السادة: ذكر الله أفضل الطاعات
الصفحات المتخصصة
27 نوفمبر 2015 , 07:12ص
الدوحة - العرب
أكد الشيخ عبدالله بن إبراهيم السادة، على فضل وثواب المداومة على ذكر الله عز وجل، داعيا للإكثار منه في كل الأوقات، طمعا في الحسنات، وأملا في محو السيئات. ووصفه بأنه «أفضل الطاعات وأجل القربات».
وقال في موعظة الأمس بجامع مريم بنت عبدالله بالدفنه: عندما نقرأ القرآن الكريم نجد عناية كبيرة بذكر الله، وحثا واضحا للمسلمين أينما كانوا على أن تكون لغتهم في كل حركة وسكون هي ذكر الله، إن النهار الواسع الممتد منذ شروق الشمس إلى غروبها يأمر الله تعالى عباده أن يبدؤوا فيه بذكره، وأن يختموه بذكره، فيقول سبحانه: ((فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا))، وعندما تلبس الأرض ثوبها الأسود ويخيم الليل على أرجائها الممتدة وتبدو الحياة هادئة ساكنة يأمر الله تعالى عباده أن يعمروا الليل بالذكر والتسبيح فيقول سبحانه: ((وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى)).
ولفت إلى أن النظر في رقعة السماء المبسوطة وما فيها من كواكب ونجوم ومجرات، والنظر في أنحاء الأرض وما أودع الله فيها من زروع وثمار وخيرات، مدعاة إلى ذكر الله، بل يلزم المؤمن وهو ينظر في هذه الآيات العظيمة أن ينطلق لسانه بذكر الله، يقول سبحانه: ((إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)).
فطرة سليمة وعقل نظيف
وأوضح أن ذكر الله تدفع إليه الفطرة السليمة والعقل النظيف؛ لأن كل ما في هذا الكون وكل ما في الإنسان من خلق وتكوين، وما سخر له في الأرض من مخلوقات دافع إلى ذكر الله. ألا ما أحرانا أن نستعرض بعض صور الذكر وآثاره في حياتنا؛ حتى تصفو النفوس وتحيا الضمائر بالعيش مع ذكر الله.
وقال: مع انبلاج الفجر وتبدد الظلام يبدأ الناس في الحركة ويستعدون في نشاط وهمة لأداء فريضة الفجر. إن الجسم الهاجع قد أخذ قسطه من النوم، ومع افتتاح العين يقدم النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى الإنسان هذه الكلمات: ((الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور))، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا استيقظ أحدكم فليقل: الحمد لله الذي رد علي روحي، وعافاني في جسدي، وأذن لي بذكره))، إن هذه الكلمات الطيبة التي يذكر بها الإنسان ربه، ليست وظيفتها حل عقد الشيطان فقط، بل يكسب الإنسان بفضلها أجورا عظيمة، كذلك تمسح عنه ذنوبا كثيرة أخرى، وفي هذا فضل كبير لا ينبغي للعاقل أن يتهاون فيه، فعن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما من عبد يقول عند رد الله تعالى روحه عليه: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، إلا غفر الله تعالى له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر)).
طمأنينة للقلوب
وأشار السادة إلى أن هذه الكلمات الطيبة تشرح النفس، وتطبع على القلب طمأنينة كبيرة؛ فيعود إلى الإنسان النشاط والحيوية، ليصبح كأنه قد خرج من تمرين رياضي صحيح، والعجيب أن قوى الطبيعة قد سخرت لتكسب هذا الإنسان النشيط مزيدا من القوة والحيوية، فقد ذكر الأطباء أن مسامات جسم الإنسان وقت الفجر تبدأ في التفتح؛ لتلتقط في تلك اللحظات الجميلة غاز الأوزون، وهو غاز منشط للجسم ومقو للعضلات وشارح للنفس، ولا يكون إلا في وقت الفجر، ولا يتحقق إلا لإنسان قام في تلك اللحظات بهمة وانشراح داخلي، وذلك هو ما يحققه ذكر الله تعالى، يقول الله تعالى: ((الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)).
رفيق للمسلم
وذكر السادة أن السنة النبوية جاءت معلمة المسلم أن يتخذ ذكر الله تعالى رفيقا له في تحركه وسكونه، وقيامه ونومه، ولباسه ومطعمه ومشربه، وخروجه ودخوله، وركوبه وهبوطه، وفي كل مفردة من مفردات حياته.
وأشار إلى أن المسلم عندما يقرر الخروج من البيت ويتجه إلى المسجد أو العمل أو أي مكان آخر عليه أن يبدأ خطواته الأولى بـ»باسم الله»، حتى يحصل على رعاية تامة من الله، من لدن خروجه إلى أن يعود إلى أهله وأولاده، فمن السنة أن يقول المسلم إذا خرج من البيت: (باسم الله، توكلت على الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله). إن هذه الكلمات الطيبة إعلان من الإنسان عن عجزه وضعفه، وأنه محتاج إلى الله ليتوكل عليه حتى ينال الحفظ والرعاية، نعم إن الإنسان عندما يخرج من البيت قد ينتظره في الخارج أعداء متعددون، فالشيطان يرتب أوراقه فيستنفر أقصى ما لديه من طاقة ليعود الإنسان وفوق رأسه جبال عالية من الذنوب والآثام، أو على الأقل يعود إلى البيت وبين عينيه إعصار من الغضب على زوجه وأولاده، وعلى طول الطريق الممتد قد يوجد أناس قد فرغت عقولهم من الحكمة فبدوا أشبه بالمجانين عندما يقودون سياراتهم، إن كل هؤلاء يحميك الله منهم عندما تخرج من البيت وأنت تقول ذلك الذكر المبارك؛ فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من قال إذا خرج من بيته: باسم الله، توكلت على الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، يقال له: كفيت ووقيت وهديت، وتنحى عنه الشيطان، فيقول: كيف لي برجل قد هدي وكفي ووقي)).
فائدة عظيمة
ونبَّه على أن ذكر الله تعالى في هذه المواضع أمر عظيم الفائدة كبير النفع، ولذلك كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعلم أمته أن يضيفوا إلى ذلك كلمات أخرى تزيد من الحصانة والحفظ، فعن أم سلمة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا خرج من بيته قال: «باسم الله، توكلت على الله، اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل، أو أزل أو أزل، أو أظلم أو أظلم، أو أجهل أو يجهل علي».
وأوصى الشيخ السادة بألا ينقطع ذكر الله عند الخروج من البيت والاتجاه إلى السيارة أو المركبة؛ فقد أمر الله تعالى عباده إن أرادوا ركوب الراحلة أن يتقدموا بهذا الذكر: «سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين»، وهكذا تمر رحلة الذكر في حياة المسلم وتشغل كل تفاصيل حياته بحيث يعود إلى البيت في نهاية اليوم وهو يقول: «اللهم إنا نسألك خير المولج وخير المخرج، باسم الله ولجنا، وباسم الله خرجنا، وعلى الله ربنا توكلنا».