استعجال تنفيذ المشاريع الاستراتيجية وراء قصور إمكاناتها

alarab
محليات 27 نوفمبر 2015 , 07:30ص
نور الحملي
أكد خبراء عقاريون أن محاسبة المسؤولين عن غرق بعض المؤسسات والمشاريع الكبرى في البلاد، بعد تساقط الأمطار عليها الأسبوع الماضي، «ضرورية»، في ظل الطفرة التنموية التي تشهدها الدولة والاستحقاقات التي تلتزم قطر بتنفيذها استعداداً لمونديال 2022.

وقال هؤلاء لـ«العرب»: "إن وصف ما حدث بـ«الفساد» أمر غير جائز، ولكن يمكن وصفه بأنه تقصير في تنفيذ المشاريع على النحو المطلوب"، مشيدين بقرار معالي الشيخ عبد الله بن ناصر آل ثاني رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية، بإحالة المعنيين إلى التحقيق. وأشاروا إلى أن الاستعجال في تنفيذ مثل هذه المشاريع السبب الرئيس وراء العيوب التي ظهرت في أثناء تساقط الأمطار بغزارة على بعض المنشآت المهمة في الدولة، لافتين النظر إلى إمكانية محاسبة الاستشاريين والمقاولين بحسب ما ينص عليه القانون.

وأدت الأمطار الغزيرة في قطر - أمس الأول الأربعاء - إلى تقصير جزئي لليوم الدراسي، وعرقلة حركة المرور، في حين أمر معالي رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية، بفتح تحقيق في حق الجهات المعنية بالمشاريع الإنشائية التي كشفت الأمطار عيوبها. كما أحدثت الأمطار أضرارا ببعض مباني مطار حمد الدولي، دون المس بجداول الرحلات الجوية، وقد أمر معاليه بإحالة جميع الجهات المعنية والشركات المنفذة للمشاريع التي كشفت الأمطار عيوبها إلى التحقيق، ومن ثَمَّ إلى النيابة العامة، حيث أحيلت خمس شركات إلى التحقيق حتى الآن.

أخطاء:
في البداية، يؤكد المهندس أحمد الجولو، رئيس جمعية المهندسين القطرية، أن وصف ما حدث من تساقط مياه الأمطار داخل بعض المؤسسات الكبرى والشركات والمجمعات التجارية، حتى المدارس بـ«الفساد»، هو أمر «غير جائز»، مشيراً إلى أن المرحلة الحالية التي تشهدها قطر لا يمكن أن تتحمل هذا الوصف في ظل الاستحقاقات والالتزامات الخاصة بمونديال 2022.

ويقول الجولو: «إن كل عمل إنشائي قد يشوبه بعض الأخطاء، لكن وصف العملية ككل بالفساد أمر خاطئ وبحاجة إلى تصحيح لدى المواطنين، مؤكداً أن الأخطاء تتفاوت في حجمها بين منشأة وأخرى وبين مقاول وآخر».

ويضيف: «الدولة تمر حالياً بفترة حساسة جداً، تشهد خلالها تغيرات كبيرة، خاصة على صعيد التزاماتها بتسليم عدد من المشاريع التنموية الكبرى، تلك الخاصة بكأس العالم في فترة وجيزة، الأمر الذي قد يتسبب في بعض الأحيان في استعجال تنفيذ هذه المشاريع، بما يصاحبه بعض الأخطاء في النهاية».

ويشدد على ضرورة دراسة المشاريع بشكل أكثر دقة من قِبل المالك والمقاول والاستشاري، بحيث يمنح المشروع الوقت الكافي لتنفيذه دون استعجال، مؤكداً - في الوقت ذاته - أن أغلب المقاولين المنفذين للمشاريع هنا في قطر، ينفذون مشاريع أخرى في دول مجلس التعاون المجاورة، مما يعني أنها حالات فردية لا يمكن تعميمها ولا وصفها بـ «الفساد».

دراسة متأنية:
وينوه بأهمية دراسة المشاريع الاستراتيجية بشكل جيد ومنحها الوقت الكافي، سواء في أثناء عملية الرسومات الهندسية أو التنفيذ، كما ينوه بضرورة مراعاة التغيرات التي يمكن أن تطرأ على المشاريع في أثناء وقت تنفيذها؛ وذلك تجنباً للاستعجال وظهور المشاكل فيما بعد، مشيراً - في الوقت ذاته - إلى أهمية اختيار الاستشاري الجيد والمقاول الكفء.

وأشاد رئيس جمعية المهندسين القطرية بقرار معالي الشيخ عبد الله بن ناصر آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية، بإحالة جميع الجهات المعنية والشركات المنفذة للمشاريع التي كشفت عيوبها الأمطار والأحوال الجوية، التي تعرضت لها البلاد، إلى التحقيق، ومن ثَمَّ إلى النيابة العامة.

ويقول: «لا بد من عمل جراحي وتدخُّل لتنفيذ القانون في حق كل مقصر»، مؤكداً أن القوانين تنص على ذلك، خاصة أن هناك عقودا ملزمة، كما أن النظام العشري المعمول به يلزم الاستشاري بتحمل مسؤولية البناء حتى عشر سنوات، بعد إنشاء المبنى، كذلك المقاول إذا كان خطأ جسيما.

وأوضح مكتب الاتصال الحكومي أنه تقرر إحالة 5 شركات حتى الآن إلى التحقيق، وسوف تتم محاسبة الجهات المسؤولة عن التقصير أو الإهمال سواءً أكانت حكومية أو خاصة.

عازل الأسقف
وحول ما إذا كان تركيب العازل لأسقف المباني إجباريا أم لا، يوضح الجولو أنه إلزامي على كل مقاول، مؤكداً أن المشكلة ليست في طبيعة المادة العازلة نفسها، لكن في كيفية تركيبها، وهي مسؤولية المقاول بالطبع.

وفي رده على سؤال حول طبيعة شبكات الصرف الصحي وعدم جاهزيتها لصرف مياه الأمطار، يشير رئيس جمعية المهندسين القطرية إلى أنه لا بد من التفريق بين شبكات الصرف الصحي وبين شبكات الصرف السطحي، قائلاً: «إن الأخيرة هي المسؤولة عن تصريف مياه الأمطار في الشوارع، وإن الدول التي تشهد تساقطاً للأمطار طوال أيام السنة تقوم بإنشاء شبكة أخرى لصرف مياه الأمطار، وهي مكلفة جداً وتحتاج إلى بنية تحتية ضخمة لتنفيذها».

ويضيف أن الميولات في الشوارع تُعَد أحد أهم الحلول لتجمع مياه الأمطار في الشوارع، بحيث تتجمع المياه على الأطراف، ومن ثَمَّ تتم الإفادة منها عبر تخزينها وإعادة تحليتها.

حلول
ويتفق معه في الرأي المستشار العقاري أباشير محمد؛ الذي يؤكد أن هناك حلولاً مختلفة للقضاء على تجمعات مياه الأمطار في الشوارع، منها إنشاء الطرق بميولات على الجانبين، مؤكداً أن هذا الأمر معمول به بالفعل في بعض الطرق في قطر، إلا أن بعض الطرق بحاجة إلى تنفيذ هذه الميولات بها.

ويقول محمد: إن إنشاء شبكة لصرف مياه الأمطار في قطر ليس ذا أهمية، خاصة أنها تكلفة باهظة وأن طبيعة الجو هنا لا تستدعي ذلك، ولكن يتم تنفيذ مثل هذه الشبكات في الدول التي تشهد تساقطاً للأمطار يوميا على مدار السنة.

ويؤكد أن قرار معالي رئيس الوزراء بإحالة شركات إلى التحقيق بأنه يعكس مدى الاهتمام والشفافية التي تتعامل بها الحكومة في حل مثل هذه الأزمات، موضحاً أن هذا القرار سيحد - بشكل كبير - من تقصير بعض شركات المقاولات في المستقبل، خاصة أن الدولة تشهد طفرة كبيرة في البناء ولا تتحمل أية مشاكل في هذا الصدد، خاصة فيما يتعلق باستادات مونديال 2022.

                 /أ.ع