"الشيخ محمد المريخي خلال خطبة الجمعة بجامع الإمام "على المسلم اغتنام الأوقات الفاضلة خلال رمضان
محليات
29 مارس 2024 , 02:54م
الدوحة - العرب
حثّ فضيلة الشيخ د. محمد حسن المريخي جميع المسلمين خلال خطبة الجمعة التي ألقاها بجامع الإمام محمد بن عبدالوهاب على استغلال شهر رمضان المبارك واغتنام هذه الأوقات الفاضلة، وأن يحمدوا الله الذي يتفضل على عباده المؤمنين ويتابع المواسم عليهم ليزكوا ويشرع لهم من العبادات لتزيد أجورهم وتربو، ويدعوهم سبحانه للتوبة لتطهر نفوسهم وتصفو، فكم أفاض علينا من بركاته وخيراته وكم استمطرنا من رحماته ونعمه وكراماته، فاتقوا الله ربكم وأطيعوه واعبدوه ولا تعصوه، واشكروه على آلائه، واحمدوه على نعمه ومنحه وعطاياه، واغتنموا الشهر وما منحكم فيه، وأعطاكم من الفرص، اغتنموا قبل الفوات، فإنكم في غرّ الأيام، وأبر الأوقات وأغلى الفرص، وأقرب للفوز بالجنة والنجاة من النار، فتوبوا عباد الله قبل أن يحال بينكم، وبين ما تشتهون، توبوا قبل أن تلاموا أو تندموا، بدلوا الذي هو أعوج غير مستقيم بالذي هو الصراط المستقيم، تظللوا بظلال الدين، والملة الحنيفية الإسلام قبل أن يفوت الفوت وينزل الموت ويغلق الباب، "ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين".
وقال الخطيب: من جعل الآخرة نصب عينيه، منحه الله الدنيا والآخرة، يقول صلى الله عليه وسلم: "من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه وجمع له شمله وأتته الدنيا وهي راغمة ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه وفرق عليه شمله ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له"، فاقلبوا صفحات الماضي وما فيها من الذنوب والمعاصي والصدود والشرود، والهروب عن الله تعالى، وبدلوها بصفحات الإيمان واليقين بالله ورسوله، وتعظيم الدين، واغتسلوا من رمضان، فرمضان مغتسل بارد وشراب، وسارعوا وسابقوا في العمل الصالح ومغفرة الذنوب، سابقوا وسارعوا إلى العمل الصالح، ومغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض، وأمنوا أنفسكم بما يحبه الله ويرضاه، بالارتباط بالدين والعقيدة الصحيحة، فالدنيا مقبلة على فتن كقطع الليل المظلم، والآخرة عرصات وعقبات ومعترضات لا ينجي منها إلا الله تعالى، ثم العمل الذي يرضاه عز وجل، "والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر"، "يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه"، "يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم متاع الحياة الدنيا ثم إلينا مرجعكم فننبئكم بما كنتم تعملون".
وأوضح الشيخ المريخي أنه من لم يتفطن أن مرور الأيام إلى ربه يدنيه وتصرم الليالي تبعده عن الدنيا وتجافيه، وأن كل يوم يفوت من العمر إنما هو صندوق يغلق، وكل ساعة تمر هي شعبة من شعب روحه تزهق، من لم يدرك ذلك فقد أطال الأمل واستبعد الأجل، فبالله كم سيتقلب على جمر الحسرات أسفا على الفوات، هل تدري كيف يُسرق عمرك؟ إنك تذهل عن يومك بارتقاب غدك، ولا تزال كذلك حتى ينقضي أجلك فإذا أنت على باب الآخرة قد أغلق باب الدنيا عنك.
وأضاف: شهركم الكريم الذي امتن الله به عليكم بأيامه ولياليه، قد فرطت أيامه وتقضت ساعاته، ولم يبق منه إلا أيام الوداع، ثم يودعكم راحلا إلى ربه عز وجل بما أودعتموه من الأعمال، مضى منه أكثره، ولكن بقي ما هو أكثر من ألف شهر، بقي ما هو أعظم بركه، وأكثر إحسانا وأشد تضعيفا وإكراما وفضلا وإنعاما، تدخلون عباد الله خلال الساعات القادمة بإذن الله أفضل أيامكم وأكرم أوقاتكم تدخلون العشر الأواخر من الشهر الكريم التي كان يجتهد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لا يجتهد في غيرها ويخصها بعبادات لا تكون في غيرها، يعتكف فيها ويشد مئزره ويحيي ليله ويوقظ اهله، إنها عشر مباركات كريمات تضاعف فيها الأجور والحسنات وتثقل فيها الموازين وترفع فيها الدرجات، في هذه العشر عباد الله ليلة هي خير من ألف شهر، نزل فيها القرآن الكريم، كان صلى الله عليه وسلم يتفرغ فيها من كل شيء، يتحرى ليلة القدر، ليلة عظيمة ذات قدر وشرف، أنزل الله فيها سورة تعظيما لقدرها، وتشريفا لأمرها وإعلاء لشأنها، فقال الله تعالي "إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر"، وما أدراك ما ليلة القدر، إنا أنزلناه في ليلة مباركة لكثرة خيراتها وعظيم درجاتها، ومن بركاتها نزول القرآن فيها، ونزول الملائكة الكرام إلى الأرض، قال ابن كثير رحمه الله يكثر تنزل الملائكة في هذه الليلة لكثرة بركتها، والملائكة يتنزلون مع تنزل البركة والرحمة كما يتنزلون عند تلاوة القرآن، ويحيطون بحلق الذكر، ويضعون أجنحتهم …