أجرت مؤسسة الرعاية الصحية الأولية دراسة علمية لمعرفة مدى تأثير العزل المنزلي والتباعد الاجتماعي على الحالة النفسية والسلوكية عند الأطفال والمراهقين الذين تتراوح أعمارهم ما بين 7-18 عاماً، بالتعاون مع معهد الدوحة للدراسات العليا.
وانتهت الدراسة، التي شارك فيها 6608 من الأطفال والمراهقين نصفهم تقريباً من الفتيات، إلى ضرورة فحص الاضطرابات النفسية والاجتماعية على الأطفال والمراهقين لتطوير استراتيجيات إعادة الإدماج في المدارس، ولتقييم ورصد التغييرات السلوكية والآثار النفسية السلبية لجائحة «كوفيد - 19» لدى هذه الشريحة من المجتمع.
وشددت الدراسة على وجوب إعطاء الأطفال والمراهقين الذين يعانون من مستويات عالية من القلق مزيداً من الاهتمام أثناء إعادة الإدماج والمراحل الانتقالية في المدارس، لتجنب التأثير السلبي على مستوى أدائهم في المدرسة وأنماط تفاعلهم مع أقرانهم.
وبينت أن الأجهزة الإلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي قد تكون خفضت مستوى القلق في بعض الحالات وعززت المزيد من الترابط أثناء جائحة «كوفيد - 19» بين الناس على مستوى المجتمع، لكن من المهم معالجة كيفية استخدام هذه المنصات ومراجعة المحتوى الذي يتم الوصول إليه عبر الإنترنت، ولفتت إلى أهمية الحفاظ على نمط حياة نشط للأطفال والشباب، وعدم إهمال صحتهم الجسدية.
وحول الآثار النفسية للعزل المنزلي والتباعد الاجتماعي بين الأطفال والمراهقين المشاركين في الدراسة خلال جائحة كورونا «كوفيد - 19»، أظهرت الدراسة أن 75,4% منهم اتبعوا التعليمات الرسمية (مثل استخدام الكمامات والمحافظة على مسافة التباعد مع الأفراد وعدم ارتياد الأماكن الممنوع عليهم ارتيادها والمحافظة على عدم الخروج في أوقات الحظر)، كما تم تشخيص حوالي 26% مصابون بحالة من الغضب المحدود مقابل 1,3% فقط مصابون بحالة من الغضب الشديد، حيث تم تحديد مدى الغضب بين المشاركين بالسؤال عن نقاط محددة. كما ظهر أن 66.5% بعدد 4396 مشاركاً عندهم مدى خفيف من الاضطراب في التكيف و13% منهم عندهم مدى متوسط إلى شديد، وقد تم تشخيص درجة الاضطراب في التكيف من خلال سبع نقاط مختلفة تضمنت زيادة استخدام الأجهزة الإلكترونية وقلة النشاط خلال فترات النهار والشعور بالاسترخاء، والشعور بالوحدة والملل واضطراب أوقات النوم.
وبينت الدراسة أن حوالي 29% من المشاركين -1927 مشاركاً- أظهروا إصابتهم بكآبة خفيفة مقابل 10% متوسطة و4% شديدة، وأن 50% من المشاركين كانت لديهم حالات من القلق العام الخفيف وإصابة 23% بما يُعرف باضطراب قلق الانفصال.
وعن أساليب مواجهة الفئة المستهدفة من الدراسة للآثار النفسية السلبية للعزل، أوضح حوالي 37% من المشاركين أنهم دعموا الجانب الروحي والعاطفي وأن 64% اعتمدوا على الفهم وإدراك الحقائق و54% مارسوا رياضات بدنية و34% قاموا بنشاطات اجتماعية.
وفي هذا السياق، قالت الدكتورة حمدة قطبة، مديرة إدارة الأبحاث الإكلينيكية بمؤسسة الرعاية الصحية الأولية، إن المؤسسة قامت بإجراء هذه الدراسة بغرض تقييم الاضطرابات النفسية والاجتماعية للفئة المستهدفة لتطوير استراتيجيات إعادة الإدماج في المدارس، ولأهميتها لمقدمي الرعاية الصحية في تقييم ورصد التغييرات السلوكية والآثار النفسية السلبية بعد «كوفيد - 19»، مشيرة إلى أنه تم التركيز على الأفراد، ومعرفة الممارسات التي تم تبنيها في المنزل، لتقليل التأثيرات السلبية الناتجة من العزل المنزلي والتباعد الاجتماعي خلال فترة جائحة كورونا.
وأوضحت أن جائحة «كوفيد - 19» مثلت منذ بدايتها تحدياً فعلياً لكل قطاعات الدولة خاصة القطاع الصحي، ومن ضمنه مؤسسة الرعاية الصحية الأولية التي تعتبر أحد خطوط المواجهة الأمامية، منبهة إلى أن الأبحاث العلمية من أهم السبل لتوفير المعلومات اللازمة لمقاومة تأثيرات الوباء على المديين القصير والطويل، حيث قامت المؤسسة من خلال إدارة البحوث الإكلينيكية لديها بتنفيذ العديد من الأبحاث في مختلف الاتجاهات المتعلقة بالجائحة، وبالتعاون مع العديد من المؤسسات المعنية.
وأوضح الدكتور عبدالجليل زينل، استشاري أبحاث الصحة العامة وطب المجتمع بالمؤسسة، أن هذا البحث يمثل أهمية بالغة للمجتمع القطري ويوفر قدراً مهماً من المعلومات عن الصحة النفسية لفئة الأطفال والشباب الذين يمثلون مستقبل الدولة.
وأعرب عن سعادته ورضاه بالإيجابية في التفاعل مع الاستبيان الذي تم إرساله للمسجلين لدى مؤسسة الرعاية الصحية الأولية بواسطة رسائل نصية.
من جهتها، أكدت السيدة علياء المعاضيد، من معهد الدوحة للدراسات العليا، أن هذه الدراسة ركزت على الجوانب السلوكية والنفسية والاجتماعية، وشكلت فرصة فعلية لاستدراك وفهم أي تأثير سلبي من المحتمل أن يصيب الأطفال والمراهقين جراء معايشة أزمة كورونا، ولذلك كان الهدف الرئيسي من الدراسة هو تحري العوارض السلبية الناتجة عن قضاء العزل المنزلي، كالاكتئاب، وبعض أنواع القلق، واضطرابات المزاج، وصعوبات النوم، والانفصال الاجتماعي، وتأثير استخدام الأجهزة الإلكترونية وغيرها، والتي من خلال فهمها سيتم وضع توصيات لمختلف الجهات التي ترعى الأطفال والمراهقين، سعياً لإعادة دمجهم مع المجتمع بطريقة آمنة.