اعتبر دبلوماسيون ومحللون مصريون أن خطاب حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، خلال أعمال الجلسة العامة للدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة، شكَّل محطة مفصلية في مسار العمل العربي المشترك وحمل رسائل واضحة وحاسمة للمجتمع الدولي، مع التركيز على أن الوحدة والتضامن العربي هما أساس مواجهة التحديات وتحقيق الأمن والاستقرار بالمنطقة.
وأشاروا، في تصريحات لوكالة الأنباء القطرية «قنا»، إلى أن هذا الخطاب جاء في توقيت بالغ الحساسية، يعكس بشفافية حجم التحديات التي تواجه منطقة الشرق الأوسط، لا سيما في ظل العدوان الإسرائيلي الغاشم الذي تعرضت له الدوحة، معتبرين أن التضامن العربي تجسد بشكل ملحوظ عقب هذا الاستهداف من جانب قوات الاحتلال الإسرائيلي لدولة قطر، كما أن التنسيق الوثيق بين دولة قطر ومصر يعكس روح هذا التضامن العربي في مواجهة التحديات الأمنية والسياسية التي تواجهها المنطقة.
تطورات متسارعة
قال السفير رؤوف سعد مساعد وزير الخارجية المصري السابق، إن خطاب سمو أمير البلاد المفدى جاء حاسما كما ترقب وتوقع الكثيرون، حيث تضمن توصيفا عميقا بعبارات صريحة حول ما تشهده المنطقة من أوضاع وتطورات متسارعة، وذلك بأسلوب مهذب أيضا تضمن في الوقت ذاته إدانة لاذعة للعدوان الإسرائيلي الغاشم الذي تعرضت له دولة قطر في التاسع من سبتمبر الجاري، وكذلك للحرب الإسرائيلية المروعة المستمرة بحق الشعب الفلسطيني.
وأشار السفير رؤوف سعد، في هذا الصدد، إلى أن خطاب سمو الأمير تناول بشكل مفصل العدوان الإسرائيلي على دولة قطر الشقيقة وتداعياته على الأمن والاستقرار في المنطقة، حيث كان اعتداء همجيا وغادرا وبربريا، ولم يكن مجرد اعتداء على دولة قطر فقط، لافتا إلى أن دولة قطر واجهت مجرم حرب ودولة احتلال مارقة يقودها شخص فقد صوابه السياسي ويتحرك بأجندة جنونية ليحقق أغراضه من خلال السعى لتحقيق النهاية التي رسمها، لكن هناك نهاية أخرى تنتظره.
المصلحة المشتركة
قال السفير معتز أحمدين خليل مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة بنيويورك سابقا، إن خطاب سمو أمير البلاد المفدى ركز على مسألة العدوان الإسرائيلي على الدوحة، وهو أمر متوقع بالنظر إلى أن موعد المناقشة العامة للجمعية العامة جاء بعد أسبوعين فقط من هذا الهجوم.
وتابع: فضلا عن أن ذلك الاعتداء على السيادة القطرية جاء رغم دور الوساطة الذي تقوم به دولة قطر مع مصر بصورة محايدة فيما يتعلق بوقف إطلاق النار في قطاع غزة والإفراج عن الرهائن، ومن أجل تحقيق المصلحة المشتركة للإقليم، ولجميع الأطراف، حيث تعمل دولة قطر على حل النزاعات بالطرق السلمية، وفي ذات الوقت تعرضت لتهديد لأمنها، بما يردع الدول عن التفكير في اتباع ذلك الأسلوب، ويدفعها لاتباع قانون الغاب، كما نصت الكلمة، أو إيثار السلامة مما يؤدي إلى تفاقم وتوسع النزاعات، بما يهدد الأمن الإقليمي والدولي على السواء.
واعتبر أن الخطاب أشار من جهة أخرى إلى خطورة مثل هذه التصرفات على استقرار النظام الدولي، حيث تم الربط في مقدمته بين هذه الأحداث وبين الموضوع الرئيسي للنقاش العام خلال هذه الدورة التي تحتفي بمرور ثمانين عاما على نشأة الأمم المتحدة، وإبراز استمرار الحاجة إلى دور المنظمة الأممية لتحقيق السلام وحفظ الأمن الدولي، فضلا عن توجيه رسالة خاصة لإسرائيل بأن الاعتداء الذي ارتكبته كشف نواياها التوسعية الحقيقية ومنطقها المعوج، وأن سياساتها وممارساتها تلك لن تحقق الأهداف التي تسعي إليها، وأن الدول العربية لن تقبل بفرض سيطرة إسرائيل عليها، كما أن ممارسات إسرائيل لن تثني دولة قطر عن مواصلة وساطتها المشتركة مع مصر لوقف الحرب.
الدعم العربي
وشدد الدكتور حسن سلامة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، على أن خطاب حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى، جاء في سياق المواقف العربية الرافضة لأي عدوان على سيادة دولة عربية، حيث كان الخطاب واضحا لا لبس فيه أو غموض وكان مجددا دون مواربة، كما استند على الدعم العربي المهم الذي ظهر جليا وواضحا في القمة العربية الإسلامية التي عقدت مؤخرا بالدوحة.
وبدوره، اعتبر اللواء دكتور نصر سالم رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق، أستاذ الإستراتيجية بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا في مصر، أن خطاب حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى جاء في منتهى القوة والحزم والحسم، كما كان متكاملا واتسم بالشجاعة، ولم يتضمن مجاملة لأحد على حساب قضايا الأمة العربية أو الإسلامية.
وقالت الدكتورة نيفين وهدان أستاذ العلوم السياسية بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا: «إن خطاب سمو الأمير يعد رسالة واضحة وجريئة، حيث أدان الاعتداء الذي تعرضت له الدوحة ووصفه بالإرهابي الذي طال سيادة الدولة منتهكا كافة القوانين الدولية، كما بعث برسالة واضحة بأن هذا الهجوم لا يستهدف دولة قطر فحسب وليس مجرد حادث عسكري، بل هو تهديد مباشر لأمن واستقرار المنطقة بأسرها وتهديد للسلم الدولي، ورسالة ضمنية توضح عدم رغبة رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في التوصل إلى اتفاق حقيقي لإطلاق سراح الرهائن بعد هجومه غير المبرر على الدولة الوسيطة المحورية في ملف المفاوضات بجانب الدولة المصرية».
وقال الدكتور أيمن سمير المحلل السياسي والخبير بالعلاقات الدولية، إن خطاب حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى جاء شاملا ووصف الوضع في الشرق الأوسط بكلمات دقيقة وعبارات متزنة اتسمت بالصراحة والحسم والصرامة تجاه كل ما تقوم به إسرائيل سواء في غزة أو الهجوم الإسرائيلي الغادر على الدوحة في التاسع من سبتمبر الجاري، حيث نبه سموه العالم بشكل واضح لخطورة هذا السلوك الإسرائيلي على الأمن والسلام والاستقرار في الشرق الأوسط.