«الفينتك» تقود البنوك الإسلامية إلى ثورة في الخدمات المالية

alarab
اقتصاد 30 نوفمبر 2021 , 12:20ص
الدوحة - العرب

أكدت دراسة حديثة أن التطور المتسارع في قطاع التكنولوجيا المالية «الفينتك» (FinTech) يقود إلى ثورة في عالم الخدمات المالية وهو ما سيدفع البنوك الإسلامية في قطر والعالم إلى عقد شراكات وتحالفات مع شركات التكنولوجيا بوصفه النموذج الأنسب لضمان تطور ونمو القطاع المصرفي الإسلامي ويعود السبب في ذلك إلى أن المواجهة الفردية للسوق التنافسي أكبر من أن تواجهه المصارف وحدها. لذلك فإن التحالفات والشراكات تعطي معنى إستراتيجيًا أكثر جدوى وفعالية، وبتكلفة أقل، وتقلل من تعرض القطاع لمخاطر تكنولوجيّة نوعيّة، بالإضافة إلى مساعدة المصارف بالتركيز على أنشطتها التشغيلية وأعمالها الجوهرية الأساسية، والقيام بها بشكل أفضل.
وأفادت الدراسة التي أعدها 3 باحثين متخصصين في التمويل الإسلامي من جامعة مالايا الماليزية وهم: أحمد هشام النجار وأسموليادي لوبيس ومحمد ريزال موازير وتضمنها العدد الجديد من مجلة بيت المشورة العلمية المحكمة أن القطاع المصرفي الإسلامي يجد نفسه في الوقت الحالي مدفوعا إلى الانغماس في سباقين تنافسيين هامين، هما السباق العالمي لإنشاء تواجد ملموس في العديد من الأسواق المالية المختلفة علاوة على السباق التكنولوجي للاستفادة من الثورة الصناعية الجديدة، من أجل بناء موارد قوية وإمكانات إنتاجية وخدمية كفيلة بالمنافسة؛ للحصول على ميزة تنافسية تمكن القطاع المصرفي من المحافظة على حصته السوقية أو زيادتها مع الوقت. 
وشددت الدراسة على أن الشراكات والتحالفات بين البنوك الإسلامية وشركات التكنولوجيا المالية الناشئة ستعزز فرص توسيع قاعدة العملاء وزيادة الكفاءة وخفض التكاليف وتقديم مجموعة واسعة من المنتجات المصرفية والمالية الجديدة، كما أنها ستؤدي إلى تعزيز القدرات التنافسية للمصارف الإسلامية أمام نظيراتها التقليدية دون المساومة على هوامش الربح. حيث يمكن للبنوك الإسلامية أن تستفيد بشكل كبير من فتح واجهة برمجة التطبيقات (API) داخل نظامها الأساسي من خلال إستراتيجية مفتوحة، كما يمكن لها أن تصبح مصدرًا للابتكارات والتمكين للتكنولوجيا المالية (إستراتيجية مغلقة)، أو أن تأخذ بعض الخدمات المبتكرة التي كانت تقدمها الشركات الأخرى سابقًا من خلال إستراتيجية شراكة. 

جودة الخدمات
وأضافت الدراسة أن إستراتيجية التعاون وليست المنافسة فقط أصبحت تعود بفائدة كبيرة على البنوك. فمن ناحية، سيسمح ذلك للبنوك الإسلامية بمزيد من تنويع المحافظ الاستثمارية، وبالتالي تقليل المخاطر في حالات تقاسم الأرباح والخسائر مع شركات التكنولوجيا المالية، وهو ما سيؤدي إلى فتح الفرص أمام البنوك نحو مزيد من استجلاب أنماط ونماذج تمويلية جديدة، ومن المتوقع أن يساهم ذلك أيضًا في فتح المزيد من البنوك والفروع الإسلامية حول العالم. من ناحية أخرى، لابد للبنوك من الاستعداد لخوض المزيد من المنافسة الشديدة في مواجهة القطاع المصرفي التقليدي أو أي جهات مالية أخرى، لذلك تحتاج البنوك الإسلامية إلى تحسين جودة خدماتها وتطوير منتجات مناسبة، لتكون مستعدة من خلالها لحجز مكانة عالمية قوية. 
ولفتت الدراسة إلى أن القطاع المصرفي الإسلامي بات أمام إستراتيجيات ثلاث رئيسية للمنافسة في سوق التكنولوجيا الرقمية، وهي: الإستراتيجية القائمة على الشراكة والمصالح المشتركة مع شركات التكنولوجيا المالية، والإستراتيجية القائمة على النموذج المفتوح والانتقال نحو مشاركة واسعة وعلى كافة الأصعدة، والإستراتيجية القائمة على الابتكار المغلق وفيه يركز المصرف على ابتكار وتطوير موارده الخاصة ويمكن اعتبار الإستراتيجية القائمة على نموذج التعاون والشراكة مع شركات التكنولوجيا المالية الميزة التنافسية الأنسب حاليًا للقطاع المصرفي الإسلامي في مواجهة تداعيات التحول الرقمي. 

تسهيل المعاملات
وأوضحت أن نشأة الخدمات المالية غير المصرفية تعود إلى شركات التكنولوجيا الكبرى، وكانت هذه الخدمات تقدم بهدف تسهيل العمليات المالية من خلال منصاتها الخاصة، ثم تطورت هذه الأنشطة لتصل في عام 2010 إلى إطلاق شركات متخصصة في مجال الخدمات المالية الرقمية يطلق عليها شركات التكنولوجيا المالية الناشئة وقد أوجدت الصناعة المالية الإسلامية موطئ قدم في مجال شركات التكنولوجيا المالية الناشئة منذ انطلاقتها، وقد أولتها أهمية بالغة، حيث تشير البيانات المتاحة إلى إطلاق شركات تكنولوجيا مالية ناشئة في مختلف أنحاء العالم، ضمن سمات وضوابط شرعية تدعم الخصوصية التي تتميز بها المنتجات الإسلامية وفي المقابل تتفاوت العلاقة بين القطاع المصرفي وشركات التكنولوجيا المالية، ويمكن القول بأن بعضها يشكل تهديدًا مباشرًا على شكل منافسة، مثل شركات التكنولوجيا الكبرى، في حين تميل أخرى لتشكيل علاقات قائمة على التعاون والمشاركة المتبادلة مثل شركات التكنولوجيا المالية الناشئة.

قطاع رقمي
وأوصت الدراسة بمد جسور التواصل العلمي والبحثي بين التخصصات الأكاديمية في مجال التمويل والاقتصاد الإسلامي وبين الجهات المختصة في المجال العملي، من المتخصصين في الصناعة المالية والقطاع المصرفي الإسلامي إلى جانب الجهات الناشئة والمبتكرة، لتكثيف الجهود نحو تهيئة وتنظيم قطاع مالي رقمي آمن ومتنوع، يضمن لكافة الأطراف مساحة من المشاركة مع ضرورة قيام القطاع المصرفي الإسلامي بالتركيز على تطوير بنيته التحتية وتهيئتها، والتركيز على الجوانب التكنولوجية وإدارة مخاطرها وتداعيات استخدامها.
 
نموذج الشراكة
وأشارت الدراسة إلى أن إستراتيجية بناء شراكات وتحالفات مع شركات التكنولوجيا المالية تشمل مجموعة من النماذج، مثل: التعاون، والشراء، والمشاركة، والاستثمار، والاحتضان أو التسريع وتعتمد هذه الإستراتيجية على افتراض أن البنوك تفتقر إلى المواهب اللازمة لدعم الابتكار، لذلك تسعى لتبني علاقة مبنية على «المصلحة المتبادلة» مع جهات خارجية حيث ينمو سوق الخدمات المالية القابل للتوجيه من خلال التحالفات التكميلية بين مختلف اللاعبين. ويتمثل التحدي الكبير للاعبين الحاليين في قدرة ثقافتهم التنظيمية على تبني نهج تعاوني مع المبتكرين الجدد والشركات الناشئة. ويعتبر نموذج مختبر الابتكار (FinTech Innovation Lab)، الذي يجمع عدة بنوك للتعاون وتقديم التوجيه للشركات الناشئة لدعم أعمالهم، مثالًا واضحًا لتطبيق نموذج الشراكة والتعاون المتبادل.