الشباب.. و«الدعم العاطفي» في زمن الوباء

alarab
تحقيقات 02 مارس 2022 , 12:25ص
حامد سليمان

 دراسة: المراهقون أصحاب العلاقات القوية مع عائلاتهم أقل عرضة للسلوكيات الضارة

النسبة الأكبر من المشاركين القطريين بلغت في بعض النقاط 60 % مقابل 40 % من الطلاب المقيمين

 نسبة من لا يتناولون الطعام مع أسرهم انخفضت من 3 % قبل الجائحة إلى 2 %

عدم تناول الطعام بصورة دائمة مع الأسرة من العوامل التي تدعو للقلق

تراجع نسبة الذين لا يتلقون الدعم العاطفي من الآباء من 11 % قبل الجائحة إلى 8 % أثناء الجائحة

 

حدد خبراء دوليون عددا من التحديات التي فرضها وباء «كورونا» على الشباب، وأثرها على الجوانب العاطفية والسلوكية والصحية والاجتماعية والاقتصادية لهذه الفئة في جميع أنحاء العالم، خلال الجلسة التي نظمها معهد الدوحة الدولي للأسرة، بالتعاون مع الاتحاد الدولي لتنمية الأسرة، مؤخراً، بعنوان: «رفاه الشباب: كيف أثّرت جائحة كوفيد 19 على الشباب حول العالم»، على هامش الدورة الستين للجنة التنمية الاجتماعية للأمم المتحدة نيويورك.
وسلّط المشاركون الضوء على قضية الشباب والتنمر الإلكتروني، كما بحثوا تداعيات الجائحة في كوريا الجنوبية، وتأثيرها على التوظيف والعلاقات الأسرية، إضافة إلى مناقشة بالأدلة للابتكارات الجديدة التي تستهدف الشباب. افتتح الجلسة السيد خالد النعمة مدير إدارة السياسات الأسرية بالمعهد، والسيد اجناسيو سوسياس، مدير العلاقات الدولية في الاتحاد الدولي لتنمية الأسرة، وترأس الجلسة السيد أحمد عارف مدير التخطيط وإدارة المحتوى بالمعهد.

ضغوط على الشباب
وأكد السيد خالد النعمة خلال كلمته الافتتاحية على أن: «الشباب في جميع أنحاء العالم واجه ضغوطا هائلة خلال الجائحة التي تسببت في إرباك دراستهم وحياتهم الاجتماعية والأسرية»، مشيراً إلى أن «معهد الدوحة الدولي للأسرة حريص على الاستماع لآراء الشباب من خلال إجرائه دراسات مفصلة حول رفاه المراهقين في قطر أثناء وبعد جائحة كوفيد-19.» 
وقال النعمة: «كما تأثرت الفرص الاقتصادية، وصولاً إلى التعامل مع مشكلات الصحة النفسية الناتجة عن العزلة الاجتماعية التي فرضتها الجائحة، وكذلك العنف الأسري الذي تفاقم، وقد تركت الجائحة تأثيراً كبيراً على الصحة السلوكية والعاطفية للشباب».
وأضاف: «أخذنا على عاتقنا إعطاء الفرصة للشباب أنفسهم للتعبير عن هذه المشكلات، وأجرينا الكثير من الأبحاث التي تطرقت لرفاه الشباب في قطر».
وتابع: «كما أجرينا بحثًا حول تصورات الشباب تجاه الزواج في قطر، ونظّمنا جلسات نقاشية في جميع أنحاء المنطقة العربية للاستماع لآراء الشباب حول الزواج.»، مشيراً إلى أهمية الاستماع إلى تجارب الشباب من جميع أنحاء العالم خلال الوباء، ومناقشة الحلول التي اتبعوها للتعامل مع هذا الظرف، والدعم الذي تلقوه من أسرهم.
من جانبه، قال السيد اجناسيو سوسياس: «من المهم أن نفهم نظرة الشباب إلى العالم الذي يعيشون فيه، لأن أفعالهم ستشكّل ملامح المستقبل. لذلك، يجب أن نبدأ حواراً حول دور الأسر ودور السياسات الأسرية، والنتائج المتأتية عن توظيف الشباب، وأيضاً توقيت وطرق تأسيس العائلات للأزواج الشباب».
وأضاف: «لقد شهدنا، خلال العقود الماضية، تغيراً في «التحولات التقليدية» التي يعيشها الشباب، فباتت أكثر تعقيداً وأقل قابلية للتنبؤ، حتى صارت تُسمى «التحولات الممتدة»، ما يعني أن عملية الانتقال من مرحلة الطفولة (التبعية) إلى مرحلة البلوغ (الاستقلال) باتت تستغرق وقتًا أطول.»
وأردف: «اليوم، في حقبة ما بعد الجائحة، سيختبر الشباب مرحلة انتقالية أكثر تعقيدًا، تفرض عليهم مواجهة تغيرات مستمرة ومتعددة. وسيتمثل مفتاح النجاح في التغلب على هذه التغيرات في الدعم الأسري، الذي سيساعد أيضاً في تجنب التكاليف الاجتماعية على الصحة العامة وغيرها من عواقب التفكك الاجتماعي. فكما هو الشأن بالنسبة للعديد من الجوانب الأخرى للحماية الاجتماعية، ثبت أن تكلفة الوقاية أقل بكثير، وأكثر فعالية، من العلاج».

التنمر الإلكتروني
كما قدم السيد جيسونغ لي، باحث من كوريا الجنوبية، عرضا بعنوان «الشباب والتنمر الإلكتروني»، وناقش تأثيرات الجائحة في كوريا الجنوبية. كما ناقشت كيارا ليدا، مندوبة الشباب في الاتحاد الأوروبي من إيطاليا، تداعيات كوفيد-19 على العلاقات الأسرية.
واستعرض الباحث خوسيه ريكاردو أروجو، من البرازيل، كيف أثّرت الجائحة على التوظيف والأسرة، وقال: «لقد مثلت الجائحة أحد أكبر حالات الركود الاقتصادي التي زادت من البطالة لدى الشباب»، وذكر أهم التحديات والفرص للتعافي من آثارها.
كما قدمت الباحثة هبة الفرا، من معهد الدوحة الدولي للأسرة، ورقة عمل حول «استكشاف العوامل الأسرية- رفاه اليافعين قبل وبعد كوفيد-19 في قطر»، وأوضحت أن الدراسة خلصت إلى ضرورة تبني برامج تربويّة تهدف إلى تشجيع التواصل الفعّال مع الأبناء، والاستخدام الأمثل للإنترنت، ونشر الوعي حول الآثار المختلفة للعنف الأسري.
وقالت الفرا: «أظهرت الدراسة أن المراهقين الذين يتمتعون بعلاقات قوية مع عائلاتهم، ويشاركون في الأنشطة الترفيهية والرياضية، ويعيشون بنمط حياة صحي هم أقل عرضة للانخراط في السلوكيات الضارة بين أقرانهم، كما توجد علاقة واضحة بين البيئة المدرسية الجيدة ورفاهية المراهقين، كما خلصت ورقة العمل التي أعدّها المعهد إلى أن التواصل بين الوالدين والأطفال والمراهقين والدعم العاطفي وغيرها من الأسباب يكون لها أثر كبير في دعم الأبناء.»
وأوضحت الفرا أن النسبة الأكبر من المشاركين في ورقة العمل من الطلاب كانت لقطريين، حيث بلغت في بعض النقاط 60% مقابل 40% من الطلاب المقيمين، وأن الدراسة أظهرت زيادة في عدد الساعات التي يقضيها الأبناء مع الأسرة بصورة أسبوعية، خاصةً مع خطط التعليم عن بعد التي سمحت للأسرة بقضاء وقتٍ أطول سوياً، وأن نسبة من لا يتناولون الطعام مع أسرهم انخفضت من 3% قبل الجائحة إلى 2%، وأن عدم تناول الطعام بصورة دائمة مع الأسرة من العوامل التي تدعو للقلق.
وأضافت: «أغلب المشاركين (أكثر من 64%) نوهوا إلى أنهم قبل وأثناء الجائحة دائماً ما كانوا يتلقوا الدعم العاطفي من الأب، في حين تراجعت نسبة الذين لا يتلقون الدعم العاطفي من الآباء من 11% قبل الجائحة إلى 8% أثناء الجائحة، كما أن نسبة الآباء والأمهات الذين يقرؤون مع أبنائهم ارتفعت بنسبة 7 نقاط مئوية لتصل إلى 29% أثناء الجائحة، في حين أن نسبة من لا يقرؤون مع أبنائهم تراجعت من 59% قبل الجائحة إلى 49% أثناء الجائحة.

أصدقاء الأبناء
وحول مدى معرفة الوالدين لأصدقاء أبنائهم، أوضحت الفرا أن أغلب المشاركين في الدراسة أشاروا إلى معرفة أصدقاء أبنائهم، وأن نسبتهم قبل الجائحة كانت 66%، لتبلغ 70% أثناء الجائحة، وأن نسبة من لا يعرفون أصدقاء أبنائهم تراجعت من 10% قبل الجائحة إلى 7% أثناء الجائحة، كما أشار المشاركون إلى أن نسبة العنف الجسدي الأسري الذي قد ينتج عن النقاش الحاد بين أفراد الأسرة تراجع من 82% قبل الجائحة إلى 92% أثناء الجائحة.
وأوصت الباحثة هبة الفرا، بضرورة تبني برامج تربوية تهدف إلى تشجيع التواصل الفعّال مع الأبناء، وتعزيز الدعم العاطفي. كما أكدت على ضرورة تعزيز نمط الحياة الصحي للأسر، وإشراك الأبناء في أنشطة بدنية متنوعة.