

كشفت مؤسسة قطر عن استراتيجيتها لدعم ذوي التوحد 2025-2035، انطلاقًا من حرصها على الاستجابة للتوحد كأحد أبرز التحديات الوطنية، مؤكدة ريادتها في تلبية الاحتياجات الوطنية، وتحقيق أهداف التنمية الوطنية، وترسيخ مكانتها في دعم الشمولية وتيسير الوصول للجميع.
جرى إعداد الاستراتيجية من قبل فريق عمل المؤسسة الذي عمل في نهاية عام 2023 على دراسة أفضل السبل الآيلة لدعم ذوي التوحد، وتوحيد الجهود في مجال التوحد داخل المؤسسة، وتحديد آليات العمل لسد الفجوات، بما يضمن حصول ذوي التوحد وعائلاتهم على أفضل وسائل الدعم، ورسم الأهداف المستقبلية على مدار العقد المقبل والعمل على تحقيقها من خلال التعليم، والتوظيف، وتقديم خدمات الدعم المجتمعي، والرعاية الصحية، والبحوث، والابتكار.
وتهدف مؤسسة قطر من خلال هذه الاستراتيجية إلى تحقيق ما يلي في مجتمعها، بحلول عام 2035:
إلى خفض متوسط العُمر الذي يتم فيه تشخيص التوحد بنسبة 25 %، ورفع نسبة التحاق ذوي التوحد في قطاع التعليم العالي أو التدريب المهني أو سوق العمل بمعدل 50 %، ورفع نسبة التغيير الإيجابي في جودة الحياة التي تعيشها أُسر ذوي بمعدل 50 % بين الاُسر، بجانب رفع عدد المنتجات أو الخدمات التكنولوجية والابتكارات التي تطورها مؤسسة قطر لتحسين نمط حياة ذوي التوحد بنسبة 50%.
وتشمل استراتيجية مؤسسة قطر لدعم ذوي التوحد مجموعة من الركائز الأساسية تتضمن توسيع سعة أكاديمية ريناد -وهي مدرسة تابعة للتعليم ما قبل الجامعي في مؤسسة قطر- تؤدي دورًا محوريًا في تلبية احتياجات الأطفال ذوي التوحد في قطر والمنطقة العربية، على أن تُلبي هذه التوسعة إمكانية استقبال الطلبة من سن 3 إلى 21 عامًا. بالإضافة إلى تطبيق الإجراءات التي تؤدي إلى الكشف المبكر عن التوحد، والتدخل المبكر في مدارس مؤسسة قطر.
كما تتضمن الاستراتيجية إنشاء مركز مجتمعي للتوحد يقدم الحلول الرقمية لأولياء أمور أطفال ذوي التوحد، ناهيك عن تقديم خدمات الدعم المناسبة ثقافيًا، والاستشارات المتخصصة، وتأسيس شبكات دعم الأقران لأولياء أمور الأطفال من ذوي التوحد، إلى جانب إنشاء مركز مهني يقدم برامج وخدمات متخصصة بالتوحد.
في إطار حرص المؤسسة أيضا على تسخير تقنيات الذكاء الاصطناعي، ستعمل المؤسسة على بناء الشراكات وانتاج ابتكارات تهدف إلى تعزيز آليات الكشف المبكر عن التوحد، والتحرك بالوقت المناسب، وتطوير التعليم، والاستفادة من التكنولوجيا المساعدة، ودعم أولياء الأمور في شتى الجوانب.

وقالت الدكتور دينا آل ثاني، أستاذ مشارك في قسم تكنولوجيا المعلومات والحوسبة بكلية العلوم والهندسة في جامعة حمد بن خليفة، عضو مؤسسة قطر، ورئيس فريق عمل المؤسسة المعني بالتوحد: «لطالما سعينا في مؤسسة قطر نحو بناء مجتمع شامل الجميع. تُمثل هذه الاستراتيجية إحدى الخطوات الرئيسية التي نتخذها في هذا الاتجاه، حيث تجمع بين الصحة، والتعليم، والابتكار، والدعم، والعمل المتكامل، وذلك بهدف دعم الأفراد ذوي التوحد وعائلاتهم بشكل أفضل».
وأكدت في تصريحات صحفية، أن الاستراتيجية هي مشروع بدأ قبل قرابة عامين، بعد طاولة مستديرة مع صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر، ضمت خبراء من جميع الجهات بمؤسسة قطر، وكذلك من مؤسسات الدولة، ناقشت الصعوبات التي تواجه ذوي التوحد، سواء أطفالا أو بالغين، وبناء على ذلك طلبت صاحبة السمو تشكيل لجنة على مستوى مؤسسة قطر، تضم خبراء من كافة الجهات بمؤسسة قطر، سواء التعليم ما قبل الجامعي أو سدرة للطب أو جامعة حمد بن خليفة.
وقالت: الاستراتيجية تضم 4 محاور وهي التعليم والصحة والمجتمع والبحوث والابتكار، وكل محور يوفر خدمات من ناحية المؤسسات، فسدرة للطب فيما يتعلق بالصحة، فنظرنا إلى تشريع التشخيص، وتوفير الخدمات العلاجية بشكل أشمل وأسرع، فبعد حصول الطفل على التشخيص يجب ألا ينتظر.
وأكدت على العمل مع وزارة الصحة العامة، التي لديها الخطة الوطنية للتوحد، وأن مؤسسة قطر حرصت على استشارة وزارة الصحة، كونهم المعنيين، وأن الخدمات المقدمة للأشخاص في دولة قطر، لذا كان من المهم أن يكونوا جزءا رئيسيا في تصميم الاستراتيجية، لتخدم الدولة، خاصة وأن قطر بها خدمات بشكل أكبر، وأن مؤسسة قطر تدعم الخدمات في الدولة، ما يزيد من أهمية أن تكون وزارة الصحة على دراية بالاستراتيجية.
وأشارت إلى أن من أبرز مبادرات الاستراتيجية هي توفير خدمات للبالغين، من حيث التدريب لانخراطهم في سوق العمل، وأنها نقطة مهمة جداً، ومن ثم النظر بعد سنوات في تحسين سبل العيش للمصابين بالتوحد، سواء أطفال أو بالغين، وأن الاستراتيجية نظرت في إمكانية الحاقهم في التعليم الجامعي، إضافة إلى التدريب المهني، وأنها من النقاط المذكورة في الاستراتيجية للبالغين.
وأعربت عن أملها بزيادة حضور البالغين في هذه الفرص خلال السنوات العشرة المقبلة، لافتة إلى الاستراتيجية تضمنت التركيز على زيادة نسبة البالغين من المصابين بالتوحد في التدريب المهني وبرامج جامعية بنسبة 50 % خلال السنوات المقبلة.
ولفتت إلى أن تجارب التحاق المصابين بالتوحد في سوق العمل حققت نجاح، وأن مركز الشفلح رائد في هذا الشأن، وأن مؤسسة قطر لديها برامج بدأت في هذا المجال، وأن المؤسسة تطمح لأن تكون هذه البرامج على نطاق أوسع خلال السنوات المقبلة، وزيادة الخدمات بنسبة لا تقل عن 50 %، مؤكدة على أن المصابين بالتوحد يضيفون قيمة كبيرة للمجتمع، ويجب توظيف هذه القيمة في سوق العمل.

البروفيسور خالد فخرو: 1 بين كل 80 إلى 90 طفلاً مصاب بالاضطراب
أكد البروفيسور خالد فخرو رئيس قسم الأبحاث ومدير برنامج الطب الدقيق في سدرة للطب في تصريحات صحفية، أن التوحد عبارة عن طيف كبير يضم العديد من الاضطرابات سواء العقلية، أو المهارات الاجتماعية ومشكلات النوم، والطعام والتعلم والكلام ومن ثم يصعب التفكير في التوحد من زاوية واحدة ولكن لابد من التركيز عليه كطيف متكامل من البداية للنهاية من رحلة التشخيص إلى رحلة العلاج.
وقال «إن استراتيجية مؤسسة قطر تقوم على هذا المفهوم وهو أن التوحد ليس شيئا واحدا بل هو طيف كبير ومن أجل تدارك الموضوع لابد من العمل على العديد من الجوانب أو التخصصات المتعددة».
وأوضح أن مؤسسة قطر هي عبارة عن مجموعة من المؤسسات أو من الشركات والجامعات والمستشفيات والمدارس التي اشتركت في وضع هذه الاستراتيجية لأن كل طرف منها سوف يتحمل جانبا من التنفيذ، فالتشخيص المبكر لابد أن يكون في المستشفيات والتدخل المبكر يبدأ في المنازل والمدارس ومن ثم العلاجات في المستشفيات.
وأكد أن التنفيذ سيكون من خلال مدارس ومراكز تخصصية ومستشفيات ومراكز التعليم العالي وغيرها من التخصصات المختلفة بهدف الوصول إلى العديد من الأهداف التي وضعتها والتي تشمل خفض متوسط عمر التشخيص المبكر بمعدل 25% وتطبيق نموذج الرعاية المتكاملة بمشاركة 10 تخصصات طبية وتدريب 500 طبيب أسرة على أدوات الكشف المبكر وتوفير خدمات الدعم النفسي للأسر عبر 5 مراكز متخصصة وزيادة فرص التعلم والتعليم العالي والتوظيف للشباب ذوي التوحد بنسبة 50%.
وشدد على أن أهم أهداف الاستراتيجية هو توسيع قاعدة الكشف المبكر حيث إن التشخيص المبكر يساعد في تخفيف الأعراض وآثار التوحد على الطفل وعلى الأسرة بأكملها.
وكشف أن نسبة انتشار التوحد في قطر تبلغ تقريباً 1 بين كل 80 إلى 90 طفلا وهي تعتبر نسبة مشابهة للنسب العالمية، موضحا أن انتشار التوحد في العالم أصبح كبيرا بشكل ملحوظ وربما يرجع ذلك لتطور وسائل التشخيص وليس نتيجة زيادة أسباب الإصابات.
وتابع إن هناك أبحاثا متطورة تحت اسم «دراسة البركة» وهي تعتبر أكبر دراسة للتوحد من المستوى الجينومي في العالم العربي الهدف منها هو البحث عن الأسباب الوراثية والأسباب البيئية التي تؤثر على زيادة نسبة التوحد التي يمكن تشخيص المريض فيها.
البروفيسور هلال الأشول: بناء قدرات المصابين للانضمام إلى مجالات العمل
قال البروفيسور هلال الأشول، مستشار البحوث والتطوير والابتكار لرئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر، والمدير التنفيذي للبحوث والابتكار في مؤسسة قطر: «لكل حالة من حالات التوحد رحلة فريدة من نوعها، وكذلك يجب أن تكون استجابتنا لتلك الرحلات».
وأضاف: «تُعيد هذه الاستراتيجية تشكيل التصور حول دعم ذوي التوحد، ليكون هذا الدعم بمثابة شراكة مع ذوي التوحد لمدى الحياة، نهدف من خلالها إلى الاستجابة للاحتياجات المتغيرة، وتعزيز النمو لكل حالة، بدءًا من التشخيص المبكر حتى الوصول إلى سن الرشد».
وتابع: «إنها رحلة مليئة بوسائل الدعم لمزيد من الاستقلالية، والثقة بالذات، والفرص، مع توفير أدوات التشخيص المبكر، والتعليم الشامل، والرعاية الصحية المتاحة الوصول، والبحوث، والتقنيات المبتكرة، التي تُمكن الأفراد والعائلات من التقدم في كل مرحلة من مراحل الحياة»، لافتا إلي أن الاستراتيجية تعكس رؤية مؤسسة قطر بألا يُترك أحداً خلف الركب، لا في مجال الرعاية الصحية، ولا في قطاع التعليم، ولا في مجال التوظيف، والابتكار، والتي تُشكل بأكملها مستقبل دولة قطر».
وقال في تصريحات صحفية: ملامح عدة للاستراتيجية الجديدة للتوحد، وأهمها جزآن، منها الشمولية، فتشمل جميع أوجه الرعاية للمصابين بطيف التوحد على مستوى جميع مراحل الحياة، بداية من مرحلة التشخيص، مروراً بمرحلة التعليم وصولاً إلى التمكين ليكونوا عناصر فعالة، والاستراتيجية مبنية على العناية الشخصية، التي تتلازم مع الشخص وتتوافق مع احتياجاته في فترات نموه المختلفة.
وأشار إلى أن الهدف من الاستراتيجية أن يكون هناك برامج للاهتمام بالتعليم، وبناء قدرات المصابين بالتوحد ليتمكنوا من الانضمام للعمل في المجالات المختلفة، موضحاً أن نسبة الأشخاص القادرين على الانضمام للعمل أقل من 10 %، وأن الاستراتيجية تتماشى مع استراتيجية قطر للتنمية لإيصال هذه النسبة إلى 30 %، وذلك من خلال التدريب والتعليم.
وأكد أن هناك خططا لتطوير التعليم بما يتماشى مع أهداف الاستراتيجية، وأنه عنصر أساسي، لتطوير البرامج بما يتماشى مع احتياجات هذه الفئة، وليس على مستوى الفئة ككل، ولكن على المستوى الشخصي.