نشعر بتقارب وتشابه كبيرين مع دولة قطر.. فكلانا من القوى الوسطى ونقوم بحل كثير من النزاعات
هناك حملة شرسة من الدعاية السيئة شنت ضد قطر.. وقد مررنا بتجربة مماثلة
حينما أتيت إلى الدوحة لأول مرة قبل 27 عاما ونظرت من النافذة كانت الرمال تكسو الأماكن.. لكن الآن تغير كل شيء
ما قامت به قطر في البنية التحتية على مدار العشر سنوات الأخيرة يستحق الإشادة والتقدير
أعرب سعادة السفير غلام حسين أسمال، سفير جمهورية جنوب إفريقيا المعتمد لدى الدوحة، عن ثقته من أن دولة قطر ستنظم نسخة استثنائية من كأس العالم.
وقال سعادته في حوار خاص مع «العرب »: قطر أول دولة في الشرق الأوسط والعالمين العربي والإسلامي تستضيف كأس العالم لكرة القدم، ونحن على ثقة بأن قطر ستقوم بتنظيم نسخة من البطولة، وستبقى راسخة في الأذهان لفترة طويلة. وأضاف: ومما لاحظناه أن هناك حملة شرسة من الدعاية السيئة شنت ضد قطر وقد مررنا بتجربة مماثلة. ولذلك دائماً أقول لأصدقائي القطريين لا تهتموا لمثل هذه الدعاية فلقد تعرضنا من قبل لأشياء مشابهة.
وتابع: نحن في جنوب إفريقيا نشعر بتقارب وتشابه كبيرين مع دولة قطر، فكلانا من القوى الوسطى ونقوم بحل كثير من النزاعات نظراً للعلاقات الطيبة التي تمتع بها الدولتان مع معظم دول العالم تقريباً.
وأشار السفير أسمال، إلى أن حجم التبادل التجاري بين قطر وجنوب إفريقيا بلغ أكثر من ثلاثة مليارات دولار، وكانت في بداية العلاقات بين البلدين قرابة 005 مليون دولار. وإلى نص الحوار:
سعادة السفير أود أولاً أن أرحب بكم في قطر، وأتمنى لسعادتكم التوفيق وطيب الإقامة، ودعني أبدأ بسؤال تقليدي: ما هو انطباعكم الأول عن قطر؟
- هذه ليست زيارتي الأولى لدولة قطر، لقد أتيت إلى الدوحة عام 1995 م، وكانت جنوب إفريقيا خارجة لتوها من نظام الفصل العنصري (الأبارتيهيد) الذي كان مسيطراً على الدولة لفترة طويلة وكلفت بمهمة تأسيس علاقات دبلوماسية بين دولة جنوب إفريقيا ودول الخليج العربي، وعندما أتيت للدوحة كانت إقامتي في فندق الشيراتون وحين نظرت من النافذة كانت معظم الأماكن حول الشيراتون تكسوها الرمال، وعندما أتيت هنا سفيراً لبلادي لدى الدوحة، اندهشت حقاً من مقدار التطور الذي حدث منذ زيارتي الأولى واللافت للانتباه أن هوية التطوير المعماري والإنشائي في معظمه يأتي من هوية إسلامية عربية، وبالتأكيد لم يكن التطور فقط في العمران ولكن كل الجوانب تنبض بالحياة، في الثقافة والرياضة والدبلوماسية، لذا أنا أشعر بحماس كبير للعمل هنا، وكدبلوماسي هناك الكثير لتقوم به هنا في الدوحة.
ونحن في جنوب إفريقيا نشعر بتقارب وتشابه كبيرين مع دولة قطر، فكلانا من القوى الوسطى ونقوم بحل كثير من النزاعات نظراً للعلاقات الطيبة التي تمتع بها الدولتان مع معظم دول العالم تقريباً، ونحن في جنوب إفريقياً ندين بتحررنا من نظام الفصل العنصري للتضامن الدولي ولولا هذا التضامن لما كان هناك دولة حرة اسمها جنوب إفريقيا، ونظراً للتشابه الكبير بيننا، نحن وقطر صوت الجنوب ونحن نقف إلى جانب المهمشين والمظلومين حول العالم.
ولدينا مقولة في جنوب إفريقيا: «عندما تتقاتل الفيلة تهتز الحشائش»، إذا ما نظرنا إلى ما حولنا من أحداث، أوكرانيا مثلاً، الذي يعاني هو إفريقيا ودول العالم الثالث والصغيرة، فتجد ارتفاعاً في أسعار الوقود وأسعار الغذاء وهناك خلل في سلاسل الإمداد.
وفي ظل هذا كله نجد أن دولاً مثل قطر وجنوب إفريقياً لديها إلتزام أخلاقي أن تتحدث عن هذه المشكلات وأن تسعى لحلها من أجل التخفيف على الدول المتأثرة.
خبرة تنظيم كأس العالم
لدى جنوب إفريقيا خبرة في تنظيم كأس العالم كونها أول دولة تنظم البطولة في إفريقيا، في ضوء ذلك كيف ترى استعدادات قطر لمونديال 2022؟ وهل هناك أي تعاون بين الدولتين في هذا الشأن؟
- قطر أول دولة في الشرق الأوسط والعالمين العربي والإسلامي تستضيف كأس العالم لكرة القدم، ونحن على ثقة بأن قطر ستقوم بتنظيم نسخة رائعة من كأس العالم، وستكون راسخة في الأذهان لفترة طويلة، ومما لاحظناه أن هناك حملة شرسة من الدعاية السيئة شنت ضد قطر، وقد مررنا بتجربة مماثلة، ولذلك دائماً أقول لأصدقائي القطريين لا تهتموا لمثل هذه الدعاية فلقد تعرضنا من قبل لأشياء مثل: أنتم غير مستعدين فنياً وغير مؤهلين لاستضافة بطولة بهذا الحجم وسيكون الوضع كارثياً، ولكن الحمد لله مرت البطولة بسلام وكانت ناجحة جداً وذات نكهة إفريقية مميزة وبينا للعالم ما تستطيع إفريقياً فعله، وهذا ما سيحدث بإذن الله في قطر، فكل المسؤولين الذين التقيتهم لا يلتفتون لتلك الدعاية السلبية وكلهم في غاية التركيز على تقديم نسخة عظيمة من كأس العالم ستكون حديث الجميع لفترة طويلة، للأسف الأخبار الجيدة لا تنتقل بنفس سرعة السيئة، ولكن عندما تبدأ البطولة ويرى الجميع بأعينهم النجاح القطري في التنظيم وكل الجوانب، الجميع سينسى كل شيء وسيكون التركيز فقط على المتعة التي تقدمها قطر للعالم.
كل بلد تقوم باستضافة كأس العالم لها هدف، نحن كنا نسعى للتقارب مع المجتمع الدولي وأيضاً تحقيق التكامل الإفريقي ونجحنا في أهدافنا وكذلك قطر لديها أهداف وستنجح في تحقيقها إن شاء الله.
وما قامت به قطر في البنية التحتية على مدار العشر سنوات الأخيرة يستحق الإشادة والتقدير، وأخيراً أنا أعتبر نفسي محظوظاً لحضوري كأس العالم مرتين، مرة في بلدي والثانية هنا في قطر الشقيقة.
زيارة تاريخية لمانديلا إلى الدوحة
العلاقات بين قطر وجنوب إفريقيا بدأت مبكراً جداً بعد انهيار نظام الفصل العنصري، هل ممكن أن تلقي الضوء على تلك العلاقة المميزة؟
- بدأت العلاقات بين الدولتين في 1994م، فور الانتهاء من الدستور الجديد في جنوب إفريقيا، ونحن نقدر لقطر حرصها الشديد على عدم إقامة علاقة أو تواصل من قبل مع النظام السابق وفور حصولنا على الاستقلال ووضع دستور جديد نشأت العلاقات الدبلوماسية سريعاً جداً مع قطر، وكانت هناك زيارة تاريخية من الزعيم نيلسون مانديلا في أبريل 1995م، وكان لديه حرص شديد على العلاقات الإنسانية بين الشعوب، والعام الماضي كان الرئيس رامابوزا رئيس الجمهورية حريصاً على المشاركة في منتدى الدوحة لولا جائحة كورونا حالت دون ذلك.
ولكنه كان المتحدث الرئيسي عبر الأقمار الصناعية، ومن الجدير بالذكر الإشارة إلى العلاقات المتميزة التي تجمع بينه وصاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر.
جنوب إفريقيا إحدى أوائل الدول التي تنشط في مجال الغاز والنفط عن طريق شركة ساسول.
بلغ حجم التبادل التجاري بين قطر وجنوب إفريقيا أكثر من ثلاثة مليارات دولار، وكانت في بداية العلاقات بين البلدين قرابة 500 مليون دولار، كيف ترى مستقبل العلاقات التجارية بين البلدين وبالأخص بعيداً عن قطاع النفط؟
- في الوقت الحالي يسيطر النفط على حصة كبيرة من التبادل التجاري بين البلدين ولكن في الآونة الأخيرة هناك قطاعات أخرى آخذة في النمو، السياحة مثلاً، هناك 31 رحلة أسبوعياً بين قطر وجنوب إفريقيا، أصبحت الدوحة محطة رئيسية للمسافرين من جنوب إفريقيا سواء كانت وجهتهم شرقاً أو غرباً، وهناك زيادة كبيرة في أعداد السائحين الذين يزورون جنوب إفريقيا من قطر، حيث تقدم جنوب إفريقيا للسائحين عدة أنشطة، فهناك سياحة الحياة البرية حيث يستمتع الزائرون بالحياة البرية المفتوحة في مغامرات جديرة بالتجربة، هناك أيضاً سياحة التسوق، صحيح أنها على مستوى ما تقدمه الدوحة ولكنها مختلفة ومتنوعة، هناك أيضاً سياحة المغامرات والتي تجذب عددا كبيرا من الشباب.
تنتج جنوب إفريقيا أعدادا كبيرة من الأسماك واللحوم والتي وجدت طريقها إلى أسواق الدوحة وكذلك الخضراوات والفواكه، هناك ميزة الانقلاب المناخي حيث أن الفصول في جنوب القارة عكس أوروبا، هذا يسمح بنمو محاصيل في مواسم مختلفة عن باقي العالم.
الاستثمارات القطرية
ماذا عن الاستثمارات القطرية في جنوب إفريقيا؟
- هناك العديد من الفرص الاستثمارية المتاحة للمستثمرين القطريين ونحن نسعى لجذب استثمارات في مجالات مثل البنية التحتية والسياحة وتعد جنوب إفريقيا بوابة لعديد الأنشطة التجارية في القارة الإفريقية، فنحن عضو بالاتحاد الإفريقي، عضو في مجموعة البريكس (BRICS)، وعضو منظمة التجارة الحرة الإفريقية، وغيرها من المنظمات التي تسمح بالنفاذ إلى الأسواق الإفريقية عبر بوابة جنوب إفريقيا. وهناك فرص كبيرة في قطاعات التكنولوجيا والتي تشهد تقدماً كبيراً في جنوب إفريقيا، ودائماً ما أقول لأصدقائي عندما تستثمر في تكنولوجيا طورت في بلد نام ولأجل البلدان النامية فهي تكون مناسبة أكثر لبلداننا وتكون أفضل من تلك التي نشأت في الدول الغربية.
فاحتياجاتنا متشابهة إلى حد كبير، بالإضافة إلى ذلك توجد فرص كبيرة في مجال تربية الماشية والبيطرة والإنتاج الحيواني بوجه عام، جنوب إفريقيا ضمن أفضل عشر دول في العالم في مجال الطب البيطري وإنتاج لقاحات للحيوانات، ودعنا نتفق على أن الإمدادات الغذائية من أكثر الموضوعات التي تشغل العالم الآن.
التعليم في جنوب إفريقيا
من أهم المجالات التي تشغل بال المسؤولين في قطر وكما جاء في رؤية قطر 2030، هو التعليم وبناء الإنسان القطري الماهر في مختلف المجالات، ومما لاشك فيه أن التنمية البشرية هي القاطرة لأي تطور ونمو، كيف ترى مدى تنافسية التعليم الجامعي في جنوب إفريقيا وهل يمكن أن يكون جاذباً للطلاب من قطر حيث أن اللغة الرسمية في التعليم هي الإنجليزية؟
- إذا ما نظرنا إلى أفضل 500 جامعة في العالم، ستجد 3 من بينهم في القارة الإفريقية وجميعهم في جمهورية جنوب إفريقيا، وهم جامعة كيبتاون وجامعة ستيلينبوش، وجامعة ويتوترساند في جوهانسبرج، وهناك العديد من الجامعات ولكن أنا أتحدث عن أفضل 3 جامعات، والتعليم الطبي في جنوب إفريقيا متقدم جداً، ومن الجدير بالذكر أن أول عملية زراعة قلب تمت في كيبتاون، وحيث أن الاقتصاد الجنوب إفريقي شديد التنوع، فنحن من أفضل الدول في مجال التعليم والتدريب وهناك بعض الطلبة القطريين بالفعل يدرسون في جامعة ستيلينبوش بالرغم من أن لديهم الفرصة للدراسة في الولايات المتحدة مثلاً على نفقة الدولة ولكنهم اختاروا جامعة ستيلينبوش لأنها ستكون مناسبة للمجال الذين يرغبون بالتخصص فيه.
لذا أنا أرى أن جنوب إفريقيا توفر فرصاً تعليمية وتدريبية جيدة لمن أراد ذلك.
هل هناك تخطيط لإقامة معرض للجامعات الجنوب إفريقية في الدوحة؟
- لا أظن أن هناك فرصة لذلك لأن الجامعات بالأساس تولي اهتماماً بالطلبة المحليين ثم طلبة منطقة (SADC) ويليهم الطلبة الأفارقة وبعد ذلك الطلبة الدوليون، ولكن أي أحد يرغب في الالتحاق بجامعة في جنوب إفريقيا فهو مرحب به ونحن على استعداد لتقديم العون إذا لزم ذلك، وبالرغم من استقلالية الجامعات إلا أننا نستطيع تقديم المشورة والدعم.
هناك تقدم في المجال الطبي في جنوب إفريقيا، هل هناك تفكير في جذب الراغبين في الرعاية الصحية للمراكز الصحية والمستشفيات لديكم؟
- لم ندرس هذا الموضوع بشكل كبير ولكن لم لا، فربما تكون إحدى فرص التعاون المستقبلية بين البلدين، ربما أحد الأمور المحيرة هو كثرة فرص التعاون بين البلدين ولكن هذا جيد، ربما ساهمت الجائحة في تعطيل هذا التعاون قليلاً لكن العمل جار لاستكشاف المزيد من الفرص.
الوساطة القطرية في النزاعات
ما تقييمكم للدور الذي تلعبه قطر في حل الكثير من النزاعات والعمل من أجل قضايا تهم الإنسانية، مثلما حدث في أفغانستان؟
- عندما يكون هناك نزاع أو اختلاف ما بين بلدين أو حتى داخل البلد الواحد تقل فرص الاستماع بين الطرفين وتصبح فرص حل المشكلة ضئيلة، هنا لا بد من تدخل طرف ثالث يتمتع بقدر من الأمانة والنزاهة ودولة قطر تؤدي هذا الدور باحترافية شديدة، فقطر ليست لديها أجندة خاصة وإنما تتدخل فقط لإحلال السلام ونشره في العالم، وليس لديها أية أطماع مما يجعلها وسيطاً أميناً في هذه الحالة وكذلك نحن في جنوب إفريقيا يمكننا التعاون دائماً مع قطر في مثل تلك القضايا.
سعادة السفير السابق قال إن هناك حاجة لتوليد طاقة بمقدار 11 جيجاوات، هل هناك أي تعاون بين البلدين في هذا المجال؟
- هناك مباحثات جارية ولكن ببطء حيث إن التحول في جنوب ليس سهلاً حيث إن 70% من محطات توليد الطاقة في جنوب إفريقيا تعمل بالفحم ومن منطلق تحولنا للحفاظ على البيئة نتحول شيئاً فشيئاً للطاقة النظيفة، ونتعاون مع قطر في هذا الشأن.
إذا ما عدنا مرة أخرى للتعاون الاقتصادي هل هناك جديد؟
- نعم، هناك تعاون بين قطر للطاقة وثلاث شركات كبرى في مجال الطاقة لاستكشاف فرص تنقيب في جنوب إفريقيا وأستطيع أن أقول أن المسحات الجيولوجية في المحيط كانت مبشرة جداً، وقريباً ستكون هناك أخبار جيدة، أيضاً تم توقيع اتفاقية بين الخطوط القطرية وشركة طيران محلية جنوب إفريقية للتوسع في جنوب القارة الإفريقية.
الجالية الجنوب إفريقية بالدوحة
بالنسبة للجالية الجنوب إفريقية، كم عددها، وما المجالات التي يعملون بها؟
- هناك بين 3 إلى 4 آلاف مواطن جنوب إفريقي يعملون في قطر حالياً، ويعملون في مجالات متنوعة منها الطاقة والتدريس والصحة.
سعادة السفير شكراً لكم على هذا اللقاء ونتمنى لسعادتكم طيب الإقامة هنا في قطر.
- شكراً لكم وهذا من دواعي سروري.
حساب الصحافي على تويتر