قدمت شركة إشهار للإنتاج الفني مساء أمس عرضها «الغريب»، ضمن العروض المتنافسة في مهرجان الدوحة المسرحي في دورته السابعة والثلاثين بمسرح يوفينيو خلال الفترة من 21 وحتى 31 مايو الجاري.
والمسرحية من تأليف: تميم البورشيد، وإخراج محمد الملا، وتمثيل كل من محمد الملا، غادة الفيحاني، منذ ثاني، عبدالله الملا، جاسم عاشير.
تدور أحداث المسرحية في قرية غامضة يسودها جو من التوتر والغموض، حيث يعود رجل غريب إلى الفريج بعد غياب طويل، وتتقاطع حياته مع شخصيات تحمل ماضيا معقّدا، منها الساحرة، الشبح، والأم الحزينة، وشاب يعيش صراعًا داخليًا. فالمسرحية مبنية على حوارات عميقة ومشحونة، وصراعات خفية بين الهوية، والماضي، والقدر.
وتسلط المسرحية الضوء على أثر الماضي على الحاضر، وعلى كيف يمكن للهوية، والحقيقة المدفونة، والانتقام أن تُمزق الإنسان أو تحرّره. كما تناقش فكرة الغريب: هل هو حقاً من خارج الفريج، أم هو انعكاس لكل شخص فينا عندما يضيع أو يُقصى؟
وقدمت الممثلة والمخرجة البحرينية غادة الفيحاني من خلال دور هيله - ويتمحور ويقدم العديد من الصراع الداخلي الذي يتحول من السكينة الى الانتقام من أجل شخصية في العمل سقط عليها الظلم ليقوم هذا الانتقام بتحويل قصة العمل إلى سلسلة من رد الاعتبار لتلك الضحية التي لم يلتفت لها أحد.
وأظهر العمل طاقات تمثيلية شبابية، إلى جانب قدرة المخرج على تحريك الممثلين على خشبة المسرح، مع استخدام التقنيات الحديثة في عالم المسرح ليمتزج عمل الغريب بين الماضي والمستقبل من خلال الرؤية الإخراجية الشبابية المتجددة.
وتطرح مسرحية “الغريب” تطرح تساؤلات عن العدل، والانتقام، والمسامحة، وتكشف كيف أن الأقدار قد تعود على هيئة وجوه مألوفة، لكن بقلوب متحولة.
وقال المؤلف تميم بورشيد ما بين الصوت والصدى وهناك في الفراغ بين الخوف والكتمان تنبت هذه الحكاية طفلا لم يجد من يسمعه، ورجلا يحاول أو يخرس القديم.
فيما قال المخرج في رسالته: لا أحد بريء بالكامل ولا أحد مذنب بالكامل فقط أرواح تحاول أن تشفي على خشبة تشبه الحياة. كما أكدت المسرحية أن الغريب ليس مجرد عرض مسرحي بل مرآة رأينا فيها ملامحنا ووجعنا وصمتنا الطويل، ومن هذا الإحساس الطويل اخترنا أن نكون شركاء في رحلة لا تروي قصة فقط بل توقظ شعورا وتحرك ساكنا في أعماقنا. من جهة أخرى أقيمت مساء السبت الماضي ندوة تطبيقية حول العرض المسرحي»أنتم مدعوون إلى حفلة لشركة تذكار للانتاح الفني، وتأليف فاطمة العامر وإخراج فيصل العذبة».
وأعقب العرض المسرحي ندوة تطبيقية، حاضرها الكاتب والناقد المسرحي القطري د. حسن رشيد والفنان الإماراتي حسن رجب. وبدأ رشيد حديثه بشكر وزارة الثقافة على إحياء هذا المهرجان الذي طالما حلمنا به، وهو منصة لأصوات جديدة.وأضاف: إننا نحتاج اليوم إلى أن نُعرّف العالم بمواهبنا، فلدينا الإمكانات لصناعة حراك مسرحي حقيقي، متمنيًا أن تستمر العروض المسرحية بشكل مستمر لإبراز إبداعات شبابنا، وتعزز التواصل مع المهرجانات الدولية.وأثنى الفنان الإماراتي حسن رجب على التطور الملحوظ في أعمال الشباب بدول مجلس التعاون الخليجي، مشيرًا إلى تركيز الأعمال المسرحية على الدراما السوداوية، وكأنها أصبحت «موضة مسرحية»، متمنيًا أن يرى أعمالًا أكثر تفاؤلًا، تعكس تنوع حياتنا وتثري المشهد الثقافي.
وتساءل رجب: «لماذا نختار اليأس بدلًا من الجمال في حياتنا؟ الكوميديا صعبة، نعم، ولكنها ضرورية لموازنة رؤيتنا للعالم. لدينا طفولة جميلة، وتجارب إنسانية مليئة بالفرح، فلماذا لا نعكسها على المسرح؟».
وعبّر الفنان العماني محمد العجمي عن سعادته بالمشاركة كضيف شرف في مهرجان الدوحة المسرحي، قائلاً: «يُعد المهرجان من أقدم المناسبات المسرحية في المنطقة، وربما الثاني أو الثالث على مستوى الوطن العربي من حيث عدد نسخه واستمراريته».
وأوضح الفنان الكويتي عبدالكريم الهاجري أن مهرجان الدوحة المسرحي يأتي ضمن سلسلة الملتقيات المسرحية المهمة التي تحتضن العروض وتطرح الفكر، حيث يجمع بين الفن والتبادل الثقافي والنقاشات الجادة التي تلامس واقع المسرحيين وما يواجهونه من تحديات.
وأشار إلى أن وجود ما يقارب عشرة عروض مسرحية في دورة واحدة هو ظاهرة مميزة تعكس حجم التنافس وحيوية المشهد، إذ كل عرض يحمل رؤية إخراجية وسينوغرافية مختلفة، مما يشكل زخمًا إبداعيًا يتطلب تركيزًا وجهدًا كبيرًا من المشاركين. وسوف تعرض مساء اليوم الاثنين مسرحية «الربان» من إنتاج شركة جسور للإنتاج الفني، وهي من تأليف الدكتور خالد الجابر، وإخراج علي ميرزا محمود.ويشهد المهرجان تدشين كتابين أصدرهما مركز شؤون المسرح حول السيرة الذاتية لاثنين من رموز الإبداع المسرحي هما: الناقد المسرحي الدكتور حسن رشيد، والفنان والمخرج فالح فايز لدورهما في تطوير الحركة المسرحية.