بارعتان في لغة الجسد وتحليل حركات المشاهير.. قصة التوأم سارة وهاجر..والحساب المليوني الأول

alarab
محليات 29 يناير 2021 , 12:55ص
حنان غربي

سارة عبدالرحمن:  الغوص في لغة الجسد يستهوينا منذ الصغر 
صقلنا موهبتنا في ترجمة حركات الناس بالعلم والدورات 
هاجر عبدالرحمن:  دخولنا عالم وسائل التواصل الاجتماعي لم يكن سهلاً 
 والدتنا كانت أشد المعارضين لدخولنا «السوشيال ميديا» 

سارة وهاجر وشهد عبدالرحمن ثلاث أخوات من أسرة مكونة من 10 أفراد؛ ست بنات وولدان والأم والأب. عائلة عرفت التميز منذ أن رزقت بالتوأم سارة وهاجر اللتين لمعتا منذ الصغر، أحبتا التميز والإبداع، واختارتا طريقاً كان نادراً في صوره الحديثة بالمنطقة، وهو لغة الجسد، وبدأتا بالغوص في هذا المجال حتى برعتا فيه وأصبحتا تحلّلان الحركات والإيحاءات التي يقوم بها المشاهير والممثلون على وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما جعلهما أول حساب قطري مليوني على الإنستجرام.

عائلة مختلفة
عائلة «العرب» اليوم مختلفة، فهي ليست عائلة فنية ولا رياضية، ولا عائلة حاصلة على جوائز التميز، لكنها عائلة تميزت ببنتيها سارة وهاجر اللتين برعتا ونبغتا في مجال لغة الجسد، مجال كان إلى وقت غير بعيد غريباً على الوطن العربي، رغم أن العرب قديماً برعوا ونبغوا في الفراسة، إلا أن لغة الجسد بصورته الحديثة وما حملته من تحليلات وتأويلات علمية خضعت للدراسة جاءتنا من الغرب.
التقينا سارة وهاجر والأخت الصغرى شهد، وكان لنا معهن هذا الحوار الذي لن نستطيع خلاله الفصل بين ما قالته سارة وهاجر وشهد، فكلما بدأت إحداهن بفكرة أكملتها أختها في تناغم وتخاطر فكري منقطع النظير. 
رزقت عائلة عبد الرحمن بابنتين قبل أن يهبهما الله سارة وهاجر التوأم، تربيتهما لم تكن سهلة، خصوصاً بالنسبة لفتاتين تصفان نفسيهما بالعناد، والإلحاح، ورفض القيود، صفات جعلت تربيتهما وتوجيه الوالدان لهما أمراً صعباً.
تقول سارة: لم يكن تخصصنا في علم النفس أو اختيارنا للغة الجسد تحديداً بالصدفة، فقد كنا ومنذ الصغر نحب الاهتمام بالتفاصيل، نلاحظ أدنى حركات الناس، وحتى عندما كنا نمشي في المولات أو الشوراع كنا نحب تحليل لغة الجسد وإيماءات وحركات الأشخاص، وقراءتها وترجمة حركاتهم إلى لغة، كنا نؤمن أنه كانت لدينا قدرة فطرية على قراءة لغة الجسد وكثيراً ما كانت تحليلاتنا صائبة، فكثيرا ما كنا نكتشف كذب الأشخاص بمجرد التدقيق في عينيهم أو ملاحظة تحركاتهم، ولذلك قررنا تعزيز هذه القدرة الفطرية من خلال القراءة والدورات التدريبية الخاصة في هذا المجال، فكانت النتيجة كسب هذه المهارة في وقت قياسي ولله الحمد، ثم دعمنا هذه التجربة بدراسة علم النفس والانخراط في كثير من الدورات.   

3 إصدارات في لغة الجسد
سارة وهاجر مدربتان معتمدتان في مجال لغة الجسد، ولديهما ثلاثة إصدارات في هذا المجال، وهي: «مسرح المشاعر» الكتاب الأول الذي ألفتاه وعمرهما لم يتجاوز 17 عاما، وكان عبارة عن مدخل لعالم لغة الجسد، وما زال في صفوف الكتب الأكثر مبيعاً في أغلب المكتبات، ليليه إصدار آخر وهو «عيناك تحدثني»، ويضم الكتاب قصة مصورة تتضمن أكثر من مائة دلالة في لغة الجسد يفسرها أربعة أبطال كل منهم حسب ظروف مجاله، فتواجههم عدة مواقف ومشكلات من جوانب مختلفة في الحياة حتى يجدوا أنفسهم واقعين أمام جريمة جنائية غامضة، فتكون الوسيلة الوحيدة أمامهم لتفكيكها هي الاستعانة بخبرتهم في قراءة لغة الجسد.
وشاركت الأختان في العديد من معارض الكتاب بهذين الإصدارين، مثل معرض الدوحة للكتاب، ومعرض مسقط للكتاب، ومعرض الكويت للكتاب، كما قدمتا العديد من دورات لغة الجسد للمهتمين بهذا المجال. 
ومؤخراً ومنذ أيام، صدر للكاتبتين سارة وهاجر كتاب جديد بعنوان «عالم لغة الجسد»، وهو الإصدار الذي تعتبرانه خلاصة خبرة سنوات من العمل في مجال لغة الجسد والتعلم والدراسة، إذ يتميز هذا الإصدار برؤية أعمق لمفاهيم لغة الجسد، حيث إنه يجمع النسيج الكامل للخبرة التي تمتلكها الخبيرتان من خلال تجربتهما القائمة على تفسير وقراءة الآخرين، حيث يغوص القارئ في معالم أفكارهما بشكل أكثر تفصيلاً في قالب علمي شيق جدير بالثقة.
 
تفضيل علم النفس على الهندسة
وعن كيفية كتابتهما للكتب سوياً، قالت سارة: لم يكن الأمر بالغريب علينا، فنحن نتقاسم نفس الأفكار والرؤى ونفس الأسلوب، تبدأ إحدانا الجملة لتنهيها الأخرى بكل تناغم، نعيش حياة مشتركة، فنحن نشبه بعضاً من الداخل والخارج.
وتضيف هاجر: اهتمامنا بلغة الجسد وعلم النفس بدأ منذ حوالي سبع سنوات، ودخلنا مجال وسائل التواصل الاجتماعي من هذا الباب، لم يكن الأمر سهلا في البداية، فقد لقينا رفضاً قوياً من الوالدين والعائلة، خصوصاً الوالدة التي لم تكن تتقبل فكرة أن تكون بناتها «بلوغرز» فنحن من بيئة محافظة، ونشر صور الفتاة على العام في وسائل التواصل الاجتماعي كان إلى وقت قريب منبوذاً، وهو ما عانينا منه، خصوصا عندما نكون معها ويطلب البعض التحدث إلينا أو التصوير رفقتنا، فذلك كان يضايقها جداً، لكن كما سبق وقلت لك نحن عنيدات جداً، خصوصاً إذا أحببنا شيئاً لا يتعارض مع الدين ولا الأخلاق، نقوم بما نريد ونضع الجميع أمام الأمر الواقع، فحتى في الفترة التي كنا نختار فيها التخصص كان والداي يريدان لنا التخصص في الهندسة، لأننا كنا في مرحلة التعليم الثانوية ندرس شعبة علوم، لكننا رفضناها وأصررنا على اختيار علم النفس، والغريب في الأمر أننا لا نفرض على بعضنا البعض آراءنا ولا اختياراتنا، لكن هو نفس الميول لكلينا، فاخترنا علم النفس بجامعة الكويت، وسجلنا في الجامعة، واستكملنا أوراق السفر، وكان رفض العائلة هو السائد، لكن بعد فترة من الزمن رضخوا لرغباتنا، خصوصاً عندما رأوا النجاح الذي نحققه في هذا المجال، ومدى حبنا وتعلقنا بعلم النفس، وتحديداً لغة الجسد.
الحساب المليوني 
دخلت سارة وهاجر عالم وسائل التواصل الاجتماعي من باب لم يسبقهما إليه أحد لا في قطر ولا في المنطقة، فقد أنشأتا حساباً لتحليل مقاطع قصيرة لمشاهير أو أفلام تشرحان من خلالها الحوار الذي لم تقله الكلمات بل عبّر عنه بحركات أو إيماءات، وحقق حساب الأختين على موقع «إنستجرام» انتشاراً واسعاً على مستوى الخليج، واهتم عدد من الإعلاميين من جميع دول الخليج والدول العربية وتركيا ببلوغ الحساب مليون متابع، وأجمع كثيرون على أنه حساب ثقافي يشرح معاني لغة الجسد وتفسير الحركات بصورة تجمع بين الفائدة والمتعة.
وعن طبيعة عمل الحساب المليوني، تقول الأختان: يقوم حسابنا في موقع الإنستجرام بشرح معاني لغة الجسد وتفسير الحركات بصورة تجمع بين الفائدة والمتعة، حيث يعد الحساب القطري الأول من نوعه من حيث المادة الثقافية والانتشار الواسع على مستوى الخليج، وقد تواصلت معنا الممثلة اللبنانية نديم نسيب، وأثنت على تحليل كنا قد نشرناه لمقطع لها، ومن الخليج تواصلت معنا الفنانة هدى حسين، وكثير من المشاهير الذين كانوا يبدون إعجابهم بتحليلاتنا للغة جسدهم أو غيرهم، فنحن من خلال هذا الحساب ننشر مفهوم لغة الجسد لشريحة كبيرة من الناس وهو ما أكسبنا ثقتهم، نظراً لأن الاهتمام موجود لدى الناس في مختلف الأعمار، لفهم بعض الغموض وتحليل المواقف تحليلاً صائباً وصحيحاً.

كتابة السيناريو
توجه سارة وهاجر للكتابة في مجال لغة الجسد جعلهما تتعرضان للكتابة بأنواعها من وصف وسرد وأسلوب قصصي، أساليب متنوعة دفعتهما إلى التفكير بجدية في كتابة السيناريو، أسلوب جديد من الكتابة يعتمد على كثير من الوصف، وصف تعتبره سارة وهاجر من صلب تخصصهما، وأكثر ما يثيرهما، وهو ما جعلهما تأخذان دورات في كتابة السيناريو، حيث أشرف على تدريبهما راجح المطيري وفيصل القحطاني من الكويت.
وتكشفت سارة وهاجر عن أنهما بصدد كتابة سيناريو سيخرج للجمهور قريباً، كما أنهما تطمحان للتوجه إلى الدراما وستركزان مستقبلاً على الكتابة والتدريب، إلى جانب استكمالهما للدراسات العليا، وقد يكون توجه سارة وهاجر إلى كتابة السيناريوهات له علاقة بأختهما التي تعمل كمخرجة والتي قد يكون لها جانب في هذا الإلهام.
جانب التدريب هو الآخر بدأ يأخذ حيزاً كبيراً في حياة الأختين سارة وهاجر، حيث تقدمان دورات تدريبية للمهتمين بلغة الجسد، تقول هاجر: نقوم بإعطاء دورات تدريبية في شرح وتعليم طريقة فهم لغة الجسد، ونحن نؤمن بأهمية هذا المجال حتى في الحس الأمني، ففي أغلب الدول يقوم موظفو الصف الأول بالمنافذ البرية والجوية والبحرية بأخذ دورات في لغة الجسد وذلك لمساعدتهم في عملهم، ونحن بصدد التحضير لمجموعة من الدورات التدريبية في دول الخليج.

الأخت الصغرى والتعلق بالتوأم
لقاؤنا مع سارة وهاجر قادنا إلى الحديث مع الأخت الصغرى لهما شهد، التي وبمجرد الحديث معها تدرك مدى تعلقها بأختيها، ومدى تقديرها لمجهوداتهما ونجاحهما، وهما اللتان يكبرانها بخمس سنوات، تقول شهد إنها تربت على يديهما، وأنهما القدوة والمثل بالنسبة لهما، تحب اعتمادهما على نفسيهما وتميزهما رغم كل التحديات التي واجهتهما، تعلمت منهما العناد في طلب المبتغى، وهي التي تسعى إلى أن تكون إعلامية، وأن تصبح اسماً قطرياً يرنّ صداه عالمياً، لا يحد طموحها سوى السماء.
وتضيف شهد: تربيت على يد سارة وهاجر وأقدر كثيراً لهما ما فعلتاه من أجلي، فقد كانتا تساعداني في تحقيق حلمي في مجال الإعلام، وكنت أجد فيهما الدافع والمحفز والمساند، وتعلمت منهما كيف أعتمد على نفسي وأبني نفسي بنفسي كما فعلتا، ورثت منهما كتابة القصص، وكانت لدي بعض المحاولات مثل قصة «بابا حمد»، وكنت قد بدأت منذ صغري بعض التجارب في مجال الإعلام، لكن نفس مصير أختاي كان بانتظاري، فقابلتني العائلة الممتدة بالرفض.

دموع من أجل الإعلام 
هنا وفي منتصف حديث شهد تأثرت كثيراً إلى درجة أنها ذرفت الدموع، لم يكن تأثرها حزناً على ما مضى بقدر ما كان خوفاً على ما هو آتٍ، فهي خائفة من استمرار رفض العائلة لاختيارها الإعلام، بكاء شهد أبكى أختيها وجعلهما تطمئنانها بكثير من الثقة بأنهما معها في إقناع الأسرة بأن تدرس المجال الذي تحبه.
تشجيع سارة وهاجر لشهد بعث فيها الحياة من جديد، وجعلها تذكر بعض أسماء إعلاميين قطريين تسعى لأن تكون مثلهم، تريد أن تصبح مذيعة مشهورة ونجمة عربية، لكن تلك الأحلام والطموحات كلها مرهونة بموافقة الأهل ومباركتهم.
وكانت لشهد منذ صغرها تجارب في التقديم، فقد قدمت بعض المهرجانات التي كانت مخصصة للأطفال، والفعاليات التي كانت تقام في العطلات، وقد زادت تلك التجارب من شغفها وحبها للإعلام، لكن بما أنه لا يوجد طريق نجاح بدون تحديات، فإن شهد تدرك أنه ينتظرها الكثير منها في مشوارها لتحقيق ما تصبوا إليه وما تحلم به، فطموحها -حسبما تقول- يواجه عقبة من مجموعة من الناس ترى أن المرأة لا تصلح للإعلام، وأن هناك وظائف معينة فقط هي ما تناسبها.