الفنانة دانيا طارق لـ «العرب»: أحلم بقيادة الفن التشكيلي القطري إلى العالمية

alarab
حوارات 30 نوفمبر 2021 , 12:15ص
حنان غربي

«رؤية» انطلاقة جديدة في مسيرتي الفنية.. ورد فعل  الجمهور أسعدني

رسوماتي تجسد نهضة قطر الشاملة المتمسكة بروح الماضي وأصالته

استقبلت زوار المعرض بالعزف الموسيقي تعبيراً عن الترحيب والامتنان

أطمح لفتح مركز فني متخصص.. وتكوين فرقة موسيقية من ذوي الإعاقة

تمضي الفنانة التشكيلية القطرية دانيا طارق، على خطى المبدعين ممن قهروا الإعاقة ومضوا يرسمون طريقاً مختلفاً حافلاً بالإبداع والتميز يشار إليه بتقدير وإعجاب.
الفنانة الشابة دانيا قهرت الإعاقة السمعية ومضت ترسم بريشتها فناً خالصاً يمتزج بمشاعر لا تخلو من الارتباط الوثيق بالخير والجمال.. وتنادي بفكرة واحدة «لا مستحيل مع الإيمان بالله وامتلاك الإرادة».
ولا تكفي أنامل دانيا بتسطير مواهبها في الرسم.. لا.. فهي عازفة متميزة على آلة البيانو.. التي شكلت ثنائية الترحيب بزوارها في افتتاح معرضها الفني الجديد «رؤية» الذى انطلق قبل 10 أيام، والمقرر ختامه اليوم في المؤسسة العامة للحي الثقافي «كتارا».
بدت دانيا خلال الحفل الذي حضره سفراء دول ورجال أعمال ومثقفون ووسائل الإعلام، أشبه بفراشة تنتقل بخفة من غصن إلى غصن في حديقة الإبداع الغناء، وعلى أنغام أفضل معزوفاتها على البيانو.
يحوي المعرض- وفقاً لما ذكرته دانيا في حوار خاص مع «العرب»، 64 لوحة فنية تعبر عن حزمة من التحديات، وترتبط بجذور الفن القطري المتولد من تراث يعانق الهوية الوطنية المتفردة.
وتمتلك دانيا طموحاً كبيراً للوصول بالفن التشكيلي القطري إلى العالمية وفتح مركز متخصص لتعليم ذوي الإعاقة عبر الفن التشكيلي والموسيقى وتكوين فرقة موسيقية كاملة من ذوي الإعاقات المختلفة وتخريج متدربين مؤهلين في الموسيقى والرسم من ذوي الإعاقة.. إلى الحوار.

 حديثنا دانيا عن بداية علاقتك بالفن، وعلاقة الرسم بالموسيقى؟
بداية علاقتي بالفن ظهرت وأنا بعمر ثلاث سنوات كنت أحاول التعبير عن احتياجاتي ومشاعري من خلال الرسم ولاحظت أمي أن لدي موهبة وعملت على تنمية هذه الموهبة بوضع مدرسة هي فنانة تشكيلية اكن لها كل الحب والاحترام ذكرتني بمعلمة هيلين كيلر ثلاثية الإعاقة ومعلمتها التي استطاعت التقرب من هيلن وكان لها دور كبير في مجال التعليم الخاص بهيلن، واليوم معلمتي الفنانة التشكيلية هالة السيد وصلتني للعالمية.
الفن غذاء الروح.. له اهمية في بناء الإنسان الفن نعيش فيه يمتزج مع مشاعرنا واحتياجاتنا لكي نصل لقمة التوازن النفسي. أما علاقة الرسم بالموسيقى فالاثنان من غذاء الروح لهما علاقة باكتساب الشخص لجوانب متعددة نفسية سلوكية نطقية مهارية ذاتية تعليمية حركية حسية ونمائية. 

 ماذا يعني لك معرض رؤية؟
بداية هذا المعرض ليس الأول لي، ولكنه يبدو مختلفاً، ويحمل الكثير من التحديات التي تجتمع لأول مرة في تظاهرة فنية واحدة، وقد حرصت خلال رسومات 64 لوحة على التعبير عن التراث والهوية القطرية، وقطر الماضي والحاضر، وأشعر بسعادة كبيرة لتفاعل عشاق هذا النوع من الفن مع المعرض الذي حرصت على أن يكون مختلفاً وإضافة نوعية في مسيرتي الفنية.

 كان افتتاح المعرض مختلفاً وغير تقليدي لماذا حرصت على عزف البيانو أمام الجمهور في حفل الافتتاح ؟
صراحة لا يعرف الكثيرون أنني أجيد العزف على آلة البيانو، وأردت أن يكون حفل الافتتاح مختلفاً وفيه نوع من المفاجأة للجمهور، والتعبير في الوقت ذاته عن التقدير الكبير لهم، بتقديم معزوفات أشبه بالترحيب والامتنان لحرصهم على الحضور، ومشاركتي هذه الفرحة، وحاولت تقديم وجبة فنية دسمة لمحبي الموسيقى والفن التشكيلي.

 إيهما كان أسبق بالنسبة إليك في الممارسة الرسم أو العزف؟
أحاول دائماً أعبر عن مشاعري وأفكاري بالمزج بين الألوان والأنغام، وللحقيقة ظهرت لدي موهبة الفن التشكيلي، وأنا بعمر 3 سنوات، - وفقاً لوالدتي الدكتورة هلا السعيد، التي اكتشفت إعاقتي السمعية، وأنني أتواصل مع العالم الخارجي ومن حولي من خلال الرسم أولا، ثم الموسيقى، فعملت على تنمية مواهبي، وحتى أتمكن من التعبير عن احتياجاتي وانفعالاتي، عبر الريشة أولاً.. ثم العزف على البيانو في مرحلة تالية.
 عودة إلى المعرض.. لماذا «رؤية» الآن ؟ 
لا شيء الرغبة في التعبير عن رؤيتي الخاصة تجاه قطر الوطن بين الماضي والحاضر، حيث جمعت في لوحاتي بين تراث الأجداد بما يحمله من أصالة تعبير عن أهل قطر، والواقع المتجسد في النهضة الشاملة التي تشهدها الدولة في المجالات كافة، وأبرزها في مجال العمارة الحديثة، وقد جسدت وحرصت في رسوماتي على إبراز قطر العصرية الجميلة المتمسكة بروح الماضي وأصالته.

 هل وقفت الإعاقة السمعية حائلاً أم ساعدتك على إبراز مواهبك الفنية ؟
صراحة كانت دافعاً كبيراً لتحدي الصمت بالريشة والألوان والعزف، فرسمت لوحتي بريشتي وألواني وخططت لحياتي بأعزب النغمات وبذلك إعاقتي لم تمنعني عن صقل موهبتي بالجد والمثابرة، وتشجيع أسرتي خاصة والدتي التي كانت سندي، وقد تركت الإعاقة لمستها الإيجابية في رسوماتي وألحاني، فهي دفعتني إلى التمسك بالأمل، ونشر البهجة، عبر رسومات ألوان زاهية مفعمة بالأمل تتحدى المعوقات وتعبر عن التراث والهوية الوطنية، وقد جمعت في لوحاتي بين التراث في اللوحة التي تعبر عن السفينة والغوص بحثا عن اللؤلؤ الذي كان يعتبر أهم معالم حياة الأجداد في الماضي، وكانت تعتمد عليه قطر في إنتاج الزي والحلي والنقوش الإسلامية الجميلة والزخارف التي كانت على الأقمشة التي كانت منتشرة بحقبة زمنية قديمة، وقد جسدت رؤية تعبر عن الماضي الذي أبحرنا به بسفينة الأمل للحاضر وتنظر إلى المستقبل المشرق بمختلف التعبيرات بأسلوب البسيط وألوان زاهية وخطوط واشكال هندسية مختلفة، وقد عبرت عن حاضر قطر بالأبراج العالية والمتحف الاسلامي، وأظهرت رؤية قطر 2030 بلوحة جدارية كبيرة نوعت بالمواد المستخدمة لتظهر التطور والحضارة، وأيضا جسدت جهود الدولة في نشر السلام ومساعدة المحتاجين بالعالم، وأنها بمثابة حمامة السلام لإنهاء النزاعات في العالم الجميع. 

 هل أقتصر المعرض على هذه الجوانب أم أنه تناول موضوعات أخرى ؟
لا بالطبع توجد لوحات تعبر عن التقدير الخاص للمرأة القطرية المشاركة في مسيرة النهضة، وحرصت على إبراز أهم ما يميز المرأة القطرية وهو الاحتشام والالتزام بالتعليم الإسلامية والزي الشعبي المتوارث عن الأجداد، وتوجد لوحة مميزة تحمل تقديراً خاصاً لصاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر، وهي تعانق معالم ونهضة قطر، كنوع من التعبير عن التقدير لدور سموها الريادي في مسيرة النهضة.

 هل يمكن أن تحدثينا بتفاصيل أكبر عن المعرض؟
طبعا المعرض حافل بتفاصيل كثيرة صغيرة لكنها تجتمع تحت رؤية واحدة، ولهذا جاءت تسمية المعرض باسم «رؤية» التي تعبر كما سبق أن ذكرت عن رؤيتي للوطن، وإبحاره على هيئة سفينة تنتقل من ماض ذي تراث حافل إلى حاضر مشرق، ومستقبل أكثر إشراقاً بإذن الله -، كما توجد لوحة جدارية كبيرة معها 18 لوحة صغيرة تعبر عن الأبيض والأسود، في إشارة إلى خصائص ذوي الإعاقة حيث لا توجد ألوان أخرى «يا ابيض يا اسود» وهي الحياة ورسمت خريطة قطر ووضعت فيها السواعد التي اتحدت من أجل الوصول إلى النهضة الشاملة حالياً. 

 ماذا إذن عن مشاريعك وطموحاتك في المستقبل؟ 
أطمح إلى الوصول بالفن التشكيلي القطري إلى العالمية وكذلك بالموسيقى، وأحلم بفتح مركز متخصص لتعليم ذوي الإعاقة عبر الفن التشكيلي والموسيقى وتكوين فرقة موسيقية كاملة من ذوي الإعاقات المختلفة وتخريج متدربين مؤهلين في الموسيقى والرسم من ذوي الإعاقة.

 عودة إلى المعرض.. ما أقرب اللوحات إلى قلبك ومشاعرك؟
إن اهم عمل أو اقرب الأعمال إلى قلبي، لوحة «حنان أم» وهي اللوحة التي تحتضن فيها صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر، معالم قطر، وكيف أن سموها قدمت نموذجاً متفرداً للمرأة القطرية القادرة على المساهمة الفاعلة في تحقيق النهضة الشاملة بالدولة خاصة في مجال العلوم والفنون وتنمية المجتمع.

 7معارض ناجحة بدأت بـ «التحدي» وصولاً إلى «رؤية» 
شاركت الفنانة دانيا طارق في عدة معارض فنية بداية من معرض التحدي 2015، وقدمت خلاله 42 لوحة فنية، ضمن فعاليات تدشين كتاب الإعاقة السمعية لوالدتها الدكتورة هلا السعيد، وكان المعرض يمثل انطلاقة دانيا حيث عبرت بعدد من اللوحات الفنية عن تحديها لإعاقتها السمعة وجميع معوقات المجتمع والوقوف في وجه المستحيل، وامتلاك الطموح لتحقيق الذات وإثبات أن الإعاقة في الفكر وليس الجسد، وبجميع لوحاتها تنادي بفكرة واحدة (لا مستحيل مع الإيمان بالله والإرادة).
كما أقامت دانيا معرضاً فنياً في مستشفى حمد ضمن فعاليات الاحتفال باليوم العالمي للإعاقة 2015 بعنوان «إرادتي سبب نجاحي» شاركت بـ 25 لوحة تعبيرية على القوة والإرادة، كما قدمت معرض»أنا إنسان» عام 2017 في مؤتمر الإعلام المناصر لقضايا ذوي الإعاقة بمصر، شاركت بعدد 20 لوحة تعبر فيها على علاقتها بوالدتها.
وفي العام ذاته قدمت معرض «الصمود» احتفاء باليوم العالمي للمعلم وقد عبر المعرض عن قصة صمود أهل قطر في مواجهة التحديات تعبيراً عن هويتها القطرية وحبها للوطن وضم المعرض عددا من اللوحات التعبيرية الجميلة.
وقدمت دانيا معرض «إعاقتي سبب تفوقي» عام 2018، حوى 15 لوحة فنية. ثم معرض «انطلاقة الحلم نحو التميز» في كتارا بعدد 35 لوحة فنية تعبر عن التميز بعالم الفن، ثم معرض «بالأمل تحلو الحياة» في كتارا عام 2019، وقد حوى المعرض 42 لوحة.