جدل في الولايات المتحدة بسبب الإعدام بالحقنة القاتلة
منوعات
25 فبراير 2018 , 06:52م
د.ب.أ
تواجه الولايات الأمريكية التي تبيح قوانينها تطبيق عقوبة الإعدام من مشكلة حقيقية منذ سنوات: ندرة العقاقير الطبية التي تتكون منها الحقنة القاتلة المستخدمة في تنفيذ العقوبة بحق المدانين. والسبب؟ لا ترغب شركات الدواء أن تتسبب منتجاتها في قتل أحد، ومن ثم توقفت عن توريد هذه العقاقير.
إزاء هذا الوضع، خطر على بال المسؤولين في ولايات نبراسكا ونيفادا فكرة استخدام تركيبة مكونة من مشتقات الأفيون بديلا عن التركيبة التقليدية المستخدمة في حقنة الإعدام، إلا أن هذه الفكرة قوبلت بمعارضة شديدة من قبل العديد من الأطباء والنشطاء المعارضين لتنفيذ عقوبة الإعدام، مما أدى في النهاية إلى اضطرار المحاكم لتأجيل تنفيذ أحكام الإعدام المقررة وفقا لجداولها. ومن جديد، طرحت للنقاش مسألة: هل توجد طريقة إنسانية للإعدام؟
تبيح قوانين 31 ولاية من الولايات الأمريكية الخمسين، تطبيق عقوبة الإعدام، وتستخدم معظم هذه الولايات الحقنة القاتلة في تنفيذ العقوبة منذ عقود طويلة، إلا أنه منذ عام 2010 بدأ يتناقص انتاج العقاقير التي تدخل في تركيبة الحقنة القاتلة بصورة ملحوظة، مما أثار جدلا كبيرا وعلى أوسع نطاق، وكلما قطع القائمون على تنفيذ العقوبة شوطا كبيرا من أجل التوصل إلى عقاقير بديلة، احتدم الجدل، وتزايدت حدة مواقف معارضي هذه العقوبة، فبعد أن استقر الرأي على عقار ميدازولام، ويسوق في البلدان الناطقة بالإنجليزية تحت الأسماء التجارية دورميكوم أو هيبنوفال أو فيرسيد، كبديل، أدى تزايد المعارضة إلى تراجع انتاج هذا العقار.
ولهذا، فإن ولايتي نبراسكا ونيفادا ، تعولان على عقار الفينتانيل، كمخدر قوي فعال، من مشتقات الأفيون الصناعي، بقوة تأثير تفوق المورفين الطبيعي 120 مرة، ومع حقن المحكوم بكميات كبيرة منه، يكون له مفعول قاتل مؤكد، ولهذا يعتبر حلا مثاليا لأسباب أخرى منها إمكانية توافره بكميات كبيرة وبسهولة.
" طلبناه بكل بساطة من شركة العقاقير الطبية التي تورد لنا بالجملة، مثله مثل أي عقار طبي آخر، وسوف تورده لنا"، علق المتحدث باسم سلطة المؤسسات العقابية بولاية نيفادا في تصريحات لصحيفة واشنطن بوست.
ومع ذلك توجد احتمالات قوية لأن يتسبب تنفيذ عقوبة الإعدام بواسطة الحقن بهذا العقار إلى تعرض المحكوم لنوع من المعاناة، بحسب ما يراه العديد من المعارضين لهذه الطريقة الجديدة.
كان من المفترض أن يصبح سكوت دوزيير 47 عاما في نوفمبر الماضي، أول مدان تنفذ فيه عقوبة الإعدام بهذه التقنية، حيث كان من المقرر أن يتناول عقار الفاليوم في البداية، ثم يحقن بعد ذلك بعقار الفينتانيل، وأخيرا عقار يشل عضلات المخ لمنع التشنجات الناجمة عن تأثير العقار القاتل قبل الوفاة، إلا أن محكمة قضت في النهاية بوقف تنفيذ العقوبة بهذه الطريقة.
" لو لم يتفاعل العقاران بالطريقة المحسوبة، ويتسببان في حدوث الأثر المرجو، أو في حالة تمت عملية الحقن على خلاف الوجه الصحيح، مثلما حدث في أكثر من حالة، نجد الشخص متيقظا وواعيا ويحاول التنفس، إلا أنه عاجز تماما عن الحركة"، يوضح مارك هيث، طبيب تخدير بجامعة كولومبيا. إلا أن المراقبين يرون أن جهود مكافحة تنفيذ عقوبة الإعدام ليس لها أي تأثير على الإطلاق.
كما أثيرت مخاوف مماثلة بشأن حكم الإعدام، الذي تأجل أيضا في ولاية نبراسكا بحق المكسيكي خوسيه ساندوفال، حيث كان من المقرر حقنه بتركيبة قوامها كلوريد البوتاسيوم، التي تؤدي على الفور إلى توقف عضلة القلب، إلا أن لها آثار جانبية خطيرة من بينها حدوث حروق داخلية.
" لا توجد قاعدة طبية أو علمية، فقط مجرد سلسلة من المحاولات: تحضير تركيبة تضم عددا من العقاقير والمستحضرات الطبية وتجربتها على المساجين ومشاهدة إذا كانوا سيموتون، وكيفية حدوث ذلك"، ينتقد إخصائي التخدير جويل زيفوت بجامعة إيموري.
إزاء هذه الصعوبات، عادت بعض الولايات لطرح مبررات قانونية تدعم وسائل أخرى تفيد في تنفيذ حكم الإعدام، من بينها استخدام النيتروجين كغاز قاتل أو الإعدام رميا بالرصاص. وفي هذا الصدد، ترى ديبورا دانو، أستاذة القانون الجنائي بجامعة فوردهام، وتجرب أبحاثا منذ عقود على عقوبة الإعدام أن هذا الخيار، الرمي بالرصاص، يعد أقل وسائل تنفيذ الإعدام تسببا في معاناة المحكومين. كما تعتبر من وجهة نظرها أن السبب الحقيقي وراء استمرار التعويل على البدائل الكيميائية في تنفيذ حكم الإعدام، يرجع إلى عدم التفكير أصلا في المحكومين. "يفكرون أكثر في الجمهور الذي يحضر واقعة تنفيذ الحكم. نريد ان لا تبدو عملية الإعدام على حقيقتها: أن شخصا يقتل شخصا آخر".