

تلعب مواني دولة قطر دورا جوهريا في تعزيز موقع الدولة على خريطة التجارة العالمية، كونها البوابة البحرية الرئيسية لدخول وخروج السلع والبضائع. وقد شهدت هذه المواني تحت إشراف وزارة المواصلات تطورا استراتيجيا جعلها واحدة من بين أكثر شبكات المواني تطورا في المنطقة، بفضل بنيتها التحتية الحديثة وتكاملها مع المناطق الحرة واللوجستية في الدولة.
وتستخدم هذه المواني كحلقة وصل فعالة بين أسواق آسيا، والشرق الأوسط، وإفريقيا وأوروبا وأمريكا، ما يسهم في تقليل زمن عبور البضائع وتحسين كفاءة سلاسل الإمداد، كما تدعم المواني القطرية خطة الدولة لتنويع الاقتصاد من خلال تسهيل عمليات التصدير وإعادة التصدير، وتعزيز قدرة الصناعات المحلية على الوصول إلى الأسواق الخارجية وتعزيز السياحة البحرية.
ويعد ميناء حمد بوابة قطر الرئيسية للتجارة مع العالم، والميناء الرئيسي والأكثر أهمية في الدولة، ويمثل العمود الفقري لحركة التجارة البحرية. وتم افتتاحه رسميا من قبل حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى في سبتمبر 2017، وهو يصنف اليوم ضمن أكبر وأحدث المواني في منطقة الخليج والشرق الأوسط.
7.5 مليون حاوية نمطية سنويا
وتبلغ الطاقة الاستيعابية لميناء حمد أكثر من 7.5 مليون حاوية نمطية سنويا عند انتهاء جميع مراحله، ويستقبل أكثر من 95 بالمائة من واردات الدولة البحرية، وهو ما يجعله مركزا حيويا لاستيراد وتصدير جميع أنواع البضائع، حيث يمتاز ببنية تحتية ذكية تشمل إلى جانب محطات الحاويات، محطة البضائع العامة والسائبة بطاقة استيعابية تصل إلى 7 ملايين طن سنويا، ومحطة متعددة الاستخدامات لمناولة المواشي والسيارات والمعدات بطاقة استيعابية تبلغ 500 ألف سيارة سنويا، وغيرها من المرافق مما يضعه في موقع متقدم لتقديم خدمات إعادة التصدير والتخزين والتوزيع على المستوى الإقليمي.
كما أن ميناء حمد يرتبط مباشرة بشبكة من الخطوط الملاحية العالمية تصل إلى 28 خطا ملاحيا، وتوفر خدمات شحن مباشرة وغير مباشرة لأكثر من 100 ميناء حول العالم، ما يعزز من موقع قطر كمركز عبور تجاري دولي، ويقلل من الاعتماد على المواني الوسيطة، وهو ما كان له دور كبير في دعم استقرار سلسلة الإمداد الوطني.
وتتعدى جهود مواني قطر مجرد النقل والتوصيل إلى تفعيل خطوات ضرورية لتحقيق الاستدامة، والالتزام بالمتطلبات البيئية في أعمالها، ويقول عبدالعزيز ناصر اليافعي نائب الرئيس التنفيذي للعمليات في مواني قطر في حديث خاص لوكالة الأنباء القطرية «قنا»، إن الدور البيئي لمواني قطر بدأ يبرز بشكل لافت، من خلال تطبيق تقنيات صديقة للبيئة، والتوسع في مشاريع الاستدامة كرعاية وإعادة توطين مئات الآلاف من أشجار المانغروف لحماية الحياة البحرية، والحفاظ على النظام الإيكولوجي، وخفض الانبعاثات الكربونية، ما يجعلها جزءا من المنظومة الاقتصادية المستدامة عالميا.
وأضاف اليافعي لـ «قنا» أن ميناء حمد هو المحرك الأساسي للنشاط الاقتصادي المتعلق بالتجارة البحرية، ويتجاوز احتياجات السوق المحلية، إلى لعب دور محوري في تحفيز الأنشطة الاقتصادية المختلفة، خصوصا الصناعة والتخزين والخدمات اللوجستية مع التزامه بأعلى المعايير البيئية والتنموية، مشيرا إلى أن وجوده بالقرب من المناطق الصناعية والاقتصادية يسهم في تقليل تكاليف النقل ويسرع حركة البضائع، مما يعزز التنافسية التجارية.
خيار مهم للتجارة الإقليمية
ودعم الاستدامة
وعدا عن ميناء حمد، يقبع ميناء الرويس شمال قطر، وتبلغ مساحته التقديرية حوالي 1.29 كيلومتر مربع، ويحتوي على 8 أرصفة بطول 1646 مترا مع حوض بعرض 200 متر وعمق 7 أمتار لخدمة السفن الصغيرة والمتوسطة، والمصدرين والموردين من الدول الإقليمية، فيقدم خدماته للمناطق الشمالية من الدولة، ويمثل منفذا حيويا للمصدرين والموردين إقليما، لا سيما في قطاعات الأغذية، ومواد البناء، والبضائع العامة، وقد تطور الميناء مؤخرا ليتسع لعدد أكبر من السفن، ما عزز من دوره كخيار مهم للتجارة الإقليمية ودعم الاستدامة في الخدمات البحرية.
وقد استكملت المرحلتان الأولى والثانية من عملية إعادة تطوير الميناء التجاري الشمالي، بينما يجري حاليا وضع اللمسات الفنية الأخيرة للمرحلة الثالثة والتي تشمل تعميق قناة الملاحة وأحواض الميناء من 5 و7 إلى 12 مترا، إلى جانب توسعة الحوض وبناء أرصفة سفن جديدة لاستقبال سفن الشحن الصغيرة والمتوسطة، وحتى السفن السياحية مستقبلا.
وسينعكس إنجاز المرحلة المتبقية بمجملها على تعزيز مكانته كبوابة استراتيجية للمناطق الشمالية في الدولة، ودعم مسارات التجارة الإقليمية، وتخفيف الضغط على ميناء حمد، بما يتماشى مع أهداف رؤية قطر الوطنية 2030 في تنويع الاقتصاد وتطوير البنى التحتية اللوجستية والاستدامة البحرية.
وفيما يخص ميناء الدوحة القديم فهو يعد أحد المحاور المهمة لتعزيز السياحة البحرية، إذ يستقبل السفن السياحية العملاقة من خلال «الترمنل»، ويتيح لآلاف الركاب من السياح الدخول إلى الدولة. يسهم ذلك في تنشيط القطاع السياحي، وزيادة الإنفاق الأجنبي داخل الدولة، مما يعد دعامة مهمة للنمو الاقتصادي المتنوع.