البوهندي لـ «العرب»: «التاريخ الشفهي» يوثق الذاكرة الحية للأجيال القادمة

alarab
المزيد 26 أكتوبر 2025 , 01:25ص
محمد عابد

أكد السيد محمد أبوهندي البوهندي، رئيس قسم التاريخ الشفهي في متحف قطر الوطني، أن المتحف يشكل ركيزة أساسية للحفاظ على التراث القطري وتوثيقه، من خلال مشروع التاريخ الشفهي الذي انطلق منذ أكثر من 20 عامًا، تحت إشراف سعادة الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني رئيس مجلس أمناء متاحف قطر، الذي يهدف إلى جمع ذاكرة الأجيال الماضية ونقلها للأجيال القادمة.
وأشار البوهندي الذي يعمل في المتحف منذ عام 1986 في تصريحات خاصة لـ «العرب» إلى أن مشروع التاريخ الشفهي يضم حتى الآن حوالي 300 مقابلة، مدة كل منها تتراوح بين 3 إلى 4 ساعات، أي ما يقارب 1200 ساعة تسجيل، تشمل مختلف مناطق الدولة وقطاعات الحياة في قطر، مثل الحياة البحرية، البادية، التعليم، الإعلام، الفنون الشعبية، الغوص، التراث والعادات والتقاليد، والمهن التقليدية.
وأوضح أن المشروع يهدف إلى توثيق التجارب والروايات الشخصية لأفراد المجتمع الذين عاشوا التحولات الكبرى في تاريخ قطر. نحن نجمع قصصهم وأصواتهم وصورهم لتصبح جزءًا من الذاكرة الوطنية التي يمكن للباحثين والأجيال الاستفادة منها، حيث نعمل على تسجيل مقابلات موسّعة مع كبار السن وأصحاب الخبرة في مجالات مختلفة — التعليم، الغوص، الزراعة، الصناعة، والمجتمع المدني لنحافظ على تلك الخبرات قبل أن تندثر.
وأوضح أن المواد المجمعة يتم حفظها في أرشيف المتحف الوطني بجودة عالية، وتتاح للباحثين والدارسين والإعلاميين وفق آلية منظمة، حيث يمكن لأي شخص مهتم البحث عن موضوع معين والحصول على قائمة بأسماء الشخصيات التي أجريت معها المقابلات، للاستفادة من خبراتهم وذكرياتهم مباشرةً.
كما شدد أبو هندي على أن دقة المعلومات تمثل أولوية قصوى في المشروع، إذ تخضع كل مقابلة للتدقيق بعد إجرائها من قبل خبراء لضمان صحة المعلومات بنسبة تقارب 95%، مع الاحتفاظ بالمستندات والوثائق المساندة لكل مقابلة وتقدم مكتوبة للباحثين بعد تدقيقها من الخبراء.
وأضاف أن المشروع لم يتوقف عند جمع المقابلات فحسب، بل تم استخدامه في إعداد كتب، رسائل ماجستير ودكتوراه، أفلام وثائقية، معارض وبرامج تعليمية، ما يجعله من أهم المراجع للباحثين المهتمين بتاريخ قطر وتراثها.
وأشار إلى أن المشروع مستمر حتى اليوم، مع إشراك جيل جديد من الشباب القطري في متابعة وإثراء هذا الأرشيف، مؤكداً أن الهدف هو نقل هذه المعرفة إلى الأجيال القادمة، وضمان استمرار الذاكرة الوطنية.
وحول التحديات، قال إنها تكمن أحيانًا في صعوبة الوصول إلى بعض الشخصيات أو فقدان بعض التفاصيل بمرور الزمن، لكننا نعمل بروح الفريق وبالتعاون مع العائلات والمؤسسات لحفظ كل ما يمكن من الروايات.
 وقال إننا في متحف قطر الوطني نؤمن بأن المتحف ليس مكانًا للعروض فقط، بل هو مؤسسة حية تتفاعل مع المجتمع. ولذا فمشروع التاريخ الشفهي يعزّز هذا التواصل، لأنه يعتمد على روايات الناس أنفسهم. فالمتحف بذلك يصبح مرآة لوجدان المجتمع وذاكرته الحيّة، ويعيد للأفراد شعورهم بالانتماء إلى تاريخهم وثقافتهم.
 وحول الرؤية المستقبلية لمشروع التاريخ الشفهي قال السيد محمد بوهندي البوهندي، نطمح إلى توسيع نطاق المشروع ليشمل جميع مناطق الدولة، وتطوير أدواتنا الرقمية لجعل المواد الموثقة متاحة للباحثين والطلاب والجمهور العام. نعمل أيضًا على إقامة معارض وورش عمل تستعرض جانبًا من هذه الشهادات، ليتعرّف الزوّار على قصص واقعية تعبّر عن روح قطر وتاريخها الإنساني العميق.