قطر لديها كل مقومات نجاح هذه الصناعة.. 3 مقترحات لتطوير السياحة العلاجية

alarab
تحقيقات 01 مارس 2023 , 12:30ص
يوسف بوزية

• فهد النعيمي: ضرورة إطلاق بوابة إلكترونية لهذه السياحة
• يوسف الجاسم: قطر وجهة لكثير من راغبي العلاج
• د. زهير العربي: ارتقاء بجودة الرعاية الصحية بالدولة
• يوسف الساعي: مطلوب إنشاء لجنة عليا للسياحة العلاجية
 

أكد عدد من الخبراء والمواطنين، أن قطر لديها المقومات اللازمة لتعزيز مكانتها اللائقة على خريطة السياحة العلاجية على مستوى العالم، مشيرين إلى تزايد المقومات الداعمة لهذه الصناعة الواعدة وتعزيزها في ظل الطفرة الشاملة التي تشهدها الدولة حاليا، وهي مقومات بدأت في السنوات الأخيرة تتعزز بإنشاء مراكز طبية حديثة تتمتع بوجود كفاءات طبية وعلمية متخصصة، إلى جانب البنية التحتية والخدمات الصحية التي تتميز بها الدولة.
وقالوا لـ «العرب» إن نجاح تجربة علاج الإصابات والأمراض المرتبطة بالنشاط الرياضي في قطر، يفتح باب التساؤلات حول غياب التوسع في هذا النوع من السياحة، خاصةً أن السياحة لغرض العلاج أو ما يعرف بــ «السياحة العلاجية» تعتبر الوجهة الأولى لما يزيد على 60 % من السياح القطريين، كما تشير الإحصائيات، الأمر الذي يدعو إلى ضرورة الاستفادة من هذا الإنفاق الموجه إلى العالم الخارجي، من خلال تعزيز ثقة المواطنين والمقيمين في المنتج المحلي.

تشريعات مرنة

وفي هذا السياق قال يوسف الساعي، خبير سياحي: ان قطر لديها مقومات النجاح لتطوير السياحة العلاجية باستغلال البنية التحتية والخدمات الصحية التي تتميز بها الدولة، منوهاً بالجهود التي تنفذها لتعزيز المقومات الداعمة لهذه الصناعة، بما في ذلك الأمن والاستقرار السياسي والاقتصادي، وتوافر البيئة والمناخ الاستثماري الجاذب لرجال الأعمال والمستثمرين عموماً، وتوفير القوانين والتشريعات المرنة والمتطورة لمزاولة المهن الصحية، ووجود البنية التحتية الداعمة للسياحة العلاجية، لكن التساؤل حول ان قطر لم تحتل مكانتها المستحقة على خريطة السياحة العلاجية ربما عدم الترويج الكافي وعدم وجود كيان مستقل أو لجنة عليا للسياحة العلاجية تهدف إلى تدعيم دور الدولة في تنفيذ خطة التنمية المستدامة ورؤية قطر 2030. 
لكنه أكد أن تطور القطاع الصحي وتوافر الخدمات العلاجية المتميزة في مختلف التخصصات الطبية، يعززان نمو السياحة العلاجية، مشيراً إلى أن المشروعات المتطورة التي يتم استحداثها في الدولة عبر وزارة الصحة العامة، لها الدور الأكبر في تعزيز السياحة العلاجية في قطر حيث هناك العديد من المواطنين الخليجيين الذين يتلقون العلاج في المستشفيات القطرية، سواء كان ذلك للجراحات المختلفة أو استبدال العلاج من أمراض القلب والأوعية الدموية، خاصة وان النظام الصحي في قطر يحتل المرتبة الأولى على مستوى منطقة الشرق الأوسط وهو إنجاز رائع يؤكد جودة الرعاية التي يتم تقديمها يوميا إلى المرضى على مستوى المنظومة الصحية في دولة قطر.

إنفاق ضخم
وشاطره الرأي في هذا الإطار السيد يوسف الجاسم، مدير عام إحدى شركات السياحة والسفر، مبيناً أن السياحة لغرض العلاج أو ما يعرف بــ «السياحة العلاجية» تعتبر الوجهة الأولى للعديد من السياح القطريين، الأمر الذي يدعو إلى ضرورة الاستفادة من هذا الإنفاق الضخم، الموجه إلى العالم الخارجي من خلال التوسع في المشاريع الطبية والمنتجعات الصحية وتعزيز ثقة المواطنين والمقيمين في المنتج المحلي، لا سيما أن الدولة لديها من الإمكانات والمقومات الصحية، ما يمكّنها من أن تكون وجهة أساسية لمئات الآلاف سنوياً من الراغبين في العلاج، في ظل توافر العديد من المراكز والصروح الطبية بأحدث التقنيات والممارسات الطبية، فضلاً عن أحدث الأجهزة والمعدات في مستشفى سبيتار والمستشفى الكوبي في مدينة الخور والمستشفى التايلندي الملكي ومركز السرطان والمستشفى التركي، وهي جميعها عوامل جاذبة للسياحة الصحية والعلاجية إلى الدوحة.

بنية تحتية
من جهته، قال فهد النعيمي إن الدولة قادرة على جذب السياحة العلاجية من خلال البنية التحتية المتقدمة التي تحظى بها وجودة الرعاية الصحية التي توفرها منشآتها، فضلاً عن محفظتها السياحية الواسعة التي تمكنها من تقديم تجربة سياحية متكاملة لزوارها، ودعا النعيمي إلى المبادرات والجهود لجذب السياحة العلاجية بما فيها إنشاء لجنة عليا لتعزيز السياحة العلاجية، وإطلاق بوابة إلكترونية للسياحة العلاجية توفر لزوار الدولة كل المعلومات حول الخدمات الطبية ومنشآت الرعاية الصحية طوال مدة زيارتهم الى جانب الخدمات التي يحتاجها السائح العلاجي، بدءاً من التواصل المباشر مع مقدمي الرعاية الصحية، وإصدار التأشيرات، وحجز المواعيد، والفنادق، والمواصلات، وأي نشاطات ترفيهية أخرى، وذلك مع ما نشهده من نمو ملحوظ في أعداد المسافرين عالمياً من أجل الصحة والاستشفاء والتي أصبحت من أهم الأنماط السياحية للعوائد الاقتصادية التي يحققها قطاع صناعة السياحة، كما أنها قابلة للنمو والتطوير. 

إطار تنظيمي
وأكد النعيمي ضرورة تعزيز الإطار التنظيمي للسياحة العلاجية في ظل الطفرة الشاملة التي تشهدها الدولة حاليا، من خلال تدشين وجهات ترفيهية وسياحية جديدة، فضلا عن النجاح الكبير الذي حققه مونديال 2022 في تكريس حضور قطر كوجهة سياحية عالمية، منوهاً بطرح مشاريع سياحية بالشراكة بين القطاعين العام والخاص لتطوير منشآت سياحية وترفيهية جديدة في ظل قانون رقم (12) لسنة 2020 بتنظيم الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص للمساهمة في النهضة الشاملة التي تشهدها قطر حاليا على صعيد السياحة.

تنظيم رحلات 
من جانبه قال حسن اليافعي إن السياحة العلاجية أصبحت اتجاهاً عالمياً خلال السنوات الماضية، وبات الكثير من الناس يحتاج إلى شركة متخصصة ومعتمدة لتساعد في بحث وتخطيط وتنظيم الرحلات العلاجية الشاملة، وأضاف أن الإمكانيات الكبيرة التي تتمتع بها قطر والارتقاء بجودة الرعاية الصحية في الدولة يتطلب تنظيم رحلات علاجية في الاتجاه المعاكس.. أي لجذب المتعالجين من الخارج إلى قطر، لا سيما في ظل التقدم الطبي والخدمات الصحية التي تميز القطاع الصحي الذي يحظى برعاية كبيرة من الدولة، ومشهود له بالكفاءة إقليميا وعالميا، مؤكدا أن مستشفى اسباير نقلة نوعية للسياحة العلاجية على مستوى المنطقة.

تحول لافت.. وسبيتار نموذجاً
شهد النظام الصحي في قطر تحولا لافتا خلال العقود الماضية، كما يؤكد الدكتور زهير العربي، سواء على مستوى الزيادة في السعة الاستيعابية للمستشفيات أو الارتقاء بجودة الرعاية الصحية نفسها.. حيث تم افتتاح سبعة مستشفيات جديدة والعديد من المرافق المتخصصة في الدولة منذ العام 2011.. كما نجحت مؤسسة حمد في الحصول على اعتمادات مرموقة في مجالات التمريض والتعليم والتدريب والطب المخبري وعلم الأمراض وغيرها من التخصصات.
ويمثل مستشفى سبيتار مقصداً للعديد من الرياضيين وغيرهم باعتباره أهم مراكز لعلاج الإصابات والأمراض المرتبطة بالرياضة في قطر ومنطقة الشرق الأوسط، وهو أوّل مستشفى متخصّص في جراحة العظام والطبّ الرياضي يقدم أفضّل علاج طبي وخدمات لجميع الرياضيين واللاعبين في مستشفى من الفئة الأولى، ويتضمّن سبيتار مراكز امتياز في مجال الطبّ الرياضي، العلوم الرياضية، جراحة العظام وإعادة التأهيل، ويفي المشفى القطري بالمعايير الدولية في علاج إصابات كرة القدم ومشاكل العظام، وتستخدم أفضل الأساليب وآخر التقنيات لتوجيه المرضى عبر إعادة التأهيل نحو التعافي الكامل، وقد اعتُمدت سبيتار عام 2008 رسمياً من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم FIFA كمركز تميّز طبي.
وحرصت الكثير من الفرق الرياضية على إجراء فحوصات لاعبيها في سبيتار لما يتمتع به من إمكانيات عالية، تضاهي كبرى المستشفيات حول العالم، ويضمّ المستشفى 50 سريراً، ويهدف إلى وضع معايير جديدة في مجالات التشخيص ومعالجة الإصابات الرياضية والبحوث. تشمل مرافق سبيتار أيضاً غرفة بيئية، و24 غرفة لنقص الأكسجين يُمكنها استيعاب 48 شخصاً.

108 ملايين شخص ينفقون 45 مليار دولار على السياحة العلاجية 

باتت السياحة العلاجية مصدر دخل اقتصادي كبير، وحسب أرقام منظمة الصحة العالمية فإن حوالي 108 ملايين شخص يسافرون للبحث عن السياحة العلاجية وينفقون أكثر من 45 مليار دولار، ومن بين الدول المتميزة في هذا المجال: كندا وكوستاريكا والفلبين والمكسيك وكولومبيا والهند والدومينيكان وجامايكا والبرازيل وتايلاند وكوريا وبريطانيا وسنغافورة وإيطاليا، وعربياً نجد الأردن على رأس القائمة.

المستشفى الكوبي.. والتركي

 شهد القطاع الصحي بالدولة إنشاء العديد من المراكز والصروح الطبية الحديثة، منها المستشفى الكوبي التابع لمؤسسة حمد الطبية والذي تم افتتاحه في عام 2012، ويعمل به فريق من الكوادر الطبية الكوبية، عالية التأهيل والتدريب، تم توظيفها تلبية للاحتياجات المتزايدة من خدمات الرعاية الصحية في ظل النمو السكاني في منطقة دخان وما حولها.
وقامت دولة قطر ببناء وتجهيز المستشفى على أحدث طراز، فيما تولت الحكومة الكوبية تزويده بأكثر من مائتي شخص من الكوادر الطبية عالية التأهيل بمن فيهم الأطباء والممرضون والمتخصصون في مجالات إعادة التأهيل والأسنان وعلم الأمراض وهندسة الطب الإحيائي والأشعة.
وكذلك المستشفى التركي وهو الأول من نوعه خارج تركيا من حيث إن الكادر الطبي هو بالكامل من الأتراك والذي حصل على تقييم 94 % من الحكومة القطرية وهو مجهز تجهيزا كاملا من الناحية الطبية طبقا للمواصفات العالمية.
وتتولى مؤسسة حمد الطبية إدارة 12 مستشفى من بينها 9 مستشفيات تخصصية و3 عامة، كما تدير خدمة الإسعاف وخدمات الرعاية الصحية المنزلية ومرافق الرعاية المطولة في حين نالت المؤسسة العديد من الاعتمادات من منظمات رائدة في ميادين متعددة مؤكدة قدرتها على توفير رعاية عالية الجودة لمرضاها.
ويذكر أن مؤسسة حمد حصلت في العام 2006 على أول اعتماد دولي من قبل اللجنة الدولية المشتركة بينما أصبحت المؤسسة في العام 2016 أول نظام في العالم يحصل على اعتماد اللجنة الدولية المشتركة لجميع مستشفياته في إطار برنامج اعتماد المراكز الطبية الأكاديمية، كما نجحت في الحصول على اعتمادات مرموقة في مجالات التمريض والتعليم والتدريب والطب المخبري وعلم الأمراض وغيرها من التخصصات.

منتجع زلال.. ملاذ للاستشفاء

يعد منتجعُ «زُلال» الصحي نموذجا لوجهات السياحة العلاجية والاستجمام مع تبنيه مبادئ الطبِّ التقليدي العربي والإسلامي، وقد وصُمِّم المنتجع الصحي لتوفير أسلوبِ حياة أفضل وفقا لرؤية «مشيرب العقارية» لتطويرِ مجتمعات وخدمات مستدامة مرتبطة بالثقافةِ القطرية، فكان الاسم «زُلال» من الماء الزُلال أي النقيّ، وهو مُستوحى أيضًا من رحلةِ الارتباط الوجودي بالماء، العنصر الأساسي للحياة، الذي يشكِّلُ جزءًا كبيرًا من الثقافةِ والتاريخ القطري.
وأعلن المنتجع مؤخرا عن برنامجه الاستشفائي الجديد ملاذ «الذات الجديدة» الذي يمتد على ثلاث أو خمس ليال أجل مساعدة الضيوف على استعادة التوازن وتحديد أهدافهم للتمتّع بحياة ملؤها السعادة والصحّة في العام الجديد. يتولّى إعداد هذا البرنامج الطبيب المقيم في المنتجع د. سيّد شذّاب أحمد بهدف إرشاد الضيوف نحو الطريق الصحيح للتغيير المستدام ودعمهم طوال رحلتهم الشخصيّة في عالم العافية.
يبدأ برنامج ملاذ «الذات الجديدة» باستشارة شخصيّة لتقييم الوضع الصحّي للضيوف والتحقّق من أهدافهم. وعلى ضوء علاجاتهم المستوحاة من الطبّ العربي الإسلامي التقليدي، يتمّ إعداد برنامج مخصّص لهم على مستويات الحركة والاسترخاء والتغذية وفقاً لحاجاتهم الفردية بهدف تعزيز التوازن بين تخطّي الحدود والاسترخاء من جهة، وتجديد النشاط والتهدئة من جهة أخرى.
ويلتزمُ منتجع «زُلال» الصِّحي باتباعِ أسس الاستدامة والممارسات المحافظة على البيئة، وتبلغ مساحته 280 ألف متر مربع، وينقسمُ إلى قسمَين: «زُلال ديسكفري» وهو مُخصص للعائلات ويستقبل الزوَّار من مختلف الأعمار، ويتكون من 120 غرفة وجناحًا مصممة بعناية فائقة لتعزيزِ الصحة والعافية الخاصة، و«زُلال سيرينيتي» وهو القسمُ المخصص للضيوف البالغة أعمارهم 16 عامًا فما فوق، ويتكون من 60 غرفة وجناحًا.
ويساعد فريق منتجع «زُلال» في توجيه الضيوف خلال رحلاتهم الصِّحية، حتى يتمكنَ كل ضيفٍ من الحفاظ على نمط حياة صحي بعد الزيارة، فلطالما كان توفير تجربة فريدة لكلِّ زائر على حدة تساعده على تغيير نمط حياته هو الركيزةُ الأساسيةُ لفلسفة العافية الخاصة بالمنتجع والمبنية على 6 أركان هي: اللياقةُ البدنية، والعلاجُ الطبيعي، والمنتجعُ الصحي، والصِّحةُ الشاملة، وجلساتُ الجمال، والتغذية.

المياه الكبريتية.. سياحة وعلاج

غالبا ما كانت منطقة آبار العامرية تمثل وجهة للعلاج من بعض الأمراض الجلدية، لكونها الآبار الأولى من نوعها التي تمتلك خصائص علاجية، لاحتوائها على مياه كبريتية تعالج هذا النوع من الأمراض، وتقع الآبار في منطقة عين الحرجة على طريق سودانثيل على بعد 22 كيلومترًا من مدخل منطقة العامرية و6 كيلومترات من مكاتب محمية الجنوب، حيث يستطيع الزائر الوصول إليها عبر جسر العامرية الواقع على طريق أبو سمرة والقيادة للوصول إلى الموقع.
وقد أثبتت الأبحاث الفوائد الصحية التي تحققها المياه الكبريتية لمرضى الروماتيزم، والعظام، والأمراض الجلدية، إلا أن العديد من المختصين يرون أن تحقيق الفائدة من العلاج بالمياه الكبريتية يتطلب المكوث فيها لفترات تزيد على نصف ساعة وبزيارات دورية تقارب 4 — 6 مرات في السنة الواحدة.
وأظهرت الدراسات العلمية الحديثة أن المياه الكبريتية تختلف عن مثيلاتها في المحتوى الكيميائي والمعدني من حيث درجة الحرارة والمواصفات الكيميائية والفيزيائية وتتميز باحتوائها على مواصفات الاستشفاء من الأمراض حيث عرفت الإنسانية بعض الصفات الشافية لهذه المياه منذ الأزل، لأنها تقوم بعمل أساسي وهو توسيع الأوردة والشرايين وعندما تتوسع ينخفض الضغط ويزداد عدد ضربات القلب.