أكد سعادة الشيخ حمد بن ثامر آل ثاني، رئيس مجلس إدارة شبكة الجزيرة، أن ما حدث في يوم 7 أكتوبر لم يكن حدثًا عاديًّا في سياق الصراع الفلسطيني الطويل ضد الاحتلال، ولكنه شكَّل منعطفًا في تاريخ هذه القضية وربما في تاريخ العالم.
وقال سعادته: «إن الجزيرة عاشت التضييق بسبب تغطيتها لأحداث غزة، حيث واجه مراسلو الشبكة عراقيل تحول دون أداء واجبهم، وقدموا أرواحهم وأغلى ما يملكون لنقل الحقيقة خلال تغطية الحرب على غزة».
وتابع في كلمته الافتتاحية بمنتدى الجزيرة الخامس عشر الذي انطلقت فعالياته أمس، في الدوحة، إلى أن المنتدى يسعى لفهم تداعيات طوفان الأقصى ليس فقط على مستقبل القضية الفلسطينية بين خيار المقاومة المتنامي ومسار التفاوض المتعثر، ولكن أيضًا على إسرائيل والتدافع المجتمعي والسياسي فيها، وعلى الوضع الإقليمي والدولي من حيث الأدوار والقوى المختلفة من جهة وتعثر المؤسسات الدولية في فرض العدالة والسلام من جهة أخرى.»
وشدَّد حمد بن ثامر على أن التغطية المستمرة لما يحدث في غزة هي نموذج لتألق صحفيي الجزيرة في نقل الخبر وتداعياته للناس وهو ما جعلها المصدر الأول للمعلومة لكل باحث عن فهم شامل لجذور الحدث وسياقاته وجوانبه المختلفة. وأضاف أن ذلك ينعكس على ما نراه يوميًّا من متابعة جمهور واسع من كل الفئات وخصوصًا من الشباب من مختلف العالم.
وقال رئيس مجلس إدارة شبكة الجزيرة: في العادة هناك من يحاول دائمًا أن يدفع إلى رؤية من زاوية واحدة فيهاجم كل تغطية مغايرة ومفتوحة. وأضاف الشيخ حمد بن ثامر أن فرق الجزيرة في الميدان عاشت الاستهداف المباشر في غزة والضفة والتضييق والإغلاق، كما حدث في القدس وتل أبيب.
واستطرد قائلًا: «لا يفوتني أن أشير إلى الذين استهدفوا وأصيبوا في فلسطين من الشهداء: شيرين أبو عاقلة وسامر أبو دقة وحمزة الدحدوح، والمصابين: وائل الدحدوح وإسماعيل أبو عمر اللذين يشرفاننا اليوم بالحضور، وهناك عدد من الزملاء فقدوا عددًا من عوائلهم». وأكد أن «الجميع قدموا أرواحهم وأثمن ما يملكون لنقل الحقيقة للعالم أجمع».
مستقبل المشروع الصهيوني ينهار
أكد المشاركون في جلسة «تداعيات الحرب على إسرائيل: السياسة والمجتمع ومستقبل المشروع الصهيوني»، أن مستقبل المشروع الإسرائيلي يعاني من الانهيار، لأسباب مختلفة كشفتها الأحداث الأخيرة، في قطاع غزة والضفة الغربية ورفح، مؤكدين أن المقاومة الفلسطينية كشفت ضعف النظام الإسرائيلي وعدم قدرته على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.
هشاشة النظام
وأكد مهند مصطفى، رئيس قسم التاريخ في المعهد الأكاديمي العربي، أن ما حدث في 7 أكتوبر الماضي كشف هشاشة النظام الإسرائيلي والمميزات التي كان يتمتع بها، موضحا أنها دولة مهاجرين واستطاعت أن تدير الخلافات والانقسامات المختلفة والمتباينة، من خلال أدوات مختلفة مثل قمع الاحتجاج في بداية تكوينها التي قام بها الشرق اليهودي، وكانت الدولة قوية وقادرة على إدارة الخلافات المختلفة وكان فيها مركز سياسي قوي تنصاع له الأطراف داخل إسرائيل والميلشيات العسكرية، والأيديولوجيات المختلفة والدولة والسكان.
وقال: «كان هناك سردية واحدة مهينة في داخل إسرائيل وفي داخل المشروع الصهيوني.. إسرائيل كانت تستطيع الوصول إلى حالة من التسوية الداخلية أمام الخلافات، ولكن ما حدث في 7 أكتوبر كشف هشاشة الدولة وضعفها في إدار الانقسامات والخلافات.. فلم يكن ضعف إسرائيل وظيفيا أدائيا بسبب تأخر الدولة في مساعدة السكان، وإنما في قدرتها على الحفاظ على تماسك المجتمع الإسرائيلي وتوفير الأمن للإسرائيليين وحماية المشروع الإسرائيلي».
وأضاف: «النظام الإسرائيلي كان هشا في قدرته على إدارة الانقسامات ولم يستطع أن يفرض تسويات لتجاوز الانقسامات المركزية، مثل السؤال الذي يتعلق بالدين والدولة، والسؤال الذي يتعلق بمستقبل المشروع الصهيوني وهل جوهره في عام 48 أم في عام 67.. إسرائيل لم تستطع أن تحسم سؤال «الدين» و»الدولة» ولم تحسم سؤال أين هي الحدود.. الحدود الجغرافية وحدود المواطنة وحدود السيطرة».
ضرب الملاذ الآمن
ومن جانبه قال محسن صالح، أستاذ الدراسات الفلسطينية، المدير العام لمركز الزيتونة للدراسات، لبنان: «عملية طوفان الأقصى هزت الكيان الصهيوني ونظريته وأسقطت النظرية الأمنية الإسرائيلية والتي قام عليها هذا الكيان».
وتابع: «إن هذه المساحة التي دخلت فيها المقاومة والتي تزيد عن مساحة قطاع غزة ضرب فكرة الملاذ الآمن في جوهرها، وسنجد أن بعد شهرين من 7 أكتوبر يوجد 470 ألف يهودي غادروا الكيان الإسرائيلي خلال شهر وفقا لإحصائيات إسرائيلية أولية، وهذا مؤشر يعطي دلالات مختلفة». وأضاف: «كذلك فكرة شرطي المنطقة لم يعد لها وجود بعد ما حدث.. إن تقديم الكيان الصهيوني على أنه الأفضل في المنطقة وأنه يجب أن تطبع العلاقات معه باعتباره القوى الموثوق بها، انهارت فكيف يكون كذلك وهو لم يتمكن من تدبير أموره مع قلة من المجاهدين.
وأوضح أن الكيان الإسرائيلي عاد إلى سؤال الوجود واتضح ذلك في تصريحات قيادات إسرائيل الذين يتحدثون عن معركة وجود وعن معركة إسرائيل الثانية، وبالتالي فإن فكرة أن إسرائيل أداة يعتمد عليها المجتمع الغربي، ضربت من أساسها، وفكرة أنها ضحية وواحة للديمقراطية، لم يعد لها وجود.
وأشار إلى أن هذه الأمور أحد أسباب الوحشية الهائلة في هجوم إسرائيل على قطاع غزة لأنها أرادت أن تسترجع بعض الصورة التي فقدتها.
وتابع: «في قراءة التاريخ يوجد فكرة التكامل والتآكل، فإن كل الدول يكون لها عناصر جذب، تصل إلى ذروة معينة، ولكنها في نفس الوقت تواجه عناصر شد عكسي، ومع عناصر القوة الذاتية تبدأ عناصر الشد العكسي، وتتساوى في نقطة ما، عناصر الشد العكسي مع عناصر الجذب الذاتي، وبعدها تكون هناك نقطة حرجة تتفوق فيها عناصر الشد العكسي على عناصر الجذب الذاتي، وأعتقد أن هذا ما نشهده في الكيان الإسرائيلي في الوقت الحالي.
شهدنا النقطة الحرجة للكيان الإسرائيلي في هذه الأيام وربما كانت أحداث 7 أكتوبر هي النقطة الفاصلة في هذا الشأن
وإذا تحدثنا عن عناصر القوة في المشروع الصهيوني، فقد نجح في أكبر تجمع صهيوني 46 % من يهود العالم تقريبا لديه قوة اقتصادية كبيرة وأكبر وأكثر صناعة عالميا، ويهيمن على صناعة قرارات عالمية لديه سلطة فلسطينية تقوم بأمور تخدم الاحتلال أكثر مما تخدم نفسها
وفي المقابل يواجه حالة شد عكسي من عناصر أخرى تثبت نفسها على الأرض، أبرزها أن الشعب الفلسطيني ثبت على أرضه على مدار 75 عاما والفلسطينيون تجاوزوا عدد اليهود في فلسطين التاريخية، والمقاومة الفلسطينية لم تضعف مع الزمن، بالعكس ازدادت ولم تضعف بل زادت قدرتها».
خبراء: الكثير من مفاهيم القانون الدولي تم تطويرها بسبب فلسطين
أكد عدد من الخبراء، خلال الجلسة الثالثة من منتدى الجزيرة، أن الحرب الإسرائيلية على غزة فتحت مسارا قانونيا كانت أبرز حلقاته القضية التي رفعتها دولة جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بتهمة الإبادة الجماعية.
وقالت كاثلين بأول – أستاذ مشارك في القانون العام بجامعة كيب تاون – خلال مشاركتها عبر «زووم»: القضية التي رفعتها جنوب افريقيا أمام محكمة العدل حتى يطبق القانون بالنسبة للنزاع ما بين إسرائيل وفلسطين، خاصةً فيما يتعلق بغزة والقانون لعب دور مهم فيما يخص النضال الفلسطيني منذ بداية هذا النضال، والكثير من مفاهيم القانون الدولي تم تطويرها بسبب الوضع في فلسطين، إن لم يتم إنشاؤها في المقام الأول، بما في ذلك القرارات التي تتعلق بتقرير المصير والدفاع عن النفس أمام أطراف من غير الدول.
وأضافت: قضية الدولة الفلسطينية التي أصبحت من القضايا القانونية الأساسية، والقانون كان في هذا المسار منذ بدايته، ولكن لا يبدو أنه أحدث فارقاً.
جريمة إبادة
من جانبه أكد ريشارد فالك – المقرر الأممي السابق لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية – خلال مشاركتهاعبر «زووم» أن السؤال حول ارتكاب إسرائيل لجريمة الإبادة في غزة، سؤال مهم، وأن محكمة العدل الدولية تتبع إجراءات معقدة وأن هناك الكثير من الإجراءات والممارسات للوصول إلى النتائج المرجوة.
وقال: ما حدث من الناحية الأخلاقية هو إبادة، وحينما ننظر إلى القانون فليس هناك تقييم ذو مصداقية إلى أن يتم التمكين بفتح تحقيق، وهذا عنصر معوق لأن بالوقت الذي يتم فيه التوصل إلى قرار يبت في هذه المسألة، فإن هذا الكم الكامل من المعاناة الإنسانية يكون قد تجاوزه الزمن إلى تغيرات سياسية من حيث أن النتائج والخلاصات التي تم التوصل إليها والتي هي من صميم المحاجة القانونية لإثبات الإبادة تصبح لا علاقة لها بالوضع الراهن.
ومن جانبه أكد رامي عبده - مدير المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، وجود رمزية لرفع جنوب افريقيا لهذه القضية ضد الاحتلال الإسرائيلي، مضيفاً: جنوب افريقيا تحمل المظلمة الأكثر حضوراً في الضمير الإنساني، وهناك تقاطع بين مظلمة الشعب الفلسطيني وما بين جنوب افريقيا وبين أعلى محكمة دولية، توصل رسالة قوية حول تضامن شعوب العالم المضطهدة مع الشعب الفلسطيني ضد التسلط الاستعماري والأنظمة العنصرية.
وتابع: أعتقد أن ذلك وجه رسائل للشعب الفلسطيني الذي شعر بالخذلان الكبير في الأيام الأولى للعدوان، وتحديداً في الشهرين الأولين، فوجه رسالة بأن هناك من عايش نفس المحنة وإن كان بشكل اخر.
ونوهت لميس الديك – المحامية والناشطة الفلسطينية إلى أن مجلس الأمن الدولي في النهاية خاضع لهيمنة الحكومات الغربية والولايات المتحدة، ولهذا السبب فإن الفلسطينيين الذين كانوا معروفين بكرمهم أصبحوا رهائن في بلدهم وهم أكثر الشعوب حباً للسلام، نظر إليهم وكأنهم منبوذون على مستوى أنحاء العالم، أما الذين نهبوا وسلبوا واغتصبوا الأرض وحقوق الفلسطينيين تم التطبيع معهم.
بن صقر: لا يمكن أن يكون هناك تطبيع سعودي بدون حل سلمي
قال عبد العزيز بن صقر، مؤسس ورئيس مركز الخليج للأبحاث، المملكة العربية السعودية: «هناك صورة نمطية مع الأسف وسائل الإعلام روجت بأن السعودية تطبع مع إسرائيل، وقالت إن هناك 3 محاور للتعاون مع الولايات المتحدة منها المظلة الدفاعية والبرنامج النووي والصراع الفلسطيني والإسرائيلي، ولم تسعَ هذه الوسائل إلى أن توضح الموقف السعودي الحقيقي وأنه لا يمكن أن يكون هناك أي نوع من التطبيع السعودي الإسرائيلي ما لم يكن هناك حل سلمي حقيقي ودولة فلسطينية قابلة للاستمرار حسب ما دعت إليه القمة العربية 2002».
وأوضح أن السعودية وقطر تبنَّتا موقفًا واحدًا وقامتا بجولات دولية للتأثير على القرار الدولي وأن هذا الأسبوع شهد اعتراف ثلاث دول بالدولة الفلسطينية، وهناك مجموعة أخرى قادمة، وقال إنه طالما أن الولايات المتحدة مستمرة في تقديم الدعم العسكري والسياسي والاقتصادي والتصويت في مجلس الأمن، لصالح إسرائيل، فسوف تستمر إسرائيل في تصرفاتها الحالية.
وقال بن صقر: إن الدول العربية قدمت الكثير ولكن لها قدرات محددة، ويجب أن نعرف أن الموقف العربي أصبح موحدًا الآن. وأضاف أن المسؤولين من الغرب كانوا يزورون العواصم العربية فيسمعون مواقف مختلفة، أما الآن فهم يسمعون موقفًا واحدًا في كل العواصم العربية، فمن الجيد أن يكون هناك رأي عربي موحد.
وعن المواقف العربية والدولية قال: «إن الموقف الصيني والروسي جيد والموقف الأوروبي بدأ في التغير، ولكن هناك نوع من الحسابات بشأن القوى العظمى.. أن قرار محكمة العدل الدولية بشأن العمليات في رفح يعد خطوة في طريق التغيير».
وتابع: «إن قطر والسعودية والإمارات تبنت إعادة الإعمار في غزة ولكن بشرط وجود حل سياسي وشمولي... والجزائر لها موقف مشرف في مجلس الأمن وتُشكر عليه».
وقال: «إن دولا عربية محدودة التي طبعت مع إسرائيل ولم يكن لهذا التطبيع جدوى حقيقية، لضعف العلاقات الاقتصادية بين تلك الدول وإسرائيل، وتطبيع تلك الدول كان نابعاً من اعتقاد بأنه سيفتح حواراً مع إسرائيل».
«طوفان الأقصى» أعاد القضية الفلسطينية لمسارها الصحيح
شهدت الجلسة الأولى لمنتدى الجزيرة حوارات مثمرة بشأن أحداث «طوفان الأقصى» في سياق النضال الوطني الفلسطيني: المقاومة والأفق السياسي، وفي مداخلته، أشار مصطفى البرغوثي، الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية، إلى أن التصميم الإسرائيلي على التركيز على أحداث طوفان الأقصى، يوم 7 أكتوبر، هدفه إبراز الرواية التاريخية المعروفة التي يروجون لها وهي أن إسرائيل هي الضحية وأن الشعب الفلسطيني هو المعتدي، وذلك في محاولة للحصول على أكبر قدر من الدعم الدولي.
وأكد البرغوثي أن الصراع فعليًّا لم يبدأ يوم 7 أكتوبر الماضي وإنما تاريخ القضية الفلسطينية يبدأ من أواخر القرن التاسع عشر، موضحًا أن التناقض الذي حدث منذ 7 أكتوبر إلى الآن نسف الرواية الإسرائيلية وأعاد التأكيد على أن ما يواجهه الشعب الفلسطيني هو نظام استعماري استيطاني.
وأضاف أنه على مدار سنوات طويلة حاولت كل من إسرائيل والولايات المتحدة والغرب أن يُدخلوا الفلسطينيين في مسار روتيني فاشل من التفاوض، إلا أن هذا لم يقض على مسار المقاومة والذي كانت تكلفته الإنسانية عالية، وتتضمن 45 ألف شهيد من أبناء فلسطين (بمن فيهم من هم تحت الأنقاض) وآلاف المصابين، أي ما نسبته 5.3 % من سكان غزة ما بين مصاب وشهيد وهو ما لو حدث في أمريكا لكان العدد 18 مليون أمريكي.
واستطرد البرغوثي قائلًا: إننا شاهدنا حركات تضامن عالمي لا سابق لها منذ حرب فيتنام وإسقاط النظام في جنوب أفريقيا أدت إلى انهيار الادعاءات الإسرائيلية بأنها الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، وأزالت حصانة إسرائيل التي تمتعت بها أمام القانون الدولي، وأضعفت قدرة الحركة الصهيونية على توحيد اليهود في العالم، «فاليوم نجد مجموعات يهودية في الولايات المتحدة تقف ضد الصهيونية».
واختتم البرغوثي مداخلته بالقول: إن أقل ما يمكن أن يفعله الإخوة في الدول العربية هو توجيه المسار نحو قطع العلاقات مع إسرائيل ووقف التطبيع؛ فالموقف الإسرائيلي لن يتراجع إلا من خلال عقوبات قوية تتمثل في المقاطعة ووقف التطبيع مثل ما فعلت جنوب أفريقيا، ولو أي دولة في العالم فعلت ما فعلته إسرائيل لتعرضت للمقاطعة من العالم أجمع.
تآكل المنظومة الغربية
من جانبه، قال وضاح خنفر، رئيس منتدى الشرق: إنه يجب أن نضع الذي حدث يوم 7 أكتوبر في سياق نضال الشعب الفلسطيني؛ ذلك لأن هناك نخبة فلسطينية بذلت محاولات حقيقية للحصول على حقوق الشعب الفلسطيني ولكنها اصطدمت بسقف متعلق بالواقع الإقليمي والعربي والنخبة السياسية الفلسطينية والنخبة السياسية العربية.
وأضاف أن منحى القضية الفلسطينية كان في انحدار لكنه، ومنذ عام 1987، بدأ في الصعود عبر المقاومة، وأوضح خنفر أن المقاومة الفلسطينية الحالية وليدة التراث الذي ينتمي إلى الناس ولا ينتمي بالضرورة إلى النخبة السياسية سواء فلسطينية أو عربية.
وقال: إن طوفان الأقصى ما كان يحقق هذه الإنجازات على المستوى الدولي والشعبي لولا أن السياق الدولي بدأ يتغير، نحن الآن أمام منظومة مركزية غربية تتآكل وتتراجع، ومنظومات أخرى لم تتشكل بعد. واستطرد قائلًا: لا تنسوا أن النظام الدولي الذي تشكل بعد الحرب العالمية الثانية يتراجع فهو الذي صنع إسرائيل وعندما تتراجع مكانته تتراجع مكانة إسرائيل.
إرادة المقاومة تنتصر
أما جواد العناني، نائب رئيس الوزراء ورئيس الديوان الملكي الأردني السابق، فقد أكد في مداخلته أن غزة أثبتت أن التفوق التكنولوجي الكبير الذي تتمتع به إسرائيل ليس كافيًا للانتصار، وأن إرادة الشعب الفلسطيني قادرة على التفوق على التكنولوجيا الإسرائيلية، وهنا - والكلام للعناني - رسالة واضحة بأن إرادة الشعوب هي الأقوى.
وعن التطبيع العربي مع إسرائيل، قال العناني: إن التطبيع كان بالنسبة للأردن حصيلةً لعملية سلمية كاملة في بداية التسعينيات ولكنني أعتقد أن إسرائيل نفَّذت من التطبيع ما تعتقد أنه يخدم مصالحها وتراجعت عن تنفيذ ما تعتقد أنه لا يخدم مصالحها.. وضرب على ذلك مثلًا بمطار إيلات قائلًا: إن إسرائيل تراجعت عن شق قناة مائية مع الأردن، ولم يكن مطلوبًا منها أن تبني مثلًا مطارًا في إيلات ولكنها شيدته ووسعته وهذا يضر بالأردن.
وأوضح العناني أن التطبيع العربي مع إسرائيل كان بدافع الخوف على البقاء، والطمع في الفوائد التي تجنيها الدول المطبِّعة من إسرائيل، ولكن في نهاية الأمر ثبت أن إسرائيل لا تراعي أي اتفاق إذا كان لا يراعي مصالحها.
وأكد العناني في ختام كلمته على ضرورة مراجعة علاقات الدول العربية مع دول الجوار غير العربية، مفسرًا عدم القيام بذلك حتى الآن بقوله: إن السبب يرجع إلى مخاوفنا نحن العرب من الجارتين، تركيا وإيران.
رصد تحولات المواقف العربية من القضية الفلسطينية
تناولت الجلسة الرابعة من اليوم الأول لمنتدى الجزيرة «النظام العربي والقضية الفلسطينية: تحولات في المواقف والرهانات والأدوار»، حيث انتقد مشاركون جانبا من الموقف العربي أثناء الحرب الأخيرة على غزة.
وأشاروا إلى أنه منذ الاحتلال الإسرائيلي في عام 1948 كانت الأنظمة العربية طرفا فاعلا في الصراع معه سواء على الصعيد العسكري أو السياسي، وعلى امتداد هذا التاريخ، توالت الحروب بين العرب وإسرائيل حتى غدا الصراع بينهما يُعرف بالصراع العربي الإسرائيلي. ولم تفلح اتفاقيات السلام المنفردة ومساعي التطبيع التي نشطت في السنوات الأخيرة في تغيير هذه المعادلة تغييرا جذريا أو إدماج إسرائيل في محيطها واعتبارها مكونا طبيعيا من مكوناته.
كما رصدت الجلسة تحولات المواقف العربية من القضية الفلسطينية بين الانخراط الكامل والوساطة الحذرة والتعاون مع إسرائيل، وتطرقت لأسباب هذه التحولات، ورهاناتها وآثارها على مستقبل الصراع.
أدارت الجلسة الإعلامية مريم بلعالية، وشارك بها الدكتور عبدالله الشايجي - أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت، والدكتور سيف الدين عبد الفتاح - أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، والدكتور حسن البراري - أستاذ دراسات الشرق الأوسط في الجامعة الأردنية وجامعة قطر، والدكتور محمد مختار الشنقيطي - أستاذ الشؤون الدولية بجامعة قطر.