استمرار الركود السياحي في مصر.. وأصحاب المتاجر يصرخون
اقتصاد
30 أكتوبر 2016 , 05:27م
أ.ف.ب
يتابع البائع المصري أمجد موقع فيس بوك يوميا لساعات طويلة عبر هاتفه المحمول طوال تواجده بمتجره في حي خان الخليلي السياحي بالقاهرة تفاديا للإحباط الناجم عن ندرة السياح بعد عام على إسقاط الطائرة الروسية فوق سيناء.
ويقول أمجد القصبجي "45 عاما" أمام متجره الصغير في زقاق ضيق كان يوما يعج بالسياح "اتسمرة يوميا على الفيسبوك. لا شيء أخر أفعله. سقوط الطائرة الروسية قتل ما تبقى من سياحة في البلد".
وشكل إسقاط الفرع المصري لتنظيم الدولة، طائرة ركاب روسية فوق سيناء في 31 أكتوبر 2015 ومقتل جميع ركابها ال224 ضربة قاتلة لقطاع السياحة المتداعي أساسا منذ الانتفاضة التي أطاحت الرئيس الأسبق حسني مبارك عام 2011.
وأضاف أمجد، الوالد لخمسة أبناء، "ليس هناك سياح من الخارج. نعمل الآن على السياحة الداخلية. لكن سياحة المصريين لا تؤمن مصاريفنا"، مشيرا إلى أن دخله انخفض بنسبة 75% مقارنة بالعام 2010.
وقررت روسيا وبريطانيا، ويشكل مواطنيهما نحو40% من السياح حسب الأرقام الرسمية، ايقاف رحلاتهم لكل مصر وشرم الشيخ على التوالي ما شكل ضربة قاتلة لموسم أعياد الميلاد وراس السنة العام الفائت وهو ما يمثل ذروة الموسم السياحي بالبلاد.
وخلال جولة سريعة في منطقة خان الخليلي، بدت معظم المطاعم والمقاهي والأزقة الأثرية خاوية إلا من بعض الأسر المصرية أو الطلاب المتسكعين.
ويجلس معظم أصحاب المحلات أمام متاجرهم المكدسة بالبضائع دون حركة.
وفي الباحة الكبيرة أمام مسجد الحسين، توقفت حافلتان فقط نزل منها بضع سياح أسيويين لكن غالبيتههم غادرت دون شراء هدايا.
ويصيب هذا المشهد الشاب عبد الرحمن العامل في محل كبير لبيع الفوانيس والثريات بالإحباط.
ويقول عبد الرحمن الذي اكتفى بالكشف عن اسمه الأول "بعد الثورة لم تعد هناك سياحة. وبعد اسقاط الطائرة الروسية فإن السياحة ماتت تماما".
وتابع فيما كن يزيح التراب من فانوس نحاسي ملون الزجاج "حتى السياح الحاضرين لا يشترون تقريبا على الإطلاق"، بينما كان سياح يساومون زميله حول ثمن قطعة صغيرة أعجبتهم لكنهم رحلوا دون شراء.
ومع رحيلهم أطفأ عبد الرحمن أنوار متجره ترشيدا للنفقات.
وتدر السياحة التي تعد أحد أهم أعمدة الاقتصاد المصري قرابة 20% من العائدات بالعملات الاجنبية.
وبلغت عائدات السياحة 6،2 مليار دولار العام 2015 بانخفاض نسبته 15% مقارنة بالعام السابق، بحسب الاحصاءات الرسمية.
وزار مصر 6.3 مليون سائح عام 2015 مقابل قرابة 15 مليونا العام 2010.
وهي ارقام اقل بكثير من خطة الحكومة الهادفة لجذب 20 مليون سائح للبلاد بحلول العام 2020 وتحقيق عائدات 26 مليار دولار عبر حملة ترويجية.
وانخفض عدد السياح الروس العام 2015 إلى 2.3 مليون من 3.1 مليون عام 2014 اثر قرار موسكو تعليق الرحلات قبل موسم الشتاء حيث كان من المفترض وصول مئات الالاف.
وفي فبراير، قال رئيس الوزراء شريف إسماعيل للتليفزيون الرسمي، إن قطاع السياحة خسر قرابة 1.3 مليار دولار إثر إسقاط الطائرة الروسية.
ويقول صاحب محل فضيات في باحة الأهرامات لفرانس برس، "العام الماضي لم تكن هناك سياحة في مصر"، فيما كان حصان هزيل يبحث صاحبه عن زبون ينتظر في المكان.
وتخوض مصر حربا شرسة مع الفرع المصري لتنظيم الدولة الذي يتخذ من شمال سيناء معقلا له قُتل فيها مئات من عناصر الشرطة والجنود.
ويتحدث المسؤولون كثيرا عن أن مصر "تحارب الإرهاب" وهو نفس الشعار الذي ترفعه المحطات الفضائية المحلية باستمرار.
ونقلت صحيفة "الشروق" المستقلة الأسبوع الماضي عن رئيس الوزراء قوله ان مصر تواجه خطة دولية ممنهجة لضرب السياحة.
وشهد العام 2015 ضربات متتالية لقطاع السياحة بدءا من إحباط محاولة للهجوم على معبد الكرنك الشهير في الاقصر في يونيو ثم مقتل ثمانية سياح مكسيكيين في سبتمبر بنيران الجيش عن طريق الخطأ واخيرا حادث إسقاط الطائرة الروسية.
وتبدو الطاولات والمقاعد الخشبية لأحد المطاعم الشهيرة بالمشاوي خاوية وقت الظهيرة بعد أن كان تناول الطعام يخضع لقائمة انتظار.
ويقول النادل شريف إبراهيم 59 عاما، "لا يوجد سائح عاقل سيأتي لمصر وهي تعلن انها تحارب الإرهاب".
وأضاف بحسرة انه "غير متفائل بالموسم الجديد وهناك حديث عن الإرهاب ودعوات جديدة للتظاهر" في اشارة الى دعوة مجهولة على مواقع التواصل للتظاهر ضد الحكومة.
إلا أن السائح الصيني جاسون شي 29 عاما الذي يزور القاهرة في رحلة عمل لم يستطع مقاومة زيارة معالم القاهرة السياحية.
وقال شي وهو يهم بدخول المتحف المصري في القاهرة، "تلقينا تحذيرا من دبلوماسيتنا بعدم زيارة سيناء او البقاء لوقت متأخر في الشوارع أو الاقتراب من المقرات الأمنية".
وتابع شي الذي كان يمسك بكتيب سياحي باللغة الصينية "لكنني لا أستطيع خسارة فرصة زيارة الأهرامات والقاهرة القديمة".
وتسعى مصر لإنعاش قطاع السياحة لضخ مزيدا من النقد الأجنبي في اقتصادها المتداعي. وأدى شح موارد العملات الاجنبية مع استمرار الاستيراد بكميات كبيرة الى موجة غلاء مستفحلة في اسعار السلع والخدمات.
وبجوار فانوس فضي نقش على واجهته بالخط العربي عبارة "ان الله مع الصابرين"، يقول البائع عبد الرحمن "لدي شعور باننا سنشهد موسما أفضل لكنني خائف من حدوث شيء كبير مجددا. ليس أمامنا سوى الصبر والانتظار".
//إ.م