قبل سنوات أتى مهندس الإضاءة والصوت الكرواتي داريو نوفوسيل إلى الدوحة، ولم يكن يدري وهو يحزم حقائبه قادماً من العمق الأوروبي أنه سيجد في درة الخليج والشرق الأوسط، نصفه الآخر الذي يكمل معه رحلة الحياة، إذ جمعه القدر بشابة من أصل طيب تنتمي إلى واحدة من الأسر الفلسطينية العريقة، ليتوجا مشاعر راقية جمعتهما بالزواج، وسط فرحة الأهل والأصدقاء من البلدين.
وقد رزقهما الله بصبي بهي الطلة أسمياه آدم، فصار القنديل الذي يُنير حياتهما، ومبعث بهجة للعائلة كلها، خصوصا جدته الكرواتية التي عشقت قطر من تكرار زياراتها لآدم.
عيون آدم لم تر مدينة غير الدوحة، فوالداه حريصان على تنشئته وسط تقاليد المجتمع القطري، بعد ما لاقاه من حسن ضيافة في هذا الوطن. وفي الوقت نفسه فإنهما حريصان كذلك على أن ينشأ آدم على حب نصفه الآخر «فلسطين» أرض العزة والكرامة، بلد أمه، والتي تعمل على جعل وطنها الغالي نصب عيني طفلها، فتجد خريطة فلسطين - من البحر إلى النهر - حاضرة دائماً أمام آدم في كتب تناسب عمره، فضلاً عن الألعاب، وهي على ثقة أن ولدها سيعود يوماً إلى أرضه المقدسة التي ستظل قضية العرب المركزية.
وبعدما اقترب عمر آدم من ثلاث سنوات، بدأت الأسرة تعليمه تدريجياً بعض تعاليم دينه، وإسماعه القرآن وتحفيظه بعض الآيات البسيطة المناسبة لعمره.
وتقول السيدة رشا والدة آدم إن طفلها بسماعه كتاب الله وترديده آيات منه، تحسنت طريقة نطقه ومخارج الألفاظ عنده، وأصبح بفضل الله وعظمة كتابه الكريم يتكلم بشكل سلس لغته الأم «العربية»، بجانب اللغتين الكرواتية والإنجليزية بحكم تعامله مع أقاربه.
وتضيف: «كما بدأ تقليد الكبار في الصلاة»، وتؤكد استمرارها في تحفيظ ابنها القرآن في البيت، إلى حين يكبر قليلاً فيبدأ الحفظ في أحد المراكز المنتشرة بالدوحة.