تحالف دولي لمحاربة فيروس "الإيبولا"

alarab
محليات 28 سبتمبر 2014 , 03:18م
الدوحة - قنا
احتل فيروس الحمى النزفية (الايبولا) جزءاً من اهتمامات قادة وزعماء العالم خلال أعمال الدورة التاسعة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة، وتصدرت سبل مكافحة هذا الفيروس مناقشات الحضور في هذا المحفل الدولي الكبير، نظراً لخطورته التي باتت تهدد أرواح الآلاف يوما ًبعد يوم.
وفي آخر إحصاء تجاوز عدد الوفيات الناجمة عن (الإيبولا) ثلاثة آلاف ضحية، لتصل نسبة الوفيات إلى ذروتها بمعدل 50% حيث أودى بحياة نصف عدد الأشخاص المصابين البالغ عددهم نحو 6500، بحسب منظمة الصحة العالمية.
ويأتي نشر هذه الحصيلة الجديدة من جانب منظمة الصحة العالمية بينما أعلنت السنغال أمس (السبت) فتح ممر إنساني جوي يسمح بنقل المساعدات إلى الدول الثلاث الأكثر إصابة بالوباء وذلك بعد غلق حدودها في اغسطس الماضي.
وفي الأول من سبتمبر، أعلنت ساحل العاج التي لم يصل إليها فيروس إيبولا بعد، فتح ممرات إنسانية مع غينيا وليبيريا، مع الاحتفاظ في الوقت بنفسه بحدودها مقفلة مع هاتين الدولتين المصابتين، وقد ظهر فيروس الإيبولا لأول مرة عام 1976 بجمهورية الكونغو الديموقراطية بالقرب من نهر (ايبولا) الذي استمد الفيروس اسمه منه، وفي أول ظهور له حصد الوباء أرواح 280 شخصاً بنسبة وفيات بلغت حينها 88%، وحتى عام 2000 استمر المرض في الانتشار متركزا في الكونغو والسودان والجابون.
ومن عام 2000 حتى الموجة الحالية للفيروس، كانت معدلات الإصابة أقل ولم تظهر أعراضه في أي دول جديدة إلا مرة واحدة عام 2007 بأوغندا حيث أودى بحياة 37 شخصاً وبنسبة وفاة بلغت 25% من عدد المصابين.
واستشعاراً بخطورة التهديد الذي يمثله الفيروس، أصدر مجلس الأمن الدولي نهاية الأسبوع الماضي بالإجماع قراراً يدعو إلى التحرك لوقف التفشي المرعب للفيروس في غرب أفريقيا، معتبراً أن هذا الوباء يمثل "تهديدا للسلم والأمن الدوليين"، وهي المرة الأولى التي يصف فيها مجلس الأمن حالة طوارئ صحية بأنها تشكل خطراً على الأمن والسلم الدوليين، وإحدى المرات النادرة في تاريخه التي يتدخل فيها المجلس إزاء أزمة متعلقة بالصحة العامة حيث لم يسبق له أن أصدر قرارات تتعلق بأوبئة إلا مرتين في العام 2000 و2011 وكلاهما كان بشأن فيروس الإيدز.
ودعا مجلس الأمن الدول الأعضاء إلى تقديم مساعدة عاجلة إلى كل من غينيا وسيراليون وليبيريا، مشيرا إلى أن هذه المساعدات تشمل مستشفيات ميدانية وأطباء وطواقم تمريض ومعدات لوجستية ونقلا جويا طبيا.. وهناك تحرك مماثل قادته الأمم المتحدة أيضاً، حيث أعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في رسالة وجهها إلى مجلس الأمن الدولي، عن تشكيل /بعثة ميدانية/ في غرب أفريقيا لتنسيق جهود مكافحة تفشي وباء إيبولا.
وأوضح بان أن البعثة ستكلف بمهمة التنسيق لمراقبة مدى تقدم إيبولا وستتخذ مقرا لها في المنطقة، على أن يقود البعثة ممثل خاص عن الأمين العام بالتشاور مع المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية.
وبالإضافة إلى استجابة الولايات المتحدة، قالت منظمة الصحة العالمية إن عدة دول وعدت بالتحرك نحو سيراليون باعتبارها الأكثر تضرراً من الموجة الحالية للفيروس، إذ توافقت فرنسا وألمانيا على إقامة جسر جوي مع الدول الأفريقية التي ينتشر فيها الفيروس حيث اتخذ هذا القرار وزير الدفاع الفرنسي ونظيرته الألمانية خلال اجتماع في باريس يوم (الجمعة)، وتنوي كل من باريس وبرلين إقامة قاعدتهما في دكار عاصمة السنغال التي ستنطلق منها المساعدات إلى الدول المصابة بالوباء، وسيرسل الجيش الألماني 100جندي وأربع طائرات من طراز ترانسال لتنسيق هذه المساعدة.
وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما حذر مما أسماه "التهديد المحتمل للأمن العالمي" إذا خرج الايبولا عن نطاق دول غرب أفريقيا، كما أعلن أن واشنطن سترسل 3000 جندي أمريكي في المنطقة لمساعدة مئات الآلاف من الأشخاص المتضررين، وبموجب الخطة الأمريكية سيتم إرسال مهندسين وأفراد خدمات طبية لبناء 17 مركز علاج في غرب أفريقيا تستوعب نحو 2000 مصاب، وتهدف الولايات المتحدة أيضا لتدريب 500 موظف إغاثة وإنشاء مركز تحكم عسكري لتنسيق الجهود الدولية بتكلفة قد تصل إلى 500 مليون دولار.
وعرضت الصين إرسال فريق طبي مكون من 60 متخصصاً في مجال مكافحة الفيروسات لتقديم المساعدة اللازمة، بالإضافة إلى مساعدات نقدية وغذائية ومادية قيمتها 200 مليون يوان لدول ليبيريا وسيراليون وغينيا، ومليوني دولار من المساعدات النقدية لكل من منظمة الصحة العالمية والاتحاد الإفريقي، كذلك تخطط بريطانيا لإنشاء عيادة دائمة للإيبولا هناك، في حين وعدت كوبا بإرسال نحو 160 عاملا للبلاد، إضافة إلى مساعدات لوجستية من كل اليابان وماليزيا.
وينتشر إيبولا في أربع دول في غرب أفريقيا، بعد أن ظهر في غينيا بداية العام الجاري وانتقل منها إلى سيراليون وليبيريا ونيجيريا وانضمت السنغال في نهاية اغسطس لقائمة الدول الحاضنة للفيروس لتصبح خامس بلد ينتشر فيه المرض.
وقد أجبر سكان سيراليون البالغ عددهم ستة ملايين على البقاء في منازلهم في إطار حملة توعية منزلية تستغرق ثلاثة أيام سعياً لوقف تفشي الوباء، وأوضح رئيس سيراليون ارنست بي كوروما أن هذه الحملة تهدف إلى توعية السكان، وخلت شوارع العاصمة فريتاون بالكامل إلا من عربات الخدمات وسيارات الإسعاف، ويعمل حوالي 30 ألف متطوع على زيارة 1,5 مليون منزل، وتكمن مهمتهم في تقديم معلومات حول إيبولا وتشكيل لجان حراسة، وإخطار الأجهزة المتخصصة عند رصد مرضى أو جثث.
وحذرت منظمة الصحة العالمية من أن عدد حالات الإصابة بفيروس الإيبولا قد يبدأ يتضاعف خلال الشهر الأخير بمعدلات زائدة مما يهدد بكارثة إنسانية، ووصفت المنظمة انتشار الفيروس في الآونة الأخيرة بأنه لا مثيل له، كما أكد المدير العام لمنظمة أطباء بلاحدود جوان ليو في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالإيبولا في جنيف أن الأمل في السيطرة على هذا الفيروس بدأ يتلاشى، مشدداً على ضرورة دعم التحالف الدولي ليحد من انتشار الإصابة بالفيروس القاتل.