في أجواء يملؤها الفخر الوطني والتضامن الدولي، احتفلت سفارة جمهورية أوزبكستان في الدوحة بالذكرى الرابعة والثلاثين لاستقلال الجمهورية. وأكد سعادة السيد أشرف خوجاييف، السفير الأوزبكي لدى الدولة، أن العلاقات الثنائية المتميزة التي تربط بين قطر وأوزبكستان، وصلت إلى مستويات غير مسبوقة.
وسلّط الضوء على تبادل الزيارات الرفيعة المستوى بين البلدين، حيث شهد عام 2023 ثلاث زيارات على أعلى مستوى، تلاها توقيع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية في عام 2024، ثم عقد الاجتماع الأول لمجلس التنسيق على مستوى وزراء الخارجية في أغسطس من العام نفسه.
وأشاد سعادته بدور الخطوط الجوية القطرية في تعزيز الروابط بين البلدين من خلال إطلاق رحلات مباشرة بين طشقند والدوحة، مما ساهم في زيادة حركة السياحة المتبادلة، وتوطيد الروابط التجارية، وتوسيع حجم التجارة، وتعميق التواصل بين الشعبين.
وأكد سعادته على وصف فخامة الرئيس ميرضيائيف للعلاقات بين البلدين بأنها «ليست استراتيجية فقط، بل صادقة من القلب»، مشيرا إلى أن هذه الكلمات تعكس ليس فقط الروابط السياسية، بل أيضا الألفة الثقافية والطموحات المشتركة بين الشعبين.
وأثنى على الإنجازات اللافتة التي حققتها دولة قطر تحت القيادة الحكيمة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، حفظه الله، لا سيما في تنويع الاقتصاد، وتعزيز التنافسية العالمية، وقيادة الجهود في مجال الاستدامة البيئية، والتحول الرقمي، والتعليم، والرعاية الصحية.
شهد الاحتفال حضور عدد من كبار المسؤولين القطريين، من بينهم سعادة الدكتور عبد الله بن عبد العزيز بن تركي السبيعي، وزير البيئة والتغير المناخي، وسعادة الدكتور حمد بن عبد العزيز الكواري، وزير الدولة ورئيس مكتبة قطر الوطنية، وسعادة الدكتور أحمد بن حسن الحمادي، الأمين العام لوزارة الخارجية، وسعادة السيد إبراهيم يوسف عبد الله فخرو، مدير إدارة المراسم بوزارة الخارجية.
كما شارك في الحدث أصحاب السعادة رؤساء البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية المعتمدين لدى دولة قطر، إلى جانب عدد من الضيوف الموقرين من المجتمع القطري والجالية الأوزبكية.
رحلة عبر تاريخ وثقافة أوزبكستان
دعا سعادة السيد أشرف خوجاييف الحضور إلى «رحلة» افتراضية عبر تاريخ وثقافة أوزبكستان، مستعرضا جوانب متعددة من تراثها العريق وإنجازاتها الحديثة.
وسلّط الضوء على مدن سمرقند وبخارى وخيوة، التي وصفها بأنها «مفترقات طرق الحضارات»، مشيرا إلى استقبال أوزبكستان لأكثر من 10 ملايين سائح في العام الماضي، مع توقعات بوصول العدد إلى 13 مليون سائح هذا العام.
وأشاد بدور قطر كمفترق طرق للثقافة والدبلوماسية، مؤكدا أن كلا البلدين يشكلان جزءا من مسار عالمي لتبادل الأفكار والمعرفة.
وأبرز سعادة السفير التعاون متعدد الأطراف بين قطر وأوزبكستان، في إطار المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة، ومنظمة شنغهاي للتعاون، وحوار التعاون الآسيوي، ومؤتمرات المناخ (COP).
وأشار إلى استضافة أوزبكستان للاجتماع السنوي التاسع لبنك الاستثمار في البنية التحتية الآسيوي في سمرقند، واستعداد قطر لاستضافة الاجتماع الحادي عشر في الدوحة عام 2026.
كما أعلن عن استضافة أوزبكستان للجمعية العامة لليونسكو في سمرقند، وهو حدث تاريخي يُعقد خارج باريس لأول مرة منذ عام 1985.
واستعرض سعادته الإنجازات الاقتصادية لأوزبكستان، مشيرا إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي بمعدلات سنوية تتجاوز 5% خلال السنوات الثماني الماضية، وزيادة الاستثمار الأجنبي المباشر عشرة أضعاف ليصل إلى أكثر من 110 مليار دولار أمريكي.
كما تقدمت أوزبكستان 48 مرتبة في مؤشر الحرية الاقتصادية، و28 مرتبة في مؤشر التعقيد الاقتصادي لجامعة هارفارد.
وعلى الصعيد الثقافي، أشاد بالجهود المشتركة للحفاظ على التراث الثقافي في كلا البلدين، مشيرا إلى افتتاح مركز الحضارة الإسلامية في طشقند، الذي سيضم معروضات من مكتبة قطر الوطنية، بما في ذلك نسخ من المصاحف حول العالم ومصحف عثمان الأصلي.
وأعرب عن امتنانه لسعادة الشيخة المياسة بنت حمد بن خليفة آل ثاني، رئيس مجلس أمناء متاحف قطر، لدعمها ترميم مسجد بيبي خانم في سمرقند، وهو أحد روائع العمارة التيمورية.
التضامن مع الدوحة في وجه التحديات
أعرب سعادة السيد أشرف خوجاييف، عن تقدير أوزبكستان العميق للدور الدبلوماسي الرائد الذي تلعبه دولة قطر كوسيط فعال في حل النزاعات الدولية والإقليمية، مساهمة بذلك في تعزيز السلام والاستقرار العالميين.
وأدان بشدة الهجمات الأخيرة التي تعرضت لها الدوحة، مؤكدا موقف أوزبكستان الثابت في دعم سيادة دولة قطر وأمنها.
وأشار إلى أن فخامة الرئيس شوكت ميرضيائيف أجرى اتصالا شخصيا مع حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، للتعبير عن التضامن الكامل ودعم أوزبكستان الثابت.
ولفت إلى أنه وخلال القمة الطارئة التي عُقدت في الدوحة، جددت أوزبكستان موقفها الواضح بأن الغارات على منطقة سكنية تمثل انتهاكا لسيادة قطر وأمنها، وتعد تجاهلا خطيرا لميثاق الأمم المتحدة والمبادئ الأساسية للقانون الدولي.
الاستقلال روح الأمة
عبَّر سعادة السيد أشرف خوجاييف، عن فخره واعتزازه بالاحتفال بالذكرى الرابعة والثلاثين لاستقلال أوزبكستان في الدوحة، التي وصفها بأنها «وطن جديد» للكثير من الأوزبكيين.
واستشهد سعادته بكلمات فخامة الرئيس شوكت ميرضيائيف، رئيس جمهورية أوزبكستان، التي قال فيها: «إن استقلالنا حيّ في قلوب شعبنا. وبفضل الإصلاحات واسعة النطاق التي أُطلقت برؤية بناء أوزبكستان الجديدة، فإن كل واحد من مواطنينا اليوم يشعر حقا ويتمتع على أوسع نطاق بالحقوق والحريات التي منحنا إياها الاستقلال».
وأضاف سعادته أن هذا الاحتفال ليس مجرد مناسبة تاريخية، بل هو «تعبير عن هويتنا، عن الروح التي نحملها في قلوبنا»، مستشهدا بقول الشاعر خليل جبران: «الوطن ليس مكانا نعيش فيه؛ بل هو مكان يعيش في داخلنا».
وختم سعادته بالتهنئة لأبناء الجالية الأوزبكية في قطر بمناسبة يوم الاستقلال، داعيا الله أن يحفظ أوزبكستان وشعبها، وأن يعم السلام والاستقرار على الجميع.
وقال: «نسأل الله عز وجل أن يحفظ وطننا العزيز برعايته، وأن يعمّ السلام والطمأنينة كل فرد وكل أسرة، وأن يظل التوفيق والبركة والسعادة حاضرين دومًا في حياتكم».
البلاف.. تراث طهي ودبلوماسية ثقافية
أشار سعادة السيد أشرف خوجاييف، إلى أن البلاف الأوزبكي كرمز للتراث الثقافي، تم إدراجه في قائمة التراث الثقافي اللامادي لليونسكو عام 2016. وأشاد بمشاركة الشيف القطري حمد الحجري في مهرجان البلاف في سمرقند، مؤكدًا أن هذا الطبق التقليدي أصبح أداة دبلوماسية تعزز التواصل بين الشعوب.
وأكد سعادة السفير على أهمية الشباب كركيزة أساسية لمستقبل أوزبكستان، مشيرا إلى أن 60% من سكان البلاد تحت سن الثلاثين.
وأشاد بمبادرات دولة قطر في التعليم، مثل «التعليم فوق الجميع» ومؤسسة قطر، التي قدمت منحا دراسية للطلاب الأوزبك، معربا عن امتنانه لصاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر، رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، على رؤيتها في هذا المجال.
وأشاد سعادة السفير بالدور الموحد للرياضة، مستذكرا نجاح قطر في استضافة كأس العالم لكرة القدم، واستعدادها لاستضافة دورة الألعاب الآسيوية، معربا عن دعم أوزبكستان لاستضافة الدوحة للألعاب الأولمبية عام 2036.