات «التشهير» التي قد يتعرض لها البعض، من خلال الإساءة وتشويه الصورة أمام العامة، مشيرا إلى نظر المحاكم في مثل هذه القضايا عندما يخوض البعض بتشويه سمعة مؤسسة ما من غير دلائل قانونية وهو ما يجرمه القانون.
وأشار السيد إلى قيام إحدى الجهات المالية بنشر إعلان عن قطع علاقتها بإحدى الموظفات، التي كانت تشغل منصبا قياديا بها، متضمنا نشر صورتها واسمها كاملا واستغلالها لمنصبها السابق، وهو ما اعتبره العديد من المغردين على مواقع التواصل عملية تشهير بتلك الموظفة.
وأكد السيد أن وسائل التواصل ساهمت إلى حد كبير في انتشار قضايا السب والتشهير في المجتمع، مع الفارق بين التهمتين، بينهما، مشيرا إلى أن قضايا السب تستحوذ على نسبة كبيرة من دعاوى الجرائم الإلكترونية المتداولة في أروقة المحاكم، وأوضح أن المادة الثامنة بقانون الجرائم الإلكترونية تنص على أن العقوبة المقررة تتمثل في الحبس مدة لا تتجاوز 3 سنوات، وبغرامة لا تزيد على 100 ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، لكل من تعدى على أي من المبادئ أو القيم الاجتماعية، أو نشر أخباراً أو صوراً أو تسجيلات صوتية أو مرئية تتصل بحرمة الحياة الخاصة أو العائلية للأشخاص، ولو كانت صحيحة، أو تعدى على الغير بالسب أو القذف، عن طريق الشبكة المعلوماتية أو إحدى وسائل تقنية المعلومات.
وأوضح أن عقوبة التشهير لا تقل عن عقوبة السب والقذف وأن كلتا الجريمتين تخوض في الحياة الشخصية للأفراد وأن القانون كان حازما في التعامل مع هذه المشاكل وخاصة أن المجتمع القطري محافظ ولا يجوز القيام بالتشهير بأي شخص أو نشر صورته في وسائل الإعلام والحديث عنه دون وجه حق.