الداعية أحمد البوعينين: النفس أمانة تجب صيانتها
سعد السعدي: احترام القوانين يحد من السلوكيات الطائشة
على الرغم من «الفاتورة العالية» للمخالفات المرورية، والجهود التي تبذلها الإدارة العامة للمرور للتوعية وتعزيز السلامة على الطرق، فإن مسلسل تهاون بعض السائقين في ارتكاب مخالفات السرعة الزائدة ما زال مستمراً، حيث تكشف إحصائيات المخالفات المرورية الشهرية أرقاما صادمة بشأن المخالفات المرتكبة بما فيها الرادار، وذلك على الرغم من وجود قوانين رادعة تمنع هذه المخالفات، وأهمها تطبيق رسوم مادية عالية على المخالفين، إلى جانب استمرار حملات التوعية المرورية لكل فئات المجتمع.
وشهد شهر سبتمبر الماضي 2024 تسجيل 50,180 مخالفة سرعة زائدة - رادار - بينما تم ارتكاب 5,651 مخالفة قطع إشارة ضوئية، و390 مخالفة تجاوز.
أما شهر يوليو الماضي فقد شهد تسجيل أكثر من 97 ألف مخالفة رادار و5,865 مخالفة قطع الأغشارة الضوئية الحمراء و4,972 مخالفة عدم اتباع الإرشادات المرورية، و28,720 مخالفات الحركة المرورية، و15,836 أخرى.
فما أسباب استمرار هذه المخالفات وتصاعدها؟ وهل المطلوب تعديل الجزاءات والمخالفات لردع القيادة المتهورة؟ وماذا عن تطوير الجزاءات لتشمل القيام بواجبات مجتمعية، الى جانب منع المخالف من قيادة السيارات لمدة محددة؟ وهل ساهم التوسع في شبكة الطرق الحديثة وإنجاز عدة مشاريع من قبل أشغال في زيادة المخالفات؟ وأين دور الإعلام والمدرسة والأسرة ومؤسسات المجتمع المدني في معالجة هذه الظاهرة؟
عقوبات رادعة
أكد سيف هلال، أهمية الاهتمام بالجانب الثقافي وتوعية الشباب بمخاطر عدم التقيد بالقانون وتجاوز السرعات المحددة، منوهاً بتقنين بعض الممارسات الخطرة لضبطها وتقويمها. كما أشار إلى دور الأسرة والمجتمع والمدرسة في تربية النشء على احترام قواعد وقوانين المرور والالتزام بالسلوك القويم في قيادة السيارة.
ودعا هلال الى تكثيف الدوريات المرورية على الطرق الرئيسية وتفعيل رادارات السرعة الزائدة بما فيها الرادارات المتحركة لضبط المخالفين، الى جانب تكثيف التواجد المروري أمام مدارس المرحلة الثانوية لضبط مخالفي قيادة السيارات بدون رخصة، مع تغليظ العقوبة على مرتكبي هذا النوع من المخالفات، وإلزام المخالفين بالخدمة المجتمعية، فضلاً عن تشديد الرقابة على محيط المدارس وضرورة زيادة توعية أولياء الامور والطلاب بمخاطر تلك الظاهرة، محملا المسؤولية للآباء ودورهم في مراقبة أبنائهم وتوعيتهم بمخاطر تلك الظاهرة.
وأكد أن إلزام المدانين بمخالفات السرعة الزائدة بخدمة المجتمع يمثل رادعا لهم ولغيرهم، وأشار الى أن تشديد العقوبة يساهم في تغير جذري في سلوكيات المتهمين بتقويمهم نفسياً وفكرياً.
أبعاد اجتماعية وسلوكية
ووافقه الرأي حمد المسلم، مبينا أن عقوبة الخدمة المجتمعية تردع العديد من الشباب من ارتكاب هذه الممارسات الخطرة عليهم وعلى مستخدمي الطريق، داعيا لإعادة النظر في العقوبات المفروضة على مخالفي قانون المرور بما فيها قواعد الحصول على رخصة قيادة السيارة، وأكد أن للرادارات دوراً كبيراً في الحد من الحوادث المرورية ومخالفات السرعات الزائدة، إلى جانب دور الإرشاد والتوعية المرورية من خلال استخدام وسائل الإعلام الحديثة، بما فيها مواقع السوشيال ميديا في توجيه الأشخاص المتهورين، و«لا يضع حدا للتهور إلا فرض عقوبات رادعة، بدون تجاوزات أو تهاون في تنفيذ هذه الضوابط والعقوبات، والرادار المتحرك ما هو إلا وسيلة لردع المخالفين»، مضيفاً أنه يجب توضيح عواقب هذا التهور وأبعاده الاجتماعية والسلوكية وكيف نتعامل مع هذه الفئة في المجتمع وكيف نجد البديل لهذا السلوك. لأن البيئة المصاحبة عامل مهم لهذه الفئة، حيث إنها تمثل الشباب وأغلبهم وجدوا أنفسهم في عالم مرفه وطلباتهم مجابة واستهتار لا محدود وأرواح الناس أمانة ومسؤولية الجميع.
السبب رقم 1
أما عبدالله الشمري فقد أعرب عن تأييده لوضع الرادارات المتحركة على الطرق السريعة، حيث تلعب دورا هاما في مراقبة حركة الطرق وتنبيه السائقين إلى أهمية الالتزام بقواعد المرور، تفاديا للمخالفات وخاصة السرعات الزائدة باعتبارها السبب «رقم1» لأكثر حوادث المرور، وأكد الشمري على تراجع معدل وفيات حوادث السرعة الزائدة في شوارع الدولة قياساً بالسنوات الماضية، وأشار الى ضرورة تفعيل أنظمة ضبط السرعة على خط الشحانية - الدوحة، لافتا الى ان الرادار المتحرك كان قد ساهم في الحد من الحوادث المرورية ومخالفات السرعة الزائدة على ذلك الشارع.
وأشار الشمري ان السائقين الشباب اكثر عرضة للحوادث المرورية، بسبب استعدادهم للقيادة بسرعات عالية بما يعرض حياتهم وغيرهم من مستخدمي الطرق للخطر، كما ان طلبة الثانوية العامة لا يتورعون عن قيادة مركبات ذويهم أثناء توجههم لمدارسهم، حيث يمكن ملاحظة تكرار هذه الظاهرة يومياً في محيط المدارس الثانوية بالدولة في مخالفة صريحة لأنظمة السير والمرور المعمول بها.
الحفاظ على النعم
من جانبه، قال فضيلة الداعية أحمد البوعينين إن الحفاظ على النعم من مقاصد الشريعة، بما فيها حفظ النفس. وقد أمرنا الله تعالى بألا نلقي بأيدينا إلى التهلكة، ولما كانت الإدارة العامة للمرور قد حددت لكل شارع سرعة معينة، وإن هذا التحديد إنما جاء بناءً على دراسات هندسية. فإن العلماء، خاصة المعاصرين، قد قرروا أن من يرتكب حادثاً وهو متجاوز السرعة المقررة للطريق، فإن هذا يدخل في باب قتل النفس. وشدد على أن النفس أمانة يجب علينا صيانتها والحفاظ عليها، ليس من أجل صاحبها فقط ولكن من أجل والديه وأولاده ومن يتكفل برعايتهم وكفالتهم وقبل ذلك ومن بعده من أجل بلاده ورفعتها.
وأكد البوعينين أن الدولة عندما تضع المخالفات فهي غنية عن ذلك، وإنما وضعتها لحماية السائقين وسلامة مستخدمي الطرق وتعزيز السلامة والحد من السرعة الزائدة وليس مجرد تسجيل المخالفات.
مسؤولية الأسرة
وأرجع خالد اليافعي، أخصائي اجتماعي، ظاهرة قيادة المركبات من قبل الطلاب بدون رخصة، إلى «الأسرة» نفسها، التي تُعتبر السبب الرئيسي في هذه المشكلة المتواصلة، حيث يتهاون أولياء الأمور مع أبنائهم دون السن القانونية ويتفاخرون بأنهم يقودون السيارة للوصول الى مدارسهم. في حين يترتب عليهم حمايتهم من هذه التجاوزات، من خلال مراقبتهم تصرفات أولادهم وسلوكياتهم مراقبة دقيقة، مطالباً بتحميل الأب المسؤولية الجنائية لهذا النوع من المخالفات من خلال سماحه لابنه بقيادة مركبة على الطريق وتعريض حياته وحياة آخرين للخطر، وهو ما يتطلب إعادة النظر في قانون العقوبة الخاصة بقيادة المركبة بدون رخصة، وتطبيق عقوبة على مالك السيارة وولي الأمر؛ لأنه المسؤول الأول والأخير عن توعية وسلوك ابنه.
وأكد اليافعي أن أولياء الأمور يتحملون الجزء الأكبر في قيادة أبنائهم للمركبات بدون رخصة، وعدم الالتزام بقوانين المرور، حيث إن المشكلة في تمكين هؤلاء الأبناء من القيادة يتم في معظم الأحيان بتشجيع من الأسر، ويلاحظ أن الكثير من طلاب الثانوية في مدارسنا يستخدمون سيارات خاصة في الوصول إلى المدرسة، معظمهم لا يمتلك رخصة قيادة، بينما يمتلك البعض رخصة «سائق تحت التمرين» رغم أن القيادة دون ترخيص تعد مخالفة يعاقب عليها القانون.
تكاتف مجتمعي
وأكد الأخصائي الاجتماعي، سعد أحمد السعدي، ضرورة احترام القوانين للحد من المخاطر على الطريق بسبب بعض السلوكيات الطائشة، ودعا السعدي للتصدي لظاهرة حضور الطالب إلى المدرسة بالسيارة من دون رخصة قيادة، وذلك بتكاتف الجميع للحد من هذة الظاهرة على الرغم من ان ذلك يتم بتشجيع من الأسرة، كما يعلم الوالد أن قيادة ابنه للمركبة دون ترخيص مخالف للقانون ويعرض ابنه لمخالفة قانونية، كما أن هذا العمر لم يكتمل نضجه فأصبحت القيادة استعراض مما يسبب كثيرا من الحوادث، كما يعتبر من أسباب التأخير الصباحي ويقلل من الطموح لدى الطلاب.
وأكد السعدي أهمية دور الأسرة في الحد من تلك الظاهرة السلبية التي يقوم بها بعض الطلبة، في زجرهم، وتوعيتهم بمخاطر القيادة دون رخصة والتي تهدد حياتهم وحياة مستخدمي الشوارع، مشيراً إلى أن القانون وحده لا يحد من تلك الظاهرة، فيجب على أولياء الأمور زيادة وعي أبنائهم بمخاطر القيادة بدون رخصة مع فرض الرقابة عليهم حتى لو تطلب الأمر وضع جهاز إنذار أو تنبيه داخل السيارة ينبه ولي الأمر بتحرك السيارة من أمام المنزل إذا قام الولد بأخذ السيارة دون علمه.
وأوضح السعدي أن مبررات الآباء بشأن السماح لأبنائهم بقيادة مركباتهم قبل حصولهم على رخصة القيادة وبلوغ السن القانونية، كثيرة، مثل أن ركوب الباص المدرسي غير لائق لنا، أو ان الابن لا يستطيع الاستيقاظ مبكرا، او انه ملتزم بتوصيل أكثر من أخ أو الأخت أو الأم وغيرها من المبررات، ولا نملك إلا الدعاء أن يحمي شبابنا ويوفقهم لما فيه الخير للبلاد والعباد يارب العالمين.