أسدل منتدى المرأة في الدوحة الستار على نسخته الثامنة وسط حضور لافت ونقاشات نوعية انتقلت من الإلهام إلى التطبيق تحت شعار «أصوات للتغيير: إعادة تشكيل الغد بالتعاون والقيم المشتركة». قدّم البرنامج هذا العام مسارًا مترابطًا يلامس التعليم والقيادة وصحّة المرأة والتنقّل العالمي، بوصفها روافع عملية قابلة للقياس داخل المؤسسات وخارجها.
جاء اعتماد «سنونو» شريكًا إستراتيجيًا لنسخة هذا العام امتدادًا لالتزامها الراسخ بدعم المنصّات التي تُعزّز تمكين المرأة وتحوّل الحوار إلى فرصٍ وروابطٍ مهنية قابلة للبناء. وتُجسّد هذه الشراكة دور المنتدى كمنبرٍ يجمع الأفكار والقيم المشتركة ويمنحها زخمًا مجتمعيًا مستدامًا.
افتتحت كونشيتا بونس، مؤسسة منتدى المرأة في الدوحة، الفعاليات بكلمة مؤثِّرة منحت القاعة نبضًا إنسانيًا واضحًا؛ تحدثت عن «أصوات للتغيير» كمنصّة تُصغي بعمق لتجارب النساء وتحوّلها إلى روابط مهنية وتعاونٍ مستدام، مؤكدة أن التقدّم يبدأ من الإصغاء والاحترام والعمل المشترك. تلاها خطاب مُلهم لحمَد مبارك الهاجري، المؤسّس والرئيس التنفيذي لـ «سنونو»، شدّد فيه على الدور التاريخي والحاضر للمرأة في مسيرة قطر والإنسانية، وعلى معنى التقنية حين تُسخَّر لخدمة الإنسان وتمكين المواهب النسائية، مستشهدًا بقصة زوجته والشريكة المؤسِّسة سابينا أبوافا التي أصبحت أول شريكة مؤسِّسة في الشرق الأوسط تقود شركة تقنية تجاوزت قيمتها مليار ريال قطري؛ في رسالةٍ تؤكد أن الريادة لا تُقاس بالأرقام وحدها، بل بقدرة النساء على صناعة الابتكار والأثر حيثما كُنّ.
ثقافة مؤسسية تضع الإنسان أولًا
في جلسة بعنوان «النساء يقدن التحوّل: بناء الثقافة والابتكار وروابط التأثير» قدّمت القيادات النسائية في سنونو: رحمة عبيد وغابرييلا وكارلا فيريرا صورة متكاملة عن «التقنية الهادفة» داخل الشركة؛ حيث تنطلق التجربة من ثقافة مؤسسية تُحفّز الشفافية وتمكين فرق العمل وصنع القرار المعتمد على البيانات، وتتقدّم عبر ابتكارٍ محوره الإنسان يوازن بين سرعة التطوير والأثر المجتمعي ليجعل التقنية وسيلة لخدمة الناس لا غاية بحدّ ذاتها، وتتمدّد إلى خارج الجدران عبر روابط تأثير عملية، من برامج الإرشاد والدعم وبناء الشبكات إلى تمكين المشاريع التي تقودها سيدات بما يحوّل الأفكار إلى فرص ومسارات نمو قابلة للتطبيق.
ورش عمل وجلسات نقاشية
إلى جانب جلسة «سنونو»، شهد المنتدى العديد من الورش التفاعلية والنقاشات المعمّقة التي تناولت تضييق الفجوة بين الالتحاق والنتائج في التعليم، وبناء شبكات قيادية ومسارات تقدم مهني، وسياسات عملية لبيئات عمل تراعي صحة المرأة ورفاهها، وتمكين المواهب عبر الحدود في إطار التنقّل العالمي. وقد أتاحت الجلسات مساحات أوسع للأسئلة المباشرة والتواصل البنّاء وتبادل الخبرات.
منصة تتّسع للأصوات والفرص
أكدت كونشيتا بونس، مؤسسة المنتدى، أنّ «المنتدى كان ولا يزال مساحةً تتلاقى فيها النساء للتواصل والتعلّم والإلهام»، مشيرة إلى أنّ شعار «أصوات للتغيير» هذا العام يبرز القوة الجماعية للنساء وكيف تُسهم القيم المشتركة في دفع تغييرٍ مجتمعيٍّ ذي معنى.
وبهذه المناسبة قال حمد مبارك الهاجري، المؤسِّس والرئيس التنفيذي لسنونو: «هذا المنتدى لم يكن مجرّد جلسات وكلمات؛ كان لقاءً إنسانيًا صادقًا. استمعنا لقصص ملهمة، رأينا شجاعة وأحلامًا تُترجم إلى خطوات. فخورون بأن نكون شريكًا يضع الإنسان في قلب التقنية، ونَعِد بأن نواصل فتح الأبواب، وتمهيد المسارات، ودعم كل امرأة تريد أن تقود وتؤثّر، بأثرٍ يبقى بعد انتهاء الأضواء».
حوار مثمر
اختُتمت فعاليات المنتدى بتعهدٍ واضح من جميع الأطراف- المنظمين والشركاء والمتحدثين والحضور- بالعمل معًا لتحويل هذه المنصّة إلى صوتٍ رائد للتغيير في قطر والشرق الأوسط؛ صوتٍ يستمر بعد انتهاء الحدث عبر مبادرات عملية قابلة للتنفيذ، وشبكات مهنية فاعلة، وتعاون مؤسسي يضمن أن تتحول الأفكار إلى أثرٍ ملموس على أرض الواقع.
بهذا، يرسّخ منتدى المرأة في الدوحة مكانته كمنصّة تُحوّل الخطاب إلى حوارٍ مُثمر ويُعيد التأكيد أن تمكين المرأة ليس شعارًا موسميًا، بل ركيزة ضرورية لبناء مستقبل أكثر شمولًا واستدامة.