مع إقبال الأطفال على أجنحة «الدوحة للكتاب» مؤخراً.. هل نجح الآباء في غرس حب القراءة لدى الأبناء؟

alarab
محليات 30 مايو 2025 , 01:25ص
يوسف بوزية

خلال معرض الدوحة الدولي للكتاب، الذي ودّع محبيه مؤخراًعلى وعد بلقاء جديد في نسخة العام المقبل، تحولت جنباته إلى فضاء تعليمي للكبار والصغار على حد سواء، ولذا طرحت «العرب» سؤالا على الخبراء وأولياء الأمور حول دور المعرض والأسر في غرس حب القراءة لدى الأبناء، فأجمعوا على أن المعرض يعد منصة تربوية تساهم في ترسيخ حب القراءة في أذهان الناشئة. وأكدوا أهمية التوفيق بين الارتباطات الدراسية وتخصيص وقت لقراءة الكتب والقصص القصيرة فضلا عن برمجة زيارات خاصة للمعرض، منوهين بإقبال الأطفال على أجنحة كتب الأطفال، ومشاركة الآباء في اختيار العناوين المناسبة، في مشهد يجسد وعيًا متزايدًا بدور القراءة في حياة الأبناء.

فاطمة العتوم: إمكانيات هائلة لمعارض الكتب في تنمية عقول الأطفال

قالت الأستاذة فاطمة العتوم إن معارض الكتب بما تحفل به من الكتب والفعاليات والأنشطة التفاعلية وورش العمل، تحمل إمكانيات هائلة في تنمية ليس فقط عقول الأطفال، ولكن أيضًا رفاهيتهم الشاملة، بما في ذلك تعزيز وحماية صحة الأطفال، تعزيز القدرات الإدراكية والمهارات اللغوية لديهم، تعزيز التعاطف والذكاء العاطفي، مبينة أن معرض الدوحة للكتاب لا يقتصر عادة على القصص والروايات، بل تُعرض أيضًا مواد تعليمية وقصص تركز على الصحة والبيئة والعافية. حيث يمكن للأطفال استكشاف الكتب والقصص التي تُقدم مفاهيم مثل الصحة البيئية وسلامة الغذاء، التغذية، وممارسة الرياضة، والوعي بالصحة العقلية، والوقاية من الأمراض بطرق مشوقة ومفهومة.
وأكدت العتوم أهمية هذه الموارد في تمكين الأطفال من المعرفة وتشجيعهم على اتخاذ خيارات صحية منذ سن مبكرة. كما يهتم معرض الدوحة للكتاب بتقديم أنشطة وورش عمل تلهم الأطفال لتبني هوايات وعادات وأنشطة صحية. سواء كان الأمر يتعلق بتعلم الزراعة وأنشطة وزارة البيئة، أو المشاركة في الأنشطة المدرسية وزيارات المدارس التي تنظم من قبل وزارة التعليم للمعرض، أو تعزيز ممارسة أنشطة صحية من قبل وزارات الدولة، فإن هذه التجارب تعزز حب العيش الصحي من خلال تشجيع المشاركة الفعالة.
وأوضحت أن أحد جوانب معرض الدوحة المميزة هو الشعور بالمجتمع الذي تنشره، حيث يجتمع الكُتّاب والمعلمون والآباء والأطفال في مساحة مشتركة مخصصة للقراءة والتعلم ويقدم موارد تعليمية تشمل كتباً تعزز الوعي أهمية الصحة العقلية وتقديم الدعم النفسي، وكتباً تثقيفية حول البيئة والصحة والتغذية الصحية وأساليب الحفاظ على لياقة جسدية جيدة، بالإضافة إلى مواد توعوية حول النظافة الشخصية وأساليب الوقاية من الأمراض المعدية، وذلك بغرض تمكين الأطفال وأولياء الأمور من اتخاذ قرارات مدروسة وصحية في حياتهم اليومية.
ونوهت بدور الآباء في تشكيل عادات القراءة والصحة لدى الأطفال كما يشجع معرض الدوحة مشاركة الآباء من خلال تقديم فرص للعائلات لاستكشاف الكتب معًا، والمشاركة في مناقشات وورش عمل حول مواضيع تهم صحة أبنائهم، وتعزيز الرسائل الإيجابية حول ذلك وهو ما يساهم في غرس العادات الصحية لدى الأطفال سواء كان في المنزل أو في المجتمع.
ولفتت إلى أهمية القراءة في توسعة مدارك وخيال الأطفال، وإبداعهم، ورفاهيتهم العاطفية. حيث يحفز التعرض للكتب المتنوعة والقصص الفضول لهذه الكتب. ويشجع على التعاطف، ويُحفز على حب الاستمتاع بالتعلم. بحيث تُسهم هذه التجارب في تعلم المرونة العاطفية والرفاهية العقلية، وتعزز النظرة الإيجابية نحو الحياة وهذا بدوره ينعكس ايجاباً على صحة الأطفال.
وختمت العتوم بالتأكيد على دور المعرض في تقديم المحتوى التعليمي، وتشجيع الهوايات الصحية، وتعزيز التعاون المجتمعي، وتوفير الوصول إلى الموارد، ومشاركة الآباء، وإلهام الإبداع حيث يسهم المعرض بشكل كبير في حماية وتعزيز رفاهية الأطفال وتغذية العقول السليمة، والأجسام السليمة، والمجتمعات السليمة للأجيال القادمة.

الدكتورة لطيفة النعيمي: المجتمع العاجز عن جعل القراءة أسلوب حياة يظل على الهامش

قالت الدكتورة لطيفة النعيمي، أستاذ الهيدروجيولوجيا والبيئة بجامعة قطر إن المجتمع الذي يعجز عن جعل القراءة أسلوب حياة يظل على هامش التاريخ، منوهة بدور أولياء الأمور على حث الأبناء على استغلال أوقات فراغهم في المطالعة الحرة، بعد الانتهاء من واجباتهم المدرسية اليومية، مشيرة إلى دور القراءة في توسع دائرة الخيال وحث الصغار على التفكير الإبداعي، خصوصًا بالنسبة لطلاب الإعدادية باعتبارها مرحلة مفصلية، خاصة أن الأنظمة التعليمية نادرا ما تشجع على القراءة مثل السابق، باعتبار أننا عندما كنا طلابًا في المدارس، كان هنالك تواجد للمكتبة المدرسية، بالإضافة إلى حرص المدارس على إجراء المسابقات التنافسية بين الطلاب في قراءة الكتب خارج المنهج الدراسي، إيمانًا منها بأهمية القراءة للأطفال كمصدر للمعرفة والتعلم.
وأكدت الدكتورة النعيمي على حاجة المجتمع للقراءة اليوم أكثر من أي وقتٍ مضى، لأن ما يحدث في الجغرافيا والتاريخ والذاكرة يحتاج وعيًا مضاعفًا، حتى لا نكون عناصر خلل في المستقبل، لأن التعامل مع القراءة بمسؤولية ووظيفية، يجعلنا نتجاوز مسألة التأثير المباشر، إلى مفهوم أشمل وأبلغ، وهو كيف تصنع من القراءة حالة ثقافية، وأضافت: كلما قرأنا أكثر تعلمنا أكثر وتفتحت مداركنا، خصوصًا بالنسبة لأبنائنا، وذلك من خلال ترسيخ ثقافة القراءة، في وجدان طلاب المدارس، وهو ما يغير كثيرًا من أنماط الحياة التقليدية، حيث إن القراءة بالفعل تُكسب الأبناء مهارات حياتية عديدة وتحلق بهم إلى سماء الإبداع. وأشارت إلى دور معرض الدوحة الدولي للكتاب في تعزيز قيمة القراءة حيث يُعد المعرض إحدى أهم قنوات التواصل المباشر بين الكتاب والناشرين والمثقفين للاطلاع على كل ما هو جديد في مجال صناعة المعرفة، فضلًا عن كونه يعكس حالة المشهد الثقافي الذي تعيشه الدولة، كما يعكس حرص القيادة الحكيمة على الثقافة وأهميتها، لتصل صورة قطر إلى الأقطار العالمية كافة، بأنها دولة تسعى إلى ترسيخ السلام والاستقرار والمحبة في دول العالم، وهذا ديدنها منذ عهد المؤسس الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني -رحمه الله- الذي أوْلى الثقافة كل اهتمام، علاوة على حرصه على نشر المعرفة، بجلب الكتب من الهند وإرسالها إلى الدول المجاورة، رغم ظروف الانتقال الصعبة وقتها، وواصل حكامنا من بعده هذا الاهتمام، إلى أن وصلنا إلى عهد حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، وقبله عهد صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وهو ما يعكس الاهتمام بهذا المشروع الثقافي والمعرفي الكبير.

د. عيسى الحر: غرف نوم بدون أجهزة.. ولا تخلو من الكتب والقصص

أكد الدكتور عيسى الحر، مرشد تربوي وأسري، أهمية  تعزيز حب القراءة لدى الأطفال وجعل الكتاب جزءًا من حياتهم اليومية، مشدداً على دور أولياء الأمور في مساعدة أطفالهم على تنظيم أوقاتهم والحفاظ على أنماط سلوكية مفيدة مثل قراءة كتاب أو الاستماع إلى محتوى صوتي هادئ أو ممارسة تقنيات الاسترخاء، وجعل غرف النوم خالية من الأجهزة الإلكترونية ولا تخلو من الكتب والقصص بحيث يساعد ذلك في خلق بيئة منزلية مواتية لغرس حب القراءة في نفوس الأبناء.
وأشار الدكتور الحر إلى أهمية تحقيق التوازن بين الاستعمال الأمثل للتكنولوجيا الحديثة والعادات الإيجابية مثل القراءة، والاستعداد للنوم دون استخدام الشاشة وذلك بإنشاء منطقة عازلة قبل وقت النوم يتم خلالها وضع الشاشات بعيدًا والانخراط في أنشطة مهدئة.
وأضاف: ينبغي على الوالدين تحديد مدة زمنية للعب على الأجهزة الإلكترونية، بالاتفاق مع طفلهم، كي لا يُسرفَ في الكثير من الوقت في اللعب، وبالتالي يتطور الأمر إلى إدمانه اللعب، كما يجب أن يطّلع الوالدان على غِلاف كل الألعاب الإلكترونية عند شرائها، حيث يوجد على كل غِلاف تقييم إرشادي، يبين فيه تعريف اللعبة والعمر المُلائم لها، وإذا كانت الألعاب عبارة عن تطبيقات تثبت على الهواتف أو الأجهزة الأخرى يجب تفقدها من قِبل الوالدين.

زينب خشان: الأجهزة الإلكترونية جعلت عيالنا يقاطعون القراءة

أكدت الأستاذة زينب خشان، مستشارة تربوية وأسرية، على دور الأجهزة الإلكترونية في جعل العديد من الأطفال يقاطعون القراءة، من خلال إدمان هذه الأجهزة والتعلق بالبرامج وأفلام الكرتون، منوهة بأهمية القراءة في تطوير طلاقة وبناء الجانب اللغوي والعقلي في حياة أولادنا.
وأوضحت أن الإفراط في استخدام الأجهزة الذكية يؤثر ليس فقط على علاقة الأبناء بالكتب وإنما على العلاقات داخل الأسرة كما يسبب فجوة بين الأفراد، لاستغراق كل من الابناء في جهازه الإلكتروني، من دون توفر الفرصة أو الرغبة للتواصل والحوار والأنشطة المشتركة التي توثق الروابط الأسرية أو الاجتماعية.
وأشارت إلى استثمار الأجهزة الإلكترونية بطرق إيجابية، وذلك بتحميل بعض التطبيقات التربوية التي تساعد الأطفال على القراءة والكتابة، وخاصة التي تحتوي على مسابقات وألغاز محفزة، منوهة بضرورة الحد من استخدام الأجهزة الإلكترونية والهواتف الذكية والتلفزيون قبل النوم على الأقل بمدة 30 دقيقة، مع مراعاة إزالة كل الأجهزة الإلكترونية من غرف نومهم.
وحذرت الأهل من أضرار الأجهزة الذكية على أطفالهم، بما فيها ضعف التحصيل الدراسي والعزلة الذهنية والاجتماعية، العدوانية الاكتئاب، اضطرابات النطق، ضعف القدرة على التواصل مع تراجع المهارات الاجتماعية لدى المراهقين.
وأوضحت طريقة مساعدة الأهل لأطفالهم على التخلص من الإدمان على الأجهزة الذكية، من خلال المقاربة التدريجية عبر الترشيد ووضع قوانين وأوقات متفق عليها. بهدف الوصول إلى استخدام مقنن ومرشد للأجهزة. ومن خلال إدمان هذه الأجهزة والتعلق بالبرامج وأفلام الكرتون، منوهة بأهمية القراءة في تطوير طلاقة وبناء الجانب اللغوي والعقلي في حياة أولادنا.
وأوضحت أن الإفراط في استخدام الأجهزة الذكية يؤثر ليس فقط على علاقة الأبناء بالكتب وإنما على العلاقات داخل الأسرة كما يسبب فجوة بين الأفراد، لاستغراق كل من الابناء في جهازه الإلكتروني، من دون توفر الفرصة أو الرغبة للتواصل والحوار والأنشطة المشتركة التي توثق الروابط الأسرية أو الاجتماعية.
وأشارت إلى استثمار الأجهزة الإلكترونية بطرق إيجابية، وذلك بتحميل بعض التطبيقات التربوية التي تساعد الأطفال على القراءة والكتابة، وخاصة التي تحتوي على مسابقات وألغاز محفزة، منوهة بضرورة الحد من استخدام الأجهزة الإلكترونية والهواتف الذكية والتلفزيون قبل النوم على الأقل بمدة 30 دقيقة، مع مراعاة إزالة كل الأجهزة الإلكترونية من غرف نومهم. وحذرت الأهل من أضرار الأجهزة الذكية على أطفالهم، بما فيها ضعف التحصيل الدراسي والعزلة الذهنية والاجتماعية، العدوانية الاكتئاب، اضطرابات النطق، ضعف القدرة على التواصل مع تراجع المهارات الاجتماعية لدى المراهقين. وأوضحت زينب خشان طريقة مساعدة الأهل لأطفالهم على التخلص من الإدمان على الأجهزة الذكية، من خلال المقاربة التدريجية عبر الترشيد ووضع قوانين وأوقات متفق عليها.. بهدف الوصول إلى استخدام مقنن ومرشد للأجهزة.

كيف نُعلّم أبناءنا «صداقة الكتاب»؟

بينما يضيع كثير من أوقات أولادنا بين الأجهزة والألعاب الإلكترونية، يمكن لأولياء الأمور تشجيع أبناءهم على القراءة من خلال 10 خطوات:
* الاستعانة بالكتب والقصص المصورة لتشجيعهم على القراءة، ثم الطلب منهم سرد القصة بأسلوبهم الخاص.
* استثمار الأجهزة الإلكترونية بطرق إيجابية، وذلك بتحميل بعض التطبيقات التربوية التي تساعد الأطفال على القراءة والكتابة، وخاصة التي تحتوي على مسابقات وألغاز محفزة.
* تحديد زمن محدد لاستخدام الأجهزة الإلكترونية، ويكون استخدامها كحافز لهم إذا أدَّوا واجباتهم في القراءة والكتابة.
* عرضهم على طبيب أو مستشار متخصص لتشخيص حالتهم ومعرفة الأسباب التي أدت إلى ضعف قدراتهم في القراءة؛ حتى لا يتعرضوا للسخرية أو المقارنة مع زملائهم.
* إشراكهم مع بعض الزملاء الجيدين في القراءة، حتى يتعلموا منهم القراءة، فالطفل يتعلم من أقرانه أكثر من غيرهم.
* عمل خطة للقراءة معهم بانتظام، خاصة في المواضيع التي يحبها الأولاد؛ مثل القصص والمسابقات ومواضيع الرياضة.
* عمل مكتبة مصغرة في غرفة الأولاد، تحتوي على بعض القصص وكتب المسابقات والألغاز.
* المشاركة في مسابقات القراءة على مستوى الأسرة والمدرسة، لأنها تعطي الأولاد حافزًا للقراءة والتفوق والمنافسة مع الأقران.
* أخيرًا، علينا أن نعلم أن القراءة تغير من حياة الإنسان؛ فهي تزيد من مستوى المعرفة لديه، وتجعله يتعرف على ربه ودينه وسيرة رسوله ﷺ، وتكسبه مهارات التفكير والتحليل والخيال والإبداع، وتساعد على الاسترخاء والهدوء وتقوية الذاكرة والتركيز، وتقلل من التوتر والاضطرابات، وهي مهمة للتواصل مع الآخرين، وتعزز التعاطف معهم، والاستقلالية، والمسؤولية، والثقة بالنفس، وهي طريق للتقدم والتطور الحضاري.