منوعات
28 يوليو 2011 , 12:00ص
إعداد: نورة النعمة
تراث الأجداد صفحة تعنى بعادات وتقاليد وحياة أهل قطر قديما، في محاولة لتعريف القارئ بالتراث القطري في جوانبه المختلفة من المأكولات التراثية وطريقة طبخها إلى مصطلحات وكلمات تميز بها المواطن القطري، وشرح معانيها وفق المصطلحات الحالية، وتحاول الصفحة سبر أغوار التراث القطري المتعدد الجوانب والأشكال، كما سيتم تسليط الضوء على شخصية تميزت في أحد مجالات الحياة.
وإننا إذ نرحب بمشاركتكم ندعو كل من يملك صورا أو حكايات وقصصا تتحدث عن تراث قطر أن يراسلنا على الإيميل.
Noora.alnaama@hotmail.com
* الأمثال الشعبية
((مهب كل اللي يعجبك تقدر تشله))
أشياء كثيرة في هذه الدنيا تعجب الإنسان ولكن ليس كل ما يعجبك تستطيع أن تحمله معك ولا حتى تقدر تشتريه لو دفعت فيه عمرك فهناك أشياء لا تقدر بثمن ولا تباع ويقال هذا المثل للإنسان الذي يتمنى الشيء ولكن لا يقدر على اقتنائه، ومثلما قالوا ليس كل ما يتمنى المرء يدركه فالعين ترى والقلب يعشق ولكن الأشياء يقسمها صاحب القدر.
((محد ياخذها بالساهل))
يقولون وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا، الأشياء التي تأتي بالسهل تذهب بالسهل من غير طعم ولا قيمة أما الأشياء التي تأتي بعد تعب فهي دائماً غالية وعزيزة وذات قيمة، ويقال هذا المثل للإنسان الذي يريد أن يأخذ الأشياء القيمة ذات المنفعة بالسهل ودون تعب مستحيل لأن الشيء الزين ما حد يأخذه بالسهل.
((من طق ولد الناس طقو أوليده))
الإنسان الذي يعتدي على الناس أو يعتدي على أشياء تخص غيره من الناس يعطي فرصة للناس في أموره وخصوصياته، ويقال هذا المثل للإنسان الذي يعتدي على الناس أو خصوصيات الناس وبعدها يشتكي الناس للناس فيقولون له «من طق ولد الناس طقوا أوليده» أي من اعتدى على الناس اعتدوا عليه.
بعض الأمثال الشعبية الدارجة قديماً
1 - إن سبك النذل اسكت عنه وارتحل.
2 - إن شـكَيت، شكَيت جيبي.
3 - إنشيل الخره على الراس ولا منة الناس.
4 - إن طار طيرك قول سبيل.
5 - أنطر يا حمار لين يجيك الربيع.
6 - أنظر إلى جيبك وفكر في عيبك.
7 - إن عوراه ضرس الأضراس، فدواه شلع الحديدة.
8 - إن غاب عن عيني سها عن بالي.
9 - إن غبرت غدرت.
10 - إن فات الفوت ما ينفع الصوت.
* المعالج الوالد الفاضل أحمد الدليل
من منطقة شرق وبالتحديد من فريج العسيري عرف الناس والدنا المرحوم المعالج الفاضل أحمد الدليل الذي أحب عمل الخير للناس ابتغاء وجه الله سبحانه وتعالى، فعرفه الناس بأنه ممن يعالجون الكسور الخارجية والداخلية لجسم الإنسان، فتوافدوا عليه من كل صوب (أي من مكان بعيد أو قريب)، بعد أن سمعوا عنه أخبارا طيبه تطمئن كل مريض وكل صاحب عله، وقد كانوا يقولون إذا وصفوه لأحد، اسأل مجرب ولا تسأل طبيب.
فنحن نعرفه جيداً ونعرف ماذا صنع وماذا قدم فكل من دخل بيته خرج منه راضياً مرضياً، وكان والدنا أحمد الدليل -رحمه الله- من المجبرين الجيدين وسبقت شهرته معرفة الناس به، فهو يعالج كل الكسور، فالكسر الداخلي له علاج خاص يتألف من حزام خارجي يصنعه بواسطة شاش من القماش خال من الدواء يربطه على وسط المريض حتى لا يتحرك العظم المنكسر من مكانه الذي بمهارته وأسلوبه وضعه في المكان الصحيح بواسطة يديه وحسه المرهف في تحديد المكان الصحيح يصاحبه علاج آخر يشربه المكسور صباحاً قبل الإفطار وعلى الريق وكذلك في المساء يسمى بالمصطلح الشعبي (الموميان) وهو عبارة عن عصارة طرية لبعض الأشجار لونه أسود يشبه القار أو الزفت الطبيعي يؤخذ منه بقدر حبة القهوة أو أكبر وتوضع في حليب يغلي بمقدار فنجان حتى تذوب وتتجانس أو يوضع نفس مقدار الموميان في قدر فنجان من السمن البلدي ويوضع على النار حتى يذوب ويتجانس ثم يترك حتى يصبح جاهزاً للشرب فيشربه المريض صاحب الكسر الداخلي مثل الضلوع وغيرها صباحاً ومساء وقبل تناول أية وجبة.
أما الكسور الخارجية مثل كسر اليد أو الرجل أو الكتف أو أصابع اليد فتعالج بواسطة دواء وعيدان، فيقوم على تجهيز هذا الدواء بطريقته الخاصة ثم يضعها في المكان المكسور، وهي عبارة عن بياض البيض ودواء عشبي يسمى العنزروت، وهو يشبه حبات الرمل الخشن لونه أحمر ووردي مع صابون مبشور، ثم يخلطها بيديه جيداً ويضعها على قماش أو شاش أعد خصيصاً لهذه الحالة، بعدها يقوم بوضع العيدان في مكانها الصحيح ثم يلف عليها هذا القماش بطريقة طبية فنية لا تزعج المريض ولا تضايقه، وتترك هذه الجبيرة حتى تجف وتتماسك لمدة محدودة يحددها هو، ولا تزال عن الجزء المصاب إلا بعد أن يتم الشفاء بإذن الله.
بهذه الطريقة القديمة البدائية كانت تعالج مثل هذه الأعواق والأمراض والكسور ولا يقدر عليها قليل من الناس أو الممارسون للطب والمعالجون الذين يجيدونها وبالطريقة الصحيحة، لأن وضع العظم المكسور في مكانه الصحيح يحتاج إلى حاسة سادسة لدى المعالج تخبره بأن العظم رجع إلى موضعه إما عن طريق معرفة المعالج أو من خلال إحساس المعالج بالمريض أو المصاب، لأن وضع العظم في المكان الصحيح من علاماته أو يشهق المريض ثم يتنفس بشكل طبيعي وهذه علامة يعرفها المعالج المتمكن فقط.
رحم الله والدنا المعالج أحمد الدليل وجزاه الله كل خير وأحسن مثواه وأسكنه فسيح جناته إنا لله وإنا إليه راجعون.
* الهجيني:
الهجيني لون من غناء العامة وأهازيجهم، وهو قديم وإن صنف ضمن التراث الشعبي. والهجيني أكثر ما يكون في النصف الشمالي من جزيرة العرب إلى بوادي الشام والعراق وقراهما، وكان يتغنى به البدو والحضر وهو في بداية أمره لم يكن يغني إلا على ظهور نجاب الإبل ولهذا اكتسب هذه التسمية، وكان يغنيه الراكب في أسفاره للترفيه عن نفسه ولتجديد همة نشاط راحلته حيث كانت النجائب تطرب له وتستجيب والهجيني غناء عذب لطيف شجي يغنى بعدة ألحان متباينة وأعذب تلك الألحان ما كان يوافق في الإيقاع النجيبة في ركضها، والهجيني فن قائم، ومن شعر الهجيني هجينيات الشيخ سعود بن عبدالرحمن آل ثاني ويقول فيها:
جعل يسقا لي نوينا بالنكوفه
قربوا العيرات ذربين العيالي
هجننا اللي ركبها مثل الطروفه
لدبحة مثل النعام الها جتوالي
لا بلا فطر ولا هيب معسوفه
توما شقة عليهن الحيالي
تطرب الركاب وتبوج التنوفه
تقطع الخد البعيده بالعجالي
لي لفينا على حسينات وصوفه
كامل الزين ناشيء في الدلالي
راحتك يا القرم من عقب الكلوفه
عند غاليك اتساوي كل غالي
خص إلا منه حصل خطوى هنوفه
مثل بدر لا كمل عقب الهلالي
وللشيخ سعود أيضاً وعلى الطاروق نفسه:
بكرتي ما صنتها إلا من غلاها
لين يأتي لا زمن غالي عليـه
ما حلا لا ضاق صدري في خلاها
قربت لي مازمى والشمس حيه
لا دبحة ما ينتحقق لك غياها
كنها السرحان يبرا لرعيه
أو كما ربدا قدرها اللي رماها
صاعها قد هي على الروحه شفيه
حايلٍ ومتيهه في أول ارباها
في السدايس سنها ماهي ثنيه
وللشيخ سعود أيضاً:
ركبنا على العبرات ضمروهن اجلال
لها في مقر الصيد مسرى ومسراحي
إلى روحت عقب الصلف خثت الزرفال
تقارن كما ربدى تسفح بلجناحي
إلى سمعوها الصوت قامت بعد تجتال
تقبض بحفظ الله ياقاك ياصاحي
عليها قرومٍ فالخلا صملهٍ وارجال
اسباع الفلا ذربين من كل مزاحي
ترى ذي طراة العمر ياجاهلٍ في الحال
ولا تغتبن يامدورٍ زود الأرباحـي
وخذ مني أوصيك كأنك بعد تخـتال
بقو العزايم واتعب الجسم ترتاحي
وللشيخ سعود على طاروق الهجيني أيضاً:
يا النشاما قربوا لي كل حايل
ضاق صدري والفرج بظهور هنه
عوص لنظا ركبهن ماله مثايل
ما حلا صوت الغنا بكوار هنه
الغوارب يشيب وكبار الثمايل
مالحق كرسوعها بزوار هنه
منوتي سوج النفس فوق الرحايل
وإن زما جال بعيدٍ قربنه
كم صبيٍ عاشق برد الظلايل
مستكن امخالف فني لفنه
هيه يالمجمول نقاض الجدايل
اعبثي لا صار شوقك فيه هنه
اطمحي للي ثنا يوم الدبايل
يشترى الناموس بالروح المضنه
ويقول أحدهم في هذا المعنى:
يالله وأنا طالبك حمرا هوا بالي
لاروح الجيش طفاحٍ جنايبها
ومن القصص المروية: قيل في السابق إن ابن مشعاب من آل سنيد آل مرة جمعته الطريق مع محمد بن فارس الحبابي من أبوظبي متجهين لقطر ومرا بسبخة مطي، وهي سبخة متعبة ومملة حتى الآن، ومعروف أن الإبل تطرب للصوت والغناء كما يطرب الإنسان، وكان فارس يعرف ثمد أو رس (ماء قليل) في تلك المنطقة، وكانا يريدان أن يردا هذا الماء وابن فارس هو الدليلة فغنى ابن مشعاب بأبيات تشجيعاً لأخوياه وللجيش لحث الخطى منها:
يانديبي من على هضع الرقابي
فوق هجناً لا مشى تهضع رقابه
يابن فارس يامحمد سرها بي
سرها باللي تكاود سرها به
أحمد الله فوقها قرماً حبابي
كلما زاد المدى كثروا احبابه
* المطوع:
من الأشياء التي لا تنسى وتظل في الذاكرة، دور العلم أو المكان الذي يتعلم فيه الإنسان، ففي الماضي وقبل افتتاح المدارس كانت هناك مدارس لتحفيظ القرآن الكريم على أيدي (المطاوعة) أو الأئمة أو كما نسميهم باللهجة المحلية (الملا).
وفي قطر كانت هناك مدارس كثيرة لتعليم القرآن الكريم، سواء في العاصمة أو في الضواحي أو في القرى المتفرقة البعيدة منها والقريبة، منها بيت (ملا صالح) الذي ظل يطل بالضبط على البراحة، والبراحة تسميه لساحة فضاء تتوسط المنازل أو خلف المنازل، والبراحة أيضاً تسميه للمكان البراح الخالي، و(ملا صالح) يرحمه الله بالإضافة إلى أنه مرب ومعلم ومطوع كان إمام مسجد، ومسجده ما زال موجوداً إلى الآن وهو مسجد آل شبيب المناعي، وهو المسجد الوحيد الذي دخل في سوق النجادة بالقرب من بيت التقاليد الشعبي سابقاً، ومن حسن الحظ أن موقع المسجد الآن هو بيت الملا صالح الذي كان يرتاده الأولاد وكل واحد منهم يحمل معه مصحفه وكرسيه الذي يضع عليه المصحف ليقرأ منه. لقد كان الإنسان القطري حريصاً جداً على تعلم القرآن وتعليمه لأبنائه، وكان الأجر يدفع للمعلم أو المطوع يوم الخميس وتسمى (الخميسية)، وهي عبارة عن مبلغ رمزي من المال أو هدية بسيطة مثل البيض أو التمر أو العيش، كل حسب استطاعته، يقدمها طالب العلم لمعلمة كل خميس، وكذلك عند حفظ إحدى السور أو أحد أجزاء القرآن الكريم، وكانت المصاحف أو الأجزاء القرآنية تباع عند بعض الناس، وقد درجت العادة أن الطالب إذا أراد شراء مصحف أو جزء من المصحف يقول لصاحب المكتبة أو الدكان بكم تهبني هذا القرآن، لأن القرآن ليس له ثمن، فهو كلام العزيز الحكيم رب العرش العظيم، وكما كانت هناك بيوت لتعليم الأولاد كانت توجد أيضاً بيوت لتعليم البنات، ومنها على سبيل المثال بيت المعلمة الفاضلة آمنة محمود الجيدة، وبيت آمنة المطاوعة وغيرها من بيوت العلم المنتشرة آنذاك.
* بعض المعتقدات الشعبية
التشاؤم من مطر الصيف:
في الماضي وقبل الكهرباء والمكيفات، كانت الناس تقضي نهارها وليلها في فناء البيت أو في الحوش، وبعضهم يفضل النوم في الليل فوق سطح البيت.
لكن إذا تغير وجه الطبيعة ونزل المطر في فصل الصيف يعتبرونه فال شؤم عليهم، لأن نزول المطر في هذا الوقت يمنعهم من الجلوس في النهار في حوش البيت، أو فوق السطح، وكذلك نومهم في الداخل مستحيل بسبب حرارة الطقس، فيبدؤون بالدعاء لله أن يزيل عنهم هذا الهم والغم، وينقشع السحاب وترجع السماء إلى صفائها وزرقتها.
التشاؤم من وجود بيت النمل الكبير (ليعبوا):
للنمل في مصطلحنا الشعبي ثلاثة أسماء لثلاثة أحجام، فذات الحجم الكبير تسمى (نملة) ولا ضرر منها، وذات الحجم المتوسط من النمل يسمى (السمسوم) لأن حجمه مطابق لحجم السمسم، والحجم الكبير من النمل يسمى (ليعبوا).
والنمل الكبير فيه التشاؤم فشكله مخيف ويخشاه الناس لأنه يقرص، وقرصته في بعض الأحيان تكون سامة ولهذه الأسباب يتشاءمون من وجوده معهم في البيت، فيسارعون إلى إخراجه إلى مكان آخر بوسائل عدة، حتى إن بعضهم يلجأ إلى أهل الدين (المطاوعة) لإخراجه من بيتهم وبفضل من الله يتم ذلك على أيديهم بفضل قراءة القرآن الكريم، ومنهم من يتعداه إلى المشعوذين، لعله يجد عندهم ما ينهي مصيبته ويريح أهل بيته.
* المراجع
1 - من أفواه الرواة - علي عبدالله الفياض
2 - الأمثال الشعبية في قطر - أحمد محمد يوسف عبيدان
3 - الشرح المختصر في أمثال قطر - خليفة السيد محمد المالكي
4 - من تراثنا الشعبي القطري - علي بن شداد آل ناصر
5 - أعلام من قطر ممن علموا القرآن للأبناء في الصغر - خليفة السيد محمد المالكي
6 - المعتقدات الشعبية لأهل قطر - خليفة السيد محمد المالكي