جامع أحمد بن طولون.. عملاق مساجد القاهرة التاريخية
الصفحات المتخصصة
25 يونيو 2016 , 12:01ص
ضياء خضر
يعد جامع أحمد بن طولون نموذجًا فريدًا في تاريخ العمارة الإسلامية، ودرة في تاريخ المساجد الأثرية، ودليلًا قويًا على ما وصلت إليه الحضارة الإسلامية في العصر الطولوني.
وهو ثالث الجوامع بمصر الإسلامية بعد جامع عمرو بن العاص، وجامع العسكر، الذي زال مع زوال مدينة العسكر التي كانت تشغل حي زين العابدين «المدبح حاليًّا».
ويعد جامع أحمد بن طولون هو المسجد الوحيد الباقي في مصر، الذي لم تتغير معالِمُه، وقد تغيرت معظم معالم مسجد عمرو بن العاص، وكذلك جامع الأزهر الشريف بمرور العصور، ويتميز هذا الجامع بزخارفه الإسلامية البديعة التي تجعله أحد النماذج النادرة للفن الإسلامي والعمارة الإسلامية.
وفي عهد الأيوبيين أصبح جامع ابن طولون جامعة تدرس فيه المذاهب الفقهية الأربعة، وكذلك الحديث والطب إلى جانب تعليم الأيتام.
وقد شيّد أحمد بن طولون مسجده على مساحة كبيرة تبلغ ستة أفدنة ونصف فوق جبل يشكر، بوسط مدينته الجديدة القطائع، وقد عرف بهذا الاسم نسبةً إلى قبيلة يشكر بن جزيل من عرب الشام.
وقد بنى ابن طولون مسجده بعد أن شكا الناسُ من ضيق جامع العسكر، فبدأ البناء عام 263هـ - 876م، واكتمل بناؤه عام 265هـ - 879م وفقًا لما جاء باللوحة المثبتة على إحدى دعامات إيوان القبلة بالمسجد.
يعد جامع أحمد بن طولون أكبر مسجد في مصر من حيث المساحة، إذ يبلغ طوله 138 مترًا، وعرضه 118 مترًا تقريبًا، يحيط به من ثلاثة جهات -الشمالية والغربية والجنوبية- ثلاث زيادات عرض كل منها 19 مترًا على وجه التقريب، مكوّنين مع الجامع مربعًا طول ضلعه 162 مترًا، ويتوسط الزيادة الغربية الفريدة في نوعها مئذنة الجامع، التي لا يوجد مثيلها في مآذن القاهرة، وهى ملوية على طراز ملوية جامع سامراء بالعراق، ويبلغ ارتفاع المئذنة عن سطح الأرض (40.44م).
وجهات الجامع الأربع تمتاز بالبساطة، وليس بها من أنواع الزخرف سوى صف من الشبابيك المفرغة المتنوعة الأشكال والمختلفة العهود، وأمام كل باب من أبواب الجامع، يوجد باب في السور الزيادة –الخارجي- بالإضافة إلى باب صغير فتح في جدار القبلة، وكان يؤدي إلى دار الإمارة التي أنشأها أحمد بن طولون في شرق الجامع.
ويتميز جامع أحمد بن طولون أن بناءه مقاوم للنيران ولمياه الفيضان، وكان هذا طلب ابن طولون من المهندس الذي أنشأه، وعلى الرغم من أنّ تخطيط الجامع يتبع النظام التقليدي للمساجد «الجامعة»؛ حيث يتكون من صحن أوسط مكشوف يحيط به أربع ظلات أكبرها ظلة القبلة.
ويبلغ عدد مداخل جامع بن طولون 19 مدخلاً، إلا أن المدخل الرئيسي حاليًّا هو المدخل المجاور لمتحف جاير أندرسون، حيث يوجد أعلاه لوحة تجديد ترجع إلى عهد الخليفة الفاطمي المستنصر بالله.
ولمسجد أحمد بن طولون أهمية بالغة ترجع إلى أنه المسجد الوحيد في مصر، بل والعالم، الذي لم تتم عليه إضافات أو توسعات له منذ إنشائه، وحتى الآن ما زال محتفظًا بعناصره الزخرفية والمعمارية رغم مساحته الكبيرة.