قطر تعزز الريادة في صون التراث الوثائقي العربي

alarab
المزيد 31 أغسطس 2025 , 01:23ص
الدوحة- قنا

في خطوة تعكس التزام دولة قطر بصون التراث الوثائقي وتعزيز التعاون الإقليمي، أعلنت دار الوثائق القطرية بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو» عن تأسيس لجنة «ذاكرة العالم» للمنطقة العربية، وذلك خلال المؤتمر الإقليمي الذي استضافته الدوحة في يناير 2025 تحت عنوان «الذاكرة في التراث: تعزيز التعاون بشأن التراث الوثائقي في المنطقة العربية». 

وشهد المؤتمر، الذي نُظّم برعاية دار الوثائق القطرية و«اليونسكو»، انتخاب الدكتور أحمد عبدالله البوعينين، أمين عام دار الوثائق القطرية، رئيسا للجنة، في خطوة تُعد تتويجا للدور القطري المتنامي في دعم الذاكرة الوثائقية العربية.
إلى جانب هذا الإنجاز، شهدت مكتبة قطر الوطنية، افتتاح المكتب الإقليمي للاتحاد الدولي للجمعيات ومؤسسات المكتبات؛ بهدف تعزيز التنسيق بين المؤسسات المعنية بحفظ التراث الوثائقي في العالم العربي والشرق الأوسط.
وفي الإطار ذاته، تم الإعلان عن تأسيس اللجنة الوطنية القطرية لتنفيذ برنامج «ذاكرة العالم» التابع لليونسكو، كآلية وطنية تتولى إعداد سجل وطني للتراث الوثائقي تحت مسمى «السجل القطري لذاكرة العالم»، واقتراح الوثائق المؤهلة بالتراث العالمي لتسجيلها في سجل «برنامج ذاكرة العالم»، إضافة إلى التعاون والتنسيق مع أمانة «برنامج ذاكرة العالم» واللجنة الإقليمية الخليجية «لبرنامج ذاكرة العالم» والجهات المختصة في الدولة.
وفي هذا السياق، قال سعادة الدكتور غانم بن مبارك العلي، وكيل وزارة الثقافة، رئيس اللجنة الوطنية لذاكرة العالم، إن إنشاء اللجنة الوطنية لذاكرة العالم جاء بقرار مجلس الوزراء لتنفيذ برنامج ذاكرة العالم، الذي أنشأته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو»؛ بهدف حماية وصون التراث الوثائقي العالمي بالتنسيق مع الجهات المعنية.
وأضاف أن اللجنة تعنى باقتراح شراكات مع القطاع الحكومي والقطاع الخاص بشأن تنفيذ برنامج ذاكرة العالم للدولة، على أن يتم تفعيلها من خلال وزارة الثقافة، وإقامة البرامج والفعاليات والأنشطة الهادفة إلى التعريف ببرنامج ذاكرة العالم، والتوعية بأهمية الحفاظ على التراث الوثائقي بالتنسيق مع الجهات المعنية.
وأشار سعادته إلى أن اللجنة الوطنية لذاكرة العالم تقوم خلال الفترة الحالية بالعمل على جمع الوثائق، وإعداد آلية لفرزها، وتصنيف النسخ الأصلية منها، والعمل على مشروع ذاكرة العالم في المراحل الأولية. وسوف تعمل خلال الفترة المقبلة على تنظيم مجموعة من ورش العمل؛ بهدف التدريب على طرق الحفاظ على الوثائق والتعريف بأهميتها، وتسليط الضوء على جهود صونها للأجيال القادمة. كما تستهدف اللجنة، بالتعاون مع الجهات المعنية، التعريف ببرنامج ذاكرة العالم، وتوعية فئات المجتمع بأهمية الحفاظ على التراث الوثائقي عبر تنظيم العديد من الفعاليات.
وأكد سعادة وكيل وزارة الثقافة أن دولة قطر تولي اهتماما فائقا بحماية التراث الوثائقي وصونه، بوصفه إرثا حقيقيا ومستداما للأجيال القادمة. ومن هذا المنطلق، تعمل اللجنة الوطنية لذاكرة العالم يدا بيد مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو»، حيث يجري التنسيق بشأن اختصاصات اللجنة وتنفيذ مهامها وبرامجها.

مسؤولية تكاملية
وأكد الدكتور أحمد عبد الله البوعينين، أمين عام دار الوثائق القطرية، ورئيس لجنة «ذاكرة العالم للمنطقة العربية»، أهمية صون التراث الوثائقي العربي، انطلاقا من كونه مسؤولية تكاملية تتطلب تنسيقا مؤسسيا ورؤية استراتيجية، لافتا إلى جهود دولة قطر في صون تراثها الوثائقي عبر استراتيجية طموحة، ومشاريع رائدة تقوم على بنية تحتية متقدمة، وخبرة تقنية عالية في مجالات الحفظ الرقمي، والصيانة الوقائية.
وأوضح أن لجنة ذاكرة العالم للمنطقة العربية تمثل إطارا تنظيميا إقليميا ذا وظيفة استراتيجية في مجال صون التراث الوثائقي العربي، حيث تسهم في رفع الوعي بأهمية الوثائق التاريخية بوصفها جزءا لا يتجزأ من الذاكرة الجمعية، ورافعة أساسية لهوية الشعوب، لافتا إلى أنه منذ انطلاق برنامج ذاكرة العالم التابع لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو» عام 1992، اعتمد على هيكل تنظيمي يشمل مستويين من اللجان الفرعية، أولهما اللجان الإقليمية، وثانيهما اللجان الوطنية.
وقال إن دولة قطر، ممثلة في دار الوثائق القطرية، تتميز برؤية استشرافية في مجال تعزيز الذاكرة الوطنية، من خلال الاستثمار في التراث الوثائقي وربطه بمسارات التنمية الثقافية المستدامة، إلى جانب التزامها بدعم المؤسسات الإقليمية المعنية بصون التراث الوطني.
وأكدت السيدة عبير سعد الكواري، مدير شؤون المجموعات الوطنية والمبادرات الخاصة بمكتبة قطر الوطنية، أن اختيار المكتبة لتكون أول مكتب إقليمي للاتحاد الدولي لجمعيات ومؤسسات المكتبات «إفلا» في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، يُعد إنجازا تاريخيا للعالم العربي، ويعكس الدور الريادي الذي تضطلع به المكتبة في نشر المعرفة وصون التراث.
وكشفت الكواري أن خطط المكتبة المستقبلية تستند في مجال حفظ التراث إلى ما أنجزته وتطمح لتوسيع نطاقه وترسيخه، مؤكدة أن المكتبة سوف تواصل مشروع الرقمنة الشاملة لمجموعاتها التراثية؛ بهدف استكمال حفظ التراث العربي والإسلامي، وحماية كنوزه عبر تحويلها إلى إرث رقمي خالد لا يُقدّر بثمن.