يجب إعادة النظر في راتب الضمان الاجتماعي.. مختصون لـ «العرب»: مطالب بمظلة شاملة لخدمات المصابين بالتوحد

alarab
تحقيقات 31 مايو 2022 , 12:30ص
حامد سليمان

أكد عدد من المختصين أن أسر الأطفال المصابين بالتوحد ما زالت في حاجة للمزيد من الخدمات، وكذلك التعريف بالخدمات المتوفرة في الوقت الحالي، مشددين على أهمية زيادة الوعي بطيف التوحد، ليكون السكان على دراية به.
وأشاروا في تصريحات لـ «العرب» أن من بين أبرز المطالب التي تحتاجها أسر الأطفال المصابين بالتوحد هو وجود مظلة شاملة لتوفير الخدمات لهم، لا أن تكون موزعة بين عدة جهات، بعضها لا صلة له بحالاتهم، إضافة إلى ضرورة إصدار شهادات لا يُذكر فيها أنهم من ذوي الاحتياجات الخاصة، لافتين إلى أن بعضهم لا تصدر له شهادة، على الرغم مما يتمتع به بعض المصابين بالتوحد من قدرات في بعض المواد الدراسية.
ونوهوا بأن راتب الضمان الاجتماعي لا يتناسب مع عمر المصاب بالتوحد، فمن سن الولادة وبعد تصنيفه من ذوي الاحتياجات الخاصة يكون 4000 ريال راتب ضمان اجتماعي، و1500 ريال خادمة، وإن بلغ عمر الثلاثين فهو على نفس الراتب، في حين أن المصاب بالتوحد كلما كبر زادت حاجاته.
وطالبوا بإعادة النظر في راتب الضمان الاجتماعي للمصابين بالتوحد بما يتناسب مع احتياجاتهم، وضمهم إلى قانون التأمينات الاجتماعية الجديد، ما يضمن لهم بعد عمر الثلاثين أن يكون لهم راتب جيد يضمن لهم عيش حياة مستقلة، إضافة إلى عدم اشتراط بلوغ سن الأربعين بدون زواج من أجل الحصول على الأرض والقرض، حتى وإن تم تحصين هذه الميزات لكي لا يتم بيعها.

المحامي خالد المهندي: لا توجد قاعدة بيانات.. ونحتاج «نقلة تشريعية»

أكد المحامي بالتمييز خالد عبدالله المهندي، الباحث الحقوقي في مجال اضطراب طيف التوحد، أن أهم ما يحتاجه أسر الأطفال المصابين بالتوحد هو توفير التأمين الصحي، وأن هذا الأمر يجتمع فيه المواطن والمقيم على حد سواء.
وقال المهندي: غياب التأمين الصحي يأتي في ظل ما يمكن أن يعتبر غيابا للجلسات بالمرافق التابعة للتأمين الصحي، وفي هذا إثقال على كاهل الأسر، في الوقت الذي تعطي فيه وزارة الصحة الموافقة على رفع الأسعار من قبل المراكز الخاصة، فلا توفير للعلاج بالمراكز الحكومية أو التأمين ما يسمح بالجلسات في المراكز الخاصة، مع السماح برفع الأسعار.
وأضاف: وفي قطاع التعليم، وعلى الرغم من أن بعض الأطفال المصابين بالتوحد من بينهم من يتمتعون بالذكاء أو القدرات الخاصة، ولكن تصدر لهم شهادات تميزهم، رغم كوننا في دولة تكافح التمييز، فتكون الشهادة إما مذكور فيها أنه من ذوي الاحتياجات الخاصة، أو لا تصدر للطالب شهادة لأنه من ذوي التوحد.
وتابع: عدم إصدار الشهادات أو تمييزها عن باقي الطلاب تؤثر على مستقبل الطالب، على الرغم من أن المصاب بالتوحد يخلو من الإعاقات المعروفة كالإعاقة الحركية أو غيرها، وهو غير مصنف من الخمس إعاقات المعروفة.
وأشار إلى أن راتب الضمان الاجتماعي لا يتناسب مع عمر المصاب بالتوحد، موضحاً أنه من سن الولادة وتصنيفه من ذوي الاحتياجات الخاصة 4000 ريال راتب ضمان اجتماعي، و1500 ريال خادمة، وإن بلغ عمر الثلاثين فهو على نفس الراتب، منوهاً إلى أن هذا الراتب لا يكفي، لأن المصاب بالتوحد كلما كبر زادت حاجاته.
وطالب بإعادة النظر في راتب الضمان الاجتماعي للمصابين بالتوحد بما يتناسب مع احتياجاتهم، وضمهم إلى قانون التأمينات الاجتماعية الجديد، لأن إدخاله ضمن القانون الجديد، سيضمن له بعد عمر الثلاثين أن يكون له راتب جيد يضمن له عيش حياة مستقلة.
ونوه إلى أنه لا توجد خدمات متوفرة للمصابين بالتوحد الذين تزيد أعمارهم عن 19 عاما، الأمر الذي يدفع أولياء الأمور للاعتماد كلياً على الخدمات الخاصة التي قد لا يتحملون تكلفتها.
وقال المهندي: ومن الأمور التي تزعج أسر المصابين بالتوحد، كتابة المعاقين أو ذوي الاعاقة، وهو يسبب ضررا للأسر، ورغم كون القانون يذكرهم بذوي الاحتياجات الخاصة، كما أن التوحد ليس بمرض ولا عاهة أو إعاقة ذهنية، فهو مجرد اضطراب نمائي، وتوعية المجتمع بهذا الأمر سيعزز كيفية الدمج وتفهم المجتمع لاحتياجات المصابين بالتوحد.
وأضاف: لا بد من وجود استراتيجية خاصة لتوظيف قدرات المصابين بطيف التوحد، فبعضهم لديه قدرات متميزة في مجالات بعينها، إضافة إلى قضية السكن (الأرض والقرض) التي يحصل عليها كل مواطن.
وتابع المهندي: الكثير من المصابين بالتوحد لا يستطيعون الزواج، فلا يُصرف لهم الأرض والقرض، فمن شروط الحصول عليها أن يتزوج المواطن أو أن يصل لسن الأربعين بدون زواج، فلمَ يظل المصاب بالتوحد غير مستفيد بهذه الميزات حتى يصل إلى سن الأربعين.
وأوضح أنه يمكن حماية الأرض والقرض بقوة القانون فلا تباع ولا تشترى، ولكن يُسمح للمصاب بالتوحد أن يبني فيها ليستقل بحياته، إن كان قادراً على ذلك.
ونوه إلى أن هناك غيابا لتوفير قاعدة بيانات للتعريف بعدد المصابين بالتوحد، وأعمارهم، ودرجة الإصابة لكل مصاب، فضلا عن الكثير من البيانات التي تتعلق بهم، وهو الأمر الذي يسمح بتوفير الكثير من الخدمات لهم، فوضع حلول يتطلب أن يتم توفير قاعدة بيانات، في ظل غياب لدور الأجهزة المعنية.
وأشار إلى أهمية وضع مناهج تسلط الضوء على طيف التوحد، وكيفية التعامل مع المصابين به، سواء كان من الإخوة أو الأصدقاء أو غيرها من الدائرة المحيطة، خاصةً مع زيادة عدد المصابين بالتوحد. وأضاف: ويجب أن يكون لدينا قانون خاص بالمصابين بالتوحد، فقانون ذوي الاحتياجات الخاصة قانون عام، والمصابون بطيف التوحد في حاجة لنقلة تشريعية.

سعد الغانم نائب رئيس «القطرية للتوحد»: «الخدمات مبهمة».. ولا يعرفها معظم أولياء الأمور

قال سعد محمد الغانم، نائب رئيس الجمعية القطرية للتوحد: تبقى واحدة من أبرز المشكلات هي حاجة ولي الأمر لمن يأخذ بيده ويعرفه بالخدمات المتوفرة، فليس لدينا جهة تبلغنا بالخدمات المتوفرة لنا، بما في ذلك وزارة الصحة العامة، فلا نجد من يرشدنا إن كان الطفل في حاجة إلى الضمان الاجتماعي أو غيرها من الخدمات التي توفرها الدولة، ليظل ولي الأمر متخبطاً لسنوات حتى يعرف بالخدمات الموجودة.
وأضاف: «الخدمات مبهمة» ولا يعرفها الكثير من أولياء الأمور، وهذا بالنسبة للخدمات المتوفرة، والتي لا يمكن أن نغفل أنها لا تتقدم ولا تتطور، لأن هناك جهات لا تعنيها هذه الخدمات، فعلى سبيل المثال مركز مدى، وهو تابع لوزارة المواصلات، فما علاقة الوزارة بذوي الاحتياجات الخاصة، وكذلك مركز الشفلح وتبعيته لمؤسسات المجتمع المدني، وغيرها من الخدمات.
وتابع الغانم: لا يمكن أن تتقدم أو تتطور الخدمات ما دامت تحت مظلة جهات ليست ذات ارتباط مباشر بذوي الاحتياجات الخاصة، وقد سبق وطالبنا لسنوات بوجود مظلة شاملة لذوي الاحتياجات الخاصة، ولكن مع الأسف لم نجد ردا، لذلك فالخدمات لا يمكن أن تتطور بهذه الصورة.
ونوه إلى أن الجهات التي تضم مجموعة من الخدمات لا تطور منها، بحكم كونها تنضوي تحت وزارات لا علاقة لها بشؤون ذوي الاحتياجات الخاصة، لافتاً إلى أن الأطباء الذين يشخصون الطفل مصاباً بالتوحد لا يعرفون كيف يوجهون ولي الأمر بالصورة الصحيحة، الأمر الذي يجعله متخبطاً لسنوات.
وأكد الغانم أن الدولة تصرف راتب ضمان لولي أمر الطفل المصاب بالتوحد، ولكن يُشترط أن يتقدم ولي الأمر، وهذا يتطلب معرفته، وبعض أولياء الأمور لا يعرفون، وقال الغانم: كما أن الطفل يكون في حاجة للكثير من الخدمات كممارسة الرياضات المختلفة كالسباحة، وغيرها من الخدمات، وفي ظل غياب التأمين الصحي تكون كل هذه التكلفة على كاهل ولي الأمر.
وأضاف: للأسف، لا نجد تعاونا من الأندية الرياضية في توفير برامج للمصابين بالتوحد، باستثناء نادي السد، الذي نجد منه تعاونا واضحا، ولكن باقي الأندية لا تعاون منها، ولا أدري ما السبب في غياب هذا التعاون الهام بالنسبة لأسر الأطفال المصابين بالتوحد.

«أم عبدالله» والدة أحد المصابين: لا خدمات لمن تزيد أعمارهم عن 20 عاماً

أكدت أم عبدالله (والدة طفل مصاب بالتوحد) أن واحدا من أكبر الأمور التي تحتاجها أسر المصابين بالتوحد، هو التوعية بهذا الطيف، موضحة أنه على الرغم من تحسن نظرة المجتمع عن ما كانت عليه قبل عدة سنوات، إلا أن الكثيرين لا زالوا لا يعرفون عن طيف التوحد، فتكون نظرتهم للمصابين به على غير ما تريد أسرهم.
وأشارت إلى أنه على الرغم من تقديم الكثير من التسهيلات لأسر المصابين بالتوحد، إلا أن الكثير من المطالبات لا زالت قيد الانتظار، من بينها التوسع في الخدمات الحكومية، بما يضمن لكافة الأسر عدم الحاجة للجوء للمراكز الخاصة، أو جلسات التخاطب أو غيرها من الجلسات التي يضطر أولياء الأمور للاستعانة فيه بمعلمين خاصين، ويكلفهم ذلك مبالغ مالية كبيرة.
وأوضحت أن المراكز الحكومية مجانية، وأن الخدمات التي تقدمها متميزة، ولكن المشكلة تكمن في أنها لا تستوعب كافة المصابين بالتوحد، الأمر الذي يضطر الكثير من أولياء الأمور لإلحاق أبنائهم بالمراكز الخاصة، ذات التكلفة العالية والخدمات دون المستوى.
ونوهت إلى أن الكثير من الأطفال المصابين بالتوحد لديهم قدرات خاصة، ويمكن أن يتم توظيفها في العديد من المهن، ولكن الكثير من المسؤولين بسوق العمل لا يرون أهليتهم للعمل وتحمل المسؤولية، مرجعة هذا الأمر لقلة الوعي لديهم.
ولفتت إلى أن واحدة من المشكلات التي تعاني منها أسر المصابين بالتوحد هي أن الخدمات لا تقدم لمن تزيد أعمارهم عن 20 عاما، مطالبة بضرورة التوسع في خدمات المصابين بالتوحد، لتشمل كافة الأعمار.

5975 مصاباً في الفئة العمرية ما قبل 20 عاماً

في حوار سابق لـ «العرب» مع الدكتور فؤاد الشعبان، عالم أول، مركز بحوث الاضطرابات العصبية في معهد قطر لبحوث الطب الحيوي التابع لجامعة حمد بن خليفة، عضو مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، كشف عن أن إجمالي المصابين بالتوحد في قطر في الفئة العمرية ما قبل 20 عاماً هو 5975 مصاباً، وأن 1184 حالة يُتوقع أنه تم تشخيصها خلال الفترة من 2019 إلى 2021.
وأكد د. الشعبان أن الطاقة الاستيعابية للمراكز غير الحكومية الخاصة بأطفال التوحد قليلة مقارنةً بعدد المصابين، مشيراً إلى أن مركز المها، التابع لوزارة الصحة العامة، والذي أُفتتح مؤخراً، يقدم خدمات تشخيصية وتأهيلية متطورة للمصابين بالتوحد، وأنه يتمتع بطاقة استيعابية كبيرة.
وأشار إلى أن أعداد المتعايشين مع اضطراب التوحد في الفئة العمرية فوق 20 عاما في ازدياد عامًا تلو الآخر، وقد تم إطلاق مشروع «الأفراد البالغون المتعايشون مع اضطراب طيف التوحد في قطر»، بالتعاون مع مركز الشفـلح، ورابطـة قطر لأسر التوحد، والجمعية القطرية للتوحد، ووزارة التربية والتعليـم والتعليم العـالي، وعدد من المراكز الخاصـة، وتتمثل أهداف هذا المشروع في اكتشاف عدد الأفراد المصابين باضطراب طيف التوحد، في المرحلة العمرية من 13 عامًا فمـا فوق، بيـن المواطنيـن القطرييـن والعائلات الأخرى المقيمة في قطر، وإنشاء قاعدة بيانات لتسجيل المراهقين واليافعين المصابين بهذا الاضطراب في قطر ممن تتراوح أعمارهم ما بين 13 عامًا فما فوق. وسيوفر المشروع بيانات أساسية لتحسين عملية تخطيط الخدمات الصحية وتقديمها لهذه الفئة من الأفراد المصابين باضطراب طيف التوحد.