مواطنون: رمضان نجح في تغيير عاداتنا وعلّمنا الكثير
تحقيقات
29 أغسطس 2011 , 12:00ص
الدوحة – محمد سيد أحمد
يساعد شهر رمضان الكثيرين على تغيير عاداتهم التي كانوا يمارسونها في الأشهر الأخرى، حيث يتحول الروتين اليومي إلى نظام آخر معاكس تماما لما اعتاده هذا الشاب أو ذاك، فتغيير مواعيد الاستيقاظ والوجبات اليومية والسهر لأوقات متأخرة كل هذه الأمور مجتمعة تختلف وترتبط في أذهان الكثيرين بشهر رمضان، لكن هناك أناس كثر لا تتغير أوقات نومهم واستيقاظهم كثيرا ويظلون محتفظين بنفس الروتين في هذا الجانب نظرا لظروف عملهم التي تفرض عليهم البقاء أسرى لنفس الروتين، لكن ما يلاحظه الكثيرون أن هذا التغيير يشمل كذلك الهوايات والعادات الأخرى التي يعتبرها البعض شكلية، حيث تتحول رنات الهواتف إلى مقاطع من الأدعية الدينية، وتلاوات لكبار القراء تماشيا مع الأجواء الرمضانية حسب كلام بعض الشباب الذين أشاروا إلى أن تغيير هواياتهم وعاداتهم يبدأ قبل حلول شهر رمضان بيوم أو يومين حتى يعيشوا أجواء اللحظة الروحانية كما يصفونها.
أحمد الشمري أكد أن هذا الشهر يجب أن يكون خالصا للعبادة خصوصا قراءة القرآن لأنه شهر القرآن، وليس شهر شيء آخر، «خصوصا الأغاني التي أرى أنها لا تتفق مع أجواء هذا الشهر الكريم، وغالبا ما أعمد إلى رمي كل الأسطوانات والأشرطة التي لا تتناسب مع الشهر كالأغاني مثلا وأقوم باستبدالها بأشرطة القرآن والأناشيد والأدعية بأصوات المنشدين المتميزين في الإنشاد الديني».
وأبدى أحمد الشمري استغرابه من عدم تغيير البعض لعاداته السلبية مع وجود فرصة سانحة لذلك تتمثل في حلول هذا الشهر الفضيل الذي يعين على تغيير كل سلوك غير مرض، وأكمل يقول: لا يزال يتملكني الاستغراب من عدم قيام بعض الشباب لتغيير بعض المسلكيات الخاطئة التي وجدوا لتغييرها فرصة مواتية في مثل هذه الأيام المباركة، وعلى هؤلاء أن يفهموا أن حرصهم على التمسك ببعض العادات والهوايات الخاطئة في شهر رمضان يعتبر نقاطا سوداء في صوم المؤمن الذي يجب أن يكون نقيا وخالصا، فشهر رمضان عبارة عن أيام قلائل تمر بنا مسرعة ومن الجميل أن نستقبلها ونودعها بكل ما يليق بمكانتها الروحية.
هذا ما وافق عليه منير محمد الذي أكد قيامه بشكل روتيني كل عام بشراء كمية كبيرة من الأشرطة الدينية التي يهديها للمساجد بعد انقضاء شهر رمضان وأضاف: غالبا ما أقوم بتنظيف سيارتي من أشرطة الغناء بشكل فوري قبل حلول الشهر الكريم بأيام، ولا أخفي سرا أن سيارتي غالبا ما تغص بأشرطة الأغاني والسيديهات، لكن أشرطة الأغاني هذه أتخلص منها بطرق مختلفة، فبعضها أرميه في أول حاوية للقمامة تصادفني، أما البعض الآخر فأحتفظ به في مكان ما داخل البيت حتى ينتهي شهر رمضان بالكامل، وقد نصحني بعض الزملاء بأن أقوم بالاحتفاظ بكمية الأشرطة الدينية التي أشتريها كل سنة حتى لا أضطر لشرائها مرة أخرى، لكن أنا أعرف أن الأشرطة الدينية تتجدد كل سنة بل كل يوم، صحيح أن المحاضرين هم نفس الأشخاص، لكنهم يأتون كل يوم وفي كل محاضرة بجديد يمكن أن أستفيد منه في أمور ديني، وهذا ما يجعلني أتخلص من كمية الأشرطة الدينية عبر وضعها في المساجد كي يستفيد منها الجميع بعد شهر رمضان.
هذه الأمور ليست شكلية
وأكد منير أنه يعي أن البعض يعتبر هذه الأمور شكلية ولا فائدة منها إن لم تتبعها خطوات حقيقية تؤدي إلى تغيير العادات والهوايات بشكل دائم والمواظبة على العمل الذي يبدأه الصائم في رمضان، «أقول لهم ولنفسي إن هذه هي البداية الصحيحة للوصول إلى ذلك الهدف، لأنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن أستمع إلى الأغاني وغيرها من الأمور التي أعرف وأعلم علم اليقين أنها لا تتناسب مع شهر رمضان بتاتا، لأن الاستماع إلى الموسيقى وإطلاق الكلمات البعيدة عن عادات المجتمع المسلم كلها أمور تتنافى مع الصيام والمصلحة التي شرع من أجلها ولن تجعل منه صوما مقبولا حسب اعتقادي، لذلك أنصح الجميع خصوصا الشباب بالعمل على تغيير كل سلوك لا يتماشى مع الصيام وسيجدون أنفسهم وقد وضعوا أرجلهم على بداية الطريق الصحيح».
رنات دينية
وتساءل منير عن الموانع التي تحول دون تغيير رنات الهواتف الغنائية بأخرى دينية ما دامت متوفرة والتكنولوجيا مساعدة على القيام بمثل هذه الخطوة وأضاف: أعتقد أن استخدام الرنات الدينية في شهر رمضان وداخل المساجد يعتبر أمرا مطلوبا ومتماشيا مع الأجواء الرمضانية، فهذا التصرف هو الصحيح، وليس العكس الذي يحرص البعض عليه ويزعجنا به كل يوم داخل المساجد خصوصا يوم الجمعة وبعد ما يصعد الخطيب إلى المنبر تجد الموسيقى الصاخبة تنطلق من هواتف البعض مما يسبب تشويشا على المصلين، فهذه الموسيقى الصاخبة التي كنا نتقبلها على مضض خلال الأيام العادية وفي الأماكن الخاصة لا يمكن أن نقبلها ونتركها تصم آذاننا في مثل أيام شهر رمضان وفي بيوت الله، لأن شهر رمضان هو شهر القرآن والصوم والعبادة وليس شهر غناء، وبيوت الله أماكن للذكر والتلاوة وليست لرنات الهواتف المزعجة، ونناشد الجميع أن يعيشوا أجواء اللحظة المباركة التي تشع إيمانا ورحمة، وأن يبتعدوا عن ما يمكن أن ينغصها مهما كان.
لا تشدد
جاسم جمال يطالب بعدم التشدد في هذا الموضوع الذي يجب أن يكون خاضعا لرغبة الأشخاص، وإذا ما وجد تغيير ما فمن الجميل أن يكون نابعا من قناعة الشخص وليس مجبرا عليه وأنه ليس من محبي الأغاني بطبعه، لكنه عندما يجد وصلة غنائية هادئة، أو رنة هاتف غريبة يقوم بتنزيلها على هاتفه الجوال لأن الأذن تعشق كل صوت جميل كما يقول جاسم الذي أضاف: «لا أحب التشدد في الأمور وإنما الهداية والالتزام هما من الله سبحانه وتعالى، ولست ممن ينزلون أغاني أو رنات مزعجة لهواتفهم، لكنني أحياناً أشعر بنوع من الميل لبعض المقاطع الموسيقية الهادئة ورنات الهاتف الغريبة، وجوالي يحمل بعض هذه المقاطع وتلك الرنات بالإضافة إلى الأدعية والأناشيد الدينية، لكن ما أستطيع تأكيده هو أن كل ما يتعلق بالموسيقى والرنات الغريبة يتوقف ابتداء من أول يوم من شهر رمضان الذي أحاول قدر استطاعتي أن أستثمر الوقت فيه لكل ما هو ديني وما يعين على العبادة وقراءة القرآن وحضور صلاة التراويح، لأن المحيط كل لا يتجزأ ومن غير المناسب أن تكون في جو عبادة داخل المسجد والإمام يقرأ القرآن في الصلاة، أو رواد المسجد منشغلون بالقراءة خارج وقت الصلاة وأنت تقوم بإزعاجهم ببعض الأغاني أو الرنات المزعجة.
وأكد جاسم أن الكثير من زملائه يعمدون إلى هذا التصرف، وهذا غير لائق وفيه تعد على حقوق جماعة المسجد التي يجب أن يحرص كل مسلم على أن يطلع من عندها بدعاء صالح وليس العكس في حالة ما إذا أزعجتهم بمثل هذه الأغاني وشوشت عليهم ونغصت الخشوع على المصلين أو المتحلقين في المساجد، لكن عائض عاد واعترف أن أغلب الرنات الجديدة خلال رمضان تكون إما أناشيد إسلامية مختارة، أو أدعية وأذكارا، أو رنات عادية من غير إيقاعات موسيقية صاخبة، مؤكداً أن هنالك من يوزع هذه الأناشيد على أصحابه كنوع من الدعوة للخير.
الثوب سيد الملابس
يذكر أن مظاهر تغيير العادات والهوايات التي يحرص الشباب عليها لا تقتصر على تغيير رنات الهاتف فحسب! وإنما يشمل التغيير كذلك طريقة ارتداء الملابس حيث نبه محمد عمر إلى أنه من محبي ارتداء الملابس الرياضية والبنطلونات بشكل عام لكنه يتخلى عن ارتداء تلك الملابس عند دخول شهر رمضان ويبقى الثوب سيد الملابس، وعزا محمد ذلك التغيير في الملابس إلى عدم وجود وقت غير وقت المسجد والبيت الذي لا يتناسب معه ارتداء الملابس الرياضية أو السراويل القصيرة والقمصان الضيقة المزركشة التي يلبسها في الأيام العادية، ويضيف: «ما إن يدخل شهر رمضان حتى أعتزل الملابس الرياضية القصيرة والضيقة بالإضافة إلى البناطيل وأقتصر على ارتداء الثوب العادي، وأمتنع نهائياً عن ارتداء الجينز والقمصان التي أجد راحة كبيرة عندما ألبسها، لكن لشهر رمضان خصوصيته التي يجب أن تحترم، ولا أرى أن من احترام خصوصية شهر رمضان لباس القمصان الضيقة والبناطيل التي ليس من المناسب ارتداؤها أمام العائلة في البيت فضلا عن المسجد، لهذا أقوم بتفصيل عدة أثواب مختلفة بمناسبة قدوم رمضان، وأحاول قدر المستطاع أن أغير من عاداتي الأخرى مثل السهر مع الأصحاب والخروج بالسيارة دون داع، في البداية أواجه صعوبة في الأمر، لكن سرعان ما أعتاد عليه بمرور الأيام».
وطالب محمد عمر كل الشباب بمحاولة استثمار أيام هذا الشهر الفضيل في تغيير عاداتهم –التي قد لا تكون سيئة لكنها غير مناسبة- والعمل على التحلي بالأخلاقيات التي تتماشى والشهر الفضيل، منوهاً إلى أنها فرصة يجب ألا نفرط فيها، ومشدداً في ذات الوقت على أن رمضان ليس شهر السهر ولعب الورق كما يعتقد البعض، بل شهر العمل والتوبة والبحث عن الثواب.
صفحاتي مغلقة
يوسف العيدان يتفق في «تغييراته الرمضانية» مع من سبقه، فهو معتاد كذلك على أن لا يسمع الأغاني في رمضان، ويغير رنات هاتفه لأناشيد وأدعية، كما أن ما يلبسه في هذا الشهر يجب أن يكون مناسبا وهادئا، إلا أن العيدان يضيف تغييراً آخر، حيث إنه يقاطع تماماً المواقع الاجتماعية والمنتديات الإلكترونية على الإنترنت، ويكتفي بتصفح المواقع الإخبارية، والصحف فقط وفي أوقات محددة وقصيرة، منوهاً إلى أنه لا يحب أن يندمج في حوارات ونقاشات مع رفاقه على الفيس بوك مثلاً خلال هذا الشهر، لأن هذه «الدردشات» ستلهيه وتأخذ من وقته الثمين الذي يجب أن يعمره بذكر الله أو قراءة القرآن، أو على الأقل أن يبتعد خلاله عن «الكلام الفاضي» على حد قوله.
ويضيف يوسف: حساباتي على مواقع التواصل الاجتماعي مغلقة تماما ولا أدري ما تحويه من رسائل وغيرها لأنني أقنعت نفسي بعدم دخول ذلك العالم حتى ينتهي شهر رمضان، وقد صمدت في الأسبوع الأول أمام مغريات الفيس بوك الذي حاولت دائما فتح صفحتي لمعرفة ما يرسل إلي من مواضيع غالبا ما كنت أناقشها مع الزملاء، لكنني نجحت وتجاوزت عقدة الأسبوع الأول ولم أعد أتوق لدخول ذلك الموقع، لكنني قمت قبل يوم من حلول شهر رمضان بتنبيه زوار صفحتي على الموقع إلى أنني لن أكون متواجدا خلال شهر رمضان.
تنبيه
ونبه الشمري إلى أن كلامه هذا يجب أن لا يفهم منه أن استخدام الإنترنت بالطريقة الصحيحة والدخول إلى مواقع التواصل الاجتماعي أمر معيب أو محرم، بقدر ما يفهم منه دعوة الجميع إلى اقتناص الفرصة لصرف كل الوقت في الطاعات حتى ننصرف من هذا الشهر وقد تزودنا فيه من الأعمال الصالحة، والتوقف عن استخدام الإنترنت شهرا واحدا لن يضر أحدا، وبقية شهور السنة متاحة للجميع لاستخدام هذه النعمة فيما يفيد.