يبرز في تاريخ الدنمارك العاشر في تصنيف الفيفا، في عالم الساحرة المستديرة جيلان؛ أحدهما أحدث مفاجأة من العيار الثقيل بالتتويج بكأس الأمم الأوروبية في عام 1992، والثاني خسر بنتيجة ٥-١ على يد إسبانيا في دور الستة عشر لمونديال 1986
لكن حقيقة أن جيل 1986 لا يزال يحظى بحب كبير قد تثير بعض الدهشة، فالجمهور في الدنمارك غالباً ما يعقد المقارنات بين جيل «٩٢» العملي الذي رفع كأس بطولة غالية بسلفه الأقل نجاحاً.
لخص كاسبر هيولماند، المدرب الحالي لمنتخب الدنمارك، القصة بشكل مثالي في تصريح قائلاً «قد يقول الناس ان منتخب الثمانينيات لم يفز بأي بطولة، لكنه حصد القلوب؛ فقد كان مشجعو كرة القدم في جميع أنحاء العالم يتحدثون عنه، كان منتخباً له تأثير حقيقي بفضل كرة القدم التي لعبها، وأعتقد أن هذا شيء رائع».
ومع ذلك، فإن هيولماند ليس بالشخص الرومانسي اليائس الذي يفضل طريقة اللعب الجميلة على النتائج؛ فقد كانت خطته طوال الوقت هي تشكيل فريق يجمع بين أفضل سمات جيلي ٨٦ و٩٢ من خلال تحقيق النجاح بطريقة تسعد الدنماركيين وتثير إعجاب المحايدين.
كانت كتيبة هيولماند قريبة من تحقيق المجد في كأس الأمم الأوروبية ٢٠٢٠، بعد أن تعافت من صدمة السكتة القلبية التي تعرض لها إيريكسن في المباراة الافتتاحية لتخوض بعد ذلك مسيرة حافلة بالأهداف لتصل إلى الدور قبل النهائي. ليس هذا فحسب، فقد ظهر المنتخب الدنماركي بأداء أفضل في تصفيات كأس العالم، حيث حجز مقعده في نهائيات قطر ٢٠٢٢ قبل مباراتين من إسدال الستار على حملة التأهل دون أن يخسر أي نقاط ودون أن تهتز شباكه. كما حقق الفريق فوزين في دوري الأمم الأوروبية على منتخب فرنسا بطل العالم في غضون أربعة أشهر فقط، ما يفسر ترشيح البعض للدنمارك للمنافسة على اللقب.
فالأسلوب الذي لعب به الفريق إلى جانب الصفات الشخصية التي أظهرها هيولماند ولاعبيه في أعقاب سقوط إيريكسن على أرض الملعب، أدت إلى اقتراح البعض أن هذا الجيل قد يحظى بمكانة تفوق منتخبي ٨٦ و٩٢ في قلوب الشعب الدنماركي. ويبدو أن مدرب الفريق يعي جيداً ما هو المطلوب لتحقيق ذلك.
إذ يقول: «نضع نصب أعيننا هدفين مع هذا الجيل: الأول هو أن نفوز ببطولة، والثاني هو إلهام وتوحيد بلدنا. يمكننا أن نشعر في الوقت الحالي أننا حققنا المهمة الثانية ويتبقى الخطوة التالية وهي الفوز ببطولة».
التكتيك وأسلوب اللعب
يفضل هيولماند المرونة التكتيكية، حيث يرفض التقيد بتشكيلة معينة ولذا قد يغير نظام اللعب في منتصف المباراة. على الرغم من ذلك، تظل بعض الميزات – مثل الاستعانة بظهيرين ذوي ميول هجومية ومنح الحرية الإبداع للاعبين من أمثال إيريكسن، موجودة في أي طريقة يخوض بها المباريات.
ايريكسن أهم لاعب
بينما يقوم سيمون كيير بدور قائد المنتخب الدنماركي على أكمل وجه، إلا أن هيولماند يصف إيريكسن بأنه «قائدنا في إيقاع اللعبة، وقراءة المباراة والشعور بمجرى المباراة، عيناه ترى كل شيء، فتلك هي الطريقة التي يقود بها، فهو قلب وإيقاع هذا الفريق».
في الواقع، كان إيريكسن أبرز لاعب في منتخب بلاده لفترة تمتد لأكثر من خمس سنوات، وكان نجمه الأول بلا منازع عندما تأهل الفريق وشارك في نهائيات كأس العالم ٢٠١٨. سجل إيريكسن ٣٨ هدفاً ما يجعله الأفضل في الجيل الحالي.
تاريخ الدنمارك
على الرغم أنه لم يحقق ما حققه الكبار في كأس العالم إلا أن منتخب الدنمارك نجح في تخطي مرحلة المجموعات في جميع مشاركاته الخمس في أم البطولات باستثناء نسخة واحدة، وبينما كان ظهور الدنمارك الأول في نسخة ١٩٨٦ مميزاً للغاية، إلا أن أفضل أداء له كان في نهائيات ١٩٩٨ حين تغلب على منتخب نيجيريا، بطل المسابقة الأولمبية لكرة القدم، بنتيجة ٤-١ لتصل إلى دور الثمانية.
بعد أن ودع نهائيات ٢٠١٨ بطريقة قاسية على يد كرواتيا بركلات الترجيح، يضع الفريق الاسكندنافي نصب عينيه تحقيق نتيجة أفضل في نهائيات قطر ٢٠٢٢.