الأزمة الاقتصادية تلقي بثقلها على الصائمين في لبنان

alarab
الأزمة الاقتصادية تلقي بثقلها على الصائمين في لبنان
تقارير 30 مارس 2023 , 08:26م
قنا

ألقت الأزمة الاقتصادية بثقلها على حياة معظم اللبنانيين في شهر رمضان المبارك، وفاقمت من معاناتهم، وأثرت على أمنهم الغذائي بسبب الغلاء الفاحش لأسعار المواد الغذائية والاستهلاكية.
ومع اشتداد الأزمة، اضطر عدد كبير من اللبنانيين إلى تغيير عادات محددة في طريقة عيشهم، من أجل مجاراة الواقع الراهن، خاصة أن الأسعار ترتفع أكثر من مرة في اليوم الواحد، تماشيا مع صعود الدولار، بعد أن باتت كافة السلع تسعر بالدولار الأمريكي أو بما يقابله من الليرة اللبنانية على أساس سعر الصرف في السوق السوداء، والتي تجاوز فيها الدولار حاجز الـ100 ألف ليرة في الأيام الماضية، بعد أن فقدت العملة اللبنانية أكثر من 95 بالمئة من قيمتها.
وحل شهر رمضان المبارك هذا العام وسط تفاقم الأزمة الاقتصادية والمعيشية وارتفاع أسعار السلع والمواد الاستهلاكية والغذائية، ومنها اللحوم والخضراوات، التي تتأثر بطبيعة الحال بموضوع سعر صرف العملة، لا سيما بعد إعلان أمين سلام وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية في فبراير الماضي عن آلية عمل المؤشر الغذائي بما يسمح للمحال التجارية والسوبر ماركت بالتسعير بالدولار، مبررا هذا القرار بأنه يهدف لضبط السوق وحماية المستهلك في ظل التقلبات في أسعار صرف الدولار.
وفي هذا السياق أشار الدكتور محمد أبو حيدر مدير عام وزارة الاقتصاد والتجارة اللبنانية، في تصريح خاص لوكالة الأنباء القطرية "قنا" إلى تأثير ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة على أسعار المواد الغذائية خلال شهر رمضان المبارك.. مبينا أن لبنان الذي يستورد 86 بالمئة من مواده الغذائية يتأثر بارتفاع الدولار مقابل الليرة.
وأكد أن مديرية حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد ستتابع جولاتها الميدانية خلال شهر رمضان المبارك لمحاولة ضبط الأسعار واتخاذ الإجراءات اللازمة بالمخالفين.. مشيرا إلى تدني القدرة الشرائية عند اللبنانيين، وهو ما سيؤثر على عادات عدد كبير من الصائمين في ظل ارتفاع معدل الفقر، وكذلك انخفاض نسبة الاستيراد لعدد من المواد الغذائية والاستهلاكية من الخارج نتيجة تدني الطلب عليها.
وأكد مدير عام وزارة الاقتصاد والتجارة اللبنانية وقوف إدارة حماية المستهلك بالوزارة إلى جانب الناس في هذا الشهر الفضيل في مواجهة جشع بعض التجار الذين يستغل بعضهم فرصة الشهر الكريم لرفع الأسعار.. لافتا إلى تسطير العديد من محاضر الضبط بحق المخالفين من التجار وإحالة المخالفات إلى القضاء المختص.
ومن الصعوبة بمكان تحديد تكلفة "سفرة رمضان" في لبنان هذا العام، بسبب التذبذب في سعر صرف الدولار أمام الليرة، والذي يشهد تقلبات مستمرة في اليوم الواحد، إلا أنه في كل الأحوال فإن المسألة ترتبط أولا وأخيرا بالمستهلكين ونمط الاستهلاك.
ويرى مراقبون أن معظم الفئات اللبنانية تعاني من الغلاء الفاحش لأسعار غالبية المواد الاستهلاكية، كما أن القوى الشرائية قد تدنت لدى جميع الطبقات تقريبا، في ظل أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخ لبنان، والتي صنفها البنك الدولي من بين أسوأ عشر أزمات، وربما من بين الثلاث الأسوأ عالميا منذ القرن التاسع عشر، في حين كشفت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) في تقرير لها مؤخراً عن ارتفاع نسبة الفقر في لبنان إلى أكثر من 82 بالمئة.
ومن المتوقع أن تتأثر "سفرة رمضان"، التي لطالما كانت مليئة بأصناف متعددة من الأطعمة من صحن "الفتوش" والمقبلات والفطائر والدجاج واللحوم، إضافة إلى أصناف متعددة من الحلويات مثل الكنافة والقطايف.
وتشير التوقعات إلى أن العادات ستتبدل هذا العام كثيرا، خصوصا مع الغلاء الفاحش للأسعار، وعدم قدرة المواطنين على سحب ودائعهم من المصارف.
وبدون شك، فإن الأزمة الخانقة ستدفع اللبنانيين إلى الإقلاع عن عادة إقامة "السفر الرمضانية" الكبيرة والغنية بالأطعمة وتوجيه الدعوات إلى الأقرباء والأصدقاء، وسيتم اختصار الإفطارات على أفراد العائلة الواحدة وضمن إمكانات محدودة جدا أو متواضعة إلى أبعد حدود، وهذه المسألة باتت محسومة لدى أغلبية الصائمين الذين يتجهون إلى هذا المبدأ بعدما فرضت الظروف الاقتصادية الصعبة خيارات جديدة عليهم. ويبقى الاتكال دائما على قوة التعاضد التي تميز الشعب اللبناني.
كما أن شهر رمضان المبارك هذا العام يحل على لبنان وسط انسداد الأفق السياسي واستمرار الشغور الرئاسي منذ نهاية أكتوبر الماضي وهو ما يفاقم الأزمة الاقتصادية التي يشهدها البلد، مما ينعكس سلبا على الأوضاع المعيشية للسكان في ظل معاناة كبيرة ومشاكل متعددة وخاصة ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية والغذائية الأساسية مثل الخبز والخضراوات إلى جانب ارتفاع كلفة الفاتورة الاستشفائية والدواء وغير ذلك.