مواطنون ومقيمون مستاؤون من ارتفاع أسعار الحج .. ومقاولون يتذمرون
تحقيقات
30 يونيو 2011 , 12:00ص
الدوحة - هناء الرحيم
أبدى عدد كبير من المواطنين والمقيمين الذين ينوون الذهاب إلى الحج استياءهم من ارتفاع الأسعار، التي أعلنتها إدارة شؤون الحج والعمرة بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لموسم 1432 هـ 2011م، وذلك بحدود %30 عن العام الماضي. وقالوا إن جميع حساباتهم تغيرت مع هذه الزيادات، ومنهم من اضطرته ظروفه الاقتصادية إلى أن يؤجل الحج هذا العام إلى فترة لاحقة، كذلك هناك عدد من الأشخاص الذين كانوا ينوون الذهاب برفقة عائلاتهم قرروا الذهاب وحدهم بسبب التكاليف العالية للحج هذا العام، فضلاً عن إلغاء الفئة (ب) التي كان بإمكان من هم متوسطو الدخل السفر جواً من خلالها. وانتقد المقيمون إلغاء الفئة (ب) من حملات الحج لهذا العام وقالوا إنه بذلك تم تصنيف الحج على فئتين أغنياء وفقراء فقط، وتم رفع أسعارها وهو أمر غير عادل، وطالبوا بإعادة النظر بالأسعار وبوضع الفئة (ب) التي كان يرتادها عدد كبير من المقيمين ممن يرغبون بالسفر جوا إلى مكة.
وفي هذا الإطار، يستغرب عز الدين من ارتفاع الأسعار بشكل كبير هذا العام، والتي وصلت حدود %30، حيث تقدر الزيادة بحوالي 2800 ريال، وبالتالي تصبح تكلفة السفر براً حوالي 12000 ريال بعد أن كانت 9200 ريال براً. ويوضح عز الدين أنه كان قد أعد ميزانية بحدود 9500 ريال كحد أقصى للذهاب إلى الحج براً، أما الآن فقد اختلفت حساباته. وينتقد بشدة إلغاء الفئة (ب) من حملات الحج، مشيرا إلى أنها كانت تشجع المقيمين على السفر جوا إلى مكة، أما الآن فقد تم تقسيم الحج إلى فئتين، وبات هناك تمييز بين فئة الأغنياء وفئة « الغلابة» على حد قوله. ويوضح أن الأسعار باتت مرتفعة جداً، حيث إن المقيم يبقى سنوات ليجمع مبلغاً للذهاب به إلى الحج. ويشير إلى أنه كان ينوي الذهاب مع زوجته إلى الحج أما الآن ووفقا لهذه الأسعار فسيضطر للذهاب بمفرده، لأن ميزانيته لا تسمح بذلك، فضلا عن ذلك فإنه كان ينوي الذهاب جوا، أما الآن ومع إلغاء الفئة (ب) سيذهب برا.
وعن تذمر المقاولين من انخفاض الأسعار، يعلق عز الدين بالقول «هم يتذمرون لأنهم يبغون ربحاً أكبر، وليس ربحا عاديا، وكل ذلك –طبعاً- سيكون على حساب الحجيج». ويوافقه الرأي محمد عبده الذي يعتبر أيضاً أن الأسعار ارتفعت كثيرا عن السنة الماضية، ولم يتم فيها مراعاة الناس أصحاب المداخيل المحدودة. ويشير إلى أنه كان يجمع مبلغ الحج له ولزوجته إلا أنه تفاجأ بالزيادات الكبيرة، وبالتالي فإنه سيذهب للحج من دون زوجته لأنه يحتاج إلى 24 ألف ريال، وهو مبلغ فوق طاقته. أما إبراهيم محمد فيقول إنه استغرب كثيرا من الأسعار التي أعلنتها البعثة، واستغرب أكثر من مطالبة مقاولي الحج بزيادتها ويقولون إنهم سيخسرون، والمؤكد أنهم يهدفون لربح مضاعف، لافتا في الوقت عينه إلى أنه كان ينوي الذهاب إلى الحج لكن مع هذه الأسعار سيضطر لتأجيل حجه للعام المقبل، حتى يتمكن من تجميع المبلغ المطلوب.
العيب في المقاولين
وفي الوقت الذي يعبر هؤلاء عن استيائهم من ارتفاع الأسعار ويهاجمون أصحاب الحملات الذين بدورهم مستاؤون من انخفاضها، ويؤكدون أنهم سيخسرون من جرائها.
وفي هذا السياق، يقول محمد فرج باجيدة صاحب حملة التوحيد أنه لم يتفاجأ بإلغاء الفئة (ب) من حملات الحج، لافتا إلى أن هذه الفئة التي كانت تنتمي إليها حملته مظلومة من جميع النواحي، حيث لم يكن بينها وبين الفئة (أ) إلا 2000 ريال. ويؤكد باجيدة أن الأسعار التي أعلنتها إدارة شؤون الحج والعمرة بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية يتحمل مسؤوليتها المقاولون أنفسهم معتبرا العيب فيهم وليس في لجنة الحج، مشيرا إلى أنه كان مفترضاً بالمقاولين مناقشة اللجنة بأسعار الحج منذ أن انتهى الموسم الماضي، وحدثت المشكلة في مخيم «منى». ويوضح أنه حتى لا تتكرر مشاكل العام الماضي في الحج «اتصلت بالمقاولين وطلبت منهم الاجتماع مع لجنة الحج حتى يتم التناقش معهم حول الأسعار، ولكن لم يحصل أي تجاوب ولا اتفاق». ويرى باجيدة أن الأسعار المطروحة لا تناسب المقاول ولا الحاج وما حصل هو نتيجة «لعدم تكاتف المقاولين مع بعضهم البعض، وكل الذي يحصل للمقاول هو المتسبب فيه بالدرجة الأولى لأنهم لا يتناقشون بالأمور المستقبلية، رغم تأكدهم أن لجنة الحج ستطرح أسعاراً غير مناسبة لهم». ويضيف: كان مفترضاً بالمقاولين الجلوس مع البعثة لمناقشة الأسعار المناسبة للجميع، كما كان مفترضاً بالحملات أن تجتمع مع بعضها البعض وتعرض اقتراحاتها وتقدم لائحة الأسعار من قبلها. ويعتبر باجيدة أن موقف بعثة الحج سليم %100، لأن المقاول أصلا لم يعطها علماً وخبراً باقتراحه بهذا الخصوص. ويرى باجيدة أن المقاولين مقصرون في هذا الجانب، وهم يدفعون ثمن عدم تكاتفهم وتنسيقهم حيث كان من المفترض بهم الجلوس مع البعثة وتقديم اقتراحاتهم قبل أن تقع الفأس في الرأس. ويعتقد أن تقصير المقاولين أدى إلى تصرف البعثة كما تشاء وهذا حق لها.
ورغم رفع أسعار هذا العام فإن باجيدة يعتبرها أقل من أسعار الحملات في الدول المجاورة، مشيرا إلى أن الذي يرفع السعر هو تذكرة السفر وليس الخدمات، متهما الخطوط الجوية القطرية بأنها تلعب بأسعار التذاكر كيفما تشاء، حيث يصل سعر التذكرة إلى جدة 4500 بعد أن كان 3200، ويتساءل لماذا هذا الاستغلال.
ويعتقد باجيدة أنه إذا لم يتم رفع حجم الكوتة (عدد الحجاج) عن 1500 حاج في قطر فإن المقاول سيكون المتضرر الأول من جراء ذلك، متوقعا أن الزيادة إذا حصلت وهي عادة ما تأتي متاخرة فإن الموسم سيكون جيدا على الحاج والمقاول في آن معا. أما إذا لم تأت الكوتة فإن المقاول سيكون خسرانا %100 لأنه لن يستطيع تغطية مصاريفه.
وعن إلغاء الفئة (ب) من حملات الحاج يقول باجيدة إن هذه الفئة كانت تخدم المقيمين، ولكنها الآن اقتصرت على (أ) و(ج)، لافتا إلى أنه كان ضد إلغاء الفئة (ب) لأنها تخدم فئة كبيرة من المقيمين ممن يرغبون في السفر جوا. ويوضح أن هناك الكثير من القطريين الذين يفضلون الذهاب عن طريق حملات من الدول المجاورة بسبب الوقت والخدمات المميزة، حيث إن الحاج القطري يبحث عن التميز دائما.
ظروف صعبة
من جهته، كان يتمنى إبراهيم الإبراهيم صاحب حملة التقوى من بعثة الحج أن تقوم بمناقشة الأسعار مع المقاولين قبل طرحها لمعرفة مبرراتها، لافتا إلى أنه قد يكون للبعثة مبرر لطرح مثل هذه الأسعار مقدرا في الوقت عينه جهودها إلا أنه كان مفترضاً حصول اجتماع لمناقشة ولتفادي بعض المشاكل التي حصلت في السنوات السابقة. ويؤكد الإبراهيم على أهمية دوري البعثة والمقاولين لإنجاح موسم الحاج، مشددا على ضرورة أن يكون هناك تنسيق بين البعثة والمقاولين في رفع الأسعار. ويقول الإبراهيم إن الحملات تفاجأت من البعثة حين طرحت الأسعار حيث لم يتم مناقشتهم فيها.
ويعلق الإبراهيم على فرض البعثة دفع التأمين مقدما على الحملات، ويستغرب من هذا الشرط في حين أن الحملات جميعها لم يتقدم لها أي حاج بعد، فكيف تدفع التأمين مقدما. ويتساءل ما الذي يضر البعثة أن يتم تأجيل دفع التأمين لحين صدور الكوتة؟ ويجيب لا أعتقد أن هناك أي ضرر على البعثة طالما هناك التزام من قبل المقاول أمام البعثة وهي الجهة الإشرافية على المقاول، خصوصا أن سنوات مضت على هذا النظام ولم يحصل أي مشاكل. ويرى أن أكثر الحجاج في قطر خصوصا المقيمين ممكن أن يؤجلوا حجهم جراء ارتفاع الأسعار. ولا يعتبر الإبراهيم أن الأسعار قليلة على المقاولين، بل يطالب بضرورة دراستها قبل أن تطرح حتى يتم تخفيف العبء على الحاج، لافتا إلى أن المقاول سيحمل التكلفة التي تقع عليه للحجيج لأنه لن يقبل الخسارة، وبالتالي المقاول ملتزم أمام البعثة أن ينفذ التسعيرة، لافتا إلى أن السعر الذي طرحته البعثة هو الحد الأدنى. ويستعرض الإبراهيم أهم المشاكل التي كانت تواجهها البعثات والتي يطالب البعثة أن تساعد الحملات لتفاديها في الفترة المقبلة وهي التأخر لحوالي 12 ساعة لإنجاز جوازات الحجاج والتأمين الذي طلب دفعه مقدما، لافتا إلى أن هناك بعض الحملات لا تستطيع دفع مثل هذا المبلغ الكبير مقدما قبل أن يتقدم لها أي حاج في حين أنه في السنوات الماضية كان يدفع التأمين بعد أن يحدد عدد الحجاج لكل حملة.
ولا يوافق الإبراهيم على إلغاء الفئة (ب) مشيرا إلى أن الناس تمر بظروف صعبة وأن القطريين يذهبون في حملتين أو ثلاث والبقية تقسم على المقيمين، وينتقد في الوقت عينه الارتفاع المبالغ به لتذاكر السفر للحاج. ويؤكد أن المشكلة الأساسية تكمن في عدم التنسيق بين البعثة والمقاولين، لأن الهدف في النهاية هو خدمة الحاج.
ويؤكد الإبراهيم أن هناك الكثير من القطريين الذين يذهبون في حملات من الدول المجاورة، لافتاً إلى أن الحملات الكبيرة تعتمد على الحاج الخاص، وهو الحاج الذي يطلب مميزات خاصة، والتي قد تصل تكلفتها إلى 60 أو 70 ألف ريال وهي لميسوري الحال. ويوضح بأن البعثة منعت هذا العام الخدمة الخاصة للحاج. ويعتقد الإبراهيم أن الحجاج القطريين سيذهبون من خلال حملات الدول المجاورة أو عن طريقهم الخاص، والمقيمون أيضاً ممكن يذهبون عن طريق تأشيرات زيارة للحج وليس عن طريق حملات، والبعض الآخر سيعزف عن الحج ويضطر لتأجيله نظرا للظروف الاقتصادية الصعبة.
نتوقع أسعاراً أعلى
أما حمد الشهواني صاحب حملة القدس فكان يعتقد أن البعثة ستطرح أسعارا أعلى من التي طرحتها، لافتا إلى أن بعثة الحج اتخذت القرار من نفسها من دون الرجوع إلى المقاولين ومشاورتهم في الوقت الذي كان يأمل أن يكون هناك نقاش حول الأسعار قبل طرحها. ويعتبر الشهواني أن المقاولين «لا حول ولا قوة لهم» وأن الأسعار قليلة بالنسبة للخدمات التي يقدمونها، لافتا إلى أن الأسعار لا تتماشى مع الخدمات المميزة التي تقدمها البعثات. ويتساءل الشهواني عن أسباب عدم تدخل البعثة مع الخطوط الجوية القطرية لتخفيض سعر تذكرة السفر. ويقول إن الحملات تضطر لرفع أسعارها لأن سعر مخيمات منى يزيد كل سنة عن السنة التي قبلها. ويعرب عن تخوف المقاولين من عدم زيادة الكوتة لأن ذلك سيؤثر على المقاولين كثيرا. ويطالب الشهواني البعثة بإعادة النظر بالنسبة لموضوع التأمين الذي فرضت دفعه مسبقا. ويشدد في الوقت عينه على ضرورة التنسيق بين البعثة والمقاولين لأن المصلحة في النهاية هي واحدة وتصب في مصلحة الحاج.
أسعار مناسبة للبر
من جانبه، لا يعتبر محمد بدر السادة صاحب حملة البدر أن هناك أي مشكلة في التكاليف بالنسبة لمعظم حملات الفئة (ج)، مشيرا إلى أن الأسعار بالنسبة لحملات البر مناسبة جدا ومعقولة. يقول السادة إنه في الوقت الذي يرى فيه الناس أن الأسعار غالية ومبالغ فيها، يرى أصحاب الحملات أنها مقبولة جدا نظرا للخدمات المقدمة، حيث إنه يجب أن لا يقل مستوى الفنادق عن 3 نجوم بالنسبة للفئة (ج) حتى يرتاح الحاج ولا يتعرض لأي مشاكل، مشيدا بالحملات القطرية التي تعد الأرخص بين الدول المجاورة، وخدماتها جيدة مقارنة بغيرها، حيث إن الدولة تسعى لتحصيل التأشيرات للمقيم في قطر كما أنها تجمع كل حجاجها في منطقة واحدة ليكونوا تحت إشراف البعثة القطرية.