اختتم منتدى الجزيرة نسخته الخامسة عشرة، أمس، بتسليط الضوء على الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في حق الإعلاميين والصحفيين بهدف طمس الحقائق والأدلة المتعلقة بجرائم الاحتلال في غزة.
واستعرضت الجلسة الثالثة من جلسات اليوم الثاني للمنتدى ما يتعرض له الصحفيون في غزة من استهداف، والتحديات التي تواجه جهود حمايتهم، منوهة إلى أن الحرب على غزة تشهد أعدادا غير المسبوقة من الضحايا من الصحفيين وعائلاتهم، وأن آلة الحرب الإسرائيلية تعاملت مع الصحفيين باعتبارهم أهدافا لا مجرد ضحايا عرضيين.
وأدار الجلسة الإعلامي محمد كريشان، وشارك بها وائل الدحدوح، وإيرينا خان – المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بتعزيز الحق بحرية الرأي والتعبير، وخديجة باتيل – رئيس مجلس إدارة المعهد الدولي للصحافة، والإعلامي الفلسطيني إسماعيل أبو عمر، وعمر الفاروق عثمان – رئيس اتحاد صحفيي افريقيا، ومحمد الراجي من مركز الجزيرة للدراسات.
ألم ومرارة
وقال وائل الدحدوح: الشهادة في مثل هذه الظروف عادةً ما تكون صعبة، محفوفة بكثير من الألم والمرارة، لأن الصحفي الفلسطيني في هذه المرة أصبح جزءًا أصيلاً من القصة، وجزءا أصيلاً من الخبر ومن الصورة ومن الحدث، باعتباره أصبح يدفع ثمناً باهظاً جداً دون مبرر ودون سبب، لأنه في نهاية المطاف، نحن كصحفيين كنا وما زلنا نعتقد أن مهمتنا الصحفية هي نقل ما يجري.
وأضاف: في قطاع غزة تحديداً لا نريد نحن كصحفيين فلسطينيين وغير فلسطينيين سوى تسليط الضوء على ما يجري، أو جزء مما يجري، لأن ما يجري في نهاية المطاف هو حدث مزلزل فارق واستثنائي وكبير ولم نعشه نحن كصحفيين على الأقل، حتى آباؤنا واجدادنا أخبرونا أنهم لم يعيشوا لحظة تاريخية بهذه الحساسية وهذه الخطورة، ونحن نقوم بما كفلته القوانين الدولية، ولكن مع الأسف ندفع هذه الأثمان الباهظة.
وتابع الدحدوح: في كل مرة، الصحفي في قطاع غزة كان مسكوناً بالخوف على نفسه، ربما يكون في أي لحظة مستهدفاً، وإن كانت كل الأخطار وكل المخاوف وكل الهواجس وكل الكوابيس مختلفة في هذه الحرب عن كل الحروب السابقة التي غطيناها في قطاع غزة، لكن كانت مقتصرة أن يكون الإنسان خائفاً متوجساً أن قوات الاحتلال الإسرائيلي ليس لديها أخلاقيات وبالتالي يمكن في لحظة معينة أن تستهدف الصحفي الفلسطيني، خاصةً إذا رأت من وجهة نظرها أنه يقوم بأكثر من اللازم.
وأشار إلى الاختلاف في تغطية الحرب الحالية عما كان من قبل، فقال: هذه المرة، كل صحفي شعر أنه يقوم بالتغطية من عين الموت ومن بطن الموت، هذا شعور لم يسكنا من قبل، وأنا قمت وكثير من زملائي بتغطية جميع الحروب وعمليات التصعيد والحصار وجميع العمليات العسكرية على قطاع غزة، ولم نشعر قط بمثل هذا الشعور الذي كان يسكننا ويخيم علينا في كل لحظة من لحظات التغطية للحرب الاسرائيلية على قطاع غزة، وهذه المرة بما أنها مختلفة عن كل المرات السابقة، أرادت قوات الاحتلال الاسرائيلي أن تكون مختلفة عن كل ما كان من قبل من حيث الألم والمرارة والوجع والثمن الذي يدفعه الصحفي الفلسطيني في قطاع غزة، فأرادت أن تبدأ بإيلامه نفسياً وايلام روحه ومعنوياته وارادته من خلال استهداف الاسر كما جرى في قصتي وقصة زملاء اخرين في قطاع غزة.
وأضاف: كنا نتحفز كثيراً أن الصاروخ أو الرصاصة أو الطائرة يمكن أن تستهدف أجسادنا نحن أثناء تغطياتنا وتنقلاتنا، لكن هذه المرة بدأت باستهداف أفراد الاسرة، وهذا كان اسلوباً مستحدثاً أكثر وجعاً من استهدافنا نحن، وعلى كل حال هذا الألم وهذه المرارة وهذا الوجع لم يفت من عضدنا ولم يمس من عزيمتنا، لأنه في نهاية المطاف كنا منذ اللحظة الأولى قد أدركنا أن هذه اللحظة فارقة ومختلفة، وأن دورنا فيها أيضاً يجب أن يكون فارقاً ومختلفاً ومميزاً عن كل الأدوار السابقة، وأن يرتقي العمل الصحفي خصوصاً الفلسطيني عن كل الأدوار السابقة، وهذا ما حاولنا أن نقوم به.
ونوه إلى أن الصحفي الفلسطيني تعرض إلى آلام ووجع الفقد مجتمعة، فقد الأهل الزوجة الابن البنت الحفيد القريب ابن الأخ ابن العم، ولكنه أيضاً فقد البيت، فقوات الاحتلال دمرت بيوت صحفيين كثر بالاسم، وليس هناك شبهة أنها استهدفت هذا المنزل لأنه يعود للصحفي فلان، واستهدفت أيضاً المكاتب، ومنها مكتب قناة الجزيرة والكثير من القنوات في مدينة غزة وكل المدن.
ولفت إلى أن قوات الاحتلال الإسرائيلي شردت الصحفيين منذ البداية، وتحت الضغط وتحت النيران وتحت التحذيرات، طلبت منهم أن ينزحوا بالكامل عن مدينة غزة مركز الحدث، ومناطق الشمال إلى مناطق الجنوب، وليتهم سلموا، على العكس أصبحت تلك المناطق المصيدة للمواطن والصحفي الفلسطيني، وهذا أيضاً بمثابة جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
تزييف الواقع
من جانبه قال إسماعيل أبو عمر: فيما يتعلق بالجرائم التي حدثت بحق الصحفيين في قطاع غزة، فبلغ عدد الشهداء 147 شهيدا ارتقوا في هذه الحرب من الصحفيين، و200 أسير من الصحفيين لدى قوات الاحتلال.
وأضاف: المؤسسات الحقوقية والأممية تشارك في تزييف الواقع فيما يتعلق بهذه القوانين المفترض أن تحمي الصحفيين ولم يطبقوا هذه القوانين، فأين حقوق الإنسان من تطبيق هذه القوانين، وذلك يعتبر تزييفا للتاريخ، لأن في يوم من الأيام سينشأ جيل ويقرأ أن كان هناك حقوق تكفل للصحفيين حرية التعبير والعمل، لكن لن يعلم هذا الجيل أن هذه الحقوق لم تكن مصونة ولم تكن متوفرة للصحفيين.
وقالت إيرينا خان: بسبب القصف المستمر، فإن فلسطين تعتبر واحدة من أكثر الدول استهدافاً في العالم، وعندما نأخذ في الاعتبار حدة النزاع بإمكاني أن أقول إنه المكان الأكثر خطورة بالنسبة لأي مدني بما في ذلك الصحفيون.
وأضافت: شجاعة والتزام الصحفيين مثل وائل الدحدوح كانت مثار إلهام بالنسبة لنا جميعاً، في غياب صحفيين مثل وائل الدحدوح ما كان للعالم أن يعرف ما يعيشه الناس من مجاعة ومعاناة وجرائم الحرب والابادة التي تتكشف على الأرض، فهؤلاء الصحفيون هم من يروون هذه القصص ولكن بثمن باهظ جداً، لابد أن نثمن كذلك جهود الصحفيين المحليين، حيث إن وكالات ومحطات تلفزيونية لم يتم اعطاؤها حق البث في هذه الأراضي، بالتالي فإن الصحفيين على الأرض يلعبون دوراً كبيراً في هذا الصدد.
وأكدت أن قتل الصحفيين يعتبر واحدة من أكثر أدوات الرقابة خطورة، واستهداف الصحفيين وقتل الصحفيين والافلات من العقاب حيث أن الجناة لا تتم معاقبتهم على الجرائم التي يتم ارتكابها، وعدد كبير من القضايا لم تنته بعملية تحقيق مستقلة وملاحقة قضائية، وتتذكرون قضية شيرين أبو عاقلة لم تحظ بالعدالة حتى الآن.
ونوهت خديجة باتيل إلى أن قتل صحفي أو استهداف عائلته في غزة أو غيرها ليست مشكلة الشعب الفلسطيني وليست عربية، فهي مشكلة على الإنسانية جمعاء أن تواجهها وتحلها لأن الصحفيين هم الذين يمثلون قدرتنا على فهم العالم وفهم الحقيقة، وعندما يتعرض كل هذا للهجوم والاعاقة، فإن حقوق الإنسان الخاصة بنا تكون قد انتهكت، وليس فقط حقوق الإنسان في ذلك المجتمع، بل هي مشكلة تهم البشرية جمعاء لهذا السبب، أي هجوم على صحفي في أي مكان هو هجوم على الناس.
وقال عمر الفاروق عثمان: نيابة عن كل الصحفيين الأفارقة من كيب تاون إلى القاهرة نريد أن نعبر عن تضامننا مع إخواننا الصحفيين في فلسطين عموماً وفي غزة، والذين يعملون لدى الجزيرة، لما يقومون به من عمل رائع في نقل الحقيقة، تلك الحقيقة التي وقعت ضحية كلما أراد الصحفيون نقل الحقيقة، وتعرضوا لهذه الانتهاكات والتعديات في فلسطين عموماً وفي غزة والصفة الغربية.
وأوضح محمد الراجي أن الحرب غير المسبوقة على غزة أنتجت حالة استثنائية لاستهداف الصحفيين الفلسطينيين ليس لها أي نظير، سواء في سياق الحروب الإسرائيلية على قطاع غزة، منذ الحرب الأولى في 2009-2008، أو في الحروب والنزاعات الدولية التي عرفها التاريخ الحديث والمعاصر.
ولفت إلى عدد الصحفيين الذين لقوا حتفهم منذ 7 أكتوبر 2023 وحتى 29 أبريل 2024 بلغ، خلال فترة لا تتجاوز سبعة أشهر (210) أيام، 153 صحفيًا، بمعدل مقتل صحفي خلال كل 33 ساعة تقريبًا، ويمثّل هؤلاء الضحايا 12.75% من مجموع الصحفيين بغزة (1200 صحفي) الذين ينتسبون لنقابة الصحفيين الفلسطينيين، و4.78% من أصل 3200 صحفي في عموم الأراضي الفلسطينية المحتلة.
غزة تعيد تشكيل منظومة السياسة الدولية
كشفت إحدى جلسات المنتدى أمس عن الدور الكبير الذي تلعبه غزة حاليا على الساحة الدولية وفي السياسة العالمية، وأكد مشاركون في جلسة «غزة تعيد ترتيب أولويات الأجندة الدولية: الشرق الأوسط، والصراع في أوكرانيا، التوتر مع الصين»، أن الأحداث الأخيرة كشفت ازدواجية المعايير الغربية فهم يتكلمون عن حقوق الإنسان في أوكرانيا ويغلقون عيونهم أمام الكارثة الحقيقية التي تقع في فلسطين، كما أشاروا إلى أن التحولات الحالية تشير إلى بدء تراجع منظومة القطب الواحد، وظهور بديل للنظام العالمي الحالي.
ازدواجية المعايير
أكدت إيلينا سوبونينا، مستشارة سياسية في مركز الدراسات الدولية، بموسكو، أن روسيا لم تستفد سياسيا بشكل كبير من أحداث الشرق الأوسط، وما يجري في غزة، كما يعتقد البعض.
وقالت: «ميدانيا الأمر في أوكرانيا لم يتغير، الأوكرانيون يحصلون على مساعدات إضافية وإمدادات عسكرية كثيرة، وروسيا تتقدم على الأرض بسبب التكتيك الذي تتبعه واستراتيجيتها العسكرية، ولكن أحداث غزة أظهرت ازدواجية المعايير الغربية فهم يتكلمون عن حقوق الإنسان في أوكرانيا ويغلقون عيونهم أمام الكارثة الحقيقية التي نراها في فلسطين».
وأوضحت أن القيادة الروسية ترى أن الاحتكار الأمريكي للقضية الفلسطينية سوف يؤدي إلى كارثة، فواشنطن تتحمل مسؤولية ما يحدث الآن في الأراضي الفلسطينية ولولا دعمها الكامل لإسرائيل لما وصل الأمر لهذا القدر من الشراسة.
وتابعت: «أن عالم القطب الواحد بدأ في التراجع وروسيا الآن تترأس مجموعة بريكس، وهذه المنظمة تضم 10 دول منها دول عربية وإسلامية مثل السعودية ومصر وإيران، ونحن نعتبر أن توسع هذه المجموعة وغيرها من المنظمات المشابهة، مفيد لأنه يشكل بديلا للنظام العالمي الحالي أحادي القطب ويقدم نموذجا للتعامل بين الدول وفقا للعدالة وعلى أسس من المساواة بين الدول وهذا ما يناقض السياسة الأمريكية، التي لا تتمتع بالمساواة ولا العدالة حتى مع شركائها فهي تنظر إليهم بتعالٍ». وأضافت:»أن (بريكس) يمكن أن تشكل أحد النماذج لعالم متعدد الأقطاب.
المارد الشعبي
ومن جانبه أوضح خليل العناني، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، أنه قبل أحداث 7 أكتوبر الماضي كانت هناك ثلاث قضايا سيطرت على الأجندة الدولية، ولا نتوقع أن تنتهي قريبا للأسف الشديد.
وقال:»نتكلم عن جيواستراتيجية غير مسبوقة على الساحة الأوروبية من خلال العودة إلى التسليح الثقيل، وتخلي عدد من الدول عن حيادها الذي استمر لعقود مثل فنلندا والسويد، وتورط أمريكي إلى حد كبير في أوروبا».
ولفت إلى أن من أبرز النقاط التي تحكم السياسة الأمريكية في المنطقة العربية قبل 7 أكتوبر تتمثل في محاولة المواجهة مع الصين وإعادة التموضع في المنطقة العربية واعتمدت على تخفيف الوجود الأمريكي في المنطقة العربية، كما علمت على دمج إسرائيل في المنطقة وتوسيع الاتفاقية الإبراهيمية، وتهميش القضية الفلسطينية.
وتابع:»كان الهدف تراجع القضية الفلسطينية، إلا أنها عادت لتحتل الصدارة إقليميا وعالميا، وتم إعادة تشكيل ميزان الردع في المنطقة العربية، وفي الواقع فإن الخاسر الوحيد هو أمريكا وإسرائيل.. فإيران أصبحت اكثر قوة وحضورا قبل 7 أكتوبر، في حين الولايات المتحدة بدأت تتورط في المنطقة».
وأضاف:» نشاهد الآن صعودا لمارد شعبي يتمثل في الحراك الطلابي الذي تشهده الجامعات الأمريكية والأوروبية».
تداعيات الحرب
وأكد ديفيد هيرست، مدير تحرير موقع ميديل إيست آي، أن الفظائع التي تم ارتكابها على مدار الثمانية أشهر الماضية تم توثيقها بشكل كبير وهذه مسألة مهمة جدا، لافتا إلى أن شبكة الجزيرة لعبت دورا هاما في كشف ما يحدث في هذه الحرب من خلال كشف الحقائق والأدلة والمعلومات، بشأن ما يحدث في غزة، الأمر الذي دمر موقف إسرائيل بأن هذه الحرب عادلة.
وتحدث عن مواقف دول المنطقة من الحرب في غزة موضحا أن تركيا تريد أن تعمل وفقا للتوافق العربي، مشيرا إلى الموقف التركي المتمثل في وقف العلاقات التجارية مع إسرائيل، وهذا يعد صدمة لإسرائيل لأن حجم التجارة بين البلدين بلغ حوالي 9 مليارات دولار، كما أنها انضمت إلى جنوب أفريقيا في قضيتها ضد إسرائيل.
وقال:»في لبنان حزب الله وجه ضربات مباشره بهدف الردع، والآن الأردن تشعر بمزيد من الغضب بسبب تصرفات إسرائيل في غزة والضفة الغربية وطرد الفلسطينيين، ومصر أدركت أن خسارة الورقة الفلسطينية من خلال غلق الحدود خسارة استراتيجية أساسية».
وتحدث خير سالم ذيابات، أستاذ علوم سياسية بجامعة قطر، عن السياسة الصينية في المنطقة، موضحا أن بكين حذرة مع أي قضية عالمية ومن بين تلك القضايا قضايا الشرق الأوسط.
وقال: «الصين تتبع حاليا دبلوماسية جديدة وأنا اسميها دبلوماسية جميع الاتجاهات فهي إيجابية مع إيران وإسرائيل، ومع الدول العربية، ولكنها تغيرت بعض الشيء بعد الحرب في غزة وكان موقفها أقرب إلى الانحياز للموقف العربي، ولم تدن حماس لأنها تعلم أن إسرائيل حليف الغرب وفي أي صراع مع الغرب لم تكن إسرائيل مع الصين، بالإضافة إلى حجم الميزان التجاري مع الدول العربية».
وأوضح أن الصين حاولت استغلال الحرب لانتقاد الولايات المتحدة وانتقاد الازدواجية في النظرة الكلية من قبل واشنطن.
المقاومة جعلت المستحيلات واقعا
شهد اليوم الثاني من منتدى الجزيرة، والذي عقد على مدار يومين تحت عنوان «تحولات الشرق الأوسط بعد طوفان الأقصى»، مناقشات عن توازنات ما بعد الطوفان على الصعيد الإقليمي «قوى ومحاور وإستراتيجيات»، وتناولت هذه الجلسة مواقف العديد من دول الجوار بشأن القضية الفلسطينية وما صاحبها من تداعيات ومواقف دولية عقب أحداث 7 أكتوبر الماضي.
دعم إيراني
وتحدث في هذه الجلسة السيد عباس عراقجي، الأمين العام لمجلس العلاقات الخارجية في إيران، والذي أكد أن إيران تدعم القضية الفلسطينية دعما كاملا وهذا موقف ايديولوجي، معلن كما أنها تتعامل مع المقاومة الفلسطينية، فكل السبل الأخرى أخفقت في تحقيق حقوق الشعب الفلسطينية.
وقال: «فيما يتعلق بحل الدولتين فإيران لا تؤيد حل الدولتين لأنه لم ينجح ولن ينجح، وهذا موقف إيراني منذ البداية وحتى قبل الثورة الإيرانية عندما رفض مندوب إيران في الأمم المتحدة قرار حل الدولتين، واعتبر أن هذا القرار سوف يخفي نارا تحت الرماد وسيكون مصدر تهديد للعالم أجمع وبعد 80 عاما علينا أن نقول إنه كان محقا. فأي نوع من الدولة الفلسطينية التي يتحدثون عنها وماذا عن جيش تلك الدولة؟ وماذا عن عودة اللاجئين؟ وماذا عن القدس الشرقية؟
وتابع: «إسرائيل لم تقبل بدولة فلسطينية بهذا الشكل لأنها تريد بلدية وليست دولة كاملة العناصر فإسرائيل لن تقبل أبدا دولة فلسطينية كاملة العناصر، سواء في ظل وجود نتنياهو أو مع عدم وجوده، إلا لو اخترنا حل دولة سطحية. أما بالنسبة للحل الإيراني فإنه يقوم على حل دولة واحدة يتم استفتاء كل السكان مثلما حدث في جنوب أفريقيا، وقد يبدو هذا مستحيلا ولكن المقاومة جعلت المستحيلات واقعا».
وأضاف أن «طوفان الأقصى» صاحبه زيادة التهديدات النووية، فبعد شهرين من بدء طوفان الأقصى قال وزير الثقافة الإسرائيلي إن استخدام القنبلة النووية في غزة هو خيار، وبالرغم من تدخل الحكومة الإسرائيلية ورفضها لتلك التصريحات إلا أنه قال إن موقفه معروف من قبل».
وبشأن امتلاك السلاح النووي في المنطقة، قال عراقجى: «إسرائيل لم تنف أو تؤكد امتلاكها السلاح النووي واختارت سياسة الغموض الاستراتيجي، في هذا الشأن ولكن بعد 8 أشهر من بدء طوفان الأقصى، خرجت من هذا الغموض. أن التهديد النووي الاسرائيلي سيجبر الآخرين على إعادة التفكير في موضوع امتلاك السلاح النووي، وإذا نظرنا إلى العقيدة العربية بشأن امتلاك السلاح النووي سنجد أنها تتمثل في رفض امتلاك سلاح نووي والعرب يدعمون شرق أوسط خاليا من السلاح النووي وهذا هو الحل، منطقة خالية من السلاح النووي ونزع السلاح النووي الإسرائيلي».
الوجود التركي
ومن جانبه أكد أحمد أويصال، مدير المركز الثقافي التركي في قطر، أن الشرق الأوسط هو قلب العالم الآن، وقد مر بثلاث اتفاقيات وهي اتفاقية سايكس - بيكو، واتفاقية أوباما، وصفقة القرن، مشيرا إلى أن تركيا أرادت أن تنفتح على العالم الإسلامي والعربي، وهذا مهم جدا لدعم وجودها في المنطقة العربية».
وقال: « نعتبر ما يحدث في غزة حربا أمريكية خاصة لأنها أكبر بكثير من إسرائيل ونتنياهو. إن الغرب يعمل المستحيل ليبقى الإسرائيليون في أماكن لأن خروجهم من اسرائيل مزعج جدا للغرب والولايات المتحدة، وأمريكا قالت لهم ابقوا في أماكنكم، وهي تعمل الآن المستحيل لأن يبقوا في أماكنهم وهذا واضح في الموقف الأمريكي».
وأضاف: «إن ما يحدث في غزة جزء من صفقة القرن بهدف تقسيم المنطقة وفقا لهدف إسرائيل، هم يريدون إزالة المقاومة وتهجير الفلسطينيين وهذا المشروع مستمر. فالمجتمع الدولي لا ينظر إلى القضية الفلسطينية باعتبارها قضية عربية».
وشدد على أن الدول العظمى لا تختلف بشأن مشكلاتنا فرغم أن روسيا تحارب ضد الغرب ولكن لم نر أي تغيير في الموقف إلا بعض الرمزيات.
دور تاريخي لقطر
وتحدث السيد خليفة آل محمود، الكاتب والمحامي، عن دور قطر التاريخي بالنسبة للقضية الفلسطينية، مشيرأ إلى أن هذا الدور لم يكن وليد اللحظة، ففلسطين في قلب قطر منذ اللحظة الأولى.
وقال: «نحن تعاملنا مع الإخوة الفلسطينيين والعرب بكل تعاون، وما نقدمه اليوم هو واجب» وعدد الكثير من المواقف الداعمة لفلسطين من قيادات الدولة.
المنتدى يتناول صراع السرديات
تناولت الجلسة الرابعة والأخيرة من اليوم الثاني لمنتدى الجزيرة دور المؤثرين على منصات التواصل الاجتماعي في صراع السرديات، حيث استضافت الجلسة عددا من المؤثرين على شبكات التواصل الاجتماعي لمحاورتهم حول دورهم في الصراع الدائر بين السرديتين الفلسطينية والإسرائيلية.
ركزت الجلسة على طبيعة إسهام فئة الشباب في إدارة هذا الصراع، وعلى تنوع المنصات التي يستخدمونها واختلاف شروطها وسياساتها، كما بحثت نوعية الجمهور المتابع والمتفاعل مع هذه الفئة من الفاعلين، وتطرقت إلى المحتوى الذي يجري تداوله من حيث مصادره وآليات التحقق من صحته، ووقفت على التحديات التي تواجه المؤثرين والضغوط التي يتعرضون لها بسبب مواقفهم وما يمارسونه من تأثير على جماهيرهم وعلى الرأي العام.
ولفتوا إلى منصات التواصل الاجتماعي غيرت موازين الحرب، وأنها لو كانت قبل 10 أو 15 سنة، ما كان التفاعل سيكون بهذا الشكل، موضحين أن الإنسان في غزة تحول إلى صحفي، فنقل الأحداث بطريقة سريعة، التي جعلت المنصات غير قادرة على عمل بلوك لكل هذا المحتوى الدموي داخل غزة والابادة.