د. سارة بلوديان لـ«العرب»: 5 أعراض جسمانية لدى أبنائنا قد تسبب قلق الاختبارات

alarab
حوارات 26 مايو 2023 , 01:21ص
حامد سليمان

القلق مُعد.. والوالدان ينقلانه إلى الأبناء
قلق الوالدين الشديد يُشعر الطفل بأن الاختبار مسألة حياة أو موت
تجنبوا التهديد بكل صوره.. ويجب الحرص على المكافأة المعقولة للأبناء
 

حذرت الدكتورة سارة بلوديان - أخصائية نفسية بمركز الثمامة الصحي التابع لمؤسسة الرعاية الصحية الأولية، من أن قلق الوالدين ينتقل للأبناء خلال فترة الاختبارات، كما حذرت من كل أشكال تهديد أولياء الأمور للأبناء، وأن ينقلوا إليهم الشعور بأن حبهم لهم مشروط بالنجاح والتفوق.
وأشارت في حوار مع «العرب» إلى أن قلق الطفل من الاختبارات يمكن أن يتحول لأعراض جسمانية، كاضطرابات في الجهاز الهضمي أو صداع شديد أو طفح جلدي أو دوخة وغثيان، أو تصل في مراحل متقدمة لنتف الطالب أو الطالبة لشعره نتيجة القلق.
ولفتت إلى أهمية تعامل الوالدين بهدوء مع الأبناء، إضافة إلى ضرورة المحافظة على الوجبة الصحية المتكاملة، كما نوهت إلى أن النوم هو الذي ينظم الذاكرة، فيجب أن يحصل الطالب على القسط الكافي من النوم.. وإلى نص الحوار..
 

- في البداية.. هل القلق من الاختبارات مبرر؟
كلنا تعرضنا في مرحلة من عمرنا لقلق الاختبارات، وأحيانا يكون القلق مبرر، كالتراكمات والفشل، ما يتسبب في الخشية من الاختبارات، أو عدم الحصول على وقت كافي للتحضير للاختبار، والقلق في هذه الحالات يكون منطقيا.
وفي بعض الأحيان، يكون الشخص قد بذل الجهد في التحصيل الدراسي ولديه معرفة واسعة بالمادة الدراسية، ولكن في الوقت نفسه لديه قلق كبير، أو قد يتعدى القلق العادي لأعراض جسمانية، كالإسهال أو الرجفان أو جفاف الحلق أو احمرار وتعرق في الأيدي أو لعثمة، وهي أعراض القلق الحاد.
والقلق الحاد يعيق حتى عن الإجابة في الاختبارات، وكنا نرى حالات لطلاب لا يستطيعون الكتابة أو يستعيدون المعلومات التي ذاكروها بسبب القلق الكبير.

- هل للوالدين تأثير في قلق الأبناء من الاختبارات؟
يجب أن نتذكر دوماً بأن القلق معد، فالوالدان ينقلان القلق إلى الأبناء، فلا يمكن أن نجد أبا وأما متوازنين ومتصالحين وراضيين وغير قلقين، ويعاني الأبناء من قلق شديد، فهذا أمر مستحيل، وبسبب قلق الوالدين الشديد، يشعر الطفل بأن الاختبار مسألة حياة أو موت.
ومن الأخطاء التي يقع فيها أولياء أمور ربط نتيجة الاختبار برضاهم ومحبتهم للأبناء، ليتحمل الاختبار معنىا كبيرا بالنسبة للأبناء، غير المعنى المعلوم بالضرورة وهو الانتقال لمرحلة دراسية أخرى، فيكون الحمل ثقيلا على الطالب من أن يحدث القلق الشديد أو الفشل.
 
- وكيف يقي الأهل أبناءهم من هذا القلق؟
يجب أن يتصالح أولياء الأمور مع أنفسهم، ويكون لديهم قناعة راسخة بأن الحياة لن تنتهي بالاختبار، فالطالب يمكن أن يحاول أكثر من مرة، وأن يؤمنا بالقضاء والقدر، وأن يغرسا في الأبناء أن لكل مجتهد نصيبا، وأن اجتهادهم هو السبيل الأمثل لتحقيق النجاح والتفوق.
كما يجب على أولياء الأمور أن يشعروا الأبناء بحبهم غير المشروط، بأن يتركوا دائماً في داخلهم الشعور بأنهم سينجحون بالاختبار، ولكن إن لم يحدث ذلك، فهذا لا يؤثر على حب الوالدين لهم وثقتهم بالأبناء.

- هل من سلوكيات يجب على أولياء الأمور تجنبها في التعامل مع الأبناء؟
نعم.. على أولياء الأمور أن يتجنبوا التهديد بكل صوره، كالتحديد بالحرمان من اللعب أو غيرها من سبل التهديد، وهذا الخطأ للأسف يقع فيه الكثيرين بغض النظر عن مستواهم التعليمي والاجتماعي، فتتخيل أن الشخص يكون تعامله مع الأبناء راقية، ولكن تفاجأ بأن الأب قد يعاقب الابن أو الابنة عقاباً جسدياً في حال كانت النتائج أدنى من العتبة التي رسمها لهم، فكيف لطفل أو طفلة في هذه الحالة ألا يعاني من قلق شديد في الاختبار، وهو يعلم جيداً ما ينتظره في حال الفشل.

- ليس كل الأولياء الأمور يكون سلوكهم نحو الأبناء فظ.. والبعض قد يبالغ في المكافأة.. فهل هذا التصرف خاطئ؟ 
نعم بالطبع.. فعلى ولي الأمر أن يحرص على المكافأة ولكن المعقولة، والتحفيز يكون مريحا ومعقولا ولا يكون مبالغا فيه فيضيع معنى العلم، ويكون اجتهاد الطفل فقط من أجل المكافأة، وأن تكون المكافأة على حسب سن الطالب والمرحلة الدراسية التي بها.

- ماذا في حال قلق الطفل إلى الأعراض الجسمانية؟
في هذه الحالة لا يمكن تقليل القلق بالكلام أو طمأنة الطفل أو محاولة تغيير الأفكار، أو أن يتحدث مع اختصاصي، فيمكن القول بأن القلق في هذه الحالة أشعل جهاز الإنذار في الدماغ، وفي هذه الحالة تفرز الغدة الكظرية أدرينالين وهرمونات الخوف افرزت بشدة، واستولت هذه الحالة على الطفل.
والمفيد والمجدي في هذه الحالة اعتماد الأشياء الجسمانية، كأخذ 3 دقائق تنفس عميق، والتركيز خلالها فقط على حركة الأوكسجين، وأن يكون التركيز على التنفس، ما يشتت القلق.

- كل هذه الخطوات تكون قبل الاختبار.. ولكن الأكثر انتشاراً بين الطلبة هو توتره وقلقه في حال وجد سؤال لا يعرفه في الاختبار، فكيف يتعامل الطالب مع قلقه داخل لجنة الاختبار؟
هناك تقنية بسيطة تنشط الغدة النخامية وتفرز الهرمونات المنشطة للجهاز السمبثاوي، وهي بالضغط على رأس وحافة الإبهام لثلاثين ثانية، ما ينشط الجهاز السمبثاوي ويعطي الشعور بالراحة للجسم بانخفاض الكورتيزون، وبعدها يفحص كل الأسئلة ويجيب أسهل سؤال، ومن بعده الأقل سهولة، ويترك الأسئلة الصعبة للنهاية، ما يشعره بالإنجاز.
كما يمكن للطالب، إن كان لا يعاني من السكري، أن يتناول قطعة حلوى، لتنقل احساسه، فيكسر حالة الخوف، والانتقال إلى الإحساس بالحلاوة في فمه.

- دائماً ما نلحظ انتشار الحديث عن مأكولات بعينها يمكن لتناولها خلال فترة الاختبارات أن يسهم في زيادة التركيز وتنشيط الذاكرة، فما حقيقة ذلك؟
يجب المحافظة على الوجبة الصحية المتكاملة التي تشتمل على الخضراوات وزيت الزيتون، والخالية من السكريات سريعة الحرق وكذلك الخالية من المأكولات الحارة، وأن يحافظ الطالب على شرب المياه، لأن المخ يعتمد على الماء والجلوكوز، ويحبذ أن يكون الأخير من مصادر صحية.
وبالنسبة للتركيز فيزيد بتناول المأكولات المشتملة على الأوميجا 3 والزنك، فهي أغذية تقوي التركيز وتعطي راحة لخلايا الدماغ، فإن اشتملت الوجبة على البيض على سبيل المثال، تعطي الإحساس بالشبع، وكذلك زيت الزيتون، وبعض المكسرات إن لم يكن يعاني من الحساسية تجاه المكسرات، كذلك لا بأس بفنجان من القهوة، وهي غير مضرة إن لم تتجاوز الحد المطلوب، وهو كوب بالنسبة للطفل، وبالنسبة للبالغين 3 أو 4 كوب من القهوة، من الأكواب المتوسطة.

- وماذا عن دور النوم؟ 
النوم هو الذي ينظم الذاكرة، ومن يدخل الامتحان يعتمد على ذاكرته، فإن لم يحصل على القسط الكافي من النوم، لن يستطيع المخ تنظيم الذاكرة بشكل سليم، فمرحلة النوم هي المرحلة التي يعمل فيها المخ تحديث لكل النظام.

- هل تلاحظون زيادة مراجعة الطلاب لعيادات الطب النفسي بالمراكز الصحية خلال الاختبارات؟
في السابق، كان التحدي في السابق مرتبطاً بالثانوية العامة وارتباطها بالتأهيل للكليات المختلفة، ولكن في الوقت الحالي، باتوا ينظمون حفل تخرج حتى لأطفال الروضة، فتكون الطفل بعمر 5 سنوات مطالب بتقييمات، الأمر الذي يزيد من الضغوط عليه في هذا العمر، فمن المفترض ألا تكون له أي تقييمات في هذا العمر.
بتنا نلحظ ما يسمى بـ «التجسيد»، وهو ظهور علامات القلق على الجسم، فتراجع المراكز الصحية أطفال لديهم اضطرابات في الجهاز الهضمي على سبيل المثال، أو اخرون يعانون من صداع شديد في أوقات الامتحان، أو طفح جلدي، وقد تصل إلى الشعور بالدوخة والغثيان، وذلك بسبب زيادة القلق، فالجهاز النفسي حينما لا يتمكن من تسيير القلق، يحمل الجسد العبء، ليكون هم الأهل الأول هو شفاء الطفل من المشكلة الصحية التي يعاني منها، وفي هذه الحالة، يكون الطفل لا شعورياً تخلص من العبء.
وهناك حالات حادة تصل إلى نتف الشعر لدى البنات والأولاد بسبب القلق في فترة الامتحان، فينتف الطفل شعره حتى يترك بقعة خالية من الشعر، وهي حالة متقدمة من القلق.