معلّمو المستقبل لـ «العرب»: زيادة حوافز «طموح» تستقطب الشباب للتدريس

alarab
محليات 31 ديسمبر 2020 , 12:20ص
علي العفيفي

أكد منتسبون لبرنامج «طموح» الذي أطلقته كلية التربية في جامعة قطر بالتعاون مع وزارة التعليم والتعليم العالي، أن البرنامج يُعدّ خطوة جيدة لرفد سوق العمل بتربويين قطريين مؤهلين للعمل في مدارس الدولة، لكنهم انتقدوا في الوقت نفسه ضعف الحوافز المالية الممنوحة لهم، الأمر الذي أدى إلى عزوف كثيرين عن الالتحاق بمهنة التدريس. ويهدف برنامج «طموح» إلى استقطاب الكفاءات والكوادر القطرية، علاوة على أبناء القطريات ومواليد دولة قطر، وتشجيعهم على الالتحاق بالدراسة في التخصصات التربوية وخاصة التخصصات العلمية، مما يسهم في سد احتياجات المدارس من مختلف التخصصات العلمية.
وقال المنتسبون في تصريحات لـ «العرب»، إن برنامج «طموح» يحتاج إلى تطوير من قبل وزارة التعليم والتعليم العالي، من خلال زيادة الرواتب، وإضافة امتيازات جديدة؛ من أجل جذب أكبر عدد من الشباب الذين يتجهون إلى التخصصات الأخرى التي تخلو من التعب والمشقة والأكثر تميزاً في منح الامتيازات التي لا تتوافر في العمل بمجال التعليم. 
وطالبوا بحملة توعوية لتحسين صورة المعلم تبدأ من المنتسبين لمهنة التدريس، الذين يجب أن يطوّروا من أنفسهم، مروراً بالأسرة المسؤولة عن توعية أبنائها بمكانة المدرس، وصولاً إلى المجتمع الذي يجب أن يعلو بنظرته لـ «رسل العلم».

عبدالرحمن عبدالعزيز: نحتاج دورات تحفيزية لطلاب الثانوية 

رأى عبدالرحمن عبدالعزيز خريج كلية التربية «خريف 2020» من تخصص دراسات اجتماعية مسار تعليم ثانوي، أن برنامج «طموح» -الذي انضم إليه- محفز للطلاب سواء القطريين أو غير القطريين للدخول في مجال التعليم، إلا أن الحوافز المادية المقدمة ضمن البرنامج «قليلة» إذا قورنت مع باقي التخصصات والبعثات الأخرى، مما يؤثر على توجهات بعض الطلاب، ويبعدهم عن تخصص التربية بصفة عامة.
وقال عبدالعزيز، إن انتسابه إلى برنامج «طموح» من أجل الاستفادة من الخدمات التي تقدمها وزارة التعليم والتعليم العالي للقطريين الراغبين في الانخراط في سلك التدريس، معتبراً أن البرنامج وحده ليس كافياً لزيادة الإقبال على مهنة المعلم.
ودعا إلى توسيع نطاق التخصصات في كلية التربية، وعمل ندوات وورش للطلاب في المرحلة الثانوية من أجل ترغيبهم في تلك المهنة المقدسة، وتنمية شغف وحب العمل في مجال التدريس، وبناء أجيال جديدة من أجل مستقبل أفضل للدولة.
وشدد عبدالعزيز على أن برنامج «طموح» يحتاج إلى تطوير من حيث زيادة الحوافز المادية وغير المادية بشكل أكبر للطلاب، من أجل القدرة على منافسة التخصصات الأخرى التي يفضلها كثيرون لما بها من راحة بعد التخرج.
وذكر أنه يجب تحسين صورة المعلم في المجتمع من خلال توضيح دوره في تخريج كوادر المهن الأخرى إلى سوق العمل، والتأكيد على أن مهامه لا تقل أهمية عن دور الطبيب والمهندس وغيرها من التخصصات الأخرى، من أجل تكريمه وإعطائه حقه أمام الطلاب والمجتمع بشكل عام.
وأضاف: أن المعلم جزء لا يتجزأ من المجتمع، داعياً لرفع مكانته، خاصة أنها مهنة سامية تحوي رسالة تنير درب الطلاب، وتساهم في تكوين باقي المجتمع، ولا وجود للطبيب ولا المهندس ولا المحاسب في غياب المعلمين.

سعد محمد: الدولة تحتاج كوادر وطنية 

أوضح سعد محمد، الطالب في السنة الثالثة تخصص كيمياء بكلية التربية جامعة قطر، أن انضمامه إلى برنامج «طموح» نابع من رغبته في خدمة قطر بشكل أفضل ورد الجميل لها، مضيفاً أن البرنامج الذي طرحته وزارة التعليم والتعليم العالي، خطوة تشجيعية للطلاب من أجل دخول كلية التربية أو الالتحاق بمجال التدريس.
وقال محمد، إن حاجة الدولة إلى كوادر وطنية في مجال التدريس أكثر من التخصصات الأخرى كانت حافزاً لاختيار كلية التربية، مؤكداً أنه «لا فائدة من دخول تخصص لا تحتاجه الدولة، أو أن عدد الخريجين في هذا التخصص يفوق القدرة الاستيعابية لسوق العمل».
واعتبر أن الحوافز المالية في برنامج «طموح» ليست مغرية، إضافة إلى أن المعلمين لا يحصلون على رواتب كافية مقابل تعبهم وجهدهم طوال العام، مؤكداً أن تلك المهنة تعتبر من أصعب المهن، لأنه يتم من خلالها إنتاج كوادر بشرية من أطباء ومهندسين وسياسيين، والذين يقومون بالتطوير ودفع عجلة النمو الاقتصادي.
وتابع: إنه في حال مقارنة أجور العاملين بالمهن الأخرى سوف نجد أنها تفوق رواتب التدريس رغم أهمية تلك المهنة، خاصة أن الوزارات الأخرى تعطي علاوات متعددة لموظفيها، على عكس وزارة التعليم والتعليم العالي التي تقلّ فيها العلاوات، مما يؤدي في النهاية إلى عزوف الشباب، وخاصة القطريين عن هذه المهنة المقدسة.
ورأى محمد أن برنامج «طموح» به مميزات شجعته على الالتحاق به، إلا أن الحوافز المالية تحتاج إلى تطوير، من أجل زيادة الإقبال على الالتحاق بالتدريس، مشيراً إلى أن الآونة الأخيرة شهدت تزايداً في أعداد الطلاب الملتحقين بكلية التربية من الذكور.
وطالب بضرورة تحسين صورة المعلم في المجتمع من خلال تسليط الضوء عليه من قبل الإعلام القطري وتطبيقات السوشيال ميديا مثل «سناب شات» والتأكيد على مكانة المعلم ودوره الكبير في بناء المجتمعات، داعياً إلى تقديم برامج مختلفة تجذب المشاهدين، حول غرس قيم احترام المعلم داخل نفوس الأطفال؛ حتى يكبر جيل جديد قائم على احترام حقوق المدرس ومدرك لأهميته.
وقال: «إن المجتمع له دور في إعطاء المعلم المكانة الاجتماعية المرموقة التي لا تقل أهمية عن مهنة الطبيب والمهندس أو أية مهنة أخرى، بل تتفوق عليهم في بعض الأحيان»، لافتاً إلى الحاجة لتحسين نظرة المجتمع إلى المعلم.

محمد آل سرور: المحفّزات لا تشجّع على الالتحاق بالمهنة 

قال محمد آل سرور الطالب بكلية التربية: إنه التحق في البداية في برنامج الابتعاث الحكومي، لكن بعد اختيار تخصصه في كلية التربية جرى تحويل التحاقه إلى برنامج «طموح».
وأضاف أن سبب اختياره هذا التخصص عائد إلى حبه لمهنة التدريس رغم ما يقال عنها من مشقة وتعب، إلى جانب رغبته في الإسهام بتطوير مجال التعليم، حتى يتمكن من استثمار طاقات الأجيال الجديدة بشكل أفضل ليساهموا في رفعة أمتهم الإسلامية وأوطانهم.
وأوضح أن ابتعاد الشباب -خاصة الذكور- عن مهنة المعلم يعود إلى سببين رئيسيين؛ ضعف الحوافز المادية مقارنة بالقطاعات الأخرى، ومشاق المهنة المتمثلة في عدم القدرة على احتواء الطلبة على اختلاف جنسياتهم وثقافاتهم وأخلاقهم وطبائعهم، وهو ما لا يتحمّله الكثيرون، خاصة أن معظم طلبة الأجيال الحالية تنعدم لديهم الرغبة والدافع نحو التعلّم، الأمر الثاني هو الأعباء الملقاة على عاتق المعلم من حيث تحضير الامتحانات، وتجهيز الأنشطة وخطط التدريس، وإعداد المادة العلمية بطريقة جاذبة، وكذلك بعض دورات التطوير المهني.
وأوضح سرور أن برنامج «طموح» ليس كافياً وحده لتشجيع الشباب في المجتمع القطري على الانضمام للكادر التدريسي؛ لأن «الطالب عندما يكون في سن الجامعة من الثامنة عشرة فما فوق يحاول أن يكون أكثر استقلالية في جميع الجوانب، وبرامج الابتعاث الداخلي مثل طموح وغيره من البرامج بالنسبة للتخصصات الأخرى تساعد الطالب على الاستقلال مادياً في هذه الفترة، مما يجذب إليها عدد من الطلبة بفضل المبالغ المالية التي تصرف له أكثر من حبه للتخصص التربوي، مما يؤدي ذلك فيما بعد إلى استقالة بعضهم  بعد فترات قصيرة من انضمامهم لوظيفة التدريس؛ لأنه سيصدم بالواقع العملي».
وأضاف أن طموح قد يفي بالغرض لهذه الفترة، ولكنه لا يؤول إلى ضمان استمرارية الطالب في قطاع التدريس بعد ذلك؛ وعليه يجب على المسؤولين إعادة النظر في مسألة تعاطيهم مع المعلم، وإيجاد المحفزات المتنوعة لضمان استمرار الطلبة في ميدان التدريس».
وعن نظرته لتحسين صورة المعلم داخل المجتمع، قال سرور: إن المعلم يجب أن يحسن صورته أمام طلابه أولاً من أجل أن يصبح قدوة في خلقه وتصرفاته، وأن يتعامل مع الطالب مثل الأخ له قبل أن يكون معلماً يلقنه المعلومات.
وأضاف أن «يكون المعلم معطاء بحرصه على تنشئة طلابه التنشئة الخلقية والتعليمية السليمة، ويعزز مهارات المتفوق، ويحاول أن يطور من مستوى الطالب الضعيف بمعالجة موطن الضعف لديه من أجل مواءمة مستوى الطالب المتميز في المنهج، ويأتي ذلك عبر تعليم المعارف بالطرق المحببة إلى نفوس الطلبة من ناحية، ومن ناحية أخرى أن يكون حازماً وحريصاً في الوقت نفسه؛ فالحزم مطلوب فلا يقوم بإنجاح الطالب وهو بعيد جداً عن مستوى النجاح»، موضحاً أن «المتضرر من هذا الطالب نفسه؛ لأنه بذلك يترقى إلى مستويات أعلى من العلم وهو ليس أهلاً له، مما يصعّب المهمة على الطالب ذاته، وعلى المعلم الذي سيدرس له العام الذي يليه».
وأكد مسؤولية وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي في التعريف بدور المعلم وتحسين صورته في المجتمع، وتصحيح الثقافة تجاه المعلم حتى لا تكون إعاقة في سير العملية التعليمية، داعياً من يرغب في مهنة التدريس من أجل المال بـ «ألا يدخل المجال لأنه إذا لم يحبه سوف يؤدي بسلبية على جودة عمله مما يؤدي إلى إنتاج أجيال ضعيفة».

محمود مقداد: رفع مكانة المعلّم يبدأ من الأسرة

قال محمود مقداد، خريج تخصص تربية بدنية بكلية التربية جامعة قطر، إن السبب الرئيسي وراء انضمامه إلى برنامج «طموح»، يكمن في حبه للانضمام إلى سلك التدريس، بجانب الدعم الذي تقدمه وزارة التعليم والتعليم العالي، سواء كان مالياً أم نفسياً للمنتسبين إلى البرنامج، وتوفير وظيفة بعد التخرج.
وأوضح مقداد أن العوائد المادية ممتازة، وليست سبباً في عزوف الشباب عن الانتساب إلى البرنامج أو مهنة التدريس بشكل عام، ولكن صعوبة مهنة التدريس والتعامل مع الأطفال في المدارس وراء تخوف البعض من الانضمام إلى برنامج «طموح».
وأضاف أن تدشين برنامج «طموح» خلال السنوات الماضية شجع الشباب القطريين ومواليد قطر على العمل في مهنة التدريس، خاصة مع وعود الوزارة بأن مستقبل المنتسبين للبرنامج سيكون رائعاً، مؤكداً أن البرنامج له بصمة كبيرة في جذب الشباب للتدريس.
وقال: «إن تحسين صورة المعلم أمام المجتمع يبدأ من داخل نفسه، بحيث يكون لديه رغبة في العطاء وتقديره لذاته عندما يتحدث في أي مناسبة عن أهمية وقوة تلك المهنة، سواء في المجالس أو الإعلام أو وسائل التواصل الاجتماعي، وبعد ذلك يأتي دور المجتمع والإعلام والمسؤولين عن وزارة التعليم».
وأكد مقداد أن الأسرة تلعب دوراً كبيراً في تحسين صورة المعلم عبر دفع أبنائها إلى تقدير المعلم والحرص على الانتساب لهذه المهنة في المستقبل، مضيفاً أنه يجب إقامة ورش وندوات سواء عبر الإعلام أو وسائل التواصل الاجتماعي من أجل رفع شأن ومكانة المعلم في المجتمع.

عميد «التربية»: مطلوب استراتيجية وطنية لاستقطاب الذكور 

أكد الدكتور أحمد العمادي عميد كلية التربية في جامعة قطر، ضرورة تطوير برنامج «طموح» المخصص لاستقطاب خريجي الثانوية للانضمام إلى كلية التربية ثم مهنة التدريس.
وقال: «رغم أن الحوافز المالية التي يقدمها البرنامج لمنتسبيه ممتازة، فإن الإقبال على الالتحاق بمهنة التدريس ما زال ضعيفاً».
وقال العمادي في تصريحات لـ «العرب»، إن الدولة تسعى إلى استقطاب أكبر عدد من الكوادر القطرية وغير القطرية نحو مهنة المعلم، سواء بتوفير تعليم مجاني ومنح شهرية تقدر بـ 10 آلاف ريال للتخصصات العلمية واللغة الإنجليزية واللغة العربية، و8 آلف ريال للتخصصات الأخرى للطالب القطري، بينما يحصل غير القطري على منحة شهرية 3 آلاف ريال. وأكد أن البرنامج يشهد إقبالاً من فئة الإناث اللاتي يملن أكثر إلى مهنة التدريس، خاصة في مراحل التعليم المبكر، مطالباً وزارة التعليم بأنه يجب وضع استراتيجية وطنية من أجل زيادة إقبال الذكور على تخصصات التربية؛ لأن ذلك يُعد أمناً قومياً للدولة.
واقترح العمادي زيادة مميزات المنتسبين إلى برنامج «طموح»، من خلال دعمهم بالقروض والأراضي، وأن تكون سنوات التقاعد أقل من المعتاد، وأن يخصص فيه يوم للقاء المتميزين منهم مع قيادات الدولة، داعياً إلى حملة واسعة من أجل تحسين صورة ومكانة المعلم في المجتمع، خاصة بعد تغير المكانة الاجتماعية للمعلم في الوقت الحالي.