الحزام الحراري يهدد كوكب الأرض

alarab
الحزام الحراري يهدد كوكب الأرض
تقارير 25 يوليو 2023 , 02:37م
قنا

حطمت درجات الحرارة القصوى، التي شهدها كوكب الأرض خلال شهر يوليو الجاري، العديد من الأرقام القياسية، حيث شهد الأسبوع الأول منه تسجيل أعلى متوسط درجة حرارة عالمي على الإطلاق، وسط توقعات خبراء المناخ بأن يكون هذا الشهر الأكثر سخونة منذ آلاف السنين.
ويعاني هذه الأيام مئات الملايين من الأشخاص في أمريكا الشمالية إلى آسيا، ومن أوروبا إلى حوض البحر المتوسط، من ارتفاع غير مسبوق في درجات الحرارة، وصيف حار قد يكون أكثر فصول الصيف حرارة في التاريخ الحديث.
ففي الجزائر، تجاوزت درجات الحرارة في مناطق الجنوب الـ 60 درجة مئوية، وتسببت بحرائق غابات أودت بحياة 34 شخصا، بينهم عشرة عسكريين، وبلغت درجة الحرارة في لبنان 35 درجة مع انخفاض في الرطوبة، واندلعت عدة حرائق في المناطق الحرجية الجبلية والخضراء، وكذلك شهد الأردن ارتفاعا كبيرا في درجات الحرارة وصلت في العاصمة عمان إلى 39 درجة مئوية، في حين سجلت أعلى درجة حرارة في منطقة "غور الصافي" بعد أن تجاوزت 46 درجة مئوية.
كما ارتفعت الحرارة يوم أمس بوسط العاصمة التونسية إلى 49 درجة مئوية في الظل، في أعلى مستويات القيض على الإطلاق، وقاربت الحرارة في بعض مناطق البلاد 50 درجة مئوية بزيادة تتراوح بين ست وعشر درجات عن المعدل الموسمي، وحاصرت الحرائق قرية "ملولة" بمحافظة "جندوبة" شمالي غربي تونس، وتم إجلاء العشرات من العائلات المقيمة بالمنطقة، كما أعلنت السلطات المحلية إصابة 150 شخصا جراء الحرائق هناك.
من جهتها، أصدرت خدمة الأرصاد الجوية المغربية إنذارا أحمر للحرارة الشديدة في الأجزاء الجنوبية من البلاد في 13 يوليو الجاري، مع درجات حرارة قصوى تتراوح بين 44 و49 درجة مئوية.
وفي الطرف الآخر من حوض البحر المتوسط، تعد إيطاليا من أكثر البلدان الأوروبية تضررا بارتفاع درجات الحرارة، التي بلغت في جزيرة سردينيا 44 درجة مئوية، وأصدرت السلطات الصحية تنبيهات حمراء للطقس في 20 من بين 27 مدينة رئيسية في البلاد، وتجاوزت درجات الحرارة في اليونان 40 درجة مئوية، مما أجبر السلطات على إغلاق الأكروبوليس والمواقع القديمة الأخرى للسياح في 14 يوليو الجاري، كما واجهت البلاد موجة من حرائق غابات دفعت للقيام بأكبر عمليات الإجلاء في تاريخ اليونان، بعد أن شملت تسعة عشر ألف شخص من شاطئ بجزيرة كورفو، بينما احتشد السياح في مطار جزيرة "رودس"، بعد فرار الآلاف من الفنادق والمنتجعات هناك مطلع الأسبوع.
وتم الإبلاغ عن حريق غابات في "لا بالما" في أقصى شمال غرب جزر الكناري الإسبانية، فيما تشتعل النيران بالغابات هناك منذ 15 يوليو، وتسببت في نزوح 4000 ساكن من منازلهم، وتدمير 10 آلاف فدان من الأراضي.
وفي الطرف الآخر من الكرة الأرضية وبالغرب الأمريكي، توجد أكثر المناطق التهابا بموجة الحر في العالم، ففي "ميامي" نشبت العديد من الحرائق وسجلت درجات الحرارة في مدينة "فينيكس" بولاية "أريزونا" أرقاما قياسية، بلغت أكثر من ثلاث وأربعين درجة، وتعرضت ولاية "كاليفورنيا" وجنوب "نيفادا" بدورهما لموجة حرارة شديدة، وغطت التحذيرات والإرشادات المتعلقة بالحرارة المفرطة أكثر من 100 مليون شخص في معظم مناطق الغرب، وسط توقعات باستمرار ارتفاع درجات الحرارة بالمناطق الجنوبية والغربية والغربية الوسطى للولايات المتحدة حتى مستويات قياسية في الأيام المقبلة.
وفي كندا المجاورة، تسببت درجات الحرارة المرتفعة في اندلاع حرائق غابات، أدى، حتى الآن، إلى حرق ما يقرب من 25 مليون فدان، ولقي أكثر من 100 شخص حتفهم بالفعل هذا الصيف في المكسيك لأسباب تتعلق بالحرارة، في حين شهدت بلدة نائية في الصين درجات حرارة وصلت إلى 52 درجة مئوية في 16 يوليو الجاري، محطمة الرقم القياسي السابق البالغ 50 درجة مئوية الذي تم تسجيله في عام 2015.
كما شهدت دول غرب آسيا ارتفاعا في درجات الحرارة في عدة مناطق، وتجاوزت مستويات الخمسين درجة مئوية، وحذرت الأرصاد التركية من موجة حر شديدة ستتعرض لها البلاد، قائلة: إن أشد أيام الأسبوع حرارة ستكون يوم غد "الأربعاء" في الأجزاء الغربية والجنوبية من تركيا، ويوم الخميس في المناطق الداخلية، حيث تتراوح درجات الحرارة ما بين 40 و45 درجة.
وتوقعت وكالة الأرصاد الجوية اليابانية، من جهتها، انتشار موجة حر شديد عبر مناطق واسعة من غرب الأرخبيل إلى شماله، مشيرة إلى أن درجات الحرارة هناك ستتجاوز مستويات 35 درجة مئوية.
في المقابل، شهدت الهند والصين وكوريا الجنوبية تدفق فيضانات عارمة أدت إلى وفاة الكثيرين، وتشريد الآلاف، وقد جاءت الحرارة القياسية، التي ابتليت بها أجزاء كبيرة من العالم، دفعة واحدة لتكون بمنزلة تذكير حاسم بأن تغير المناخ أصبح واقعا مخيفا يجدر الاستعداد له من الآن.
ووفق المراقبين، فإن ما يزيد الأمر سوءا أن التوقعات الأخيرة للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية تشير إلى عدم وجود فترة راحة فورية تلوح في الأفق لمعظم أوروبا والمناطق التي شهدت ارتفاعا في درجات الحرارة، ومن الممكن استمرار موجة الحر الحالية حتى أغسطس المقبل، مذكرين بما شهده الصيف الماضي من وفاة ما يقرب من 61 ألف شخص في جميع أنحاء أوروبا بسبب موجات الحرارة.
وأظهرت دراسة حديثة، نشرت اليوم، أن بعض درجات الحرارة القصوى المسجلة في مناطق مختلفة من العالم كانت مستحيلة بدون تأثير تغير المناخ الذي يسببه الإنسان، محذرة من استمرار الاحتمالات في التحول لصالح الحرارة الشديدة طالما واصل البشر حرق الوقود الأحفوري، ووضع المزيد من غازات الدفيئة في الغلاف الجوي، مؤكدة أنه في حالة التوقف عن ممارسة هذه الأعمال فإن درجات الحرارة ستتوقف عن الارتفاع، لكنها لن تنخفض وتتحول باتجاه البرودة.
واعتبر الخبراء المشاركون في إعداد الدراسة أن درجات الحرارة المرتفعة بشكل خطير في جميع أنحاء العالم تمثل تنبيها مدويا بحقيقة أن تغير المناخ ظاهرة عالمية، وأن الظواهر الجوية المتطرفة، مثل تلك التي تتكشف الآن، ستصبح أكثر تواترا، وستحدث فيضانات واسعة النطاق، وستضرب موجات الجفاف وموجات الحر القاتلة والفيضانات الناجمة عن الأمطار الغزيرة العديد من المناطق، وستحدث هذه الظواهر بشكل متكرر أكثر من أي وقت مضى.
وكان العلماء قد حذروا، في وقت سابق، من أن على العالم أن يستعد لموجات حرارة أشد مما حدث، مشيرين إلى أنه في حال انتهاك الأرض حد الاحترار العالمي البالغ 1.5 درجة مئوية بحلول عام 2030، فقد يكون هناك ضرر لا رجعة فيه للنظام البيئي للكوكب، الذي سيؤثر بدوره بشدة على البشر والكائنات الحية الأخرى.