«سوق واقف».. رائحة التوابل والبهارات تلخص حضارة الشرق في مكان واحد
اقتصاد
26 يناير 2016 , 12:00ص
هداب الماجد
تستحوذ التوابل على اهتمام معظم المطابخ العربية والعالمية لما تضفيه من نكهات مميزة على مذاق أشهر مأكولاتها؛ حيث تعد من الركائز الأساسية في عملية الطهي والتي لا يمكن الاستغناء عنها، ما يجعلها تجارة رائجة ورابحة وغير منقطعة من توافد الراغبين بشرائها على مدار العام على حد قول أصحاب محلات البهارات التي تكتنز بها سوق واقف.
وأكد عدد من تجار البهارات والتوابل أن إقبال الزبائن لا يتوقف على مدار العام لهذه المادة الهامة في كافة المطابخ، وما يساعد في ذلك موقعهم الاستراتيجي على حد وصفهم في السوق التي تستقطب الزوار والمرتادين على طوال العام وإنما بنسب متفاوتة من موسم لآخر، والذين لا بد من مرورهم بمحلاتهم والانجذاب إليها والاطلاع عليها وتجريب بضاعتها المميزة.
وأوضح هؤلاء التجار أن مبيعاتهم من البهارات جيدة في كل أيام السنة إلا أنها تزدهر بشكل لافت في بعض المواسم والمناسبات والتي تتمثل بفترات الإجازات المدرسية وشهري شعبان ورمضان وعيد الفطر المباركين؛ حيث يبلغ الإقبال ذروته فيها خاصة من قِبل المواطنين الذين يشكلون النسبة الأكبر من زبائنهم ويليهم في ذلك الخليجيون ومن ثَمَّ الجاليات العربية، إلا أن الجديد بالموضوع هو توافد أعداد لا بأس بها من الأوروبيين واهتمامهم بهذا النوع من التوابل التي تتسم معظمها بأسعار ضئيلة وتلائم القدرة الشرائية لجميع الشرائح.
إلا أن التجار قد أشاروا إلى عدم اعتمادهم على بيع البهارات بشكل كامل في تجارتهم؛ إذ إنها لا تشكل مردودا جيدا بالوقت الحاضر أو في خارج المواسم آنفة الذكر على حد تعبيرهم، ما يحدوهم إلى بيع منتجات أخرى قريبة منها مثل الزيوت الطبيعية والأعشاب بغية تعويض فرق الربح الذي تفتقر إليه السوق بالأيام العادية من السنة.
كما لفت أولئك إلى تفضيل المواطنين للبهارات المخلوطة محلياً على نظيراتها الجاهزة، مشيرين إلى استيراد موادها الخام من عدة بلدان آسيوية والقيام بطحنها محليا واصفين العملية بغير المكلفة باستثناء مادة الزعفران المعروفة بسعرها الباهظ.
تفضيل المواد الطبيعية
وفي هذا الشأن، قال حسن الحسيني تاجر بهارات وتوابل: "تأتينا البهارات بالدرجة الأولى من إيران ومن ثَمَّ إندونيسيا والهند وماليزيا، ولدينا الكثير من الأنواع متعددة الاستعمالات في عملية الطهي، كما نوفر جميع أنواع الأعشاب الطبيعية والتي تجد رواجا أكثر بكثير من المواد الكيميائية، ونحن نستقدم التوابل التي ذكرناها على شكل حبوب ونقوم بطحنها وخلطها هنا في قطر".
تكلفة منخفضة
وأكد الحسيني أن سعر تكلفة المواد التي يجلبونها من الخارج ليس عاليا بالنسبة لجودتها رغم استيرادها من عدة بلاد آسيوية، مشيراً إلى أن أكثر المقبلين على شراء هذه المواد هم المواطنون والذين يعتبرون السعر مقبولا جدا بالنسبة إليهم، قائلا: "أسعارنا أيضا تعتبر ليست مرتفعة ومناسبة لمختلف الشرائح".
جنسيات متعددة
ولفت الحسيني إلى أن المواطنين يشكلون القاعدة الأكبر من الزبائن الذين يرتادون متجره، والذين يفضلون أنواع البهارات المخلوطة بشكل عام والتي يمكن استخدامها في عدة أكلات شعبية ومحلية مثل المكبوس والسمك وغيرها، إضافة إلى إقبال السياح الخليجيين الكبير خاصة السعوديين ومن ثَمَّ يأتي الأفارقة، مشيراً إلى أن الجديد في فئات الزبائن هذه الأيام هو توافد الأوروبيين على شراء مثل هذه المواد.
تميز الزعفران
وأشار إلى تزايد إقبال الناس بشكل ملفت على الزعفران الإيراني والذي يقومون بشرائه على شكل بضع جرامات منه نظرا لسعره المرتفع جدا، حيث يبلغ الكيلو الواحد منه تقريبا حوالي 10 آلاف ريال، إلا أنهم يشترونه لما له من استخدامات متعددة وفوائد جمّة، من أجل ذلك يتم بيعه صافيا ولا يتم إدخاله في أنواع البهارات الأخرى.
عدم جدوى
وأوضح الحسيني أنه ورغم وقوع متجره في سوق واقف التراثية؛ حيث تستقطب عددا كبيرا من الزوار يوميا وعلى مدار العام، إلا أن اقتصار مبيعاته على البهارات والتوابل وحدها لا يجدي نفعا ولا يحقق الربح المطلوب، الأمر الذي يجبره على الاتجاه لبيع عدة بضائع أخرى ذات علاقة أو قريبة منها مثل العطارة والأعشاب والزيوت الطبيعية.
فترة الإجازات
وبيّن الحسيني أن أفضل المواسم لبيع منتجات البهارات والتوابل والأعشاب والزيوت تتمثل بفترة الإجازات المدرسية؛ إذ تشهد ازدهارا لافتا يختلف عن بقية أيام العام حيث يقبل المواطنون بشكل خاص خلال هذه المدة، ويتبعها في ذلك شهرا شعبانورمضان المباركان.
ويعد الزعفران الإيراني النقي الصافي من أفضل الأنواع بالعالم وهو ذائع الصيت بالخليج، ويعتبر المادة الأغلى سعرا في متاجر البهارات والتوابل؛ إذ يصل الجرام الواحد منه إلى نحو 50 ريالا على
الأقل.
أسعار ملائمة
من جانبه، قال محمد مقصود تاجر في أحد محال سوق واقف: "نحن نقوم بجلب التوابل من الهند وباكستان وبنجلاديش بشكل رئيس، وتبلغ أسعارها لدينا قيما زهيدة وفي متناول الجميع؛ إذ لا يتخطّ الكيلو جرام الواحد من البهارات الخاصة لأكلة المكبوس مثلا 35 ريالا، أما المخلوطة من عدة أنواع فتصل إلى 20 ريالا فقط".
الموقع في السوق
وأشار مقصود إلى أن أكثر الزبائن المقبلين على متجره لشراء البهارات والتوابل على وجه الخصوص هم من المواطنين ويليهم السعوديون وباقي دول مجلس التعاون الخليجي، لافتا إلى أن أفضل شهور السنة بالنسبة لإقبالهم هي فترة شهر فبراير، مؤكداً أن موقع المحل الواقع في سوق واقف والتي تشهد ارتياد العديد من الزوار والذين يصلون إلى عشرات الآلاف سنويا، يساهم بشكل أساسي في دفع عجلة الشراء مقارنة بغيرها من الأسواق.
«التحويجة»
والبهارات المخلوطة التي تعرف باسم التحويجة عبارة عن مجموعة التوابل التي تستخدم في غالبة الأكلات القطرية وتتكون من قرابة 18 نوعًا مختلفا، وتتألف من الكمون والبهار الأسود والزنجبيل والشومر والدرسين والقرفة والثوم والكزبرة والهيل وجوزة الطيب والكمون الأسود والمسمار والنجمة والينسون والكركم والفلفل الأحمر والهيل الأخضر، ويتم خلطها بنسب محددة وتطحن جميعًا في ماكينات خاصة خارج السوق للحصول على النكهة المميزة، ويباع الكيلو منها بسعر يتراوح بين 35 و50 ريالاً ويستخدم هذا النوع من البهار في الكبسة والبرياني والمكبوس والدجاج واللحم ويصلح لكل أنواع الطعام.
الاستيراد بالجملة
وبدوره، قال التاجر مرتضى عظيمي: "إن أكثر البهارات التي لدينا هي من الهند ومن بعدها إيران؛ إذ يقوم تجار الجملة باستيرادها وضخها بالسوق ونحن نعمل على شرائها بسعر الجملة ونبيعها بالتجزئة، فنحن لا نستورد بشكل مباشر لأن تكلفته تكون عالية إلى حد ما، لكنها ليست كذلك عند شرائها من السوق المحلية حيث يتراوح بين 15 أو 20 أو 25 ريالا فقط وحتى نسبة الربح عند البيع قليلة جدا".
بهارات قطرية
وأكد عظيمي أن أكثر أنواع البهارات طلبا لدى الزبائن والتي تحظى باهتمام كبير هي القطرية والتي يقوم بخلطها بنفسه يدويا بحيث تتكون من 18 نوعا من أنواع التوابل الخالصة، مشيراً إلى أن المواطن القطري هو الأكثر إقبالا عليها ومن بعده يأتي المقيمون العرب من مصريين وسوريين ولبنانيين وفلسطينيين وأردنيين بالإضافة إلى جنسيات أخرى مثل الإيرانيين والهنود.
توافد السياح والزوار
ولفت عظيمي إلى أن هناك شهورا معينة يبلغ فيها حجم المبيعات على التوابل والبهارات ذروته متمثلة بفترة شهري شعبان ورمضان وعيد الفطر المباركين، أما بالفترة الحالية فيمكن اعتباره جيدا لكنه ليس بالمستوى المطلوب أي مقارنة بالأشهر سالفة الذكر، قائلا: "موقعنا في سوق واقف هو ما يساعد على توافد الناس سواء مواطنين أو مقيمين أو سياح، ولا بد لمعظم مرتاديها أن يمروا من عندنا، حيث نتوقع لو كنا في أي مكان آخر لن يكون حجم الإقبال كما هو عليه في هذا الموقع الاستراتيجي، بَيْدَ أن اعتمادنا في البيع وتحصيل حجم ربح مقبول لا يعتمد على التوابل فقط بل على الزيوت الطبيعية بشكل أكبر".
بهارات خام
فيما قال التاجر محمد عبدالرحيم: "نقوم بجلب التوابل من الهند ومن ثَمَّ إيران، وأكثر زبائننا من المواطنين والمصريين والأردنيين والأجانب من شتى الجنسيات، بَيْدَ أن القطريين يفضلون الحصول على البهارات على شكل بذور بحيث يقومون هم بطحنها وخلطها، أما الأجانب فيفضلون التوابل الجاهزة".
مبيعات الزيوت
وأضاف: "لدينا أنواع مختلفة من التوابل والزيوت والبذور، وكل منها لديها زبائنها، وتباع بنفس الحجم على مدار العام وبشكل جيد، بَيْدَ أن عملية الشراء في شهر رمضان والعيد والمباركين تتمحور حول البهارات بشكل أساسي خاصة من قِبَل المواطنين؛ إذ تدخل بالعديد من الأكلات المعدة لهذه الفترة".
البحرينية الأكثر طلباً
ولفت عبدالرحيم إلى أن أكثر أنواع البهارات سعرا هي المخلوطة البحرينية والتي يبلغ سعر الكيلو جرام الواحد منها حوالي 35 ريالا، إضافة إلى مادة الزعفران الذي يجلب منه أنواع خاصة ومميزة ويبلغ الجرام الواحد فقط منها نحو 50 ريالا، وأكثر زبائنها من المواطنين والسياح الخليجيين والسعوديين تحديدا.
ويكفي من يبحث عن أفضل أنواع البهارات والتوابل في قطر التوجه إلى سوق واقف التي تزخر بمتاجر تلك المواد ليجد ما يبحث عنه بأفضل الأسعار وأحسن النوعيات والخامات، فضلا عن مختلف الأعشاب والزيوت العطرية وغير العطرية.