"حدثت فعلا في تونس - وفي شهر يوليو 2013 - محاولة انقلابية بأتم معنى الكلمة، دامت شهرين، ومن حسن الحظ أن شعبنا واع، ولنا جيش حرفي ومهني"، بهذه الجملة كشف الرئيس التونسي السابق محمد منصف المرزوقي لأول مرة عن محاولة للانقلاب عليه إبان حكمه، بعد الإطاحة بالرئيس المصري المعزول محمد مرسي بفترة قصيرة.
وتطرق المرزوقي في الحوار الواسع الذي أجرته معه «هافينغتون بوست عربي» عن الأحداث التي تشهدها مصر في الآونة الأخيرة قائلا: "كل المؤشرات تقول إنه لا قدر الله لو تم تنفيذ حكم الإعدام على الرئيس محمد مرسي ستدخل مصر في منزلق من العنف لا يدري أحد مآله، وستكون له تبعات خطيرة على كامل المنطقة، وستكون هذه أعظم هدية تقدم لتنظيم داعش وللمتطرفين".
وأضاف: "أتمنى من صميم قلبي أن لا ترتكب هذه الحماقة، وكمحاولة مني للضغط الدولي راسلت قداسة البابا وبان كي مون؛ باعتبارهما من الشخصيات الأكثر تأثيراً في العالم، وأنا شبه مقتنع أنهما سيتدخلان، ودعيني مرة أخرى أناشد كل القوى التي تحب الخير والسلام لهذه المنطقة، أن تتدخل بكل ثقلها، سواء في الإدارة الأمريكية أو الأوروبية لمنع هذه الحماقة الدموية".
وتابع: "لا أرى أي مستقبل لمصر في ظل حكم العسكر، والمستقبل الوحيد في اعتقادي هو مصالحة وطنية تُبنَى على قاعدة ديمقراطية حقيقية".
وجه رسالة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي: "أقول لعبد الفتاح السيسي لا ترتكب جريمة نكراء في حق مصر وفي حق الأمة، وفي حقك الشخصي. قضية الإعدامات بشكل عام غلطة لا يمكن تداركها، وأنا شخصيا كنت ولازلت ضد تنفيذ حكم الإعدام. فالتاريخ أثبت أنها أقل الحلول نجاحا وأكثرها ضررا".
ولفت المرزوقي إلى أن ليبيا ومصر واليمن، كل هذه البلدان التي قامت فيها ثورات، كانت تسير في الطريق الصحيح، ثورة مدنية سلمية تريد عدالة انتقالية ومصالحة وطنية، على قواعد صحيحة، لكن في ليبيا وقعت مؤامرة على الربيع الليبي، وهذه المؤامرة كانت خارجية بالأساس، ما صار في ليبيا ومصر وتونس هو ليس فقط وليد التناقضات الداخلية، بل نتيجة خطة استراتيجية لإجهاض الربيع العربي، ولدفعه نحو العنف والتسلح، وهناك قادة ودول وضعت كل ثقلها لإجهاض الربيع العربي، وللأسف نجحت في ذلك، وسأفضحها في يوم من الأيام وأحاكمها دوليا بتهمة ارتكاب جرائم ضد الشعوب والإنسانية. بحسب قوله.
وعن الاتفاق النووي بين حكومتَيْ طهران وواشنطن، قال: "أنا مسرور بهذا الاتفاق؛ لأنه يبعد شبح الحرب، وكنت شخصيا مسكوناً بهاجس أن تقوم حرب أخرى تزيد الأمور تعقيدا، وكنت من المدافعين عن حق إيران في امتلاك مشروع نووي سلمي، فنحن لسنا بحاجة لترسانة نووية، ويكفينا الترسانة النووية الإسرائيلية التي يجب أيضا أن يقع إجبار إسرائيل في يوم ما على التخلي عنها، حتى تكون كل المنطقة خالية من السلاح النووي وليس فقط إيران".
وعن تنظيم الدولة تحدث المرزوقي قائلا: "الفرق الكبير بين عملية "الدمقرطة" في أمريكا اللاتينية وفي أوروبا أنه كانت هناك قوتان: قوة ديمقراطيين واستبداديين، نحن مع الأسف ابتلينا بداعش، هذا العنصر الثالث في وطننا العربي، الذي أربك كل الحسابات، وشخصيا أعتبر أن هذه التنظيمات الإرهابية جزء منها حقيقي يدل على عمق التناقضات وعمق المظالم الموجودة في المجتمع، وجزء خارجي مصطنع لضرب الثورات العربية، وهو صناعة مخابراتية، والتعامل معه سيكون صعباً جدا، لأنه في الوقت نفسه وجب على الثوريين السلميين أمثالي، الذين يريدون بناء دولة مجتمع مدني وديمقراطية وإعادة توزيع الثروات، بشكل عادل، عليهم أيضا أن يفهموا أنه جزء من هذا الإرهاب هو نتيجة للمظالم، بالتالي يجب أن تكون لهم رؤية استراتيجية حقيقية لتجفيف المنابع بالمعنى الصحيح للكلمة، أي القضاء على جيوب الفقر والتهميش والحرمان، دون نسيان الحرب المخابراتية التي تعلنها بعض الأنظمة، وهذا يتطلب جيوشاً قوية وأجهزة أمن قوية لمحاربة هذه التنظيمات، ولا زلت أصر أن هذه المعركة هي معركة أخلاقية، حتى عملية قمع هذه الجماعات يجب أن نتمسك بمبادئنا، لا للتعذيب ولا للمحاكمات الظالمة".
وتحدث المرزوقي عن تفاصيل اقتحام جيش الاحتلال الإسرائيلي لأسطول الحرية الثالث، لفك الحصار عن غزة، قائلا: "نحن بقينا 3 أيام بالمياه الإقليمية الدولية، ولما أوشكنا على الاقتراب من الشواطئ المصرية وقعت حينها عملية الاقتحام، حيث فوجئنا بزوارق عسكرية إسرائيلية تطوق السفينة، وهي عملية قرصنة بأتم معنى الكلمة؛ لأن السفينة كانت سويدية، وترفع العلم السويدي، بالتالي هي أرض سويدية وبعيدة بنحو مائة ميل عن الشواطئ المصرية، وهذا يدل على أن الإسرائيليين لا يعترفون أصلاً بالقانون الدولي".
اضغط هنا لمشاهدة الحوار بالفيديو من هنا