عرضت مساء أمس بمسرح الدراما في المؤسسة العامة للحي الثقافي «كتارا» ضمن اطار عروض مهرجان الدوحة المسرحي الرابع والثلاثين الذي تنظمه وزارة الثقافة ممثلة في مركز شؤون المسرح، مسرحية «صانع الدمى» لفرقة الدوحة المسرحية من تأليف جمال عبدالله، وإخراج وتمثيل فالح فايز (في دور خليل)، بمشاركة الفنانة حنان صادق (في دور الريم)، وقام بسينوغرافيا العرض الفنان القدير عبدالرحمن المناعي، و مساعد مخرج إبراهيم محمد، ومؤثرات موسيقية خليفة جمعان.
وتدور أحداث المسرحية في زمن الحرب، أما المكان فمجهول، ويتناول قصة زوجين يعيشان صراعا بين الهروب من جحيم الحرب وويلاتها، وبين البقاء ورفض الرحيل، وهي فكرة تحمل أبعادا فلسفية ووجودية وحضارية أيضا من خلال قيمة الوطن والأرض. حيث يرفض خليل «صانع الدمى» مغادرة منزله والهروب الى المجهول، فيما تتمكن زوجته الريم بالرحيل وترك البيت مخافة أن ينهار عليهما من شدة القصف. ويتركز الصراع الدرامي في هذا الجانب، ويتصاعد ليتحول فجأة من القالب التراجيدي الى الكوميديا السوداء حين يتذكر كل منهما ماضيه. وهو نوع آخر من الهروب، لكنه هروب في المكان والزمان نفسه، كمحاولة لنسيان المأساة التي فرضتها الحرب.
ويقدم العرض صورة متماسكة يسهل التنبؤ بمصير الشخصيتين. ويحيل الى ذلك الصراع المفاهيمي بين العدم والوجود، والرحيل والبقاء، والموت والحياة، والتي وردت بكثرة في حوارات الشخصيات، وفي المونولوج الدرامي الذي قدمه خليل، حيث كل شخصية تدافع عن الخيار الممكن من أجل البقاء وهو ما خلق تنوعا كسر من رتابة البعد التراجيدي في المسرحية.
كما ساعد الديكور والملابس والإضاءة على تحديد ملامح الشخصيتين وأبعادها النفسية والفكرية والاجتماعية، كما وظفت السينوغرافي بشكل يلائم الجو العام للعمل، فالأحداث تدور في مكان محدد هو البيت، وفي جزء منه وهو المكان الذي يصنع فيه خليل الدمى، وهو الجزء البارز في العرض، وما حوله جدار من علب كرتونية، علقت عليها دمى متنوعة الاحجام والأشكال، وقد ساعدت الإضاءة على إضفاء سوداوية عززت المأساة، وزادتها قتامة.