مقاهٍ للقطط بسنغافورة لحمايتها من التشرد

alarab
منوعات 02 مارس 2015 , 11:48ص
د.ب.أ
أشارت عقارب الساعة إلى الحادية عشرة صباحا، وبدأت القطط الانطلاق بحرية لتلهو بمقهى " نيكو نو نيوا "، وقبل أن يمر وقت طويل يأخذ المقهى في الازدحام بالزبائن الذين يرغبون في اللعب مع هذه السنانير الودودة.

وفي شهر يناير احتفل أول مقهى للقطط في سنغافورة بمرور عام على افتتاحه، وأسس هذا المقهى لاتجاه جديد في هذه المدينة الدولة، حيث تم افتتاح أربعة مقاه مماثلة عام 2014.

ويعرب كل من صامويل إيزاك تشوا وتان سو لين مالكا المقهى الذي يقع في حي الأعمال بوسط المدينة عن اعتقادهما أن مقهاهما يعد مأوى مثاليا وسط النشاط الصاخب بالمدينة. 
وقال تشوا إن " الناس الذين يعيشون في هذه المنطقة الحافلة بالنشاط التجاري من سنغافورة، ليس لديهم كثير من وقت الفراغ، فالكثيرون منهم منشغلون بالتنقل بالطائرات لأداء أعمالهم وإنجاز صفقاتهم، وأعتقد أنه في حالة رغبتهم في أن يكون لديهم حيوان أليف مع عدم توافر الوقت لديهم لرعايته أو تمضيته معه، فإن فرصتنا تكون كبيرة في تقديم هذه الخدمة إليهم" .

كانت جميع القطط المدللة التي تمرح في مقهى " نيكو نو نيوا " في الأصل من القطط الضالة التي لا مأوى لها، ويعني اسم المقهى باللغة اليابانية " حديقة القطط " حيث أقيمت مقاهي القطط في مناطق للحدائق، وتعد مجموعة الهررة هذه محظوظة لأن هناك في المدينة ما يقدر بنحو 50 ألفا من القطط الضالة التي تجوب الشوارع بحثا عن الغذاء.

وتقوم منظمات مثل " جمعية رعاية القطط " بحملات لتعقيم هذه الحيوانات الضالة للحد من تكاثرها، غير أن جمعيات إنقاذ الحيوان لا تزال تواجه فيضا غزيرا من أعداد القطط التي تحتاج إلى مأوى ورعاية.

وتحظر القواعد التي تنظم السكن في المنازل العامة المملوكة للدولة الاحتفاظ بقط في الشقق الحكومية، والتي يقيم فيها قرابة 80 %من سكان سنغافورة.

ولاحظت كاميليا عبد الغني منسقة برنامج للعلاج عن طريق التواصل مع القطط في أحد مراكز الرعاية الصحية والنقاهة، أن الروح المعنوية للمرضى كبار السن ترتفع في حالة تفاعلهم مع الحيوانات.

وتقول " إن زيارة مقهى للقطط تعد تجربة طيبة خاصة بالنسبة لمحبي القطط الذين ليس لديهم قطط في المنزل، وهذه الزيارة تساعد على تحسين مزاجك وحالتك النفسية مثلما يفعل تناول دواء مهدئ للضغوط العصبية ".

ومثل كثير من معالم المدينة فإن مقهى " نيكو نو نيوا " يتم الحفاظ على نظافته التامة، كما أنه ليس رخيصا في أسعاره. 

ولا يسمح المقهى بدخول أكثر من 20 فردا من الرواد في وقت واحد، ويتقاضى 12 دولارا سنغافوريا (ما يوازي تسعة دولارات أمريكية) في الساعة الأولى، ثم يتقاضى بعد ذلك رسوما إضافية مقابل كل نصف ساعة يقضيها الزبون بداخله، ولا يسمح بدخول الأطفال أقل من عمر سبع سنوات، ويحصل كل زائر على كتيب يتضمن القواعد التي يجب عليه اتباعها داخل المقهى.

ويترك للقطط المقيمة داخل المقهى وعددها 13 الحرية في التجول في مختلف أرجائه، وكذلك اللعب أو أخذ فترة راحة من الاحتكاك بالناس، أو استخدام اللعب والدمى الخاصة بها، وفي الغالب تشعر هذه السنانير المتمتعة بجوانب اجتماعية أكثر من نظيرتها الضالة بالسعادة عندما تقبع مسترخية فوق أرجل الزائرين.

وتلتقط هان دانج بحماس صورا فوتوغرافية سريعة في أول زيارة لها للمقهى، وتقول " إن هذه الزيارة تهدئ الأعصاب، والجو هنا مريح، كما أن الجو المحيط بالمكان لطيف بالنسبة للقطط ولكل شخص يوجد في المكان وسط المجموعة." 

ومع ذلك ليس لدى جميع مقاهي القطط التزام واضح برعاية ما تستضيفه من حيوانات أليفة، فمثلا طرح مالك " مقهى أحضان القطط " مقهاهي للبيع في منتصف ديسمبر الماضي وسط ضجة أثيرت حول وفاة سبع قطط.

وتجاوز الاتجاه للاحتفاء بالقطط في سنغافورة جدران المقاهي، فبالقرب من مقهى " نيكو نو نيوا " يوجد متحف " هرة المدينة "، وهو ينقسم إلى متحف وقاعة لعرض الأعمال الفنية ومأوى للقطط.

وينقسم المبنى إلى ثلاثة مستويات، فالجزء التابع للمتحف يعرض قطعا فنية متعلقة بالقطط أبدعها فنانون من مختلف أنحاء العالم، وكثير من هذه القطع الفنية مطروح للبيع.

وبمقدور الزوار أن يتعرفوا على تاريخ القطط حول العالم من خلال الملصقات والصور، ويمكنهم أيضا اللعب والتواصل مع القطط التسع التي تحت رعاية جيسكا سيت مؤسسة المتحف، وهذه القطط تعيش الآن في راحة تامة بالطابق الأعلى.

وتقول سيت " إنني أردت أن يحصل مزيد من الناس على معلومات حول القطط، فقد شعرت بالدهشة من أن كثيرا من الناس يخافون منها، إنهم يعانون من فوبيا القطط ".

أما المستوى الثاني من المتحف فيستضيف حوالي 12 قطا اختارتها جمعية الرفق بالقطط، وبعض هذه الحيوانات الأليفة الموجودة تنتظر من يتبناها، وبعضها الآخر تظل جالسة في حالة انتظار وصول الأسر الجديدة لها لاصطحابها.

وتوضح سيت قائلة " إنني أحب أن أساعد على وضع الهررة في بيئة تشعر فيها وكأنهـا في بيتها، حتى يتمكن الناس من رؤيتها في أحسن حال "، وتضيف أن الأسلوب التقليدي لتبني الحيوانات الأليفة عن طريق شرائها من الأسواق المخصصة لها غالبا ما يمثل ضغوطا بالنسبة للقطط ".

ويأمل النشطاء في حدوث تغيير أوسع نطاقا في السلوك تجاه القطط من جانب الدولة، وثمة علامات على أن ذلك في طريقه للحدوث، فتم إدخال مشروع رائد يسمح بامتلاك القطط في 123 من العمارات السكنية العامة.

ومثلها في ذلك مثل أصحاب مقهى " نيكو نو نيوا " تعتقد سيت في فوائد التفاعل مع القطط، وتقترح إمكانية إرسال هذه الحيوانات الأليفة إلى مراكز الرعاية والتأهيل للمساعدة في جلسات العلاج.
وتقول " إن مجموعتين من الناس اقتربتا مني، وطلبتا اصطحاب عدد من القطط اللطيفة إلى منازل المسنين، وأيضا إلى بيوت الأطفال المصابين بمرض التوحد ". وتضيف " إننا نساعد على تحقيق هذه الطلبات كلما كان ذلك ممكنا ".