ثمنوا جهود جائزة الشيخ حمد في تعميق التواصل بين الشعوب.. مسؤولون وخبراء: دور رائد للترجمة في تعزيز الحوار بين الثقافات

alarab
المزيد 30 سبتمبر 2024 , 01:13ص
الدوحة- قنا

أكد عدد من المسؤولين والخبراء في مجال الترجمة على دور الترجمة المهم في خلق حوار بين ثقافات الشعوب ما يسهم في تمتين أواصر الصداقة والتعاون بين أمم العالم وشعوبه.
ونوهوا في تصريحات خاصة لـ «قنا» بمناسبة اليوم الدولي للترجمة الذي يوافق الـ 30 من سبتمبر كل عام، إلى أن الترجمة لعبت دورا رائدا في الانفتاح على الثقافات الأخرى للخروج من الانغلاق الثقافي وفضاء البعد الواحد، مثمنين في هذا الشأن دور جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي التي أطلقها دولة قطر عام 2015، لمد جسور التواصل بين الأمم والشعوب، ومكافأة التميز، وتشجيع الإبداع، وترسيخ القيم السامية، وإشاعة التنوع والتعددية والانفتاح، وتأصيل ثقافة المعرفة والحوار، ونشر الثقافة العربية والإسلامية.
وقالت الدكتورة حنان الفياض المستشارة الإعلامية لجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي: ساهمت الجائزة خلال عقد من الزمان في تعزيز فكرة الانفتاح الثقافي بين شعوب العالم، مستندة إلى الترجمة بوصفها واحدة من أهم أدوات مقاومة الانغلاق الثقافي الذي تعاني منه بعض الثقافات، مشيرة إلى أنه خلال هذه السنوات العشر لاحظنا إقبالا كبيرا من مجتمع المترجمين غير العرب على ترجمة أعمال عربية مهمة، مما يعكس وعيا واضحا واهتماما بقراءة الفكر العربي ولا يخفى ما للمترجم من دور في تقديم هذا العمل للقارئ الذي بدوره يبحث عن كل ما من شأنه أن يكشف عن الوجه الحقيقي للثقافة العربية.
وأوضحت المستشارة الإعلامية لجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي، أن الجائزة تتطلع مع دخولها عقدا جديدا إلى أن تواصل مد الجسور بين العالم، وتقريب وجهات النظر، وإشاعة ثقافة السلام، من خلال خطط مدروسة لتحقيق هذه الأهداف، وسوف يواكب ذلك عقد شراكات دولية مع مؤسسات مختصة بالثقافة والترجمة أو معاهد نشطة في مجال الترجمة واللغة العربية.

فضاء البعد الواحد
ومن جهته قال المترجم والأكاديمي جمال شحيد، باحث في المعهد الفرنسي للشرق الأدنى، إن الترجمة لعبت تاريخيا دورا رائدا في الانفتاح على الثقافات الأخرى للخروج من الانغلاق الثقافي وفضاء البعد الواحد، لافتا إلى أنه كان للعرب دور مؤسس في العصر العباسي الأول، إذ انطلقت الترجمة من بيت الحكمة في بغداد إبان عصر المأمون بخاصة، ولكنها انحسرت بعد الاجتياح المغولي لبغداد وانتشار عصور الظلام، ثم عادت لتنشط في القرن التاسع عشر، مع رفاعة الطهطاوي وبطرس البستاني وغيرهما، لتصبح في القرن العشرين النواة الصلبة للأدب العالمي، كما قال خوسيه ساراماغو.
وأضاف شحيد وهو فائز بجائزة الشيخ حمد للترجمة عام 2017 فئة الترجمة من الفرنسية إلى العربية، أن عدد الناطقين باللغة العربية يبلغ حاليا أكثر من نصف مليار إنسان. ولكن حجم الأعمال المترجمة عندنا ما زال ضعيفا، مقارنة بباقي شعوب الأرض، إذ لا تتجاوز الإصدارات المترجمة عندنا 1500 كتاب سنويا، من المحيط إلى الخليج، في حين تصل إلى عشرات الآلاف في اللغات العالمية الكبرى، مشيدا بدور جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي التي أطلقتها دولة قطر، الرائد في هذا المجال؛ إذ شجعت المترجمين على الإقبال على الترجمة العلمية المنضبطة والدقيقة.

 تفاعل بين لغتين
من جهته، قال الدكتور كيان أحمد حازم يحيى، مترجم وأكاديمي عراقي، إن الترجمة توصيل لمعنى نص في لغة (تعد مصدرا) إلى لغة (تعد هدفا) بوساطة نص مكافئ، وهذا يعني وجود تفاعل بين لغتين غايته الوصول إلى تفاهم متبادل بين الناطقين بهما وتعارف بين شعوبهما، تحقيقا لما خلق الله الخلق من أجله.
وأضاف الدكتور كيان الفائز بجائزة الشيخ حمد للترجمة في عام 2018 في فرع الترجمة من الإنجليزية إلى العربية، أنه بوحي من هذه الرؤية الإنسانية المنفتحة على الآخر، أنشئت جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي، وهو أمر يكشف عن إدراك القائمين على الجائزة الأثر البالغ الذي يمكن أن يكون للترجمة في إقامة حوار ثقافي بناء بين شعوب العالم، قائم على فهم متبادل يسهم في تقدم البشرية وازدهارها، وينمي إمكانات السلام في أرجاء العالم.
رسالة نبيلة
وبدورها أوضحت الدكتورة والمترجمة نادية العشيري الباحثة بمعهد الملك فهد للترجمة التابع لجامعة عبدالملك السعدي في المغرب، أن الترجمة تضطلع برسالة نبيلة تتمثل في مد الجسور بين شعوب العالم، بلغاتها وثقافاتها المختلفة، مشيرة إلى أن نقل ثقافة شعب إلى آخر، تجعل هذا الأخير يبذل مجهودا ليفهم الآخر، ومن ثم يستطيع الدخول معه في حوار، وهو أمر إيجابي.
وأضافت العشيري وهي فائزة بجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي عام 2023 في فئة الترجمة من الإسبانية إلى العربية، نجاح الجائزة في بناء الجسور- جسور التفاهم والتحاور والتجاور بين الثقافات، باعتمادها أحسن المترجمين والنقاد المتخصصين في عدة لغات، مع تخصيص كل دورة للغة من اللغات الحية، دون أن تغفل عن اللغات الأقل تداولا (وفي ذلك تحقيق للعدالة اللغوية). كما أن العدد الكبير من المترجمات والمترجمين الذين تتم دعوتهم، يتم الاحتفاء بهم بشكل يشجعهم على المزيد من العطاء، منوهة بأن الجائزة التي تمنحها دولة قطر بهذه القيمة المادية والمعنوية، يجعلها في طليعة الدول التي أولت وما تزال تولي الترجمة والمترجمين المكانة التي يستحقونها.
جدير بالذكر أن البشر يتحدثون نحو 7 آلاف لغة، ولذلك شكلت الترجمة قيمة أساسية للأمم المتحدة التي جعلت يوم الـ 30 من سبتمبر يوما عالميا للترجمة، وأعلن الاتحاد الدولي للترجمة أن شعار اليوم الدولي للترجمة 2024 هو «ترجمة وقراءات». ومنذ 1991 بدأ الاتحاد الدولي للمترجمين الاحتفال الرسمي سنويا بهذه المناسبة، بينما صادقت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2017 على إقرار هذا اليوم الدولي والاحتفاء به، حيث وقعت على مسودته إحدى عشرة دولة بينها دولة قطر.