رئيس الوزراء التركي يبدأ زيارة رسمية للبلاد غداً

alarab
محليات 26 أبريل 2016 , 12:53م
الدوحة - قنا
في أول زيارة له بعد توليه رئاسة الحكومة يحل دولة الدكتور أحمد داود أوغلو رئيس وزراء جمهورية تركيا غدا الأربعاء ضيفا على دولة قطر في زيارة تهدف إلى تعزيز العلاقات الثنائية المتميزة والتي يشيد أوغلو بمستواها ويصفها بـ"الوطيدة والطيبة"، فيما رأى دبلوماسيون أتراك أن "تركيا وقطر تتمتعان بأفضل علاقة يمكن أن تنشأ بين بلدين في العالم، وفضلا عن الأرضية المشتركة الفريدة من نوعها التي تجمع البلدين، فإن العلاقات السياسية بينهما ممتازة".

وتكتسب هذه الزيارة التي تستمر يومين أهمية خاصة إذ أنها الزيارة الأولى لمسؤول تركي بعد تولي أنقرة رئاسة الدورة الحالية للقمة الإسلامية والتي انعقدت مؤخرا في إسطنبول, ما يشكل فرصة هامة لهذه الزيارة لبحث سبل تعزيز التعاون بين الدول الإسلامية والمضي قدما في سبيل تحقيق أهداف المنظمة, وكذلك لمناقشة القضايا المتعلقة بالدول الأعضاء فيها, إذ يرزح بعضها تحت وطأة الفقر لاسيما في القارة الإفريقية, والتي تنال الاهتمام القطري - التركي المشترك, فضلا عن البحث في تعزيز العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين على أسس من شراكة إستراتيجية قوية لاسيما في مجال الصناعات الدفاعية التي تعزز من استقلالية واستقرار البلدين الصديقين.

وسيلتقي رئيس الوزراء التركي خلال الزيارة المسؤولين القطريين لتعزيز عمل اللجنة الإستراتيجية العليا القطرية - التركية ومتابعة تنفيذ الاتفاقيات التي جرى التوقيع عليها بين الجانبين خلال الاجتماع الذي عقد في الدوحة في ديسمبر الماضي على مستوى قيادتي البلدين أثناء زيارة فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان رئيس الجمهورية التركية، والذي شهد توقيع 17 اتفاقية في مجالات متعددة من بينها التعليم، والبيئة، والملاحة البحرية، والطاقة، والعلوم والتكنولوجيا وغيرها من المجالات, كما ستتم مناقشة التعاون في مجال الطاقة في ضوء سعي البلدين لبحث إمكانية استيراد تركيا للمزيد من الغاز المسال القطري وتذليل العقبات التي تحول دون اكتمال التحضيرات التقنية الخاصة بنقل الغاز القطري إلى الأراضي التركية, خاصة في ظل مذكرة التفاهم الأولية التي جرى توقيعها بين كل من شركة خطوط أنابيب نقل البترول التركية (بوتاش)، وشركة النفط الوطنية القطرية، لاستيراد تركيا الغاز الطبيعي المسال من قطر، على المدى الطويل، وبشكل منتظم.

وتعد زيارة دولة الدكتور أحمد داود أوغلو إلى قطر فرصة لبحث إمكانية التعاون في مجال الطاقة المتجددة ومضاعفة حجم التبادل التجاري بين البلدين وزيادة حجم الاستثمارات التركية في قطر في ضوء حرص الجانبين على أن تحظى الشركات التركية بمزيد من المشاريع التي تجريها قطر في إطار التحضيرات لاستضافة كأس العالم في العام 2022 والتوسع العمراني الكبير الذي تشهده دولة قطر, وكذلك بحث سبل تشجيع الاستثمارات القطرية في تركيا خاصة في القطاع الصناعي والقطاع الصحي والصناعات التحويلية والمنتجات الغذائية ومواد البناء وقطاع الخدمات.

على صعيد متصل وفي إطار التعزيز الدائم للعلاقات الثنائية فقد تبادل سمو أمير البلاد المفدى وفخامة الرئيس التركي , - إضافة إلى مسؤولين من كلا البلدين - الزيارات الرسمية التي كانت وما زالت تتكلل بالنجاح والتطور على أرضية من القواسم المشتركة الفاعلة والإيجابية نصرة لقضايا الأمتين العربية والإسلامية, وأسفرت وما زالت تسفر عن تعزيز أوثق للعلاقات السياسية والاقتصادية والاستثمارية والثقافية والسياحية ومجالات الطاقة وغيرها.

تجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن قطر هي أول دولة عربية يزورها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعد توليه منصب الرئاسة، حيث زارها أول مرة في ديسمبر 2014 تلتها زيارات لاحقة أثمرت عن تعزيز مشترك للعلاقات الثنائية, فيما زار حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى تركيا في نهاية ذات العام ووقع مذكرة مشتركة لتشكيل اللجنة الإستراتيجية العليا حينذاك, والتي تعمل على تمكين البلدين من إقامة تعاون شامل في مجالات العلاقات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، كما تضع هذه اللجنة عمل الآلية التوجيهية للعلاقات الثنائية, وتلت تلك الزيارة زيارات أخرى لسمو الأمير المفدى تعزيزا للعلاقات الثنائية المشتركة ولبحث القضايا المختلفة, لما فيه خير البلدين والمنطقة. 

وعن زيارة أوغلو, فإنها لا تنفصل عن إطار التنسيق المشترك بين الدولتين حول قضايا المنطقة والتشاور السياسي والأمني في ضوء تطابق الرؤى بين الجانبين القطري والتركي حيال القضايا الإقليميّة والدوليّة محل الاهتمام المشترك ومن ضمنها الأزمة السورية والمساعدة التي تقدمها المؤسسات الخيرية القطرية لدعم استضافة تركيا للاجئين السوريين، وتزويد معسكرات اللجوء في المناطق الحدودية باحتياجاتها من المساعدات الغذائية والمؤن والأدوية وتشغيل المرافق الحيوية التي تضمن سبل الإعاشة الكريمة للأعداد المتزايدة من اللاجئين السوريين.

وتتميز العلاقات القطرية- التركية بتقارب لافت في وجهات النظر حول مختلف القضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية, بالإضافة - بطبيعة الحال- إلى الأزمة السورية, وهي علاقات ذات جذور عميقة عززتها الروابط التاريخية القوية والانتماءات الثقافية المشتركة, إذ بدأت العلاقات الرسمية بين البلدين عام 1979 بافتتاح سفارتي البلدين في الدوحة وأنقرة, وهذه العلاقات سرعان ما تنامت خاصة في المجال الاقتصادي, لتوقع في عام 2001 اتفاقية منع الازدواج الضريبي, وأخرى لتشجيع وحماية الاستثمارات، بين البلدين, وفي عام 2008 عقد منتدى الأعمال التركي- القطري الأول في الدوحة بحضور الرئيس التركي آنذاك عبدالله غول، وفي العام نفسه وقع البلدان مذكرة تفاهم لبدء تعاون شامل في شتى المجالات بينهما, أما في عام 2013 فقد افتتح المقر الجديد للسفارة التركية بالدوحة, كما أعلن عن إنشاء المركز الثقافي التركي في قطر في الوقت الذي أقبل به قطريون على تعلم اللغة التركية, فيما شهد العام الماضي احتفال البلدين "بعام الثقافة" في ظل تنامي حجم الزيارات السياحية التي يقوم بها القطريون إلى تركيا. 

وفي مؤشر على أهمية العلاقات الاقتصادية بين البلدين فقد بلغ حجم التبادل التجاري بين تركيا وقطر مليارا و300 مليون دولار في العام الماضي, في ظل توقعات بتصاعد هذا الحجم, وذلك في أعقاب عقد البلدين للعديد من الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها خلال الزيارة التي أجراها الرئيس أردوغان إلى الدوحة مؤخرا, كذلك, تنشط الشركات التركية، خاصة في قطاع البناء والتشييد في قطر, وقد استطاعت الشركات التركية الفوز بـ 119 مشروعاً بقيمة 15,1 مليار دولار, وفي المقابل ينشط رجال الأعمال القطريون في قطاع العقارات في تركيا، حيث يفضل العديد منهم الاستثمار بشراء العقارات والأراضي والفنادق في عدة ولايات تركية.

وتوثيقا لعرى التعاون الإستراتيجي, أعلن البلدان وفي مطلع عام 2015 عن إنشاء مجلس التعاون الإستراتيجي عالي المستوى, وفي ذات الإطار تم توقيع اتّفاقية تعاون لوجستي وعسكري، تقضي بتعيين مستشارين عسكريين في المؤسسات العسكرية، وتبادل الخبرات العسكرية، إضافة لتبادل الموظّفين والمعدّات العسكرية بين الطرفين.

يشار إلى أن أوغلو من مواليد (1959) وهو بالإضافة إلى توليه رئاسة الحكومة هو رئيس حزب العدالة والتنمية خلفاً لأردوغان وهو أستاذ للعلوم السياسية التركية, وكان عين في السابق وزيرًا للخارجية، والمستشار الرئيسي لرئيس الوزراء السابق التركي رجب طيب أردوغان, تخرج في قسم الاقتصاد العلاقات الدولية والعلوم السياسية في جامعة بوغازيجي، حيث حصل على درجة الماجستير في الإدارة العامة، والدكتوراه في العلوم السياسية والعلاقات الدولية, وعمل أستاذًا في جامعة مرمرة بين عامي 1993 و1999، ورأس إدارة العلاقات الدولية في جامعة "بيلكنت" في إسطنبول, ومنح لقب سفير بقرار مشترك من الرئيس أحمد نجدت سيزر ورئيس الوزراء عبدالله غول عام 2003, وله العديد من المؤلفات السياسية, وأثرى صحيفة، "يني شفق" التركية بأكثر من 200 مقالة، حيث عمل بها بين عامي 1995 و 1999, كما أنه كان واحدا من أبرز من ناب عن الحكومة التركية خلال الدبلوماسية المكوكية للتسوية بين إسرائيل وقطاع غزة عام 2008.



م.ب