نثمن دور قطر في دعم الثورة ومسار الانتقال الديمقراطي

alarab
حوارات 30 أكتوبر 2011 , 12:00ص
الدوحة - محمد الشياظمي
ثمن سعادة السفير التونسي السيد محمد المنذر الظريف الجهود التي بذلتها قطر أميرا وحكومة وشعبا من أجل دعم الثورة في تونس، وأيضاً بعد التحرر وبدء مسار الانتقال الديمقراطي والتحضير لانتخابات المجلس الوطني الدستوري. وقال سعادة السفير الظريف في حديث لـ «العرب» إن تونس اليوم تعيش عرسا ديمقراطيا من خلال التحضير لدستور جديد يحقق كل المطالب التي قامت من أجلها الثورة في تونس، ويضع الأسس الحقيقية التي تجعل من تونس دولة رائدة ومتميزة في مختلف المجالات.وأضاف أن تونس اليوم محتاجة لدعم جيرانها ومحيطها العربي، مبديا تفاؤله بمستقبل البلاد في ظل ما سيتحقق من منجزات ديمقراطية على الأرض، مشيراً إلى أن حجم التصويت في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي الذي عبر عنه أبناء الجالية التونسية بالدوحة يعكس الثقة التي لدى التونسيين بأهمية التغيير والإصلاح، وتحقيق التنمية المطلوبة. وقال إن رهان تونس ضمن اتحاد دول المغرب العربي سيبقى خيارا استراتيجيا، مثل باقي دول الاتحاد، ودعا إلى التسريع بالعمل في هذا السياق حتى يتحقق المطلوب من هذا الاتحاد وتفعيل ميثاقه في أقرب الأوقات. وفيما يلي نص الحوار.. ¶ تعيش تونس اليوم عرسها الديمقراطي بعد ثورة أسقطت النظام الديكتاتوري، وتحاول من خلال انتخابات مجلس وطني تأسيسي رسم صورة جديدة للجمهورية الثانية في تونس، كيف ترون سعادة السفير هذا الحدث باعتبار أن السفارة التونسية في الدوحة كانت أحد مراكز التصويت للتونسيين في الخارج؟ - بداية أشكركم على هذا الاهتمام الإعلامي الكبير من طرف جريدة «العرب»، فيما يتعلق بالحراك السياسي الذي تعيشه تونس اليوم من خلال إجراء انتخابات المجلس الوطني التأسيسي الذي سيضع دستورا جديدا للبلاد، يحقق تطلعات الشعب التونسي في الحرية والكرامة والنماء، ويستجيب لمتطلبات الثورة التي قامت ضد النظام الديكتاتوري الذي حكم تونس لسنوات ماضية. وأقول إن هذه الانتخابات تمثل كما قلتم عرسا ديمقراطيا، لقد حضرتم في الساعات الأولى من بدء عملية التصويت، ولاحظتم العدد الهائل للمواطنين التونسيين من أجل الإدلاء بأصواتهم في هذه الانتخابات، إلى درجة أن الناخبين بدؤوا يتوافدون على مقر السفارة ابتداء من الساعة السادسة صباحا، وانتظروا حتى فتح مقر التصويت، للقيام بواجبهم الوطني. ¶برأيكم ماذا يعكس هذا الإقبال الكثيف من طرف أبناء الجالية التونسية المقيمة في قطر؟ - هذا يعكس برأيي الثقة في ما جرى من استعدادات على مختلف السياقات، نحن في تونس اخترنا الطريق الصعب، وهو البدء انطلاقا من مجلس وطني تأسيسي، لأن هذا كان مطلب الشعب التونسي بعد الثورة في انتخابات تعددية وذات شفافية وواضحة، تحت إشراف اللجنة العليا المستقبلة للانتخابات، ونحن في مقر السفارة وفرنا مركز التصويت للتونسيين في قطر، على مقعدين لمرشحين من 18 قائمة انتخابية، تضم أيضاً قائمة المستقلين. كما يشرف على هذه الانتخابات مكتب اقتراع تم تعيينه من طرف اللجنة العليا المستقلة للانتخابات، بناء على ترشحات من المواطنين التي تمت دراستها، وتحديدها في إطار توافقي، ونحن كسفارة قمنا بتحمل العبء المادي، ووقفنا على الحياد ونفس المسافة من جميع المرشحين. ¶ برأيكم ماذا تعني هذه الانتخابات لتونس بعد الثورة، ما الذي يمكن أن تمنحه للشعب على أرض الواقع؟ - سؤال مهم يستوجب جوابا شافيا، في رأينا هذه الانتخابات تعني لنا الكثير، لأنها محطة مهمة في إطار التحول الديمقراطي، فبعد ثورة الشعب وصيحته ضد الديكتاتورية، قال الجميع كلمته، وأصبح هو صاحب السيادة والسيد على قراره، وما سيخرج من صناديق الاقتراع بكل شفافية وحرية سيكون تعبيرا حقيقيا عن إرادة الشعب التي يجب أن تحترم من طرف الجميع، هذه هي لعبة الديمقراطية، ورهان السياسة. ¶ هل ترون أن الشعب التونسي يسير نحو الديمقراطية في ظل ما يتردد عن وجود تيارات تريد اختطاف الثورة، أو ما يسمى بظهور ثورة مضادة يمكن أن تلتف على ما تحقق من منجزات؟ - الجواب سهل في رأيي، لا يمكن أن يستقيم هذا في تونس اليوم، التونسيون بكل فئاتهم عبروا عن إرادتهم، من خلال الالتزام بالديمقراطية، ونحن لا نشعر حقيقة بوجود ثورة مضادة. ¶ كيف تقيمون أداء النخب اليوم في تونس، هل يمكن القول إنها واعية بالظرفية التاريخية الحساسة التي تمر بها البلاد؟ - تونس مجتمع كباقي المجتمعات، منفتح وبالتأكيد اللعبة الديمقراطية، فيها صراع وتنافس سياسي في إطار اللعبة الديمقراطية، كما أننا لا يمكن أن نقول بوجود صراع بالمعنى الذي قد يتصوره البعض، الصراع في السياسية يعني التنافس وفق البرامج التي يمكن أن تخدم تونس اليوم والغد، وتحقق التطلعات كل حزب في تونس لديه أفكار وبرامج، والجميع مطالب بالعيش المشترك. أنا اليوم مقتنع بأن الصندوق الانتخابي سيفرز الأفضل، الذي يقود تونس إلى بر الأمان وقيادة البلاد وتحقيق تطلعات الشعب التونسي. ¶ المجلس الوطني التأسيسي سيلتئم بما أفرزته صناديق الاقتراع من أحزاب فائزة في هذا الرهان السياسي، برأيكم ماذا يجب أن يتضمنه الدستور الجديد الذي سيضعه هذا المجلس كتصورات؟ - لا يمكن التطرق إلى هذا من الآن، لكل حادث حديث، وما الذي يجب أن يحمله الدستور الجديد سيكون محل نقاش داخل المجلس التأسيسي، في إطار الأنظمة القانونية والسياسية المعروفة، الدستور الجديد سيقرر شكل نظام الحكم، سواء كان برلمانيا أو رئاسيا أو صيغة أخرى بين الاثنين، هذا يبقى محط توافق داخل المجلس، لكن الأهم أن كل من سيوجد في المجلس سيغلب بواسطة النقاش الإرادة العليا التي يروم إلى تحقيقها الشعب التونسي. ¶ المتأمل للوضع في تونس يجد تقريبا 111 حزبا سياسيا، كيف يمكن للعملية السياسية أن تسير بهذا العدد من الأحزاب والقوائم، ألا ترون أن الناخب التونسي صعبت عليه عملية الاختيار بين المرشحين بين البرامج التي يعلن عنها كل حزب سياسي؟ - صحيح ما تقول، تعرفون الثورة ماذا تعني، هي تعني الانفجار وطبيعي أن يسعى الجميع إلى التعبير عن نفسه وإعلان حضوره بهذا الشكل، هذا أمر يسر بالتأكيد، ويمثل ثراء للشعب السياسي، ولن يكون عائقا أمام الناخب للتعبير عن اختياراته، الأمور واضحة لا يوجد أي إشكال في هذا الصدد، هذه ظاهرة صحية بحسب رأيي، علما أنه ستكون هناك تحالفات بين الأحزاب، وبالتأكيد ستكون هناك إرادات جماعية وتتشكل أحزاب كبير، نحن في بداية مسار، وهذا المسار له تحدياته التي يلزمنا جميعا بالعمل البناء لصالح تونس ولصالح أجيال الغد. ¶ هل تحسون أن تونس قطعت فعلا مع الديكتاتورية أو مع منظومة الاستبداد، وهي تسعى اليوم لصنع النموذج السياسي الحقيقي الذي يعبر عن إرادة الشعب؟ - هو مسار طويل لا بد أن نخوضه جميعا، يقيننا أننا سنصل إلى الشكل الأمثل وفق الظروف التي تعيشها تونس، نحن وضعنا القدم الأولى، ولا بد من بعض الوقت، لأنه مهما كانت التحديات لا بد من التكاتف في هذه المرحلة التي تتطلب جهود الجميع. ¶ ما الذي تخافون منه في تونس اليوم، أو ما العراقيل التي ترون أنها من الممكن أن تقف في وجه المسار الديمقراطي الذي تسير باتجاهه تونس؟ - نحن لا نخاف صراحة من أي شيء، بالعكس نحن متفائلون، الربيع العربي انطلق وصبا ريحه فاح، ونسيم الديمقراطية بات يحف الجميع. ¶ الأكيد أن تونس اليوم تعيش مرحلة انتقالية تتطلب مساعدة محيطها الجغرافي، ما رسالتكم إلى دول الجوار ومحيطكم الإقليمي والعربي؟ - تونس تعيش بين جيرانها، وهي بالتأكيد تحتاج إلى تعاون ومساعدة جيرانها وإخوانها في الدول العربية، وفي هذا السياق لا بد أن نستذكر الجهود التي قامت بها قطر من أجل الثورة في تونس، وما تفضل به حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى، والشعب القطري من دعم للشعب التونسي في ثورته المباركة، حيث كان لذلك أكبر الأثر في أنفسنا. ¶ تونس كانت السباقة إلى الثورة، وأول من دخل ربيع العرب، بالمقابل هل يمكن أن تكون تونس أيضاً الأولى التي تدشن عهد الديمقراطية من خلال انتخابات حرة ونزيهة لمجلس وطني تأسيسي؟ - نحن في تونس نحسب الموضوع بشكل آخر، نحن نسير في إطار المبادئ الديمقراطية، لكن أيضاً في إطار الخصوصية التونسية، تجربتنا قد تكون فريدة لها متطلباته الخاصة، لكن هذا لا يمنع أن تكون نموذجا لانتقال ديمقراطي حقيقي، بعيدا أن أية فكرة تصديرية تقلل في النهاية من رهاننا كتونسيين نحن واعون بمحيطنا الجغرافي المغاربي والعربي، ونتحرك وفق ما ينجح رهاننا.