عقد الملتقى القطري للمؤلفين بالتعاون مع اللجنة الوطنية القطرية للتربية والثقافة والعلوم الندوة الافتتاحية لفعاليات الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية بعنوان «اللغة العربية في رحاب ثقافة النور نحو تواصل حضاري».
انطلقت الندوة عبر تقنية الاتصال المرئي عن بعد، بمشاركة عدد من ممثلي المنظمات والاتحادات الإقليمية والدولية «منظمة اليونيسكو، منظمة الإيسيسكو، اتحاد الجامعات العربية» ومجامع اللغة العربية «مجمع اللغة العربية الأردني والسوداني والفلسطيني، والمجمع العلمي العراقي، والمجلس الأعلى للغة العربية الجزائري».
وقالت الأستاذة مريم الحمادي مدير إدارة الثقافة والفنون، مدير عام الملتقى القطري للمؤلفين بوزارة الثقاقة في كلمتها الافتتاحية إن ما يجمع المشاركين في هذا الندوة هي المساعي المشتركة لحماية لغة الضاد.
وأكدت أن الفضاء الافتراضي اختصر المسافات لالتقاء المهتمين والمختصين وعشاق أجمل لغات العالم لغة القرآن الكريم التي لها أهمية قصوى لنا كمسلمين تحدثا وتعبدا.
وقالت: إضافة إلى بعدها الديني تتيح اللغة العربية الدخول إلى عالم زاخر بالتنوع بجميع أشكاله وصوره، ومنها تنوع الأصول والمشارب والمعتقدات وأنها تتميّز بالبيان والبلاغة، وبقدرتها على التكيّف والإبداع في مختلف العلوم بالإضافة إلى ما وصلت إليه من الإبداع في مجالات الأدب والتأليف، لافتة إلى أن العربية هي إحدى اللغات الأكثر انتشاراً واستخداماً في العالم، ويتكلمها يومياً ما يزيد على 400 مليون نسمة مما يجعل حمايتها واجبا دينيا ورسالة سامية.
وأكدت أن دولة قطر اهتمت باللغة العربية فهي أول دولة خليجية تصدر قانونا لحماية اللغة العربية والثانية عربياً، وهو القانون رقم 7 لسنة 2019 الذي أصدره حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى بشأن حماية اللغة العربية وتمكينها، وهو تتويج لجهود سابقة بذلتها دولة قطر للنهوض باللغة العربية، بالإضافة إلى الحدث التاريخي المهم وهو إطلاق معجم الدوحة التاريخي للغة العربية الذي يعتبر أكبر مشروع عربي.
وأشارت إلى أن القانون يتسم بإلمامه لجميع الجوانب الخاصة بالتشريع والبحث العلمي والإعلام والثقافة وغيرها؛ وأن وزارة الثقافة تعتبر هذا القرار تأكيدا على الهوية العربية والإسلامية الصامدة والمنفتحة في ذات الوقت.
وقال عبد الله خميس الكبيسي القائم بمهام الأمين العام للجنة الوطنية القطرية للتربية والثقافة والعلوم إن المشاركين جاءوا عاقدين العزم على مواصلة المشوار للتأكيد على أهمية اللغة العربية وارتباطها بالهوية الوطنية القطرية والعربية والإسلامية ودورها الريادي في المد الحضاري والثقافي والتاريخي بين العرب والمسلمين وغيرهم من الأمم الأخرى، منذ العصور الوسطى وقبلها، الأمر الذي جعل منها لغة عالمية ومؤثرة في لغات وحضارات العالم، وساهمت في تميّز الحضارة العربية والإسلامية عن غيرها من الحضارات الأخرى مما جعلها أكثر اللغات حضورا.
الاحتفال باليوم العالمي
وأكد الدكتور عبد الحق بلعابد أستاذ قضايا الأدب والدراسات النقدية والمقاربة بجامعة قطر استمرار مساعي الملتقى القطري للمؤلفين واللجنة الوطنية القطرية للتربية والثقافة والعلوم التي ساهمت بشكل كبير في تعزيز اللغة العربية بالعمل الدؤوب والمستمر وجهودهم لإخراج الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية من يوم واحد إلى استمراره على امتداد ثلاثة أشهر بتنفيذ مجموعة من الفعاليات والأنشطة المشتركة من ندوات ومحاضرات وورش داخل دولة قطر وخارجها.
وأكد أن الندوة تجمع خيرة الخبراء والمتخصصين في اللغة العربية من المنظمات والاتحادات والمجامع والمجالس التي لها سياسات لغوية تسعى من خلالها للمحافظة على حضور وحضارة اللغة العربية.
وجاءت المداخلة الأولى في جلسة المنظمات والاتحادات للأستاذة فريدة أبودان أخصائية برنامج التعليم بمكتب اليونسكو في الدوحة، وقالت إن اللغة العربية ركن من أركان التنوع الثقافي في البشرية وهي واحدة من أهم اللغات وأكثرها انتشارا في العالم حيث يتحدث بها كلغة أم حوالي 476 مليون شخص على مستوى العالم.
وركزت مداخلة الدكتور يوسف إسماعيلي خبير في مركز الإيسيسكو للغة العربية للناطقين بغيرها، بعنوان «الإيسيسكو ودورها في تعزيز والاهتمام باللغة العربية جسرًا للتواصل بين الثقافات في العالم الإسلامي» على مجهودات منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو) في اللغة العربية باعتبارها بوّابة أساس لدعم التفاهم بين الشعوب، وآلية ناجعة في تشجيع التواصل الثقافي.
وأوضح الدكتور خالد بني دومي مدير تحرير مجلة اتحاد الجامعات العربية للآداب، وممثل اتحاد الجامعات العربية بعض مظاهر تفوق اللغة العربية في مستوياتها اللغوية المختلفة: الصوتية والصرفية والنحوية والبلاغية.
وأكد قدرة العربية على التعبير عن أي مدرك حسي أو معنوي، وعلى تمثيل كل المعاني والدلالات والمقاصد والإيحاءات بما حباها الله عز وجل من مزايا وصفات وما أودعه فيها من خصائص وسمات.
وأوضح الدكتور بكري الحاج محمد رئيس مجمع اللغة العربية بالسودان في ورقته أثر تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها في تحقيق التواصل الحضاري بين اللغة العربية وثقافتها.
وأكد أن الطلاب الملتحقين بمؤسسات تعليمية لتعلم اللغة العربية يكتسبون رصيدا يمكنهم توظيفه في تعزيز العربية ونشرها لتحقيق التواصل الحضاري.
تجربة جزائرية
واستعرض الدكتور صالح بلعيد رئيس المجلس الأعلى للغة العربية بالجزائر مهام المجلس حسب ما ينص عليه الدستور الجزائري وهي العمل على ازدهار اللغة العربية والعمل على تعميم العلوم والترجمة من اللغات الأجنبية إلى اللغة العربية، لافتا إلى أنها مهام يقوم بها المجلس بالتعاون مع الوزارات ذات العلاقة حيث يقوم بتقديم مقترحات لتعميم استعمال اللغة العربية.
وأكد أن المجلس ينتج الأفكار لكن لا يصنع القرار، ويعمل على تيسير اللغة العربية ومن خلال تقديم أفكار نوعية في كل ما له علاقة في الترغيب باللغة العربية ويتواصل مع كافة المؤسسات التي تصنع مجد اللغة العربية في مختلف بلدان العالم العربي من بينها دولة قطر.
تعريب العلوم
وتحدث الأستاذ محمد السعودي الأمين العام لمجمع اللغة العربية بالأردن عن ضرورة وضع تصنيف جديد للعلوم وتعريب العلوم الإنسانية، وأكد أن القرار السياسي في الأردن خدم اللغة العربية بفضل القانون الذي تم إقراره سنة 2015.
ودعا الدكتور محمد جواد النوري نائب رئيس المجتمع اللغوي الفلسطيني سابقا إلى تحويل التوصيات إلى قرارات سياسية.
وأكدت الدكتورة لطيفة عبد الرسول عضو اللجنة العلمية المجمعية في المجمع العلمي العراقي أن اللغة ظاهرة اجتماعية تتفاعل مع المجتمع، تؤثر فيه ويؤثر فيها، وأنها شأن الظواهر الاجتماعية الأخرى كالعادات والتقاليد والأعراف تنمو وتتطور وأن كل تطور لغوي يؤدي إلى اتساع حضارة الأمة.